“بيت الاستقلال” في بشامون ينضم الى لائحتي الأبنية التاريخية والمواقع السياحية في لبنان

السبت, 22 نوفمبر 2014, 0:26

رادار نيوز – أدرجت وزارة السياحة اللبنانية، في بلدة بشامون، ما يعرف بـ “بيت الاستقلال” (بسبب احتضانه شخصيات من زعماء الاستقلال وانضمام عدد من الثوار اليهم لحمايتهم في مواجهة جنود الانتداب الفرنسي) على لائحة المواقع السياحية في لبنان، وطلبت من بلدية بشامون إجراء بعض أعمال التأهيل في محيطه، للمساعدة على إبراز معالمه وتسهيل وصول السياح اليه.

وجاءت هذه الخطوة، بعدما قامت وزارة الثقافة (المديرية العامة للآثار) بالكشف على المنزل المذكور، العائدة ملكيته الى ورثة حسين الحلبي، وقررت ضمه الى لائحة الأبنية التاريخية، بهدف حمايته وحماية الذاكرة الوطنية من الضياع.

«بيت الإستقلال»، منزل جبلي قديم يقع على تلة من تلال بلدة بشامون المشرفة على بيروت. وهذا البيت، الوادع في أحضان الطبيعة، شهد إطلاق «البلاغ رقم 1» الذي أصدرته الحكومة اللبنانية الموقتة في 17/11/1943 معلنة الشروع بمقاومة «القوّات الفرنسية».

هذا البيت التاريخي، ما زال موجوداً حتى يومنا هذا، بكافة أثاثاته ولوحاته وحتى… «سلاحه».

منزل آل الحلبي، الذي شيّد عام 1890، مبني من الحجارة المعقودة التي انتشرت خلال القرن الماضي بكثرة في القرى اللبنانية، خصوصاً في جبل لبنـان. وهو مؤلف من ثلاث غـرف مفتوحة على «سطيحة» واسعة تظللها سنديانة كبيرة عمرها 160 عاماً، وكان يتفيأ ظلالها القادمون لمناصرة رجالات الحكم الوطني.

وينقل جهاد الحلبي حفيد الشيخ حسين الحلبي، عن والده، ان البيت كان بكامله تحت تصرّف أعضاء الحكومة الموقتة، وكان يضم الاجتماعات الهامة التي رسمت تاريخ لبنان في مرحلة الاستقلال، حتى أن هنالك غرفة يطلق عليها حتى اليوم اسم «السراي» نظراً الى أهمية الاجتماعات الرسمية التي كانت تعقد فيها، كما انعقد فيها مجلس النواب (بمن حضر) مرتين.

وفيما كانت الوفود الشعبية تؤم المنزل من المناطق اللبنانية بما يشبه التظاهرة الوطنية، كان الشباب من كافة الأحزاب والطوائف يتولون الحراسة مداورة في ما بينهم، وتعمل النسوة على إعداد الطعام و«المونة» وإرساله الى مقر «الحكومة الموقتة».

وكان والد جهاد الحلبي يخبره كيف كان يتحمّس لصبّ القهوة العربية باعتزاز لرجالات الحكم وللوفود الزائرة، بينما تعقد حلقات الدبكة وتعلو الزغاريد وتلقى القصائد المعبّرة عن الوحدة الوطنية.

وفي 15 و16 تشرين الثاني (نوفمبر) حاولت وحدات من الجيش الفرنسي اقتحام بشامون بعدما طوّقت منطقة عاليه والشوف، إلا أنها اصطدمت بفرق الأنصار. ودارت معارك دامية على الطرقات المؤدية من الساحل إلى الجبل، استخدم فيها الأنصار أسلحتهم الفردية وبعض القنابل اليدوية في وجه الدبابات، فسقط عدد من الجرحى وقضى الثائر سعيد فخر الدين شهيداً.

ذكريات

“العمّ فهيم الحلبي”، واحد من الذين يتذكرون تلك الحقبة جيدًا..

كان عمره 16 عاما في 1943، يتذكر أنّ والده شكيب كان واحدا من الوفد الذي شكّله رجال بشامون والقرى المجاورة في بداية تشرين الثاني (نوفمبر) 1943 وتوجه إلى منزل الأمير مجيد إرسلان، بعد وصول أخبار العصيان والإضطرابات في بيروت. وأرسلان كان قائد الحرس الوطني ووزير الداخلية والدفاع، وزعيم الدروز في الجبل.

يومها وصل الوفد إلى منزل الأمير فلم يجده. قيل للرجال إنّه في قصر الجمهورية، فتوجهوا إلى هناك، حيث التقوا الأمير على درج القصر، وقالوا له إنّهم جاءوا إليه عزّلا من دون أسلحتهم: “وقال له والدي: هل تريدنا أن نعود ونأتي بأسلحتنا أم تتفضل حضرتك مع رفاقك إلى بشامون وبيوتنا مفتوحة لكم؟ فأجاب المير: مننطر ومنشوف”.

عاد الوفد إلى بشامون: “وما هي إلا ساعات حتى وصل المير إلى القرية وكان معه صبري بك حمادة وحبيب ابو شهلا وسليم تقلا ونعيم المغبغب وخليل الطرابلسي ومدير وزارة الدفاع منير تقي الدين وخليل تقي الدين وآخرون لا أتذكر أسماءهم كلهم”.

حلّ الوفد ضيفًا على منزل شقيق شكيب، أي عم فهيم، حسين الحلبي، المنزل الذي يسمّى اليوم “بيت الإستقلال”. وكان “رجال الإستقلال” ينامون ويأكلون في المنزل، لأنّه كان المنزل الأكبر في القرية، وكان مالكه حسين مغتربا ومقتدرا وكريما.

يتذكر فهيم أنّ الرجال كانوا يوكلون إلى المراهقين والأطفال، وهو منهم، مهمة توزيع الطعام والشراب على أكثر من 600 مقاتل تنادوا من القرى المجاورة للدفاع عن المير وضيوفه.

كان السلاح فرديا، لكن بعد فترة “وصل السلاح الألماني إلى المير، فوزّعه على المقاتلين وعلى من كانوا يحرسون بلا سلاح، لكن الذخيرة كانت شحيحة، فكان المير يأمر بإطلاق 500 رصاصة من مكان والتوجه إلى نقطة تبعد 500 متر لإطلاق 500 رصاصة أخرى، وهكذا دواليك ليظنّ الفرنسيون أنهم أمام جبهة كبيرة”.

سامي الحلبي، ابن عم فهيم، لكنّه أكبر منه…

كان عمره 18 عاما في 1943، وكان مقاتلا وليس مراهقا، مهمته حراسة القرية وحراسة الإستقلال: “حين اعتقلوا الشيخ بشارة الخوري وكميل شمعون ورياض الصلح ورفاقهم، توجه وفد إلى المير مجيد وطلب منه الحلول ضيفا في بشامون، وتبين أن المنزل الأكثر أمانا، لأنّه الأعلى في الضيعة، منزل عمي حسين، وحين سمع أبناء القرى المجاورة بأنّ المير ضيف لدينا أتوا من قراهم بأسلحتهم، وبعضهم ممن لا يملكون أسلحة جاءوا ببلطات وعصي وما تيسّر”.

ويتذكر سامي أنه كان “من الحرس” وأن المير مجيد “كان يتفقدنا كل ليلة وكنا نغني له: شو همّ الشيخ بشارة من الإمارة، حدّو مير الإمارة مجيد إرسلان”. وإذ نسأله إذا ما أطلق النار على الفرنسيين بشكل مباشر، يجيب بحدّة تليق بسنواته الكثيرة: “طبعا قوّست على الفرنساويّة كان معي بارودة عثمليّة”.

آخر ما يذكره أنّه في 22 تشرين الثاني (نوفمبر) “نهار الاستقلال، نزلنا إلى بيروت مع المير مجيد ورفاقه وأقمنا تجمعا كبيرا في ساحة البرج (ساحة الشهداء اليوم) ورحنا نغني: لو ما حصارك يا بشامون ما أخدنا الاستقلال”.

أنيس الحلبي، أكبر المعمّرين في بشامون، هو ابن عمّ فهيم وسامي، وعمره كان يزيد عن عشرين عاما في 1943، لكنّه كان قد هاجر إلى غانا في أفريقيا قبل شهرين من الإستقلال: “وسمعنا أخبار العصيان والإستقلال من خلال الراديو، لم يكن هناك تلفزيون، ووصلتنا الصحف بعد فترة طويلة”.

رغم ذلك يتذكر أنيس أنّ “توقيع المعاهدة بين الفرنسيين والحكومة اللبنانية تمّ في هذا البيت، بيت والدي وبيتي من بعده، وعلى البيت المواجه (يشير بسبابته إلى الغرب) رفع أول علم لبناني، على بيت عمي حسين أسعد الحلبي”.

في “بيت الإستقلال”، بيت حسين أسعد الحلبي، تعيش حفيدته مي ، وهي متزوجة من وهيب طربيه، تقول: “هنا على هذه السجادة نام رجال الإستقلال، هنا شربوا، هنا أكلوا، هذه صورهم…”.

وعن العلم اللبناني الأول، تقول إنه “اهترأ، لكنّه محفوظ”، ولكن أين هو”محفوظ”؟ تجيب: “في كندا”، ولماذا في كندا؟: “لأنّ والدتي أخذته معها حين سافرت”، ولماذا سافرت والدتك؟: “لتعيش مع إخوتي، كلهم هناك”.

معركة الاستقلال

معركة الاستقلال في لبنان، وإن هي بدأت في 11 تشرين الثاني (نوفمبر) عندما أفاق اللبنانيون على نبأ اعتقال السلطات الفرنسية خلال الليل كلا من رئيس الجمهورية المنتخب حديثاً (في 21 ايلول / سبتمبر) بشارة الخوري، رئيس الحكومة رياض الصلح، والوزراء كميل شمعون، عادل عسيران، سليم تقلا، ونائب طرابلس عبد الحميد كرامي، وسوقهم مكبلين الى مكان مجهول في حراسة عسكرية فرنسية مشدّدة (تبيّن لاحقاً انه قلعة راشيا الوادي)، الا ان الانطلاقة الحقيقية كانت في 8 تشرين الثاني عندما انعقد مجلس النواب بصورة عاجلة للنظر في تعديل الدستور الموضوع عام 1926، والاقتراع على مشروع اعده مجلس الوزراء قبل ثلاثة ايام، مضمونه إلغاء جميع المواد المتعلّقة بالانتداب الفرنسي وصلاحيات المفوض السامي وكل ما يتصل به، وجعل اللغة العربية وحدها لغة لبنان الرسمية.

جاء ذلك تنفيذاً لما كان قد ورد في البيان الوزاري الذي نالت الحكومة على اساسه الثقة في 26 ايلول.

تلك الجلسة انتهت بالموافقة على تعديل الدستور وإعلان الاستقلال اللبناني واستعادة السيادة الوطنية…

في الساعة الثامنة من صباح يوم الخميس 11 تشرين الثاني (نوفمبر) وجّه رئيس مجلس النواب صبري حمادة دعوة الى اعضاء المجلس لعقد جلسة مستعجلة، الا ان الجنود الفرنسيين كانوا طوّقوا مبنى البرلمان لمنع النواب من الاجتماع. مع ذلك استطاع عدد من النواب، رغم الحصار العسكري والتظاهرات التي كانت اندلعت في بيروت، ثم في باقي المدن اللبنانية، الدخول الى المبنى، وبلغ عددهم سبعة بمن فيهم رئيس المجلس، وهم: سعدي المنلا، هنري فرعون، صائب سلام، رشيد بيضون، محمد الفضل ومارون كنعان.

اتخذ النواب الحاضرون، بعد مشاورات هاتفية مع النواب الذين تعذر عليهم الوصول، قراراً يؤكد المواقف السابقة في تعديل الدستور واعتبار الانتداب الفرنسي لاغياً، كما رفعوا مذكرة شديدة اللهجة وقّعها النواب الحاضرون، وخليل تقي الدين (امين السر العام لمجلس النواب) وعمدوا الى تأمين ارسالها الى حكومات الولايات المتحدة، بريطانيا، وروسيا، كما الى ملوك ورؤساء وحكومات البلاد العربية.

من أبرز ما تقرّر في هذا الاجتماع تغيير العلم اللبناني الذي كان قائماً في ظل الانتداب، وهو العلم الفرنسي (أزرق – أبيض – احمر، مع أرزة في الوسط)، وجرى الاتفاق على علم جديد هو المعروف والمعتمد حالياً، وقد تمّ رسم العلم الجديد على ورقة نزعت من دفتر ووقع عليها النواب الحاضرون.

و بينما كان المجلس منعقداً، بنوابه السبعة، اقتحمت قوة فرنسية على رأسها ضابط برتبة نقيب، وهو شاهر سلاحه قاعة الاجتماع وطلب الى الرئيس والنواب مغادرة القاعة، ومبنى البرلمان، والا يجرى اخراجهم بالقوة.

توجّه النواب وسط بحر صاخب من اللبنانيين المتظاهرين الى منزل رئيس الجمهورية بشارة خوري في منطقة القنطاري (المعتقل في راشيا) وكان نواب آخرون قد توجهوا الى هناك، فبلغ عدد النواب 17 نائباً، الا ان اطلاق الجنود الفرنسيين النار على القصر الجمهوري جعلهم يتلاقون في اليوم التالي، 12 تشرين الثاني (نوفمبر) في منزل النائب صائب سلام، حيث قرّروا ما يلي:

– اعتبار الدستور قائماً.

– منح الثقة للحكومة المؤقتة التي كانت تواجدت في بشامون، والمؤلفة من الوزيرين الباقيين خارج الاعتقال: الامير مجيد ارسلان وحبيب ابو شهلا.

– اعتبار الحكومة التي يرأسها اميل اده باطلة وكل قرار او قانون او مرسوم او تدبير تتخذه باطلاً لا يعتد به.

– تفويض الحكومة تفويضاً تاماً مطلقاً باتخاذ جميع التدابير، والقيام بجميع المساعي والمخابرات في سبيل عودة الحياة الدستورية والافراج عن المعتقلين.

هذا على صعيد مجلس النواب، أما بالنسبة الى الحكومة الموقتة التي انضم اليها رئيس مجلس النواب صبري حماده، فكانت اتخذت من منزل المواطن حسين الحلبي في بشامون مقراً لها، وراحت تشهد، كما بشامون والمنطقة المحيطة، تدفق مئات المتطوعين من كل انحاء لبنان اتوا ليذودوا عن رجال الاستقلال، والدفاع عن بشامون فيما لو هاجمتها القوات الفرنسية.

ويذكر الاديب المؤرخ نواف حردان في كتابه «على دروب النهضة»، ان في طليعة المناضلين الذين اسرعوا الى بشامون، كان كامل ابو كامل واديب البعيني و سعيد فخر الدين. ويضيف: الى جانب السنديانة الشاهقة التي ما تزال قائمة حتى اليوم، شرقي الطريق، وقف (فخر الدين) وراء متراسه. صباح الخامس عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) تقدمت مصفحات الجيش الفرنسي بجنودها السنغاليين من ناحية سوق الغرب – عيتات. فتصدى لها الحرس الوطني… وكانت عناصره أقامت الحواجز على الطريق وسدت مدخل بشامون بالحجارة الضخمة والصخور.

ثلاث هجمات قامت بها القوة الفرنسية، الهجوم الثالث جرى صباح الثلاثاء 16 تشرين الثاني (نوفمبر)، ويومها تقدمت المصفحات كثيراً. اديب البعيني راح يقذف المصفحات بطلقات سريعة من الرشاش الثقيل الذي كان يحمله على كتفه (وهو سلاح يقتضي وضعه على الأرض نظراً لثقله) ويقفز من مكان إلى آخر، دائم الحركة والنشاط.

جنديان حاولا رفع الحجارة فيما المصفحة التي تقدمت تطلق النار لتحمي عمل الجنديين، فقابلها رجال الحرس بالمثل وأردوا الجنديين فوراً، ثم راحوا يطلقون النار على المصفحة المتقدمة والمصفحتين المتأخرتين، إنما دون جدوى. عند ذلك خرج سعيد فخر الدين، بعدما كان اطلق من بارودته الرصاص من وراء متراسه، ليقذف المصفحة المتقدمة بقنبلة يدوية. الا ان رصاص المعتدين كان اسرع من اندفاعه وجأشه، فلقد انهال عليه من رشاش ضابط فرنسي كان يحاول الالتفاف من الخلف. «لقد رأيته بأم عيني، يقول منير تقي الدين في كتابه «ولادة استقلال»، يخاطر بنفسه ويقوم بأعمال يعجز اللسان عن وصفها».

اخيرا، ادى الغليان الشعبي والضغوط التي مارستها بريطانيا بشخص الجنرال سبيرز الى جعل فرنسا تتراجع وتفرج عن رجالات الدولة المعتقلين في راشيا بتاريخ 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 1943، وهو التاريخ الذي ثبت يوما وعيدا للاستقلال.

… للتاريخ

* يقول منير تقي الدين، الذي اختارته الحكومة الموقتة في بشامون مسؤولا مشرفا على «الحرس الوطني»، في كتابه «ولادة استقلال»: «فلما اعترضت الصخور طريق المصفحة الأولى ترجل منها جنديان راحا يحاولان رفع الحجارة عن الطريق، بينما اخذت المصفحة تطلق النار ذات اليمين وذات اليسار، لتحمي نزول الجنديين فقابلها الحرس بالمثل، فصرع الجنديان حالا، وأخذ الرصاص يتساقط على المصفحة المتقدمة والمصفحتين المتأخرتين، فلا يعمل فيها شيئاً. عند ذلك خرج من وراء المتاريس قفز الى الطريق وقذف المصفحة بقنبلة يدوية، فانهال عليه رشاش من الرصاص مزقه تمزيقا. انه سعيد فخر الدين من عين عنوب وقد رأيته بأم العين يخاطر بنفسه ويقوم بأعمال يعجز اللسان عن وصفها».

* نص البلاغ رقم 1، الذي صدر عن وزير الدفاع الوطني الامير مجيد ارسلان بتاريخ 17/11/1943: هاجمت قوات فرنسية مسلحة مركز الحكومة الشرعية في بشامون مساء الاثنين في 15 تشرين الثاني 1943 فردتها وحدات الحرس الوطني دون خسائر في النفوس، وفي صباح اليوم الثاني شنت القوات المصفحة الفرنسية هجوما عنيفا على المركز المذكور، فردت على أعقابها اربع مرات متوالية حتى الساعة الثالثة بعد الظهر وسقط بعض القتلى والجرحى من الجنود السنغاليين وفقدنا شهيدا واحدا يدعى سعيد فخر الدين من عين عنوب.

* تميز المناضل اديب البعيني بقوته البدنية الفائقة وبجرأته النادرة، كما انه كان شاعرا زجليا نظم العديدمن القصائد وكانت له مساجلات مع شعراء آخرين. رثاه العديد من شعراء الزجل، كان من بينهم عجاج المهتار، قاسم نجد (من العبادية) ووليم صعب صاحب مجلة «البيدر» وامير الزجل اللبناني.

مجلة «بلبل الارز» كتبت عنه تقول: في الخامسة والعشرين من عمره. لا يخاف الموت، جبار، عملاق، شديد العضلات، مفتول الساعدين، مخلص وكريم وشجاع لدرجة الجنون الأهوج الذي لا يوصف، يبيع راحته ليكون وفيا، ويبيع ثيابه ليهب ويبيع رمحه في اسواق المعارك ومعامع شرف النفس».

ويقول الأديب نجيب البعيني في كتابه «رجالات من بلادي» ان اديب عين رئيسا للحرس الوطني في بشامون نظرا لما يتمتع به من شجاعة وجرأة وحنكة، وقضى ثلاثة عشر يوما ساهرا ينظم الصفوف، يفترش الارض ويلتحف السماء، يسند رأسه الى الحجارة ويده على «المتروليوز» (الرشاش) لا يتركه لحظة متعطشا في كل وقت الى القتال.

ويروي السفير الشيخ خليل تقي الدين في مذكراته بعنوان «مذكرات سفير»: كان اديب لا يفارق رشيشه لا في الليل ولا في النهار وكان يتحرق للقتال. فلما هوجمت بشامون رأيناه حركة دائمة يطلق النار من هنا، وهناك، وينتقل بسرعة فائقة من مكان الى مكان لكي يوهم المهاجمين ان عشرات الرشاشات مصوبة بين اشجار الزيتون. فلما انجلت المعركة عن مقتل الشهيد سعيد فخر الدين وانسحاب المهاجمين رأيته يبكي فسألته ما بك يا أديب؟ قال: «كيف يموت سعيد فخر الدين وأبقى أنا حيا؟ لقد وضعت دمي على كفي فأبى الموت ان يأخذني».

bshemoun 001 bshemoun 003 bshemoun 004 bshemoun 006 bshemoun 002 bshemoun 007

د. شادي شمالي

اترك تعليقاً

إضغط هنا

Latest from Blog

أم عبدالله الشمري تتحدث عن الشهرة والعائلة والتحديات في أولى حلقات “كتير Naturel”

استضاف برنامج “كتير Naturel” في حلقته الأولى، الذي يُعرض عبر تلفزيون عراق المستقبل من إعداد وتقديم الإعلامي حسين إدريس، خبيرة التاروت أم عبدالله الشمري. وتحدثت أم عبدالله بكل صراحة عن مسيرتها، الشهرة،

رامونا يونس: العناية بالبشرة هو استثمار..

ولعدم النوم أبداً دون ازالة الماكياج! في عالم الجمال والعناية بالبشرة، برزت أسماء كثيرة، لكن قلة من استطعن الجمع بين الاحترافية والشغف الحقيقي بما يقدمنه. من بين هؤلاء، السيدة رامونا يونس، الناشطة

زخم الرئاسة الاولى وتحقيق الاستقرار المالي والنقدي – بقلم العميد الدكتور غازي محمود

يعيش لبنان منذ انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية عرساً حقيقياً، ويشهد زحمة مهنئين شملت كل من الرئيسين الفرنسي والقبرصي بالإضافة الى امين عام الأمم المتحدة، وكل من وزير خارجية الأردن ووزيرة
Go toTop