رادار نيوز – عماد جانبيه:
مهمة صعبة، التعريف بكتاب وبمؤلفه، والغوص في متنه وفي أفكار ومواقف واجتهادات صاحبه. كتب اختارها لأكتبها بقلمي ولغتي، والكثير منها يستحق النقاش. أعرّف بها القارىء على الهدف الذي يبتغيه الكاتب من اصدار كتابه.
لفتني قطعة معنونة إلام؟ وكفى!! من كتاب “فلسفة أنثى” للكاتبة ميرنا خليل وارديني، الصادر حديثاً عن دار الفارابي تصفحته من أوله الى آخره، رغم ان قراءتي له كانت سريعة وعامة، ومناسبة بالتزامن مع عيد الاستقلال، فهو يستحق الاهتمام من قبل القراء.
تقول وارديني: منذ عام الاستقلال ونحن دون أي تقدم، وتطوير نظام عصري، سوى أنه يزداد الفقير فقراً، ويزداد الغني غنى، ويبقى (ابن الست، وابن الجارية ابن جارية)، لا بل أكثر من ذلك، فينادون بالديموقراطية والقانون والعدل والحق، وهم بعيدون عن كل هذا، بعد الأرض عن جو السماء.
فلدينا مجموعة من السياسيين ورثوا عن الأسبقين (التركة) التي لم تتغير ولن تتغير مادام الشعب يئن تحت السوط ولا يصرخ فينقبض على جلاديه.
فيتاجرون بالدماء والشهداء ويتقاسمون المغانم، ويتاجرون بأوجاع الناس، ويخونون (سيدنا المسيح عليه السلام، وسيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم) والوطن، ولا رقيب ولا حسيب.
فانظروا أيها اللبنانيون!! انتم الآن مقسّمون إلى اتباع وشيع، وعلى رؤوسكم يبقى عبّادو المال والسلطة، يبنون القصور في الجبل والساحل، وينسون القبور التي مأواهم الأخير والدائم.
فمن عشرات السنين ونحن على هذا المنوال، فلا اللبناني المسيحي يطبق تعاليم دينه، ولا المسلم، ولا اللبناني الذي اقسم يمين الولاء لوطنه يقوم بواجبه، فيقتل الأبرياء من دون اي سبب، وعندما يموت احد الزعماء تقوم الدنيا ولا تقعد.
تقول ايضاً، فلما هذا التمييز العنصري حتى في الأموات؟ السنا بشراً متساوين في الحقوق والواجبات؟ فكفى يا تجار الدماء وكفى جنون عظمة! وكفى استعباد البشر وخيانة الوطن! أفلم يكفيكم ما جمعتم من ثروات على حساب وحقوق المواطنين؟ فوالله حتى الآن لا اعلم ما تعبدون، اذا كان الله فخافوه! وان كنتم تعبدون المال فقد أعلن الشعب اللبناني افلاسه! لأنكم لم تبقوا معه شيئاً.فماذا تريدون وضحوا لنا؟ فيا ايها السياسيون يا تجار الدماء! قد شربتم دمائنا وأكلتم لحمنا، فلم يبقى سوى العظام. وانتهت هذه القطعة بقول لشاعر.
ان بيت القصيد بأفكار مؤلفته فاجأني، بحماسها في رفع الصوت، الذي هو في تصوري بمثابة أمل في تغيير المصير وانبلاج فجر جديد، في كسر حواجز الخوف، والتحرر لاسترداد المكانة ومرجعية المساءلة من قبل الشعب باعتباره مصدر السلطات لاسترداد الكيان والحق في الوجود.
قطعة من كتاب تمثّل أداة للوعي، وتهدف الى تحرير الانسان، والتقدم باتجاه دولة الشعب على انقاض دولة السلطة، فدعت في حماستها، وفلسفتها الدفاع عن لغة المواطن الذي يفتقد الى دولة الحق والقانون والمواطنة والعدالة الاجتماعية.
فالحكاية في كل وقائعها، وكما هي بعض الاستنتاجات التي قادتنا اليها هذه القراءة. أن الذين يتحدثون عن قيم معينة هم أنفسهم أول من غيّبها وداسها بأقدام مصالحهم وذاتيتهم…
يتبللون عرقاً وهم ينادون بالديموقراطية… وأين هي في الممارسة والتطبيق لدى شعبهم، واين هي على مستوى المؤسسات؟… وكم نحن في حاجة الى تفكير صادق يعيدنا الى ذاتية الانتماء الوطني.
وكم تضحكنا حالهم عندما يقدمون أنفسهم قمة في الاصلاح وهم في قمم الطغيان… وعندما يتلاقون وبعد العناق الحار، تبدأ المعاني والقيم تخجل من وطأة أقوالهم ومن أثقال العبارات التي يفتقدها الضمير البشري…