طاولة الحوار… حكومة – حبيب يونس

الإثنين, 15 أبريل 2013, 14:53

رادار نيوز – يبدو أن رئيس الحكومة المكلف تمام بك سلام لم يلجأ إلى علاج القرنفل الذي نصحت له به، في المقالة السابقة، لتأليف الحكومة الجديدة، وأصر على مبدأين رفعهما منذ البدء: تشكيلة حيادية، تحت مسمى “المصلحة الوطنية”، لا أسماء “استفزازية” فيها، وأعضاؤها غير مرشحين إلى الانتخابات.

عال. لكن تشكيلة كهذه، تمام بك، تصلح للسويد التي تسمح بالترف السياسي لأن كل شيء فيها متوافر للناس في غياب المشكلات والأزمات، وتصلح أيضًا في ليشتنشتاين، تلك الجنة الضريبية والدولة الأغنى في العالم من حيث دخل الفرد، والتي يسودها الهدوء التام.

أما في لبنان الذي يضرب الشتاء الموحل محيطه، تحت مسمى الربيع، والذي يعاني انقسامًا سياسيًّا حادًّا، وعوارضَ طائفية ومذهبية تزداد يومًا عن يوم، وأزماتٍ اقتصادية واجتماعية أمعن في تفاقمها لجوء مليون سوري تقريبًا إليه، وغيابَ قانون انتخابات نيابية حتى الساعة، وترهلًا وفسادًا إداريين، وفلتانًا أمنيًّا، وقصورًا قضائيًّا، وتدخلات أجنبية وعربية وإقليمية في شؤونه الداخلية، وتهديدات واعتداءات إسرائيلية مستمرة، ومشكلة فلسطينيين مسلحين، وتداخلًا مع الحرب في سوريا يخلق انعكاساته على أرضه… فهل تصلح له حكومة كالتي تحلم بها يا صاحب الدولة؟

قد تقول إن مهمتها محددة، لأشهر قليلة، في إجراء انتخابات نيابية، ليس إلَّا. ولكن، ولنفترض أنها نالت الثقة، ماذا لو لم تجرَ الانتخابات، وانفجرت واحدة من المشكلات الآنف ذكرها، فهل نتصدى لها بالحياد؟ وهل في استطاعة الأسماء التي تقترح أن تضمها حكومتك “قدّ الحمل”؟ ألا يتطلب الأمر غطاء سياسيًّا جامعًا، لا يوفره تفاهمك مع رئيس الجمهورية وحليفه سيد المختارة، وحده، ولا جولات سفيرة العم سام، وسفراء الاتحاد الأوروبي والسفير السعودي؟

سأصدق أن ثمة من نبهك إلى خطورة تشكيلة من هذا الطراز على مستقبل لبنان وعلى صورتك، يا حفيد أبي علي سلام، فعدلت عنها وتريثت. وعدت إلى استمزاج آراء الأفرقاء السياسيين. وحسنًا فعلت. ولكن، ولكي “تفك المشكل” وتخرج بحل لا يتوقف عند حصة هذا الفريق أو ذاك، ولا عند مطلب من هنا ومطلب من هناك، ولا عند شرط يقابله شرط آخر، ولا عند رأي جماعة دون أخرى… فما رأيك لو تحمل هذا الاقتراح إلى صاحب الفخامة، الآن قبل غد، فتخرج حكومتك إلى النور سليمة معافاة، وتكون حكومة المرحلة سواء قصر عمرها بإجرائها الانتخابات النيابية، أو طال بالعجز عن إجرائها؟

الاقتراح بسيط: ألِّف حكومة، يا دولة الرئيس، من الأفرقاء الممثلين بطاولة الحوار، إما من أقطابها أنفسهم، وإما ممن يمثلهم، فتكون حكومة، يتمثل فيها الجميع كل بحسب حجمه من دون زيادة ولا نقصان، وطاولة حوار دائمة الانعقاد تتصدى لأي أزمة مهما كبرت، وحلًّا لا عذر مطلقًا لمن يرفضه، إلَّا لمن وضع يعقوب في نفسه غاية.

هكذا تتصرف الدول المحترمة في الأزمات الكبرى. إلَّا إذا كان وضعنا مريحًا كما هي الحال في السويد أو ليشتنشتاين، ونحن لا ندري.

أدر محركاتك الآن الآن وليس غدًا. واعلن توليفتك الآن الآن وليس غدًا. وأعد بيانك الوزاري من وحي ما اتفق عليه أركان الحوار قبلًا، على أمل استكمال ما بقي عالقًا من مواضيع، الآن الآن وليس غدًا. ونل ثقة المجلس النيابي بإجماع يشبه الإجماع على تسميتك، الآن الآن وليس غدًا… وانطلق في العمل، واضغط لكي يعد قانون انتخاب يساوي بين جميع اللبنانيين، الآن الآن وليس غدًا.

إفعل بربك… الآن الآن وليس غدًا، تصبح أهم رئيس حكومة في تاريخ لبنان، لأنك تكون قد جنبته أن يتحول ساحة جانبية، يستغلها الخارج، بجباريه الأميركي والروسي، في كباشهما القائم منذ أكثر من سنتين، لتعزيز مواقعهما عشية بت مصير الأزمة في سوريا.

إفعل، يا رعاك الله، الآن الآن ولي غدًا… ولك من كل لبناني قرنفلة.

إضغط هنا
Previous Story

جبيل أفضل مدينة سياحية عربية

Next Story

قبرص تعلن منح الجنسية للمستثمرين الأجانب

Latest from Blog

رامونا يونس: العناية بالبشرة هو استثمار..

ولعدم النوم أبداً دون ازالة الماكياج! في عالم الجمال والعناية بالبشرة، برزت أسماء كثيرة، لكن قلة من استطعن الجمع بين الاحترافية والشغف الحقيقي بما يقدمنه. من بين هؤلاء، السيدة رامونا يونس، الناشطة

زخم الرئاسة الاولى وتحقيق الاستقرار المالي والنقدي – بقلم العميد الدكتور غازي محمود

يعيش لبنان منذ انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية عرساً حقيقياً، ويشهد زحمة مهنئين شملت كل من الرئيسين الفرنسي والقبرصي بالإضافة الى امين عام الأمم المتحدة، وكل من وزير خارجية الأردن ووزيرة
Go toTop