رادار نيوز – في رسالة الالام والفصح كتب المحامي أديب زخور الى غسان صليبي قائلاً أعجبتني تساؤلاتك امس في جريدة النهار والجواب الاخير دوماً لله، بخاصة اليوم في ليلة خميس الاسرار حيث جلس المسيح يسوع مع تلاميذه وغسل ارجلهم وعلّمهم المحبة والتواضع وابتدأ منها الفداء وصولاً للقيامة:
لقد صحّ الصحيح…. وكتبها التاريخ من احرف من نور وقسم المسيح في تجسده وميلاده التاريخ الى ما قبله وما بعده…..في هذه الليلة يجعل المسيح من صليبي صليبه ومن موتي قيامته. أرسل الآب إبنه لخلاصنا وخطته كانت ولا زالت البحث عن كل سائل وباحث ومشكك يقول له هات يديك وضعهما في جنبي، واسترح فقد اتممت كل شيء وانت مدعو الى عرس الحياة، عبر تجسد وموت وقيامة المسيح من اجل خلاص كل انسان مهما كان وضعه، وحالته التشكيكية أو فقره وشخصيته. ويجب ألاّ يتوقع البشر من الله الغضب والانتقام من صليب إبنه طبعاً، لأنه أب حنون صالحهم بصليب وقيامة المسيح، بحيث تحوّل الغضب الى رحمة وفرح القيامة، قيامتهم من الموت والخطيئة. أما ترك البشر يتخبطون بمشاكلهم فهذا بسبب حريتهم وقراراتهم الخاطئة التي سببت الحروب والارهاب والتطرف والشر والموت عليهم وعلى البشرية، ولكن بالتأكيد ليس الى أبد الابدين، لأن الابد والازل والفرح والقيامة هي صفات الله وأعطاها للأبد للبشر، والشرّ انتهى على اقدام الصليب والقيامة، وينتظر جوابنا المؤقت لنكمل الابدية معه منذ الان.
جاء المسيح لينير ظلام هذا العالم ويخلصنا من خطيئتنا، وان الله لا يتوقع بل يؤمن بنا وبأولاده وبتساؤلاتهم التي تعلو وتصل الى قلبه وجاوبنا بإبنه المسيح. لقد صحّ أن الله حنون، هو من قرر وأرسل إبنه لخلاصنا ليصلب على يد بعض البشر لقساوة قلوبهم ولكن ليقوم من الموت، لأنه أب حنون غفر لنا عبر المسيح الذي صرخ له إغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون، وبالتأكيد لم يحمّل البشرية عبء هذه الجريمة لأنها تحولت الى فرح القيامة وخلاص للبشرية جمعاء. تماهى الله بكل إنسان، وهو قال كل ما تفعلونه لأحد إخوتي الصغار لي فعلتموه والشرح يطول عن رحمة الله والمصالحة التي يحملها شخصياً ولكل شخص بشري، ونحن مدعوون لنتلاقى معه في جمعة الصليب وفرح أحد القيامة على مثال الابن الشاطر.
لقد صحّ موت المسيح وقيامته وعاد الى ابيه ولكن ليس معافى وبقي معنا في ذات الوقت متماهياً متحداً وحاملاً آلامنا وأحزاننا كل يوم ليحوّلها الى قيامة ورجاء إذا قبلناها،
نعم هو الذي تأنسن واختبر البؤس ومعاناة البشر ويعرف في الصميم آلامنا وحملها مسبقاً في جسده وروحه وأعطانا الحياة الابدية والتعزية والرحمة والحب، وربما لا يعرف البعض معناها حتى الآن لكنه يتابع عمله معهم، بعضهم يموتون غرباء عنه وهم أهل البيت السماوي،
قد سبق الآب السماوي ان بادر وأرسل للبشر إبنه الحبيب والوحيد يسوع المسيح، وعرفّهم على ذاته وفكره وتعليمه وكيانه ونزع الاسرار بينهم، فمنهم من ارتاح له، ومنهم أختياراً لا يريدون أن يروا النور الاّ الغازاً، والقيامة الاّ اسراراً، ويضيعون في عجقة الاديان طوعاً كما يسميها البعض، ولكن ليس الى أبد الابدين كما يطلقون عليها، وهم مدعوون الى التلاقي كل يوم معه هو القائم الحي من الموت، وهو يدعوهم الى القيامة من الغازهم وأسرارهم وضياعهم، وبوضع أصبع أفكارهم وشكوكهم في جراح القائم من الموت، على مثال يهوذا بوضعها في عتمة الشك في قلب الفادي فنشفى بجراحه،
نعم لقد صحّ أن الله خلقنا على صورته ومثاله ايضاً ليس كما يقول المؤمنين وحسب وهي الكنيسة ايضاً وجسده، بل قالها الله بذاته عند الخلق، وصوته في الكتاب المقدس لا يزال مسموعاً إنني خلقتك على صورتنا ومثالنا.
نعم لقد شابهنا المسيح في كل شيء حتى في ضعفنا، وحمل خطيئتنا وهو ليس بخاطىء، لكي نشبهه في كماله ويعيد إلينا كرامتنا وصورتنا الكمالية، ولو لم تعجبنا الفكرة أو نستوعبها، ولن تحرجه بأسئلتك لأن الكثيرين من أولاده على مرّ التاريخ يسألون، والله بذاته يجاوبهم بإبنه يسوع وبموته وقيامته كل يوم لمن يرغب ان يسمع. العزلة ليست من صفات الله بل من صفات البشر، وإصراره على كشف ذاته مستمرة لكل إنسان مهما حاول الاختباء منه وسيبقى لنا الراعي الصالح والاب الحنون والقائم من الموت، مهما وضعنا من حجارة افكارنا كحواجز لمنع قيامته، فنور قيامته اقوى من ظلمة شكوكنا،
الله الأب الحنون يعطي بلا حدود، كما علّمنا في الأبانا، مهما حاولنا نكرانه في صياح الديك، وسيبقى هذا الديك شاهداً على تساؤلاتنا ونكراننا له في ضعفنا كما شاهداً على جوابه المحب المدوّي في صلبه وقيامته. إلاّ أن الديك قد يظنّ أحياناً أن بصياحه هو الذي يجعل الشمس تشرق ، ومع ذلك تشرق الشمس سواء صاح الديك أم لم يصح، وكذلك إشراقة الموت والقيامة علينا، ولن يمنع الله يفرح بقيامة إبنه وأبنائه جميعاً وبتساؤلاتهم وبرجوعهم اليه، سواء صاح الديك في النهار أو في اي وقت متأخر سيشرق نور وفرح القيامة.