أسبوع فراغ… عرّى كل شيء – حبيب يونس

الخميس, 5 يونيو 2014, 7:20

رادار نيوز – هل كنا ننتظر أسبوع الفراغ الذي مرّ، والأسابيع التي ستليه، كي نكتشف خواء حياتنا السياسية، وبالتالي عُري دولتنا عن آخره، حتى بلا ورقة توت تستر عورتها؟

كأني بهذا الأسبوع يكشف العفن في كعب صحارة هذه الدولة، فيما وجهها لم يكن وجهًا بل مجرد قناع، غَشَّ كثرًا، طويلًا طويلًا.

يجمع كثر، من زمان، على القول إنها “دولة فارطة”… وقد تأكدت لمن لم يشاركوا في هذا الإجماع، تلك الحقيقة ناصعة واضحة لا لبس فيها… وإلا كيف نفسر ما سيأتي:

1-           حين يشغر موقع الرئاسة، تؤول السلطة إلى مجلس الوزراء… مجتمعًا أم غير مجتمع، أم عبر رئيس الحكومة والوزير المختص بالقضية الواجب اتخاذ قرار في شأنها… ربك يفهم على هذا الدستور الغريب العجيب، وعلى فقهاء الدستور والقانون والسياسة، وكيف ستحل هذه المعضلة التي عرف من سعوا إلى تأليف الحكومة، على هذا النحو، أنها ستواجهها، فظنوا أن تمثيلها معظم القوى السياسية، سيكون كفيلًا بتخطيها، لكن حساب الحقل لم يطابق حساب البيدر… وعمر الشغور يطول، وتطول معه الأزمات وتتوالد.

2-           مهما يكابر المكابرون، ويتغاضَ المتغاضون، ويُشِح المبصرون بأنظارهم، يمنة ويسرة، تبقَ العلة في اتفاق الطائف الذي طالب كثر ممن تولوا الحكم بتعديله، وأثبتت الممارسة أنه “مش شغّال”. حتى أتى موقف وليد بك جنبلاط، قبل أيام، يدعو إلى “تجميل” هذا الاتفاق.

ولكن، مهلًا… أتراه سيجمله بمرشحه إلى الرئاسة الذي لا نعرف عنه باعًا طويلًا في مجال الجمال والبوتوكس والليفتينغ والسيليكون وشفط الدهون؟ أصلًا لم نسمع له صوتًا، قبل أن ينزل به إلى ساح الانتخاب الرئاسي. أم ترى البك سيستعين بخبراء التجميل وأطبائه الحقيقيين، نجوم الشاشات والحفلات والسهرات، وأعضاء لجان التحكيم في أي مسابقة، ولو كانت تقوم على من يلفظ بزر البطيخ من فمه أبعد من الآخر؟

تعيش وتفوق وليد بك.

3-           سلسلة الرتب والرواتب… العبارة الأكثر تردادًا على ألسنة العامة والسياسيين وفي وسائل الإعلام، حين يتحدث فيها حنا غريب ونعمة محفوض، بتفاصيلها المملة وأرقامها، أو حين ينبري وزير أو نائب ليؤكد أن العمل جار لإيجاد مصادر تمويل. لكن قصتها بسيطة: ثمة حقوق لعمال وموظفين وأساتذة ومعلمين، منذ سنوات، ينبغي للحكومة توفيرها لهم. وثمة حكومة ورثت عن حكومات وعهود وضعًا ماليًّا مزريًا ودينًا عامًّا يقطع الظهر ويطاول ليس جميع اللبنانيين الأحياء فحسب، بل وكل لبناني يولد، وعليه قبل أن يكاغي، دينًا بعشرة آلاف دولار يسدده؛ وورثت أيضًا قصر نظر، أو غض نظر، عن مصادر تغذي خزينتها، وتفرج كربة أصحاب الحقوق، من دون أن تمس جيوب الفقراء.

هيئة التنسيق النقابية تهدد بالتصعيد، والحكومة ما زالت تفتش عن إبرة في كومة قش، أي إن “الفلَّة ستطلع” بالطلاب والتلامذة… فلا امتحانات رسمية، والعام الدراسي سيذهب مع الريح في نزهة، و”بدعة” الإفادات ستسيء إلى المستوى العلمي الذي يزداد، أساسًا، تدنيًّا، سنة تلو سنة.

بلسان ابنتي التي أنهت تحصيلها العلمي الثانوي، وتتهيأ للاختصاص الجامعي، وجميع أترابها وكل الطلاب، نقول للطرفين: حُلَّا المشكلة في ما بينكما، في أسرع وقت ممكن، وأبلغانا النتيجة، فنكمل الدرس ونجري الامتحانات… وإلَّا نحل عنكما، لنرتاد البحر، تعزيزًا لصورة لبنان السياحية في هذا الصيف الحار، ويمكننا أيضًا أن نصطاد السمك، وحين نعود إلى المنزل نلتقي، في طريقنا، صيادي الطيور. رحم الله لامارتين.

4-           يبقى أمر واحد قد يشفع لهذه الدولة المهترئة، ويغفر لها خطاياها وأخطاءها، الوارد ذكرها قبلًا. حبذا لو تخصص مبلغًا من المال لتلفزيون لبنان، يدفعه للمحطة التلفزيونية صاحبة الحق الحصري في نقل مباريات كأس العالم في كرة القدم التي ستقام في البرازيل، ليعرضها مجانًا، لأن لا طاقة لمعظم الشعب اللبناني على دفع ولو دولارًا واحدًا إضافيًّا، من أجل إشباع هذه المتعة التي ينتظرها مرة كل أربع سنوات.

مبلغ صغير، نسبة إلى “أوتوستراد”، بأمه وأبيه، يلفه مسؤول في جيبه كأنه محرمة (بالإذن من الأخوين رحباني في مسرحية “قصقص ورق”)، وقرار سريع في هذا الشأن، لأن أعصابنا ما عادت تحتمل مماطلة ومفاوضات ودرسًا وتفنيدًا وتمحيصًا… فتسجل دولتنا العظيمة بذلك هدفًا في مرمانا، ونقول لها، طوال شهر المونديال، على الأقل: أين بيليه منك وماردونا؟ وأين رونالدو وميسي وروني…؟ طول عمرك ترقصيننا “سعيديني”، فدعينا نرقص معًا سامبا، على شواطئ الريو دي جانيرو، في هذا العرس الكروي الجميل.

وما دام العري بالعري يذكر. وضعك أيتها المهترئة الفارطة عارٍ، فلا بأس إن احتفلت بالهدف بخلع قميصك. وطمئني بالك، لن ندع الحكم يعطيك إنذارًا ببطاقة صفراء… بيَّض الله وجوه حكامك ومسؤوليك.

حبيب يونس

إضغط هنا
Previous Story

اذاعة راديو دلتا موقع شارع الفن افضل موقع الكتروني فني للعام 2013

Next Story

حظك الخميس 5 حزيران 2014 مع ليلى المقداد من رادار نيوز

Latest from Blog

رامونا يونس: العناية بالبشرة هو استثمار..

ولعدم النوم أبداً دون ازالة الماكياج! في عالم الجمال والعناية بالبشرة، برزت أسماء كثيرة، لكن قلة من استطعن الجمع بين الاحترافية والشغف الحقيقي بما يقدمنه. من بين هؤلاء، السيدة رامونا يونس، الناشطة

زخم الرئاسة الاولى وتحقيق الاستقرار المالي والنقدي – بقلم العميد الدكتور غازي محمود

يعيش لبنان منذ انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية عرساً حقيقياً، ويشهد زحمة مهنئين شملت كل من الرئيسين الفرنسي والقبرصي بالإضافة الى امين عام الأمم المتحدة، وكل من وزير خارجية الأردن ووزيرة
Go toTop