رادار نيوز – افتتح “التحالف العربي للحرية والديمقراطية”، اليوم، أعمال مؤتمره “الليبرالية ودولة الرفاه”، الذي ينظمه في فندق الريفيرا في بيروت، ويستمر لغاية غد الأحد، بالتعاون مع “تيار المستقبل”، مؤسسة “فريدريش ناومان من أجل الحرية”، “الحزب الليبرالي الهولندي” و”تحالف الشباب العربي للحرية والديموقراطية”.
حضر حفل الإفتتاح الأمين العام ل”تيار المستقبل” أحمد الحريري، عضو كتلة “المستقبل” النائب عمار حوري ممثلا الرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة، مؤسس حزب “المصريين الأحرار” نجيب ساويرس، المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمؤسسة “فريدريش ناومان من أجل الحرية” رونيه كلاف، مسؤول الشؤون الدولية في الحزب “الليبرالي الهولندي” ووثر شروير، رئيس “التحالف العربي للحرية والديمقراطية” سائد كراجه، رئيس تحالف “الشباب العربي للحرية والديمقراطية” عزيز درمومى، أعضاء من المكتبين السياسي والتنفيذي في “تيار المستقبل”، مسؤولة مكتب بيروت في مؤسسة “فريدريش ناومان” تالا عيتاني، والأعضاء المشاركون في المؤتمر من دول المغرب، الجزائر، تونس، مصر، السودان، الاردن، لبنان وفلسطين.
الحريري
بعد تقديم من شهاب وجيه، رحب الحريري في مستهل كلمته بالمشاركين “في بيروت مدينة الحرية والديموقراطية، التي لم ولن تستسلم يوما، إلا لعروبتها المتنورة والمعتدلة”، لافتا إلى أننا “نلتقي في بيروت التي تثبت كل يوم أنها عصية على التفرد والانفراد، وصامدة في وجه كل دعوات الانغلاق والتشدد والمغالاة”.
وقال: “حين كانت براعم تيار المستقبل في لبنان في طور التفتح على قيم الحرية والتنوع والتعدد، بقيادة شهيد الاعتدال الرئيس رفيق الحريري، كان في لبنان من يعتبر أن هذه القيم باعتبارها قيما ليبرالية هي تهمة تستوجب التوبة عنها، انطلاقا من فكر قاصر يفترض أن الليبرالية تؤدي إلى سيادة شريعة السوق، التي يفترض هذا البعض أنها أشبه ما تكون بشريعة الغاب، لكن تيار المستقبل أثبت للجميع أن قيم الحرية والديموقراطية، ليست تهمة، ولا تنتج شريعة الغاب، بل تنتج ربيع بيروت، الذي عانق ربيع مصر وتونس الخضراء، وينتظر أن يعانق ربيع دمشق، على عكس قيم الاستبداد والديكتاتورية التي لم تنتج إلا شريعة الغاب أينما حلت، عبر أنظمة القتل وتنظيماتها الارهابية، بدليل ما نراه في سوريا والعراق بالتحديد”.
أضاف “النقطة الأولى في الوصول الى دولة الرفاه، هي الاعتدال ثم الاعتدال، ذلك أن الاصرار على الاعتدال إنما هو إصرار على رفض الهيمنة الاحادية، أيا يكن مصدرها، انطلاقا من إيماننا في تيار المستقبل أن المجتمعات تنمو وتتطور بتفعيل الشراكة بين مكوناتها، وليس بضربها، كما يحاول البعض أن يفعل في لبنان، ذلك أن ضرب الشراكة الوطنية هو ضرب للدولة وهيمنة على دورها”.
وأشار إلى “أن تيار المستقبل، يدعو إلى حرية الاعتقاد، ويدافع عن حرية التعبير، ويؤمن أنه من دون توافر مناخ من الحرية في الاعتقاد والتعبير لن يكون في وسع المواطن، أن يكون رأيا مسؤولا في الشؤون العامة المحيطة به، وهذا كما تعلمون واحد من المفاهيم الاساسية، التي إذا لم تطبق، فعلى الديموقراطية والليبرالية السلام”.
وشدد على “أن تيار المستقبل كان وما زال يؤمن أن ثورات الربيع العربي، هي ثورات للحرية وللديموقراطية، مهما انحرفت عن مسارها، أو حاول البعض أن يخطفها بالعنف أو بالتطرف”، مؤكدا أن “التيار يدرك جيدا أن الربيع العربي يمر بمرحلة انتقالية، مهما تعددت أشكالها، فلن تغير الواقع، بأن الشعوب العربية تتطلع إلى صون حريتها ببناء دول قوية، دول قادرة وعادلة، كتلك الدولة التي كرس الرئيس الشهيد رفيق الحريري حياته لبنائها في لبنان، وكرس الآخرون كل جهودهم لتدميرها”.
واعتبر أنه “ما يجعلنا نطمئن في هذه المرحلة الانتقالية هي الشعوب العربية نفسها، لأنها الضمانة الوحيدة لحماية ما تحقق من مكتسبات، ما دامت هذه الثورات قد بدأت من الشعوب وإليها تعود إن ضلت طريقها، هذا المنطق هو نفسه الذي قاد مواقفنا حيال الثورة التونسية والمصرية على حد سواء، لأننا نؤمن بأنه لا يحق لأي سلطة أن تقوض حرية الناس، بل واجب السلطات أن تدافع عن حق الناس في حرية الاعتقاد لا أن تفرض الاعتقاد عليهم بقوة السلطة”.
ورأى أن “ما حدث في مصر وتونس أثبت أن الشعوب العربية تواقة إلى الاعتدال وسيادة القانون، وحماية حرية المعتقد في مواجهة كل دعوات الاستئثار والتفرد والانفراد، وهذا الموقف ينسجم تماما مع موقفنا مما يجري في سوريا، لأننا منذ اللحظة الأولى لانطلاق الثورة السورية وقفنا مع حق الشعب السوري في الحرية ورفض الاستبداد، وما زلنا مع الشعب السوري في معركته المزدوجة، التي يخوضها ضد إرهاب نظام بشار الأسد من جهة، وضد الارهاب المتستر برداء الاسلام من جهة ثانية”.
وختم: “إن انعقاد هذه الفعالية في بيروت، يجعلنا أكثر إصرارا على الاعتدال، لأننا جميعا نثبت أن القيم الإنسانية الرفيعة أسمى بكثير من بعض الشعارات، التي يرددها البعض باسم الدين والمذهب زورا وبهتانا”.
كلاف
وشدد كلاف في كلمته على “أهمية إنعقاد هذا المؤتمر في لبنان، الذي يلعب دورا أساسا في تطوير الليبرالية في العالم العربي في الماضي والحاضر”، لافتا إلى أن “الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان يريد أن يبني دولة تحترم المواطن، وتسهر على خدمته بعد نسيان الماضي، ولكن من دون تكرار الأخطاء السابقة”.
وأكد أن “التحالف العربي بحالة رائعة جدا وجيدة، وهذا المؤتمر يأتي من ضمن سلسلة مؤتمرات تقيمها المؤسسة من أجل تعزيز مبادىء الليبرالية في هذه الدول”، داعيا المشاركين الى “المناقشة من أجل الوصول الى حلول للمشاكل الموجودة في العالم العربي وصولا الى دولة الرفاه الذي ننشد، لأن هذه المناقشات تؤثر في السياسات العامة للدول وعلى الخطاب السياسي داخلها”.
كراجة
من جهته، أكد كراجه أن “الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان شخصية عصامية، وضع ثروته في خدمة الإنسان، وكان أملا للناس في مشروع الدولة، الدولة التي تكون في خدمة الناس وليس العكس”، مشيرا الى أنه ” لم يكن يوما رئيسا للدولة أو الطائفة أو العائلة، بل كان لكل الناس”.
وشدد على أن “دولة الرفاه ضرورة في العالم العربي في الوقت الحالي نظرا لما يشهده من تنامي لظواهر التطرف والإرهاب”، معتبرا أن “التحالف العربي يسعى الى ضم جميع الجهود من أجل العمل الليبرالي، والوقت قد حان لأن يتحول تعاوننا مع مؤسسة فريدريش ناومان من أجل الحرية من اعتمادية الى تعاونية”.
درمومى
ولفت درمومى في كلمته الى أن “العالم العربي اليوم يعيش كوارث تطرف وإرهاب في كل أنحاء الدول العربية”، داعيا الى “إعطاء الفرصة للشباب داخل أحزابهم الذين قاموا بجميع الثورات في العالم العربي، التي أعطت ثمارها في تونس ومصر، ونريد أن تثمر أيضا في سوريا”، شاكرا “مؤسسة فريدريش ناومان على ما تقوم به من دعم لليبرالية في العالم العربي”.
شروير
وعرض شروير “التجربة الهولندية مع الليبرالية”، مشيرا الى انه “واصدقائه في الحزب كانوا يرون في المنطقة العربية الكثير من الفوضى وسفك الدماء، ولم نكن نحلم بوجود ليبراليين في المنطقة العربية”.
وشدد على أن “انعقاد هذا المؤتمر هو خير دليل على أن الأيام المقبلة في العالم العربي قادمة على تحسن”، عارضا ” كلفة الرعاية الصحية في ميزانية الدولة الهولندية، وأنها تنظر في كيفية التحول من دولة الرفاه الى نموذج جديد من الدول”، متمنيا للمؤتمرين “مداولات مثمرة ونقاشات مستفيضة للوصول الى آلية معينة من أجل تحقيق الوصول الى دولة الرفاه في هذه الدول”.
الجلسة الأولى
بعد الافتتاح، أدار المنسق العام لقطاع الشباب في “تيار المستقبل” وسام شبلي الجلسة الاولى، التي تحدث فيها ساويرس عن “دولة الرفاه: أي تعريف نريده ويمكن تحديده في العالم العربي؟”.
ساويرس
ولفت ساويرس إلى أن “الرئيس الشهيد رفيق الحريري شكل بالنسبة له، مثالا وقدوة في كيفية التعاطي مع الأمور والقضايا المحلية والعربية والدولية”، مشيرا الى انه “عندما قامت الثورة المصرية في 25 يناير، كان من أوائل الاشخاص الذين تيقنوا في فترة سبقت الثورة بقيامها، وهذا ما دفعني الى مناصرتها”.
ورأى أن “الخطر الذي كان داهما على الثورة المصرية لجهة الكيان السياسي، الذي سيستحوذ على السلطة في المرحلة المقبلة، وما توقعته حصل بالضبط مع سيطرة جماعة الإخوان المسلمين على السلطة”، مشيرا الى ان ” حزب المصريين الأحرار كان من أوائل الذين وقفوا ضد هذا التيار الفاشستي”.
وشدد على أن ” هناك حاجة ملحة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، لتحقيق دولة الرفاه لأنها ضرورة في هذه المرحلة لقطع الطريق على داعش وغيرها من التنظيمات”، مشيرا الى أن “دولة الرفاه هي دولة ديمقراطية يتمتع فيها الإنسان بالحرية وحرية الرأي والعدالة الإجتماعية”، لافتا إلى أن “”حزب المصريين الأحرار استعان بالتجربة الألمانية الغربية في إطار مشروعه الاقتصادي لمصر”.
وختم داعيا إلى أن “تكون القوى الليبرالية أكثر قوة من خلال الإتحاد والتجمع في منطقة واحدة”.
الجلسة الثانية
أما الجلسة الثانية، فتضمنت مداخلات للوفود المشاركة عن “مواضيع التعليم والصحة والضرائب التصاعدية، وتكافؤ الفرص والفساد والبطالة والحد الأدنى للأجور وشبكة الأمان الإجتماعي”.
مجدلاني
وتحدث في هذه الجلسة، رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاطف مجدلاني باسم “تيار المستقبل” حول”تملك الدولة للمؤسسات الصحية، أو دعمها للمؤسسات الخاصة”، فأشار الى ان “مفهوم الليبرالية استحوذ على الكثير من الإجتهادات والقراءات والتحليل، غير أن جميعها أجمعت على انه مفهوم مرادف للنظام الديمقراطي، الذي يستند الى فكرة حكم الشعب والحريات من خلال المشاركة المباشرة في الحكم، انه نظام الحريات على كل المستويات، بما فيها الحريات الإقتصادية”.
ولفت الى أن “مفهوم الصحة هو بمثابة حق من حقوق الإنسان في كل المجتمعات، وهو حق نصت عليه شرعة حقوق الإنسان، وبالتالي تعتبر الصحة مثل التعليم والسكن والغذاء، من الحقوق الأساسية التي ينبغي تأمينها للجميع، لكي تستقيم العلاقة في المجتمع، وتتقلص المسافات الفاصلة بين الناس، خصوصا الفروقات الطبقية التي يفرزها المجتمع الليبرالي بطبيعته التنافسية”.
وشدد على أنه “كلما ضاعفنا مفهوم الرعاية الإجتماعية، وفي مقدمها الصحة العامة، نكون قد أزلنا الجدار الفاصل بين العالمين عالم الفقراء وعالم الأغنياء، وكلما نجح نظام ليبرالي في خفض مستوى ارتفاع هذا الجدار، كلما كان الوضع أفضل في المجتمع”.
وعرض “النماذج الصحية في بعض الدول الليبرالية”، معتبرا أنه “كلما زادت الدولة مستوى الرعاية الصحية وأمنت الحقوق الاساسية لمواطنيها، ومن ضمنها الصحة، كلما سادت العدالة في المجتمع، وكلما شعر المواطن بالرضا والراحة والسعادة، وهذا ما أظهرته العديد من الدراسات”.
وأشار الى أن “لبنان الذي ينعم بنظام ليبرالي يرتكز على الحريات الاقتصادية، وعلى الديمقراطية السياسية، ولو أنها ديمقراطية ذات نكهة خاصة، مطمعة بالحقوق الطائفية في موازييك فريد في العالم، نلاحظ أن مستوى الرعاية الصحية، التي تقدمها الدولة ناقصة، وبالتالي لا عدالة صحية أو إجتماعية في البلد”، لافتا الى ان “كتلة المستقبل تقدمت باقتراحات قوانين تشكل في مجموعها منظومة صحية متكاملة تكاد تكون مثالية في هذا الوضع، ومنها تقديم العناية الصحية للمستفيدين من خدمات الضمان الإجتماعي بعد سن التقاعد، وهو في طور أن يصبح نافذا فور إقراره، والإقتراح الثاني ينص على إطلاق البطاقة الصحية لمن لا يتمتع بأي تقديمات صحية، والثالث متعلق بالحماية الإجتماعية والراتب التقاعدي”.
وشدد على أن “الليبرالية والصحة ليسا على طرفي نقيض، بل على العكس قد يكون صحيحا، وحدها الليبرالية المسؤولة تستطيع أن تؤمن العدالة في كل مجالات الحياة، ومنها المجال الصحي”، داعيا الى “العمل بجهد في نظام ليبرالي من أجل وضع سياسة صحية مناسبة لظروف البلد وقدراته، وبقليل من الإرادة الطيبة والعمل الجاد، نستطيع أن نصل الى مستويات متقدمة من الرعاية الصحية، ونستطيع أن نؤمن قدرا وفيرا من الرضا والسعادة للبنانيين”.
واختتم اليوم الأول، بانعقاد الجمعية العمومية للتحالف العربي من أجل الحرية والديمقراطية.