الفنان التشكيلي حسن يتيم… اللون هو سيّد القماشة

الإثنين, 18 مارس 2013, 14:42
358 views

رادار نيوز – هناك من الأشخاص الذين لا تتوانى في أن تكتب عنهم، فمنذ أن التقيت به، لفت انتباهي بثقافته الموسوعية، ورؤيته الرحبة، هو بحر من بحور العلم والمعرفة ذا مخزون فكري مغلف بتواضع انساني جم وأخلاق عالية.

الفنان التشكيلي حسن يتيم، يدير الرؤوس، يسترعي البصر، ويشدّ الانتباه بلوحاته التجريدية المتألقة ببهائية لونية الذي يزيدها غنى وتشكيلاً باختلاط خطوطه والوانه، فتتآلف عناصر البعض من لوحاته بنكهة قروية، والأهل الطيبين، ويزيد الحياة المتوارية خلف الألوان نبضاً في نقاء عمل بعيد عن بريق التصنع المستهلك…

إذ إنه الفنان الذي اردنا ان نتعرف عليه بعد أن اسرتنا إبداعاته في هذا الحوار:

قال: منذ صغري وأنا مولع بالرسم. كانت رسومي الأولى يلصقها أساتذتي على اللوح لعرضها على زملائي. انتسبت إلى معهد الفنون الجميلة (الجامعة اللبنانية) بعد تأخر تسع سنوات ضاعت مني بسبب ظروف الحرب الأهلية. الجامعة صقلت مواهبي ونمّت شخصيتي، كما أظهرت قدرتي على التحدي والمواجهة، وإن شئت المشاكسة.

في تلك المرحلة، وفي أثناء احتدام الصراع مع العدو الصهيوني في الجنوب اللبناني، أقدمت على رسم لوحة مميزة، أدخلتني السجن، تاركةً بصمة فنية في سيرة حياتي النضالية.

بعد تخرجي من الجامعة عام 1985، صرت على قناعة بأن مشوراي مع الفن بات يتطلب عزماً ومثابرة دائمين، في مغامرة البحث عن أسلوب أو رؤية جمالية حتى تكون خطواتي مدروسة. تأثرت في معرضي الأول بالأسلوب التعبيري الذي رأيته السبيل إلى معالجة موضوعين أساسيين في صدد إبرازهما كخلفية سياسية ووجدانية أرّقا مخيلتي التشكيلية، هما: موضوع الحرب الأهلية وإفرازاتها، وموضوع والدتي التي كانت على شفير الموت. ذلك ما جعل معرضي الأول يتناول وجه أمي ووجوه الحرب.

عن المدارس الفنية، ذكر: كان للرسالة الجامعية، التي عالجت فيها سيرة حياة فان غوغ أثرها الكبير على نتاجاتي الأولى. تتالت معارضي الأولى التي مثلت هاجساً جمالياً في البحث عن اللون وصياغة الأشكال. فباتت لوحاتي تنحو باتجاه المساحات التجريدية.

بين طبيعة الدراسة التي أكملتها في الجامعة اللبنانية في السنوات الأخيرة- ماجستير فنون تشكيلية وبين نمط التحول الجديد المرتبط بالاتجاه نحو المفاهيم الحديثة في الفن، طرحت على نفسي تحدياً من نوع آخر، بعد أن جذبني التجريد، كما جذب العديد من الفنانين اللبنانيين، نظراً للحساسية الجمالية التي باتت تؤثر في طراز تفكيرنا وأبحاثنا. ضمن هذا المناخ اتجهت في المعرضين الأخيرين (وفي المعارض الجماعية التي كنت أشترك فيها داخل وخارج لبنان، لا سيما عبر جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت) إلى الدخول في صياغة تجريدية تعبيرية تنحو نحو التجريدية الغنائية بعيداً عن تمثيل الأشكال.

أبغي في هذا الإطار من المرواحة بين التجريد الغنائي والتجريد التعبيري إلى عملية تراكب بصري، استحضر من خلاله هواجسي ونزواتي وأحلامي. فيما مضى كانت الصورة تنطلق من الادراك البصري best online casino للمرئيات بما تمثله من شكل وأبعاد. أما اليوم أصبح اللون هو سيد القماشة بعد أن تحرر الفنان من سطوة السلطة ونزعة الارتزاق.

بموازاة ذلك، كان لي دور فعّال في عداد الهيئة الادارية لجمعية الفنانين لمدة عشرة سنوات- منذ العام 2002- وفي موقع نائب رئيس الجمعية. التي هي الأداة الأمثل لجمع شمل الفنانين وتبني مطالبهم المتنوعة داخل المشهد التشكيلي في لبنان.

لا بد أن أذكر، إلى جانب هذا النشاط الثقافي، أنني أقمت العديد من المحاضرات في تاريخ الفن، وكتبت عدداً من الأبحاث الفنية. كما صدر لي مجموعة شعرية أولى، والثانية قيد الطبع.

–  أما عن بناء اللوحة أشار بأنها تتطلب خطوات تقنية لا بد منها، توازي من حيث الصناعة بناء عمارة أو طاولة أو أي حرفة كانت. يلي ذلك الولوج في عملية الابداع التي لا تنحصر في صياغة محدودة، وذلك تبعاً للأسلوب المتبع عند الفنان. لكن الأهم والأجدى هو ما يختزنه الخيال وما تبتصره العين وما تختزنه اليد من خبرة، أي ما يشكل خميرة من خزين الوعي واللاوعي في عملية الدفق الجمالي للصياغة الفنية. قد يكون موضوع العمل مرئياً، أو قد يكون نابعاً من “حقيقة داخلية”، قد يصل إلى مسطحات لونية ليس إلا!!

– اما عن تحقيق الأهداف عرض بأن هناك ثمة دوافع مختلفة مما يبغيه الفنان. قد يكون المال والكسب المادي. وقد تكون الشهرة والمجد، وما يمكن أن يتركه الفنان من أثر خالد لحصيلته وعطائه. ولكن الأهم من كل ذلك في نظري، هو الرغبة في تحقيق الذات وكيف نغفو في الحلم. وكيف نحمي أنفسنا من قهر الواقع وقساوة الحياة ورتابتها.

1-  هل يمكن القول أن الفن التشكيلي في أزمة؟

أشار الفنان حسن يتيم بأن الفن التشكيلي في أزمة. ليس في لبنان فحسب بل في عموم هذا الشرق الملتهب وافرازاته وتجلياته. في جانب من هذه الأزمة، يتعلق بما وصل إليه المنحى الجمالي الحديث الذي تغيب عنه مستويات الوعي.

فالمعروف أن اللوحة المسندية، هي لوحة غربية وليست من تراثنا في الأصل. أي أن الفن البصري الذي تمثله اللوحة أيما تمثيل هو فن طارئ في حضارتنا. ما يخلق هوة بين المتلقي واللوحة، فكيف الحال إذا كانت اللوحة تحمل جمالية العصر الحديث. ولهذا بحث طويل يعود إلى غياب المؤسسات الحاضنة والهيئات الراعية لهذا الفن.

أما في جانب آخر من هذه الأزمة التي نتلمس بعض ظواهرها، هو ما يتعلق بإشكالية السوق والبورصة الفنية. ثمة من يستولي على هذه السوق بطرق ملتوية، لم نكن نعرفها خلال مرحلة الازدهار التي شهدها هذا الفن إبان الستينات والسبعينات من القرن الماضي. هي أزمة فن تتجلى عبر “صعود” و “هبوط”. أي في تسعيرة لفنان ناشئ أحياناً توازي أضعاف وأضعاف ما لتسعيرة فنان مخضرم على الساحة اللبنانية.

يقول ان نتاجي الفني حتى الآن حوالي مئتان وخمسون لوحة، تتوزع بين مقتنيات ومبيعات وسواها.. أنا أحضّر لمعرض فردي جديد بعد شهرين تقريباً، بعد أن أنجز دراستي النظرية في المعهد العالي للدكتوراه في الجامعة اللبنانية.

يضيف عن النقد الفني بأنه يلعب دوراً مميزاً في حياة الفنون الجميلة جميعها، من الأدب والمسرح والأغنية واللوحة.. الناقد دوره موجهاً بصفته يملك رؤية جمالية بطريقة شمولية أحياناً أكثر من الفنان نفسه، سيما أن الخلفية الثقافية للناقد التي تشتمل على معظم جوانب وأبعاد العمل الفني، وبما يحمله من غنى نظري، تجعل مراقبته للعمل الفني ومتابعته لمسيرة الفنان خير موجّه له.

وعن الإعلام يذكر ان له دور كبير أساسي في إبراز العملية الابداعية من خلال العرض والحوار والاطلالة على الرأي العام. هذا وتميز لبنان منذ نشوئه بحرية التعبير، ومن مفاعيل ذلك إنتشار وسائل الإعلام ودور النشر. مما أثرى الحركة الفنية قاطبةً. إذا شئنا يمكن القول أن الاعلام هو الرافعة الدعائية للفن. كلنا يتذكر دور الاذاعة اللبنانية في إطلاق الفن الغنائي. وكيف يلعب التلفزيون كإعلام مرئي في الاضاءة على جميع الفنون البصرية. لا يعفينا ذلك من القول عن الفراغ في الساحة التشكيلية نظراً لغياب أداة متخصصة أو دورية تغطي كل جوانب الحياة التشكيلية.

وعن الصحف الالكترونية اشار: إننا نجد اليوم في عصر التكنولوجيا والميديا سرعة التواصل الذي تؤمنه صحافة الأنترنت التي بات يتأثر بها جمهور عريض من الذواقة. وأنتم اليوم كصحيفة يومية عبر الأنترنت تلعبون هذا الدور مشكورين.

ختاماً نقول انها وقائع لمسيرة فنان تشكيلي، رموزه عديدة من ارض البشر وابداعات مقتدر متمكن، فاللوحة عنده روح تسري في الألوان، باسلوب واضح، يأخذنا في رحلة الوجدان ليدل على الطريق..

فلقد أوفى يتيم بالمطلوب في تبيان الوقائع، بسرد مشّوق ممتع، بعيد عن الاطالة وبواعث السأم…

اترك تعليقاً

إضغط هنا

Latest from Blog

أم عبدالله الشمري تتحدث عن الشهرة والعائلة والتحديات في أولى حلقات “كتير Naturel”

استضاف برنامج “كتير Naturel” في حلقته الأولى، الذي يُعرض عبر تلفزيون عراق المستقبل من إعداد وتقديم الإعلامي حسين إدريس، خبيرة التاروت أم عبدالله الشمري. وتحدثت أم عبدالله بكل صراحة عن مسيرتها، الشهرة،

رامونا يونس: العناية بالبشرة هو استثمار..

ولعدم النوم أبداً دون ازالة الماكياج! في عالم الجمال والعناية بالبشرة، برزت أسماء كثيرة، لكن قلة من استطعن الجمع بين الاحترافية والشغف الحقيقي بما يقدمنه. من بين هؤلاء، السيدة رامونا يونس، الناشطة

زخم الرئاسة الاولى وتحقيق الاستقرار المالي والنقدي – بقلم العميد الدكتور غازي محمود

يعيش لبنان منذ انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية عرساً حقيقياً، ويشهد زحمة مهنئين شملت كل من الرئيسين الفرنسي والقبرصي بالإضافة الى امين عام الأمم المتحدة، وكل من وزير خارجية الأردن ووزيرة
Go toTop