/

في ذكرى الإستقلال – عضو اللقاء الروحي في جبل لبنان/ الشيخ اياد العبدالله

2 views

مر على تأسيس “لبنان الكبير” أكثر من سبعة عقود حفلت بأحداث كبيرة و كثيرة و لكن هذه الأحداث جميعا لم يكن أي منها مع الأسف ليرضي أولئك الذين صمموا هذه “الدولة المشروع”.

لقد أراد مؤسسوا “مشروع لبنان” أن يجعلوا من هذا البلد نموذجا حضاريا فريدا يجمع بين “روح الشرق” و”تقنية الغرب” في دولة تكون جسر تواصل آمن بين “المشرق” الإسلامي و”الغرب” المسيحي ولقد تفاءل مؤسسوا هذا المشروع بنجاحه كثيرا لدرجة أنهم أطلقوا عليه إسم “سويسرا الشرق”. 

ولكنهم أخطأوا جدا في تفاؤلهم لأنهم أخطأوا كثيرا في تنفيذهم لتصاميم هذه الدولة أخطاء فاحشة جدا، فالبلد المحايد الآمن في عالم الصراعات يجب أن يكون بلدا ذا قرار حر مستقل ذاتي المنطلقات وذاتي الأهداف بالدرجة الأولى، ولكن كيف يمكن لبلد مكون من توافقات مؤقتة لــ”ملوك طوائف” (أشباه آلهة) عاشوا دوما فوق القوانين وخارج نطاق المحاسبة واعتمدوا بالدرجة الأولى على امتدادات طوائفهم في الأقاليم المحيطة لـ “لبنان”!

كيف يمكن لبلد كهذا أن يكون محصنا من تدخلات القوى الخارجية ومن تحكمات الأباطرة الذين يدور في فلكهم “ملوك الطوائف” دون كلل أو ملل أو توقف ولو لبرهة للتفكير في احتياجات سكان هذا البلد الصغير الذي يؤوي عروشهم الخالدة؟؟!

وكيف يمكن لبلد أن يكون واحة اتصال ومعبرا آمنا للعابرين والمستثمرين والمودعين والهاربين من الضوضاء في محيط من الصراعات الكبرى دون يكون بلدا يملك “الحرية” في حدها الأدنى وشرطه الأول هو: “الإستقرار والسلام الوطني” ؟؟

وكيف يمكن لبلد أن يحقق الإستقرار والسلام الداخلي دون “أمن”؟ وكيف يمكن لبلد أن يحقق “الأمن” و”الحرية” في أدنى الحدود دون أن يتمتع بـ “نظام عدالة” صحيح ؟؟

وكيف يمكن لأي “نظام عدالة” أن يستحق إسم “نظام عدالة” دون “قضاء مستقل” ؟ دون “قضاء” حقيقي يتساوى تحت سلطانه جميع الناس كبيرهم وصغيرهم دون استثناء ودون أن يكون أحد فوق هذا “القضاء” ودون أن يتدخل أحد من الساسة أو العسكر أو غيرهم في هذا “القضاء” في تعييناته وفي أدائه وفي قراراته ودون أن تكون هذه الأمور كلها في يد “القضاة” وحدهم ؟!!

كيف يمكن أن تحصل على “الأمن” و “الحرية” و “السلام” دون جهاز قضائي يحكم كل زاوية في البلاد وكل شأن للعباد ودون أن يكون “الجيش” و”الدرك” و”الشرطة” وغيرها من القوات المسلحة بإمرة هذا “القضاء” أولا كما في كل بلاد العالم المتحضر حيث نجد أن كل التشكيلات المسلحة متاحة لتكون “شرطة قضائية” في أي وقت؟ ودون أي موانع تحول دون “القضاة” ودون تنفيذ قراراتهم؟؟

كيف يمكن تحقيق الحد الأدنى من “العدالة” بــ “قضاء شرطي عسكري” محكوم بأوامر الساسة و”ملوك الطوائف” وأغطيتهم التي يمنحونها لمن شاؤوا من منتهكي أكبر القوانين وأصغرها حتى يخرجوا بجرائمهم دون حسيب أو رقيب و دون أن يفكروا يوما بعواقب جرائمهم؟؟

إن “لبنان” السلام و التعايش الفريد بين ديانات تاريخها كله صراعات فيما بينها و “لبنان” الواحة الحرة الآمنة التي يقصدها المتعبون والباحثون عن تقاعد سعيد واستثمارات وصناديق آمنة لثرواتهم و”لبنان المتحضر” الحلم “سويسرا الشرق” لن يتحقق إلا بوضع الأساس الذي تبنى عليه كل “الدول المتحضرة” وهو “القضاء المستقل” الذي يفرض شرط الأمان وشرط الحرية وشرط السلام وهو: أن يتساوى الجميع تحت سقف القانون وألا يتعالى أحد على هذا السقف مهما كانت صفته و مهما كان منصبه وإلى أي انتماء انتمى.

أنا أدعو كل “الحالمين” بـ “لبنان الكبير” بـ “لبنان سويسرا الشرق” إلى العمل فورا ودون إبطاء على إرساء أساس الدولة الحضارية المتقدمة وهو “القضاء المدني المستقل تماما” الذي يتحكم بكل قوة مسلحة على أرض البلاد وإلى التخلص من الكوارث التي تسببت بها مرحلة العقود الماضية وكلها كانت بسبب حرف “القضاء” عن واجباته ودوره بقوة تدخلات دمرت هيبة “القضاء” و”الدولة” و”العدالة” وحولت المشروع الجميل إلى كابوس مرعب من الفساد والفوضى والرعب والهجرة والنفايات والفقر والبطالة والطائفية والحقد.

الخطوة الأولى هي محو آثار العدوان على “القضاء” و تتمثل في : عفو عام و شامل عن كافة الجرائم المرتكبة قبل تاريخ هذا العفو لأن العارف بأبسط “حقوق الإنسان” لا يمكن أن يطمئن إلى كيفية صدور مذكرات الجلب والاعتقال و لا إلى كيفية المحاكمات ولا إلى آليات إصدار الأحكام.

الخطوة الثانية هي تعيين مفوضية قضائية عامة مهنية بحتة لها وظيفة واحدة هي “استقلال القضاء” وربط كافة التشكيلات العسكرية الشرعية في البلاد بسلطة القضاء حصرا.

أنا أحلم بلبنان الأخضر الجميل لبنان السلام والحرية والتقدم والحيادية عن كافة الصراعات فهل توافقون على حلمي ؟.

Previous Story

أجندة الثلاثاء 25 تشرين الثاني 2014

Next Story

حظك الثلاثاء 25 تشرين الثاني 2014 مع ليلى المقداد من رادار نيوز

Latest from Blog