رادار نيوز – التحولات التي نشهدها في الصراع القائم في سوريا قد اخذ منحى خلط الاوراق. اليوم بتحرير حلب وطرد المسلحين منها استطاع الجيش السوري بمساندة الروس وحلفائه من ارساء ما يطلق عليه (بسوريا المفيدة). فبسقوط ثاني المدن السورية بعد دمشق والعاصمة الاقتصادية، استطاع الثنائي، تجميع الكثير من الاوراق، وخصوصا للمرحلة القادمة من المفاوضات، لإرساء قواعد جديده للصراع، ووضع صيغ لوقف الحرب. فالكل يعلم انه مهما طالت، لا بد لطاولة يجلس عليها المتصارعين للإتفاق على قواعد مرحلة ما بعد الحرب.
هنا شد الحبال الذي نراه في فصوله الاخيرة. بتداعي دفاعات المسلحين في حلب وسياسة القضم التدريجي الذي اتبعه ما يعلم في العلم العسكري (بتقطيع قالب الجبنة) فقد نجحت هذه الخطة بشكل لم يعطي لهؤلاء فرصة لالتقاط الانفاس. حاول الاميركي المناورة حتى آخر رمق، ومن خلال طرح اتفاقات على وقف لاطلاق النار لمدد وجيزة، كي يرفد المحاصرين، ان كان بحجة المساعدات الانسانية، ام بدخول عناصر من الخارج، لكن الروسي ادرك هذا الالتفاف، وسارع في وتيرة القصف المكثف لانهاء الوضع على الارض. الخطة (ب)….
لم توجد واشنطن بديل من استعمال الخطة البديلة من خلال تحريك الجبهة الوسطى في سوريا. عند اندلاع معركة تحرير الموصل كان التوجس من اقدام عناصر داعش على الانتقال الى سوريا عن طريق الممر الوحيد لهم، وهو منطقة تل اعفر القريبة من منطقة دير الزور السورية، بحيث يتم حصرهم في تلك المنطقة، لاستعمالهم لاحقا لاهداف بديلة. وهذا ما حصل بالفعل.
حسب مصادر مقربة من وزارة الدفاع الروسية فقد نجح هذا المخطط وان كان بفاعلية اقل! هؤلاء قد تم فتح ممر لهم منذ بداية معركة الموصل، وباعداد ليست بالقليل عن طريق الجبهة التي انيطت (بالبشمركة الكردية) ،حيث امتنعت طائرات التحالف عن التحليق واغمضت اعينها لتسهيل هذا الانتقال…! وهناك ما سرب عن تخفي بعضهم بلباس نسوة نازحات من آتون المعارك… هذا ما دفع احد المسؤولين الاوروبيين من التصريح منذ البداية من خوفه ان يقطع الحشد الشعبي طريق تلأعفر في العراق ويحكم الجيش العراقي ويطبق على الفارين في تلك الاثناء. وما مقال الصحفي المشهور والمتخصص في صراعات الشرق الاوسط روبرت فيسك الا برهان.
فقد نوه الى هذه النقطة…. الخطة (ب)٢… ليس هذا فحسب انما لا بد ان يكون هناك تحرك على الجبهة الشمالية وخصوصا الريف الشمالي، حيث الاحداث لها التأثير المباشر على مجريات ما يحصل في حلب. كان التركي يمني النفس ان تتسارع الاحداث كي تسنح له الفرصة للتقدم نحو منطقة الباب الاستراتيجية التي تتحكم بمنطقة غرب الفرات وتفصل ما يزعم اقامته من دولة كردية، وبهكذا يكون قد فصل منطقة عفرين ذات الاغلبية الكردية عن شرق الفرات وخصوصا الحسكة وكوباني، وكالمبضع يقسمها الى شطرين، ويكون بذلك قد قضى على الحلم الكردي في مهده… وهذا ما حصل بدخول قوات درع الفرات التي تدعمها تركيا وبقوات منها، منطقة الباب من دون مقاومة تذكر….. بالمقلب الآخر…
تحرك داعش وسيطرتها على تدمر خلال ايام وهذا الحشد الذي ناهز حوالي ٥٠٠٠ من العناصر المدربة جيدا، لم يكن ليحصل الا بدفع دولي لافساد ما انجز في حلب! فوزير الخارجية الاميركي قد قالها جهارا، بأن سقوط حلب ليس نهاية المطاف…. بالمحصلة: الصراع القائم الآن في سوريا يقوم على قواعد تقاسم النفوذ وشد الحبال…. وهناك تعمد لاطالة المعاناة هذه، كونها اصبحت خارج نطاق محلي وحتى اقليمي! الوحيد الخاسر فيها هو سوريا ككيان وكشعب، يعاني ويلات تلك الحرب ومآسيها…