التزام – كريستيان بلّان

الأحد, 13 فبراير 2022, 7:36

رادار نيوز – لا تظننّ لوهلة أنّك مجبر على السّير في خطّ اليمين والّذي أصبح مع مرور الزّمن يمثّل سياسة معيّنة. فإمّا أنت من أنصار اليمين أو أنّك من أنصار اليسار. ومن هو بين الطّرفين، وسطيّ يتأرجح بين كفّين؛ فإن لاح يمينًا تتدافعه الأيادي بين قبول ورفض؛ وإن مال يسارًا، تهادى بين السّواعد مخوّنا أو مستعبدا.

أمّا بعضها من شعوب، لا، ولم تعرف بعد تحديد يمينها من يسارها وإن حدث وكانت في خطّ وسطي، لا يهمّ أساسًا لأنّ الجميع غير ملتزم بخطّ معيّن. فتارة يلتوون ويتلوّون ويواربون ويلتفون أو يحيدون بحسب ما يواجههم من حواجز؛ فتحكم الغريزة الدّفاعيّة السّيطرة على الوضع بقرار الانسياب بعيدًا عن العائق المتحرّك. وعلى الرّغم من كون ذلك العائق المتحرّك بشريّا، اختار السّير إمّا يمينًا وإمّا يسارًا، إلّا أنّ آخر، وقد فتح المجال لعصبيّته وأطلق عنينها، لا يصبر على أخيه في الانسانيّة والّذي هو الآخر يسعى لتحقيق وكفاية حاجاته، ملتزمًا بما يدعونه “الخط”. فيتخطّاه سامحًا لنفسه بدفعه جانبًا، أو إلصاق جسده بجسده ومسحه لتجنّب ضيق المكان الّذي لم يكن ليشعر به أحد لولا غوص شخص ما بفوقيّته وقراره بأن له أولويّة المرور. ضاربًا عرض الحائط حقوق متساو له في المواطنة وأمام القانون.

وإنّما، أيّ قانون ذلك المكتوب على الورق؟ نقرأه؟ نعم. وكيف لا؟ إذ عند الضّرورة يجب العودة إلى القانون والقانون الاجتماعي لمحاسبة المخالفين. وطبعًا، مخالفون، وإنّما من وجهة نظر من؟ إذ هو نفسه المخالف وغير المراعي للقوانين! هو الحكم والقاضي في حال كانت المخالفة تضرّ مصالحه فيعتبرها موجّهة مباشرة لشخصه وإهانة لا بدّ من ردّها. لا مجال هنا للاعتذار، أو مراعاة لظروف أخيه في المواطنة وحاجاته؛ وإنّما ما جرى يصنّف بقاموسه خرق لمساحته الشخصيّة وهذا أمر لا تهاون فيه “على كلّ فرد احترام مساحة الآخر الشّخصيّة”. ويتناسى أو يغضّ الطّرف عن سلوك لا أخلاقي قام به توّا باختراقه خطّ فرد آخر من هذا المجتمع. ويصبح القانون حكرًا على أولئك الّذين نصّبوا أنفسهم من أصحاب الصّفّ الأوّل.

أمّا ذاك الّذي ألصق بالحائط عمدًا، فما عاد لحاجته وإشباعها نفعًا. فهو قد انشغل بالشّعور بالغبن ووقع في فخ الحيرة. إن شكا وحاسب سيعلو الصوت. وإن علا صوته يتحوّل الموضوع إلى شأن عام وإن تحوّل الموضوع إلى شأن عام، كثرت الثّرثرة وضاع الحق بين الحشود وفي الأفواه. وإن، فقط إن، وصل الصّوت، تسمّر على باب من اعتبر أنّه قيّم على القانون ومن تصوّر له مرآته شخصه ذات شأن أرفع؛ فيموّه الحق ويتلاعب بالعقول حتّى تخمد الجماعة ويضيع حق المطالب المظلوم. وإن قرّر السّكوت، ربّما يحظى بفرصة الوصول وتحقيق أهدافه ولو متأخّرًا، وبين الحق وتحقيق الحاجات تلك الشّعرة الّتي قسمت ظهر البعير. فإن كان لا بدّ لك من المسير فلا تمش ظلّ الحائط! الخطوط كثيرة ووفيرة، التزم خطّ الحياة وعشها فهي حقّ.

اترك تعليقاً

إضغط هنا

Latest from Blog

أم عبدالله الشمري تتحدث عن الشهرة والعائلة والتحديات في أولى حلقات “كتير Naturel”

استضاف برنامج “كتير Naturel” في حلقته الأولى، الذي يُعرض عبر تلفزيون عراق المستقبل من إعداد وتقديم الإعلامي حسين إدريس، خبيرة التاروت أم عبدالله الشمري. وتحدثت أم عبدالله بكل صراحة عن مسيرتها، الشهرة،

رامونا يونس: العناية بالبشرة هو استثمار..

ولعدم النوم أبداً دون ازالة الماكياج! في عالم الجمال والعناية بالبشرة، برزت أسماء كثيرة، لكن قلة من استطعن الجمع بين الاحترافية والشغف الحقيقي بما يقدمنه. من بين هؤلاء، السيدة رامونا يونس، الناشطة

زخم الرئاسة الاولى وتحقيق الاستقرار المالي والنقدي – بقلم العميد الدكتور غازي محمود

يعيش لبنان منذ انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية عرساً حقيقياً، ويشهد زحمة مهنئين شملت كل من الرئيسين الفرنسي والقبرصي بالإضافة الى امين عام الأمم المتحدة، وكل من وزير خارجية الأردن ووزيرة
Go toTop