رادار نيوز – عقد رئيس اللجنة الأسقفية “عدالة وسلام” المطران شكرالله نبيل الحاج، مؤتمرا صحافيا قبل ظهر اليوم، بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام في المركز الكاثوليكي للاعلام، قدم خلاله رسالة قداسة البابا فرنسيس لليوم العالمي الخمسين للسلام تحت عنوان “اللاعنف: أسلوب سياسة من أجل السلام” والذي يحتفل به في الأول من كانون الثاني 2017، ويرأس الاحتفال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، العاشرة والنصف صباحا، في الصرح البطريركي – بكري.
شارك في المؤتمر مدير المركز الكاثوليكي للاعلام الخوري عبده أبو كسم، المنسق العام في لجنة “عدالة وسلام” الدكتور فادي جرجس والمسؤولة الإعلامية في اللجنة سوزي الحاج، وحضره أمينة سر اللجنة المحامية منى فرحات وأمين عام جمعية الكتاب المقدس الدكتور مايك باسوس.
أبو كسم
بداية، رحب أبو كسم بالحضور باسم رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران بولس مطر وقال: “ما أحوجنا اليوم إلى هذا الصوت النبوي، صوت البابا فرنسيس ينادينا إلى السير في طريق السلام إنطلاقا من مفهوم اللاعنف وبمعنى آخر مفهوم التسامي فوق كل أشكال الحقد والحرب والثأر والقتل، والإندماج في المحبة الشجاعة المستمدة من مشهدية الجلجلة حيث علق يسوع مسمرا على الصليب وهو يردد: إغفر لهم يا أبتاه”.
أضاف: “اللاعنف ينطلق من المحبة والمسامحة والمغفرة، عندها يصبح هذا المنطق طريقا إلى السلام، السلام الذي يضمن الحرية والعدالة للجميع فتزهر في المجتمعات المحبة التي هي ركيزة أساسية من ركائز السلام بين الشعوب. ما أحوجنا اليوم إلى نشر ثقافة السلام في مجتمعنا الداخلي أولا في لبنان، السلام الحقيقي في النفوس وليس السلام المزيف بأشكال التملق والوصولية، نحن بحاجة لأن نبني مداميك السلام في عائلاتنا، في مدارسنا، في جامعاتنا، في رعايانا، ومع كل الناس، عندها نضحي رسل سلام كما أرادنا الله”.
وتابع: “أما عن السلام في شرقنا المجروح، نحن مدعوون اليوم وأكثر من أي وقت مضى لأن نصلي من أجل إحلال السلام في سوريا والعراق وفلسطين، هناك إخوة لنا مشردون، نازحون عن قراهم وبيوتهم، يعيشون في قلق دائم، حول مصيرهم ومستقبلهم. مدعوون لأن نصلي من أجل الأطفال الذين تشردت أحلامهم، وباتت صور الدمار والدماء مطبوعة في أذهانهم، نصلي اليوم من أجل أطفال حلب والعراق وفلسطين كي ينعموا عاجلا بالسلام وينسوا قهرهم وأحزانهم”.
وأردف: “في الواقع، العالم كله يعيش في قلق دائم، فالإرهاب يضرب في كل مكان، يتنقل من دولة إلى أخرى، والسبب الوحيد، هو إنتشار ثقافة العنف والقتل تحت عناوين مختلفة”.
وختم: “نشكر قداسة البابا فرنسيس، على دعوته لنا هذه السنة، لكي نحتفل باليوم العالمي الخمسين للسلام تحت عنوان “اللاعنف: أسلوب سياسة من أجل السلام”، آملين أن تلقى هذه الدعوة آذانا صاغية لدى كل المسؤولين السياسيين في كل أنحاء العالم، سائلين طفل المغارة، أمير السلام، أن يبسط سلامه على الأرض فننعم بالحرية والسلام والمحبة”.
الحاج
ثم قدم الحاج رسالة البابا فرنسيس، فقال: “يتميز اليوم العالمي للسلام في هذا العام بمناسبتين تاريخيتين، الاولى الذكرى الخمسون لاطلاق البابا الطوباوي بولس السادس اليوم العالمي للسلام الذي احتفل به للمرة الاولى في العام 1968. والثانية الذكرى المئة والخمسة وعشرون للرسالة الباباوية “الشؤون الحديثة” للبابا لاوون الثالث عشر”.
أضاف: “في رسالته الخاصة باليوم العالمي للسلام للعام 2017، اختار البابا فرنسيس العنوان التالي “اللاعنف: أسلوب سياسة من أجل السلام”. استهلها بأمنيات السلام الصادقة لشعوب العالم ولكل رجل وامرأة وطفل وطفلة، مشددا على ضرورة “أن نعترف ببعضنا البعض كعطايا مقدسة لها كرامة كبيرة”، وداعيا الى احترام هذه “الكرامة العميقة” لا سيما في أوضاع النزاع والى اعتماد “اللاعنف الفعال كأسلوب لحياتنا”.
وتابع: “ذكر البابا فرنسيس باليوم الأول للسلام العالمي الذي توجه فيه الطوباوي البابا بولس السادس إلى جميع الشعوب وليس إلى الكاثوليك فقط بكلمات واضحة “لقد ظهر بوضوح أخيرا أن السلام هو الخط الوحيد والحقيقي للترقي البشري”. كما استشهد بالرسالة العامة الشهيرة “السلام في الأرض” Pacem in Terris لسلفه القديس يوحنا الثالث والعشرين التي نادت “بمحبة السلام ومعناه المؤسس على الحقيقة والعدالة والحرية والمحبة”.
وأردف: “عبر البابا فرنسيس كذلك عن رغبته بالتوقف عند اللاعنف كأسلوب لسياسة سلام، طالبا أن تقودنا المحبة واللاعنف في طريقة تعاملنا بعضنا مع بعض في العلاقات الشخصية والاجتماعية والدولية. وميز دور ضحايا العنف الذين بإمكانهم أن يصبحوا روادا حقيقيين لبناء السلام، ان كانت لهم الجرأة في مقاومة تجربة الانتقام. وأكد قائلا “فليصبح اللاعنف، الأسلوب الذي يميز قراراتنا وعلاقاتنا وأعمالنا واسلوب السياسة في جميع أشكالها”.
وقال: “من منا لا يذكر عبارة البابا القوية “أننا نعيش اليوم في قبضة حرب عالمية رهيبة مجزأة”. لكنه يعود ليؤكد البشرى السارة أن يسوع الذي عاش أيضا في أوقات عنف علمنا أن حقل المعركة الحقيقي، حيث يتواجه العنف والسلام، هو القلب البشري. “لقد بشر المسيح بلا كلل بالمحبة غير المشروطة لله الذي يقبل ويسامح وعلم تلاميذه محبة الأعداء”.
أضاف: “لقد رسم يسوع درب اللاعنف الذي سلكه حتى النهاية، حتى الصليب، ومن خلال هذا الدرب حقق السلام ودمر العداوة. لذلك، فالذي يقبل بشرى يسوع السارة، يعرف العنف الذي يحمله في داخله ويسمح لرحمة الله بأن تشفيه فيصبح هكذا بدوره أداة مصالحة. لا بل أن محبة العدو تشكل نواة “الثورة المسيحية” فهي لا تقوم على “الاستسلام للشر… وإنما على الإجابة على الشر بالخير فنكسر بهذا الشكل سلسلة الظلم”.
وتابع: “أعطى البابا فرنسيس مثال القديسة الأم تريزا التي وصفها كرمز لفاعلي السلام وأيقونة لعصرنا. “لقد انحنت على الأشخاص المتعبين الذين تركوا ليموتوا على جانب الطريق، وإذ اعترفت بالكرامة التي أعطاهم الله إياهم جعلت مقتدري الأرض يسمعون صوتها لكي يعترفوا بذنوبهم إزاء جرائم -إزاء الجرائم!- الفقر الذي خلقوه بأنفسهم”. ومن خلال الام تريزا وغيرها من النساء حرص البابا فرنسيس على ابراز دور المرأة الرائدة في حقل اللاعنف”.
وأردف: “كما ذكر قداسته برسالة البابا القديس يوحنا بولس الثاني في الذكرى المئوية الاولى للرسالة العامة Novarum Rerum الشؤون الحديثة الذي قال فيها إن التغيير التاريخي في حياة الشعوب لا يتحقق إلا “من خلال كفاح سلمي يستعمل فقط أسلحة الحقيقة والعدالة”. وأضاف أن هذا الالتزام لصالح ضحايا الظلم والعنف ليس إرثا خاصا بالكنيسة الكاثوليكية وإنما هو من ميزة العديد من التقاليد الدينية حيث “الشفقة واللاعنف أساسيان ويشيران إلى درب الحياة” مؤكدا بقوة “ما من دين إرهابي”. “العنف هو تدنيس لاسم الله. لا نتعبن أبدا من تكراره “لا يمكن لاسم الله أن يبرر العنف أبدا. وحده السلام مقدس. وحده السلام مقدس وليس الحرب!”.
وقال: “إذا كان المصدر الذي ينبع العنف منه هو قلب البشر، يقول البابا، فمن الجوهري إذا أن نسير في سبيل اللاعنف أولا داخل العائلة” حيث ينبغي تخطي التوترات أو حتى النزاعات لا بواسطة القوة وإنما بواسطة الحوار والاحترام والبحث عن خير الآخر والرحمة والمغفرة وأن يتواصل أفراد العائلة ويعتنوا بعضهم ببعض بشكل مجاني “إذ ان فرح الحب ينتشر من داخل العائلة إلى العالم ويشع في المجتمع بأسره”.
أضاف: “اللافت في هذه الرسالة النداء الصارخ الذي وجهه البابا مطالبا فيه بضرورة نزع الأسلحة وإلغاء الأسلحة النووية. كما طلب بإلحاح أن يتوقف العنف المنزلي والانتهاكات على النساء والأطفال. وبعدها “ذكر البابا فرنسيس بيوبيل الرحمة “التي جعلنا ندرك مدى كثرة ضحايا اللامبالاة والظلم والعنف”. وأعطى مثال القديسة تريزيا الطفل يسوع التي تدعونا أن نسير على درب المحبة الصغيرة لئلا نفوت فرصة كلمة لطيفة أو ابتسامة أو مطلق أي تصرف صغير يزرع السلام والصداقة”.
وتابع: “لم يتردد البابا فرنسيس في رسالته بدعوتنا الى اتباع استراتيجية يسوع “لبناء السلام من خلال اللاعنف الفاعل والمبدع”، في ما نعرفه في عظة الجبل، بالتطويبات الثمانية: طوبى للودعاء يقول يسوع وللرحماء وصانعي السلام وأنقياء القلوب والجائعين والعطاش إلى البر. هذا هو أيضا برنامج وتحد للقادة السياسيين والدينيين ومسؤولي المؤسسات الدولية ومدراء الشركات ووسائل الإعلام في العالم كله، تطبيق التطويبات في الأسلوب الذي يمارسون فيه مسؤولياتهم. تحد لبناء المجتمع والجماعة أو الشركة المسؤولين عنها بواسطة أسلوب صانعي السلام، وإعطاء علامة للرحمة من خلال رفض إقصاء الأشخاص والإساءة للبيئة والرغبة بالربح مهما كلف الأمر”.
وختم: “إن اللاعنف الفاعل قد أثبت أن الوحدة هي أقوى وأخصب من النزاع حقا. فكل شيء في العالم مترابط بشكل حميم. وإن تحرير العالم من العنف هو أول خطوة نحو العدالة والسلام. وفي الختام “أنهى البابا رسالته ضارعا الى سيدتنا العذراء مريم، ملكة السلام أن تقودنا في التزامنا خلال العام 2017 بالصلاة والعمل حتى نصبح أشخاصا أزالوا العنف من قلوبهم وكلماتهم وتصرفاتهم. فلنبن معا جماعات غير عنيفة تعتني بالبيت المشترك. يمكننا جميعا أن نكون صانعي سلام”.
جريس
وفي الختام، دعا جرجس المؤمنين الى المشاركة في 1 كانون الثاني المقبل في الإحتفال باليوبيل الخمسين ليوم السلام العالمي بالقداس الإلهي التي تقيمه اللجنة الأسقفية “عدالة وسلام”، والذي سيترأسه البطريرك الماروني في الصرح البطريركي في بكركي، عند العاشرة والنصف صباحا، ويشارك فيه الرسميون والقياديون الروحيون والسياسيون، وسيتم في نهاية الإحتفال تكريم بعض الشخصيات التي تهتم بحقوق الإنسان.
وأوضح أنه “ستوزع رزنامة العام 2017 وهي تقدمة جمعية الكتاب المقدس بالإشتراك مع المركز الكاثوليكي للاعلام وهي تحمل عنوان يوم السلام العالمي المذكور”.