رادار نيوز – عند ولادة قانون الستين في عهد الرئيس فؤاد شهاب، كان لبنان خارج من اصطفافات، كادت تودي بمجمل التركيبة السياسية في عهد السلف الرئيس كميل شمعون. وكلنا يعلم احداث سنة 1958 وما تبعها من احداث. ولد هذا القانون ليكون بمثابة انتفاضة وتحديث في مجمل الطبقة السياسية التي كانت تحكم لبنان. من الميثاقية التوافقية الى مراعاة كل التمثيل الطوائفي كل على حدا.
اتى الحكم الشهابي بعد كل هذا المخاض ليقر قانون يقوض سلطة الطبقة الاقطاعية ويحد من تمثيلها بأيجاد ثغرات في هذا (البلوك) الذي حكم منذ عام 1943. عند انتخابات سنة 1998 استنبط مجددا هذا القانون وفعل (بضم الفاء) لكي يعاود نفس السيناريو، لكن كان الوضع مختلف كليا في تلك الفترة، لأن مكون اساس في لبنان، قد غيب بفعل الاقصاء الذي اتبع في حينه. هنا اعني المكون المسيحي.
وبذلك يكون قد ضرب وبشكل كبير بنيان الكيان اللبناني الذي ترتكز اساساتها على الميثاقية وتمثيل جميع طوائفه في الحكم. ما يطلق عليه قانون (غازي كنعان) هو بالحقيقة ما اثار غضب واستياء الكثيرين ولا زال حتى وقتنا الحاضر يثار حوله جدل كبير واختلاف حاد.
ان طرح النسبية والاختلاف في اقرار قانون جديد يحكم مرحلة مقبلة في تاريخ لبنان لا يزال يلاقي عثرات، من خلال وضع عصي قانون الستين في دواليب اي حل.
فالتوجس من اقرار قانون النسبية قد دفع بالكثيرين من السياسيين وخصوصا من يعتبر نفسه يمثل في مناطق تعتبر انتماءها الطائفي والمناطقي، يصب في صالحه في اي انتخابات مقبلة.
اما هؤلاء الذين يريدون طلاق لا رجعة فيه لقانون الستين، فانهم يتوقون للحظة التي يقر بها قانون جديد يلبي طموحهم في المشاركة الفعلية بالحكم، وتمثيل اولائك الذين قد غيب صوتهم لعشرات السنين نتيجة المحاصصة واحتكار التمثيل.
ان الرئيس ميشال عون مؤتمن على دولة القانون لطالما هو الآن في سدة الموقع الاول، وعليه فأن اي قانون لا يراعي تمثيل الجميع وخصوصا الاقليات المهمشة، يعتبر ضرب للعهد وكذلك للدستور.
فالتناحر على هذا القانون والكيد السياسي لا بد له من تداعيات كبيرة على الحياة السياسية والاوضاع الاقتصادية بالمجمل. فلا الوضع المعيشي يسمح، ولا تداعيات اي تلويح بالتمديد يخدم، فالمستفيدين من حالة عدم اجراء الانتخابات في موعدها، مع عدم اقرار قانون انتخاب، يراهنون بوضع الممارسة القانونية على الرف!
اخيرا كثير من الديمقراطيات في العالم تلجأ لسلطة الشعب ليدلي كلمته الفصل في تحديد من يمثله، وبهكذا يكون التمثيل الحقيقي الذي لا تشوبه اي شائبة ولا يخطف ..