أخشى ما أخشاه!!! – حبيب يونس

الإثنين, 22 يوليو 2013, 20:23

رادار نيوز – ذات زمن رديء، من الأزمنة الرديئة التي عصفت بلبنان، وما زالت تعصف، كتبتُ في سجني عام 2001 قصيدةً، من مئات جمعتها في ديوان “شغل محابيس”، يقول مطلعها:

الْيَوْم الْأَحَدْ

بُكْرا السَّبِتْ

كيفْ صارت الْإِيّام مَقْلوبي!

كان كل شيء، أيَّامذاك، مقلوبًا. ويبدو أن من شبَّ على شيء، شاب عليه. لذا ترى اليوم الأمور معكوسة، ونحن نتقلَّب “على جمر النار”، ليس في انتظار حبيب أو مسافر يعود، إنما اكتواءً بما تفيض علينا به قرائح سياسيين، وبما ننعم به من أفعالهم الخالدة، وبما ينتظرنا، غدًا، من رؤاهم النيرة.

فما كان مني إلَّا أن استنجدت بعبارة لا يخلو تصريح لهؤلاء منها، ويا ليتهم يدركون معناها، لظنٍّ ربما أنها تصلح صِلَةً بين بلاغة موقف، وفصاحة قول، هي عنوان هذا المقال: أخشى ما أخشاه… لأن ما أخشاه لا يشبه في شيء ما يخشاه هؤلاء، إذا كانوا يعرفون ما معنى الخشية، وما هي مسسباتها.

وعليه، أخشى ما أخشاه:

–      أن يتحول “إعلان بعبدا” إعلانًا على طريق، أو معلمًا يستدل من خلاله الناس إلى وجهاتهم. هو ليس نهاية مطاف حوار، يا جماعة الخير، بل عناوين عريضة تندرج تحتها أزماتنا الكثيرة المتوالدة، التي لا تحل إلا بالحوار، خصوصًا أن ثمة من أراد لرئيس الحكومة المكلف تمام سلام، ألَّا يؤلِّف، بل أن يكون حارس ثلاجة انتظار، حتى تأتي تطورات المنطقة وصراع المحاور، أمرًا كان مفعولًا.

فوسط الفراغ الذي نعيشه، والمرشَّح أن يعمَّم على كل مفاصل الدولة، من رأس هرمها، إلى أدنى موظف رتبةً فيها، أليس الحوار وحده، غير المشروط، والمنفتح على مناقشة كل القضايا الخلافية، هو الذي ينقذ المسار السياسي من عثاره، خصوصًا أن الانقسام الحاد بات يشكل خطرًا يستولد أخطارًا على مختلف المستويات، والأمني منها تحديدًا، وأن التصريحات والمواقف الممجوجة المكررة لم تعد تغري حتى ببغاء لتردادها؟

–      أن يصبح الدفاع عن كراكوز عبرا الدموي وإرهابييه، والاستمرار في محاولة مساءلة الجيش – قال – واستهدافه صبح مساء، هو النهج الصحيح لدى بعض من السياسيين يعملون ليل نهار، وبما أوتوا من وسائل، لعزل مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني. أليس هذا السلوك مستغربًا؟ نصرة لإرهاب وتطرف وقلة أخلاق وتطاول على مقامات وقيادات وتجاوز لاعتبارات وتقاليد تمثلت جميعًا في شخص أساء إلى الدين بذاته وإلى مشايخه وعلمائه أكثر مما نفع، في مقابل محاولة لإلغاء صوت معتدل واع حكيم هو الرمز الديني لطائفته؟

–      أن تتراكم الأزمات والإهمال في معالجتها، فنمسي على مصيبة صغيرة، لنصحو على كوارث. كأن ننام على زكام لنستيقظ على شلل، ونَبات على عارض نفسي، لنضحي على انفصام في الشخصية.

–      أن يعود حمورابي سيد القانون في ساحتنا العلية وفي كل ساحة، لا سيد المعنَّى والفصاحة، حاشا وكلَّا. “قليلة” أن تسود “ثقافة” قطع الرؤوس، لأن رأس هذا لا يحاكي رأس ذاك، فكرًا ومعتقدًا وعقيدة، إلى حد شَيّ الرأس على منقل فحم؟ أو أن تدرج “هواية” استخراج قلوب من لا نحب، والتهامها؟ أو أن يتحول بتر الأعضاء التناسلية في الساحات العامة، انتقامًا من امرئ تزوج فتاة من غير دينه، من دون رضاء ذويها، بديلًا من احتفالات الضيعة أو مهرجاناتها؟

–      أن نروج للتفاهات في إعلامنا، ونغفل خطبًا جللًا أو إنجازًا علميًّا. كأن يحتل خبر حادث سير نتج عنه زحام، مساحة دقائق من نشرة أخبار، وتموت شخصية إعلامية في حجم هيلين توماس، الأميركية اللبنانية الأصل، كانت عميدة المراسلين في البيت الأبيض، وعاصرت عشرة رؤساء أميركيين، وتمتعت بجرأة نادرة في الفعل والموقف، ولا يؤتى على ذكرها إلَّا عرضًا؟ أو يحقق أحد أطبائنا سابقة جراحية، أو يصدر فنان أو أديب عملًا إبداعيًّا، فيمر الخبر، إذا ما مر، في “شريط من الأخبار السريعة”.

–      أن تتحقق “نبوءة” زياد رحباني في مسرحيتيه “بخصوص الكرامة والشعب العنيد” و”لولا فسحة الأمل”، فننتهي في غابة وقد بتنا فيها وحوشًا.

عود على بدء… يحيا الإنسان الأول. تحيا الكهوف. يحيا داروين. ولْيَطُقَّ ستيفن سبيلبرغ قهرًا، لأن الديناصورات عادت فعلًا إلى الحياة، لا في فيلمه الخيالي…

إضغط هنا
Previous Story

إمرأة تأخذ حصانها إلى مطعم “ماكدونالدز”

Next Story

نجوم الفن والإعلام في حضرة “قمر الدار”

Latest from Blog

رامونا يونس: العناية بالبشرة هو استثمار..

ولعدم النوم أبداً دون ازالة الماكياج! في عالم الجمال والعناية بالبشرة، برزت أسماء كثيرة، لكن قلة من استطعن الجمع بين الاحترافية والشغف الحقيقي بما يقدمنه. من بين هؤلاء، السيدة رامونا يونس، الناشطة

زخم الرئاسة الاولى وتحقيق الاستقرار المالي والنقدي – بقلم العميد الدكتور غازي محمود

يعيش لبنان منذ انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية عرساً حقيقياً، ويشهد زحمة مهنئين شملت كل من الرئيسين الفرنسي والقبرصي بالإضافة الى امين عام الأمم المتحدة، وكل من وزير خارجية الأردن ووزيرة
Go toTop