رادار نيوز – تحت شعارات براقة تنشط بعض المنظمات الدولية في مجتمعاتنا العربية، ومع بدء تفريغ حمولتها تنجلي حقائق كثيرة، من بين تلك الحقائق ما يتطابق مع الهدف المُعلن لتلك المنظمات، ومنها ما لا يتطابق معه على الإطلاق، فتقع المفاجأة. يقول البعض انّ عدم التطابق هذا ناجم عن اختلاف المفاهيم وتنوّع المعايير بين الشرق والغرب. لكنّه في الحقيقة لا يعدو كونه “السُمّ بالعسل”، فقد ذاقت مُجتمعاتنا طعم العَسَل الملوّث مع شعار “الديمقراطية” عشيّة الربيع العربي الدامي، وتحاول اليوم أن تستفيد من تجربتها من خلال إبعاد كأسٍ ملوّثٍ جديد عن فمها، مع سماعها لشعار مُستجدّ مُريب هو “الحقّ في الحياة الخاصّة”. ارتفعت الأصوات مؤخرا في دول مجلس التعاون الخليجي بغية التصدّي لظواهر خطيرة، فـ “الجنوس”، “البويات” و”المتحوّلين جنسيّا” باتوا يشكلون ظاهرة لا يمكن التغاضي عنها، وفي محاولة لتدارك الوضع، كـُشف قبل أيّام عن مشروع ستتمّ دراسته من قبل ممثلي دول مجلس التعاون الخليجي خلال اجتماعه المُرتقب في عمان بتاريخ 11 نوفمبر 2013. وبشكل استباقي جاء تدخّل منظمة العفو الدولية، فأطلّ علينا السيد “فيليب لوثر” بصفته المشرف على أنشطة تلك المنظمة في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا. وقبل ان يجد المشروع طريقه إلى الطاولة التي سيلتئم حولها المسؤولون العرب، ازدانت طاولة السيد فيليب لوثر بنسخة منه، فقرأ المشروع ثمّ أتحفنا برأيه الذي لم نسأله عنه: «مشروع شائن ويجب التخلي عنه». بلغت الشعوب العربية قدرا من الوعي دفعت أثمانه غاليا جدا، وباتت تدرك انّ وراء أكمة الشعارات الإنسانية ما وراءها، وهذه المرة كان تشجيع الشذوذ الجالب للأمراض الفتاكة هو الهدف الضمني لدى الذين يزعمون الدفاع عن “الحقّ الإنساني الأساسي في الحياة الخاصّة”.
إنه لحريّ بمنظمة العفو الدولية أن تعتني بأهدافها النبيلة، والتي لمسنا شيئا من قبيلها خلال العدوان الصهيوني على غزة نهاية عام 2008. إن منظمة العفو الدولية مطالبة اليوم بالبقاء على مستوى آمال الشعوب العربية، وذلك من خلال امتناعها عن تشجيع الشذوذ والانحراف، وعليها احترام عادات مجتمعاتنا المحافظة والمتمسكة بالقيم الحميدة، فالرذيلة والفاحشة تقعان في ثقافتنا- وهي خطّ أحمر- ضمن الجرائم الأخلاقية التي تتناقض مع الفطرة السليمة، ولأنها كذلك فقد حرّمتها جميع الأديان السماوية. لطالما اقترن في عالمنا العربي طرح موضوع السيادة كلما طرح موضوع المنظمات الدوليّة، لدرجة أن الإنتقادات الموجهة لجامعة الدول العربيّة نفسها تتركز دوما على تعلق كلّ دولة بسيادتها، فلا تفرّغ أيّ من الدول الأعضاء أيّ نسبة من سيادتها في وعاء سيادة المنظمة العربية الكبرى، فهل ستتخلى أيّ من تلك الدول عن حقها السيادي في التشريع تماهيا مع رغبات منظمة العفو الدولية؟ * رئيس جمعية صون حق التعبير