الراعي في رتبة دفن المسيح: الإنسان بجهله تفوته حقائق وأفعال إلهية عظمى
الجهل مسؤولية وخطأ جسيم بحد ذاته فلا يجوز الوقوع فيه أو البقاء في حالته
انطلاقا من الصليب يريد الرب أن يجمع كل الناس في الكنيسة الجامعة
رأى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ان الإنسان بسبب جهله تفوته حقائق وأفعال إلهية عظمى، ما يعني أن الجهل مسؤولية وخطأ جسيم بحد ذاته، فلا يجوز الوقوع فيه أو البقاء في حالته، بل ينبغي السعي إلى المعرفة وتثقيف العقل وإنارة الضمير. وقال: يدعونا الإرشاد الرسولي “الكنيسة في الشرق الأوسط” إلى تحمل مسؤوليتنا كمسيحيين، مواطنين أصليين وأصيلين في بلداننا المشرقية، ونُعلن إنجيل الله، إنجيل الحقيقة والمحبة والسلام، إنجيل الأخوة الشاملة والعدالة بين الناس. ولفت الى انه انطلاقا من الصليب، يريد الرب أن يجمع كل الناس في جماعة جديدة هي الكنيسة الجامعة.
وترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي رتبة سجدة الصليب على مذبح الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي “كابيلا القيامة”، بمشاركة الكاردينال نصرالله بطرس صفير والمطارنة رولان ابو جودة ، بولس صياح، سمير مظلوم، حنا علوان، والاباء ايلي ماضي، نبيه الترس وجوزف البواري، في حضور الرئيس السابق للرابطة المارونية الدكتور جوزف طربيه، رئيس مؤسسة البطريرك صفير الدكتور الياس صفير، البروفسور خيرالله غانم، قاضي التحقيق في جبل لبنان جوزف صفير، مدير عام مستشفى البوار الحكومي الدكتور شربل عازار، القاضي رفول البستاني ، الدكتور انطوان زخيا صفير وحشد من المؤمنين.
العظة
بعد الانجيل المقدس، ألقى البطريرك الراعي عظة بعنوان:” يا أبت اغفر لهم لانهم لا يفهمون ما يفعلون”، قال فيها:” بآلام المسيح وموته على الصليب، تكفيرا وفداء عن خطايا البشر، جرى دم الغفران على البشرية جمعاء. فغفر أولا للصالبين والهازئين. وككاهن قدم ذاته ذبيحة غفران ومصالحة رفع صلاة الابتهال والتشفّع إلى أبيه السماوي: “يا أبت، إغفر لهم لأنهم لا يفهمون ما يفعلون” (لو23: 34).
بعظمة من حبه علل يسوع خطيئتهم بجهلهم: “لا يفهمون ما يفعلون.” فالجهل يُخفف من مسؤوليتهم عن الخطيئة، ويفتح أمامهم السبل للتوبة. وبذلك أعطى أمثولة للجميع في أن الجهل هو في أساس كل خطأ يرتكبه الإنسان. ذلك أن الإدارة تعمل بما يملي عليها العقل. فلا بد من تثقيف العقل بالحقيقة ليسلم من الجهل.
بطرس بدوره علل قتل الرب بجهل الشعب عندما خاطبهم قائلا: “لقد أنكرتم القدوس البار، والتمستم العفو عن قاتل. فقتلتم سيد الحياة، لكن الله أقامه من بين الأموات، ونحن شهود على ذلك…إني أعلم أنكم فعلتم ذلك عن جهل” (أعمال3: 14، 15، 17).
وبولس الرسول تكلم عن جهله الشخصي في ما ارتكب من خطأ في حياته الماضية، فكتب إلى تلميذه طيموتاوس: “أنا الذي كنت في ما مضى مجدفا مضطهدا عنيفا، ولكني نلتُ الرحمة لأني كنت أفعل ذلك بجهالة، إذ لم أكُنْ مؤمنا، ففاضت علي نعمة ربنا مع الإيمان والمحبة في المسيح يسوع” (1طيم1: 13-14).
أضاف:”تفوت الإنسان بسبب جهله حقائق وأفعال إلهية عظمى. ما يعني أن الجهل مسؤولية وخطأ جسيم بحد ذاته. فلا يجوز الوقوع فيه أو البقاء في حالته. بل ينبغي السعي إلى المعرفة وتثقيف العقل وإنارة الضمير. يدعونا الإرشاد الرسولي “الكنيسة في الشرق الأوسط” إلى تحمل مسؤوليتنا كمسيحيين، مواطنين أصليين وأصيلين في بلداننا المشرقية، ونُعلن إنجيل الله، إنجيل الحقيقة والمحبة والسلام، إنجيل الأخوة الشاملة والعدالة بين الناس. إن ظُلمة الجهل تُوقع شرقنا في ظلمات العنف والحرب والإرهاب. فلتكُن فينا غيرة بولس الرسول وروح المسؤولية التي عبر عنها بالقول:” الويلُ لي إن لم أكرز بالإنجيل.” (1كور9: 16). (راجع الإرشاد الرسولي، فقرة 85-86).
وتابع:” كان الهازئون بيسوع الجاهلون ثلاث فئات:
الأولى، فئة المارة الذين حقروه في عدم قدرته: “يا أيها الذي ينقض الهيكل ويبنيه في ثلاثة أيام، خلصْ نفسك وانزلْ عن الصليب.” (مر15: 29-30). لكنهم لم يعرفوا أنه في تلك الساعة كان يتحقق خراب الهيكل، ويتكون الهيكل الجديد. وكانت العلامة أن عند موت يسوع انشق حجاب الهيكل إلى اثنَين، من فوق إلى أسفل (متى27: 51؛ مر15: 38؛ لو23: 45). فانشقاق الحجاب يعني أمرَين: الأول، نهاية عهد الهيكل القديم وذبائحه ورموزه، وبداية تحقيق المصالحة مع الله بالمسيح المصلوب؛ والثاني، انفتاح العبور إلى الله الذي تجلت محبته اللامتناهية في ابنه الإلهي المصلوب، ذلك أن حجاب الهيكل الداخلي كان يحجب وجه الله عن الشعب، وكان يدخله رئيس الأحبار مرة في السنة.
الفئة الثانية تتألف من أعضاء المجلس: الكهنة والكتبة والشيوخ. هؤلاء كانوا يسخرون ويقولون: “خلص غيره، ولا يقدر أن يُخلص نفسه! هو ملك إسرائيل، فلينزلْ الآن عن الصليب، فنؤمن به. اتكل على الله، فليُنقذه الآن، إن كان راضيا عنه. فقد قال: “أنا ابن الله” (متى27: 41-43). لكنهم لم يفهموا أن في عدم قدرته الخارجية انكشف أنه ابن الله. في سخريتهم ظهرت حقيقة سر يسوع المسيح. والله نفسه سيخلصه بطريقة تختلف عن نزوله عن الصليب. وبالقيامة سيحرره من الموت ويُعلن بنوته الإلهية.
الفئة الثالثة تتألف من اللصين اللذين صُلبا معه. كانا مُجرمَين، أما يسوع فبريء. واحد منهما أدرك حقيقة براءة يسوع، وتبين له انه يكشفُ وجه الله، وأنه إبن الله. فصلى: “يا يسوع، أذكرني متى تأتي في ملكوتك.” (لو32: 42). وأدرك، من خلال علة صلبه المكتوبة فوق رأسه: “يسوع الناصري ملك اليهود” (يو19: 19)، أنه بالحقيقة الملك الحقيقي المنتظر. فطلب أن يكون بقربه في مجده، كما هو بقربه على الصليب. في الواقع، إن الكتابة “ملك اليهود” هي بمثابة إعلان لملوكيته أمام تاريخ العالم. فيسوع رفِع على عرش الصليب، وسيجتذب إليه الجميع بحبه اللامتناهي من مكان عطية ذاته العظمى.
جواب يسوع: “اليوم تكون معي في الفردوس” (لو23: 43) يبين أن يسوع كان يعرف أنه يدخل مباشرة في الشركة مع الآب، ويستطيع أن يعد لص اليمين بالفردوس منذ الساعة. وكان يعلم أنه سيعيد الإنسان إلى الفردوس الذي سقط منه، إلى تلك الشركة مع الله حيث سعادة الإنسان الحقيقية.
هذا اللص الصالح أصبح في تاريخ المسيحية صورة الرجاء، اليقين المعزي بأنه يمكن الحصول على رحمة الله في آخر لحظة؛ واليقين بأنه، بعد حياة خاطئة ضالة، تبقى الصلاة إلى جودة الله ذات فاعلية. نصلي في الليتورجيا: “أنتَ الذي استجبتَ اللص، أعطيتني أنا أيضا الرجاء.”
وقال:” ووراء جهل الصالبين والهازئين، كانت تولد من آلام المسيح وموته على الصليب عروسته الكنيسة، وكأنها استلَت منه، مثلما استَلَ الله حواء من ضلع آدم النائم (تك2: 21-22). وتمثلت الكنيسة في شخص “المرأة” مريم، وتمثل أبناؤها وبناتها في شخص يوحنا: “يا امرأة، هذا ابنكِ! ويا يوحنا هذه أمك.” (يو19: 26-27). ولدت الكنيسة في الواقع عندما طعنه أحد الجنود بحربة، وهو ميت. فجرى منه دم وماء، علامة المعمودية والقربان.
المرأة – الكنيسة سيَراها يوحنا في رؤياه “امرأة ملتحفة بالشمس، والقمر تحت قدميها، وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكبا، وهي حامل وتصرخ من ألم المخاض. وظهر تنين كبير… ووقف أمامها ليبتلع الولد الذي ستلده… فنجاها الله بعنايته. فغضب التنين ومضى يحارب نسل المرأة الذين يحفظون وصايا الله، وعندهم شهادة يسوع المسيح. فوقف على رمل البحر” (رؤيا12: 1-18).
هي الكنيسة، بأبنائها وبناتها ومؤسساتها، يضطهدها تنين الشر، لكن “قوى الجحيم لن تقوى عليها.” (متى16: 18).
وتابع:” لما بلغ يسوع ذروة محبته للعالم، ببذل ذاته ذبيحة فداء، وبإجراء المصالحة بين الله والناس، وبتأمين استمرارية حضوره الخلاصي الدائم في جسده السري الذي هو الكنيسة، وبجعل مريم أمه بالجسد أما بالنعمة للكنيسة، قال: “لقد تم كل شيء” (يو19: 30)، لقد “أحببت حتى النهاية” (يو13: 1). وعند الساعة الثالثة بعد الظهر صلى صلاة المزمور31: “يا أبت بين يديك أستودع روحي” (لو23: 6، مز31: 6) وأسلم الروح”.
أضاف:”موت يسوع على الصليب حدث كوني وليتورجي.
هو حدث كوني، لأن الشمس أظلمت، وحجاب الهيكل انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل، والأرض زلزلت، وقام بعض من الأموات، حسب رواية الإنجيليين. وهو حدث ليتورجي، لأن قائد المئة الذي أشرف على عملية الصلب، آمن واعترف قائلا: “بالحقيقة، كان هذا ابن الله” (مر15: 39). فكان إيمانه بداية انفتاح الكنيسة على الوثنيين. وهكذا، انطلاقا من الصليب، يريد الرب أن يجمع كل الناس في جماعة جديدة هي الكنيسة الجامعة. وفي الساعة التي مات فيها يسوع، كانت تذبح في الهيكل حملان الفصح التي لا يكسر لها عظم، حسب شريعة موسى (راجع خروج12: 46). فيظهر يسوع حمل الفصح الحقيقي، النقي الكامل، الذي لم يكسر له عظم، بل طعن بحربة في قلبه، فجرى الغفران للعالم مع الحياة الجديدة”.
وختم:” إنه بالحقيقة “حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم” (يو1: 29)، كما تنبأ عنه يوحنا المعمدان، غداة اعتماده في نهر الأردن. إليه نرفع أفكارنا وقلوبنا ملتمسين من محبته غفران خطايانا، ومصالحتنا مع الله والذات وكل إنسان. له السجود والشكر هاتفين: “نسجد لك أيها المسيح ونباركك. لأنك بصليبك خلصت العالم”. آمين.
رتبة سجدة الصليب
ثم أقيم زياح رتبة سجدة الصليب في الباحة الخارجية للصرح.
المطران خيرالله ترأس رتبة دفن المسيح في البترون:
اذا أراده الله شيئا جديدا في الكنيسة هو ان نؤمن بالحب
أحيت الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي في منطقة البترون الجمعة العظيمة وعمت الصلوات وأقيمت رتبة دفن المسيح الكنائس والاديار والصروح الدينية.
وترأس راعي أبرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله رتبة دفن المسيح في كاتدرائية مار اسطفان في البترون بمشاركة الواعظ الاب اليسوعي داني يونس، القيم الابرشي الخوري بيار صعب، الخوري فرنسوا حرب ولفيف من الآباء والكهنة في حضور حشد من المؤمنين.
وبعد الانجيل المقدس، ألقى الواعظ الأب يونس عظة قال فيها: “وأخذ الله من التراب ونفخ فيه نسمة من فيه وجبل الانسان على صورته ومثاله. في اليوم السادس خلقه وفي اليوم السادس أسلم يسوع الروح وأعطى الروح للانسان حتى يخلقه من جديد. في كل سنة نقف ونسمع هذه الروايات، روايات صليب يسوع، روايات موت يسوع. هل نسمعها حتى نشهق ونبكي؟ أم نسمعها لنكون شهودا؟ أم نسمعها لأن الله جعلنا شهودا على الحب؟ هكذا أحب الله العالم حتى إنه بذل ابنه الوحيد لكي يخلص كل من يؤمن به. نحن اليوم سمعنا هذه الروايات لنكون شهودا، شهودا أمام العالم والخليقة كلها، أن الحب ممكن وأن الله هكذا أحبنا، أحبنا من دون عودة ودون رجوع. أجمل اسم من أسماء الله عند الآباء كان اسم “محب البشر” أي صديق البشر. اليوم نحن نشهد على حب الله للبشر، أنه يذهب حتى المنتهى. في الاناجيل الاربعة التي سمعناها يذهب الانجيل الى حد أسلم الروح” الى حد الاله الذي يعطي ذاته من دون رجوع. لو كان يسوع رجع قبل الموت لما كان أعطى ذاته من دون رجوع”.
وتابع: “أناجيل اليوم تظهر لنا مدى محبة الله للبشر، أحبهم من دون رجوع ونحن الشهود. وأمام هذا الحب الذي نشاهده ونكون شهودا أمامه نشعر كم نحن معاقون في الحب، لا نتجرأ أن نحب بهذا الشكل. بطرس تلميذ يسوع كان يتجرأ على حمل السيف أمام جيش في سبيل يسوع، يتجرأ أن يموت بطلا والسيف بيده، ولكن أن يبذل ذاته حبا وأن يغفر للمنتهى وأن يموت مهدورا، هذا ما لم يتجرأ بطرس عليه. نعتقد أن بطرس بخيانته كان خائفا من الموت، بطرس لم يخف الموت، حمل السيف أمام جيش ولكن بطرس خاف من الحب، خاف ان يحب الى هذه الدرجة وأن يهدر في سبيل من أحب”.
واضاف: “أمام قصة يسوع المهدور من اجلنا، نشعر أننا معاقون. العالم الذي يموت فيه الانسان البريء هو عالم مذنب. العالم الذي يموت فيه الانسان الذي يقول الحق هو عالم مبني على الكذب. موت يسوع نخاف منه لأنه يفضح خطيئتنا. يفضح قساوة مجتمعاتنا وكم فيها موت وقساوة. نقول لو كنا على أيام المسيح لكنا صرخنا مع مريم المجدلية والتلاميذ، أو كنا قلنا هذا الانسان بريء، ولكن نحن وفي كل لحظة من لحظات حياتنا نرى البريء وهو يموت ونسكت، نرى الجائع وهو يجوع ولا نهتم، نرى المظلوم وهو يظلم ولا نفتح فاهنا. أما حب يسوع نحن كلنا معاقون. يسوع يقول لتلميذه بطرس: حيث أنا ذاهب أنت لا تستطيع أن تأتي الآن ولكنك ستتبعني بعد حين. على هذا الحب الكامل الذي أظهره لنا يسوع، نحن نشعر أحيانا أننا لا نستطيع الذهاب لكننا نتمسك بوعد يسوع: ستتبعني بعد حين. وإذا كنا نؤمن بالحب سنسير في الطريق حتى النهاية ولكن نسأل: لما كان عليه أن يموت كي يخلصنا؟ لماذا كان على يسوع أن يموت حتى نخلص نحن؟ قالوا له: انزل عن الصليب لكي نؤمن بك. أتتخيلون لو نزل يسوع عن الصليب، عندها بدلا من أن نقرأ هذه الحكايات كنا قرأنا قصة اله بعدما وضعوه على الصليب نزل على الارض. كما قالوا له: انزل عن الصليب ونحن كلنا نؤمن بك. لو يسوع نزل على الصليب لكان كل الناس آمنوا به ولكن كنا آمننا به عن خوف ولأنه جبار وقوي. ولكن من كان يؤمن بالحب؟ كنا آمننا بالسلطة والقوة والعنف ولكن من كان ليؤمن بالحب لو نزل يسوع عن الصليب؟”.
وقال: “أحيانا نتمنى ان يكون كل العالم مسيحيين ولكننا لا ندري ماذا نقول، لأننا نريد من الله أن نفرض حالنا بالقوة والعنف حتى يطبق علينا المثل القائل: “اليد لا تقدر عليها قبلها وادعي عليها بالكسر”. نحن نريد اله أمر واقع، يفرض نفسه فرضا، اله معجزات عظيمة يبرهن عن نفسه، يشق السماوات ويظهر لنا قوته، وكلنا نؤمن ولكن ما هو هذا الايمان؟ لو كان الله يريد هذا الايمان لما مر بالصليب. لو كان الله يريد ايمان الخوف لما مر بصليب يسوع ولكن ما يريده الله هو الايمان بالحب، هو يريد أن يغيرنا ويخلقنا من جديد. مشكلة الله ليست في ان يكون ديننا المسيحية أو غير المسيحية، مشكلة الله ان قلب الانسان مملوء بالقساوة وهو يريد أن يخلق قلب الانسان من جديد. وهو من على الصليب يعدنا بانسانية جديدة. هو يقول لبطرس: حيث انا ذاهب ستتبعني بعد حين وهو بذلك يريد ان يقول لنا أن نؤمن بالحب وحيث ذهب المسيح باستطاعتنا الذهاب، قادرون ليس بقوتنا بل بنعمته. وإذا آمننا انه احبنا الى هذه الدرجة عندها نستطيع ان نحب ايضا. ما من احد يستطيع ان يحب الا بقدر ما هو محبوب. يقول لنا مار يوحنا في رسالته الاولى: تقوم المحبة على أننا لم نحب الله أولا بل هو أحبنا أولا. عندما نرى الحب نكتشف مدى عدم معرفتنا للحب، وعندها يصبح لدينا رجاء ونستطيع أن نحب. عندما نرى مرضنا نستطيع ان نطلب الشفاء. هناك كثر لا ينالون الشفاء لأننا لم يروا المرض. باعتقادنا اننا نعرف ان نحب ولكن أمام صليب يسوع نكتشف كم نحن معاقون. يسوع لم ينزل عن الصليب لأنه آراد كل واحد بيننا، ولم يستغن عن اي واحد منا، ولم يكن بالامكان ان يكتفي ب12 رسولا، بل كان يريد كل واحد منا ولهذا السبب تقول الرسالة الى العبرانيين: لم تنته القصة بموت يسوع وقيامته لأن هناك مكانا لنا ، نحن الآتين من بعده، مكانا حتى نشفى نحن ايضا ولكي ننضم لهذا الحب”.
وتابع: “في اليوم السادس الله خلق الانسان وفي اليوم السادس يسوع على الصليب خلقنا من جديد. ويقول للام عنا: هذا ابنك. ويقول لكل واحد منا: هذه امك ويسوع من على الصليب يخلق الكنيسة. الكنيسة هي انسانية جديدة، وماذا يميز الكنيسة عن العالم؟ نحن بشر مثل كل البشر، نوجع ونمرض ونموت ونحزن ونفرح ونبتهج ونحتفل ككل الناس ولكن اذا كان هناك من شيء جديد أراده الله في الكنيسة هو ان نؤمن بالحب. نحن نؤمن ان في هذا العالم ليس ان لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب، في هذا العالم المستقبل ليس للقوي والعنيف، والرجاء ليس لمن معه مالا وسلاحا، نحن نؤمن بالحب ونؤمن ان الحياة الجديدة والمستقبل والرجاء هو لمن يحب. رأينا اليوم بعيوننا كيف ان يسوع يخلق انسانية جديدة ونحن شهود لن نسمع هذه الاخبار ولم نر ما رأينا لكي نبكي ونتوجع فقط، سمعنا ورأينا ولمسنا حتى نشهد لكل العالم أنه لن يبقى فيه الا الحب ولم يخلق هذا العالم الا من أجل الحب”.
بعد ذلك أقيم زياح بنعش المسيح وسط التراتيل واناشيد الآلام. وفي ختام الرتبة تبارك المؤمنون من نعش المسيح.
المطران عون : ليساعد الله رئيس الجمهورية في قيادة البلاد الى شاطىء الامان
ترأس راعي ابرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون رتبة دفن المسيح في كنيسة السيدة في عمشيت، عاونه فيها عدد من الكهنة في حضور حشد من المؤمنين.
بعد الانجيل المقدس، القى عون عظة تحدث فيها عن “معنى الآلام والقيامة”، داعيا الى “الصلاة من اجل رئيس الجمهورية ليساعده الله في قيادة البلاد الى شاطىء الامان خصوصا في هذه الايام الصعبة التي نعيشها” . ودعا جميع القادة السياسيين في البلاد الى التنور بتعاليم السيد المسيح وان يعملوا جميعا لما فيه مصلحة لبنان.
وشدد على “دور المسيحيين في نشر كلمة انجيل الله التي تدعو الى المحبة والسلام والغفران والعدالة بين الناس”.
احياء رتبة دفن المسيح في قرى بشري
أحيت قرى وبلدات منطقة بشري رتبة دفن السيد المسيح في يوم الجمعة العظيمة، فأقيمت الاحتفالات والزياحات في الكنائس، وترأس المطران على الجبة مارون العمار الرتبة في كنيسة مار سابا في بشري، في حضور حشد كبير من الكهنة والمؤمنين.
وألقى العمار عظة تناول فيها مفهوم الصليب والجلجلة، داعيا الى الصلاة والمحبة، آملا خلاص الشعوب من الآلام وعيش القيامة الحقيقية.
كذلك، أقيمت رتبة دفن السيد المسيح في دير سيدة قنوبين الاثري في الوادي المقدس، وترأس الرتبة الخوري حبيب صعب في حضور حشد كبير من الراهبات المقيمات في الدير وعدد من المؤمنين.
وفي بلدة حصرون، ترأس خادم الرعية الاب انطوان جبارة والمونسنيور عبدالله السمعاني في كنيسة القديسة حنة الرعائية رتبة دفن السيد المسيح، في حضور حشد كبير من المؤمنين.