رادار نيوز – احيا حزب “الطاشناق” ـ فرع الفنار، الذكرى الاولى بعد المئة للابادة الارمنية، باحتفال اقيم على مسرح “انطوان شويري” في مدرسة “الحكمة الجديدة”، بحضور الامين العام للحزب النائب هاغوب بقرادونيان، النائب ابراهيم كنعان، الوزير السابق سليم الصايغ، رئيس فرع الفنار في الحزب اردزين دير فاتشادوريان، رئيس بلدية الجديدة – البوشرية انطوان جبارة، وعدد من مخاتير المنطقة، وفاعليات.
فاتشادوريان
بعد النشيد الوطني والنشيد الأرمني، القى فاتشادوريان كلمة أكد فيها انه “بعد مئة عام وعام على الابادة ما زال شبح الارهاب حاضرا في تركيا كطيف للعار، ذلك أن حفيد السلطان رجب طيب اردوغان متسلطن يتمادى في اظهار العصبية كلما اثيرت مسالة الابادة التي نفذها أجداده، لذلك على الارمن ان يبقوا مصرين على رفع اصواتهم والمطالبة بالحق”.
الصايغ
ثم تحدث الوزير السابق سليم الصايغ، فأكد “أن الشعب الارمني صقل من عظمة غريوغورس الذي روض الملوك، ومن جبال ارارات حيث حط نوح بسفينته خلاص الانسانية ومن كنائس واديرة، فاعطى للمسيحية الاولى طبعه، فغدت صعبة الميراث، واعطته مجد الفداء موطنا لقدس الاقداس، انها عظمة اتشميادزين التي شهدت للتاريخ وبقيت، واتى المحتلون ورحلوا”.
وأضاف: “لا اتصور المسيحية الاولى من دون ارمينيا، ولا أتخيل لبنان من دون الأرمن”.
كنعان
بعد ذلك، عزفت فرقة “غيتار” التابعة للجمعية الارمنية للثقافة والتعليم مقطعا موسيقيا، ثم تحدث كنعان، فقال: “الى من قاوموا ليبقى لهم الوطن الام، ويقاومون اليوم لتبقى لهم ناغورنو قرة باغ تحية. لو كنا من الذين يرضخون لمنطق الاستسلام والخنوع والخوف والخضوع، لما كان يفترض بنا ان نقف اليوم لنحيي ذكرى، لا بل لنقول لمن قاتلنا وقتلنا، واراد ابادتنا وتحويلنا الى مجرد ذكرى: “نحن هنا، وهنا سنبقى”. ولو ان الشعب الارمني رضخ واستسلم وقبل بالامر الواقع، وضاع في دول العالم متخليا عن قضيته وهويته، لما كنا اليوم هنا مع “حزب الطاشناق”، نروي التاريخ لنأخذ العبر، ونؤكد ان ما من حق يضيع طالما ان وراءه مطالبا، فكيف اذا كان الامر يتعلق بالقضية الارمنية المقدسة، وبالشعب الارمني الذي استمد عزيمة جبل ارارات ليرفع الصوت ويعمل من اجل تاريخه وحاضره ومستقبله”.
وأضاف: “النضال المستمر الذي يعلم كل الشعوب كيف تبقى شعلة القضايا المحقة مشتعلة، تنتقل من جيل الى جيل، من احفاد الشهداء الاوائل الى احفاد الاحياء الباقين. لذلك تحية الى حزب “الطاشناق”، والشعب الارمني بكنيسته ورسل قضيته”.
وتابع: “مصيرنا في هذه البقعة من العالم، ان نكون شهودا على التعددية والتنوع وقبول الآخر، في وجه الإرادة المستمرة بتحويلنا الى شهداء في مجتمع أحادي يرفض كل ما هو مختلف، من عثمانية الحرب العالمية الأولى، الى “داعش” واخواتها في القرن الواحد والعشرين، من ضرب الهوية والحضور، الى ضرب الدور تمهيدا”لتهجيرنا من جديد”.
وأردف: “أمام كل هؤلاء ننتفض، وامامهم نقاوم بالفكر والحضور والمبادرة، بالدفاع عن السيادة والدستور والميثاق نقاوم. وإن ظن البعض، قبل 100 عام، او 100 يوم او 100 ساعة، انه نجح او سينجح بقتل الجسد، فالأكيد انه لم ولن ينجح في قتل إرادة الروح بالبقاء والحياة والقيامة من تحت الرماد”.
وقال: “بعد مئة وعام نضم صوتنا الى كل الاصوات المطالبة للاتراك بالاعتراف بالابادة والتعويض المالي على الشعب الارمني. فليكن الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه استجابة للحق والعدالة وفضيلة لفتح صفحة جديدة، حتى لا يأتي من يكرر المأساة غدا، لان هناك من لم يحاسب بالامس”.
وتوجه إلى الأرمن، بالقول: “لستم وحدكم، فنحن معكم”، مضيفا: “لستم لوحدكم في حمل الجراح، فقد عانينا بعض ما عانيتم وقاسينا بعض ما قاسيتم، لذلك، فإن قضيتكم قضيتنا، وشهداءكم شهداؤنا، ومصيرنا واحد ومستقبلنا معا، نتعلم من المآسي لكنها لا تحبطنا”، متسائلا: “ماذا عسانا أن نستذكر أو ماذا عساهم أن يقولوا لنا شهداء تلك المرحلة ان قدر لهم أن يتكلموا؟، هل سيكتفون بالذكرى وشكرنا عليها، أم سيوجهون لنا مجموعة أسئلة من أبرزها برأيي: هل هناك عبرة؟ ماذا تعلمنا؟، وماذا تفعلون اليوم يا أحفاد الابادة؟، وما هي رؤيتكم لحماية مجتمعكم وشعوبكم من ابادة جديدة؟، وما هي امكاناتكم؟، ألا يرقى ما يحصل اليوم في المنطقة نفسها، في المناطق نفسها، في المجتمعات نفسها مع ما يسمى “بالدولة الاسلامية” وحلفائها المعلنين والمستترين، الى مستوى ابادة جديدة وكيف نواجهها؟، وهل تكون المواجهة من خلال الانقسام حتى على تشخيص المرض وإيجاد الدواء له؟، أم من خلال شجاعة التلاقي على الحق وتوحيد الرؤية والجهود لمواجهة التطرف باسم الدين الذي يجتاح منطقتنا من جديد بعد 100 عام ويهدد وجودنا وجذورنا؟، وهل نواجههه بالغاء قوتنا والاقوياء في مجتمعنا ومؤسساتنا ليس لسبب الا لممارسة سياسة التشفي والكيدية أو لعب دور الواجهة لمنح بعض أحفاد هؤلاء الغطاء لسيفهم؟، وهل نواجه بتشجيع التطرف والمتطرفين وتشجيعهم على المضي بسياستهم وأدائهم؟، وهل سنكتفي باحياء ذكرى سنوية ونطلق الشعارات ونمارس عكسها؟”.
وتابع: “لن نحيي اليوم ذكرى، انما علينا أن نستحضرها امامنا لنأخذ منها العبر وننحني امام تضحيات من سبقونا حتى تسنى لنا ان نبقى هنا بتاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا. وما لم يؤخذ منا قبل مئة عام بالدماء السايلة من السيوف، لن نسمح بأن يسلب منا بسيف السياسة والاقصاء. فقبل مئة عام قتلنا ورمدنا فدحرجنا الحجر ومنتفضين من تحت الرماد حولنا القهر الى عزيمة والموت الى قيامة. واليوم، سنستبدل العزل بالحضور القوي، والابعاد بالشراكة، والدور الهامشي بالدور المؤثر والرأي المسموع على طاولة القرار. ونحن في لبنان شهود قضية التعددية والمساواة والشراكة، ولن نكون شهود زور على تفريغ الكيان من اساساته، ونحر الجمهورية بالتلاعب بقواعدها الدستورية والميثاقية”.
وقال: “اذا سكتنا اليوم وغضينا النظر، واذا قبلنا ولم نعطل الانقلاب على العدالة والتوازن والحضور الفاعل، لن يبقى لنا غد ولن نجد من يقف تحية لذكرانا بعد مئة عام. واذا اردنا ان نكون غدا، وجب علبنا ان ننوجد اليوم”، مضيفا: “نحن نمتلك رؤية شاملة، ولدينا شجاعة المواجهة ونعمل لأمكانيات أفضل تؤمنها قراءة مشتركة ووحدة الموقف من القضية الام التي تتمثل بحق الوجود”.
وتابع: “نحن في لبنان شهود قضية التعددية والمساواة والشراكة، ولن نكون شهود زور على تفريغ الكيان من اساساته ونحر الجمهورية بالتلاعب بقواعدها الدستورية والميثاقية. نريد رئيسا قويا نختاره نحن، وقانون انتخاب لا يلغينا ويذوبنا في بحر الهيمنات السياسية والطائفية والمالية، وفق ما نص عليه الدستور من مناصفة حقيقية وشراكة فاعلة. علينا ألا ننتظر ان يمنحنا احد مواقعا لأنها حقوق كرسها الدستور، ولن يأخذها منا احد. وما لم يؤخذ منا قبل مئة عام بدماء المذابح، لن يسلب منا اليوم بسياسة العزل والتهميش والاقصاء”.
وختم: “مشوارنا ونضالنا لم ينته، ومسيرتنا لم تصل الى خاتمتها، ففي 2 حزيران 2015، حولنا مأساة التباعد بين المسيحيين إلى حدث للتلاقي. وفي 18 كانون الثاني 2016، أكدنا ان زمن العجائب لم ينته، لا بل باستطاعتنا، اذا آمنا بانفسنا اولا، وبقوة وحدتنا ثانيا، ان نحول المستحيل الى ممكن. فتعالوا معا، بوحدة مسيحية أوسع واشمل، نؤمن بقدرتنا على انتخاب الرئيس القوي والوصول الى قانون انتخاب يحقق صحة التمثيل، من اجل وحدة وطنية راسخة ومستقرة ودولة تتسع للجميع”.
بقرادونيان
ثم القى بقرادونيان كلمة “الطاشناق”، فقال: “أيام قليلة من 24 نيسان، نجتمع لنتذكر ونكرر مفردات تعودنا عليها في مواقفنا وتصاريحنا وخطاباتنا مجازر، مذابح، مشانق، مجاعة، افناء، قتل، تهجير وتشريد، ابادة. كلمات وتسميات مختلفة تدخل في صميم اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية والمعاقبة عليها الصادرة العام 1948. نجتمع لنتذكر ونحن جميعا أصحاب المصير الواحد تسميات “السوقيات” و”السفربرلك” والسيفو والابادة، وهي في الاساس الاوجه المختلفة لجرائم ضد الانسانية”.
وأضاف: “نجتمع لنتذكر ونحن اصحاب الحق وطالبي العدالة، بأن من وقف وراء هذه الجرائم، خططها ونفذها هي الدولة العثمانية وتركيا الاتحاد والترقي ومصطفى كمال اتاتورك، وان جمهورية تركيا الحديثة لا تزال تتنكر بان اسلافها ارتكبوا هذه الجرائم ضد الانسانية. كذلك نجتمع لنتذكر ونذكر العالم بان المجرم لا يزال دون عقاب يفتح شهية الاخرين لارتكاب جرائم اخرى، ولنذكر بأن الذي يقف مكتوف الايدي صامتا امام هذه الجرائم هو شريك في الجريمة ويشجع على ارتكاب جرائم اخرى”.
وتابع: “نحن احفاد شهداء الابادة، شهداء السيفو، احفاد شهداء المجاعة، نحن ابناء هذا الوطن الذي حصل على حق البقاء والازدهار بتضحيات شهدائه الابرار، نجتمع لنسأل عن الذاكرة الجماعية، ولنسأل لماذا الدولة لم تتجرأ على اعلان 24 نيسان ذكرى مليون ونصف مليون شهيد ارمني، اجدادنا نحن المواطنين اللبنانيين ، يوما للتضامن كعطلة رسمية. ولماذا تحول عيد الشهداء 6 ايار الى ذكرى شهداء الصحافة؟، ولماذا تتنكر الدولة احياء العيد بمعانيه السامية والحقيقية والتاريخية؟. اليس لنا الحق ان نفكر بان الشهداء اصبحوا سلعة في الاسواق السياسية والمسايرات المكشوفة والتسويات الملغومة ومصالح اقتصادية ومالية؟، اليس لنا الحق ان نفكر ان حتى في الشهادة هناك تفرقة وتمييز مذهبي، طائفي، سياسي؟. أهكذا نكافئ شهدائنا الابطال من 24 نيسان الى 6 ايار الى شهداء الاستقلال شهداء القوى المسلحة وكل من سقط شهيدا للدفاع عن ارض الوطن واستقلاله وسيادته؟، وماذا لنا ان نقول لعائلات الشهداء الذين سقطوا لاجل لبنان من رؤساء للجمهورية ورؤساء الحكومة ووزراء ونواب وضباط وعناصر وشباب، وهل سنقول لهم سيأتي الوقت وستأتي ظروف سياسية نحولهم من شهيد الى لوحة تذكارية على المدافن”.
وأضاف: “ان نسيان الشهداء الاوائل لا يضمن احترام الشهداء الاواخر، واننا نفتخر بلبنان كبلد التعايش والعيش الواحد، فالتعايش الحقيقي يبدء باحترام الاخر وخاصة باحترام الشهيد. التعايش الحقيقي هو احترام الجميع لشهداء الجميع. والشهيد شهيد ولا تميز بين شهيد وشهيد. وقيمة الشهادة في فكرها وفعلها ورؤيتها وليس في دين الشهيد او حزبه او وضعه المادي ومركزه الاجتماعي”.
وتابع: “أمام الشهيد تسقط كل المصالح وكل التسويات والاعتبارات السياسية والمنافع المادية، فالاستشهاد لاجل الوطن والحرية والاستقلال والسيادة والحفاظ على كرامة الانسان المواطن اسمى القيم الانسانية والمعنوية واساس بناء الاوطان وديمومة الشعوب. فقد قال الشهيد عبد الكريم الخليل وهو يودع ابناء الوطن وامام مشانق جمال السفاح: “احزنوا على انفسكم وابكوا ما سيصيبكم في المستقبل من ظلم الاتراك، عشنا لاجل الاستقلال ونموت في سبيله”. اما الشهيد عمر حمد، فقال: “اموت غير خائف ولا وجل فداء الامة العربية فليسقط الاتراك الخونة، وليحيا العرب”. كذلك يقول الشهيد عبد الغني العريسي: “بلغوا جمال ان الملتقى قريب وان ابناء الرجال الذين يقتلون اليوم سيقطعون بسيوفهم في المستقبل اعناق الاتراك جماجمنا اساس لاستقلال بلادنا”. والشهيد بترو باولي قال: “عجلوا وخلصونا من وجوهكم اللعينة!”. في هذه اللحظات ونحن نتذكر اقوال الشهداء نسأل ماذا اصابنا؟. النسيان أو فقدان الذاكرة وخسارة الضمير، وبيع النفس؟ فيما العثمانيون الاتراك على ابوابنا”.
وقال: “التاريخ يعيد نفسه وتجربة الشعوب تعيد ايضا نفسها، فالابادة مستمرة والمجرم لا يزال يعيش في النكران لا بل يستمر في اجرامه اليومي ضد الجوار العربي بتصميم مسبق بالقتل والتهجير ما تبقى من قوى مناضلة ومطالبة بحقوقها في سوريا والعراق لتصل الى مصر وتونس وليبيا واليمن”، مضيفا: “ان الفكر البانطوراني لا يزال في اساس السياسة التركية وتتريك الشعوب في تركيا وجوارها هو الحلم العثماني التركي المتجدد. ةالصمت ازاء هذه الجرائم جريمة موصوفة بحد ذاتها. فنحن لن نرضخ، ومن واجبنا ان نقاوم. هذا ما يطلبه منا الشهداء، ومن واجبنا سويا ان نرفع الصوت ونطالب الدولة ان لا تناى بالنفس بموضوع الشهداء، فنحن لا نخجل بشهدائنا، انهم ابطال قاوموا الاحتلال والاستعمار، انهم عرب وارمن وسريان وكلدان واشوريون واقباط، مسلمون ومسيحيون انهم شهداء الامس وشهداء اليوم في لبنان وفلسطين والعراق وسوريا ومصر. انهم شهداء يسقطون كل يوم رفضا للقهر والظلم والاستبداد والتكفير، انهم اجدادنا واولادنا الذين نفتخر بهم، ونخجل من انفسنا”.