رادار نيوز – شخصيتنا هي حسن اختيارنا للثوب الذي نرتديه ويليق بنا، يُشعرنا بكامل حريتنا وارادتنا، ويعبّر عن ذوقنا الخاص وحرية تفكيرنا، بما تمليه علينا قناعتنا وما يتناسب مع وعينا وادراكنا. لذلك من المؤلم ان نجد من يختار لنفسه التبعية التي تلغي وجوده، مما تؤدي لاحتقار النفس والعقل وتسبب عدم التوازن في مسيرته الحياتية العامة. الانسان الراقي بحريته وان كانت نسبية لم تبلغ حد المثالية، اذ يقتنع بأفكاره، يستقل بمسيرته، يرتقي الى حريته الشخصية ليمارس حياته وفقا للمؤسس الديمقراطية، بصورة تجعله يتخذ القرارات المتوازنة الصائبة حسب قناعاته، متمسكا” بمبادئه ويخوض غمار الحياة بوعي واندفاع من غير خوف وتردد، ليصل الى الواقع الذي يبتغيه، مما يجعله يحسن القيادة والتحكم بزمام الامور، الذي يجدها تتناسب مع وعيه ومسيرته.
ان التبعية تعكس مدى ضحالة الفكر الممتزجة بتخلف حضاري للمجتمع، ليظهر الاقوى في الواجهة ويتصدر زمام الامور، دون ايجاد قناعات شخصية مبنية على التحليل والتقييم حيال القضايا والمواضيع المطروحة شخصيا او على طاولة الواقع، التي تفيد الامة، لنجد بأن التفكير الناقد مهارة توجد مع الانسان ولا يتعلمها في المدارس اذ هي من بنات التنشئة المجتمعية والتربية الاسرية، لذلك علينا تطويرها من خلال التحليل والتقويم للامور والاحداث، التي تحيط بنا، خاصة في اوقات الحروب، لأن أهمية التفكير والنقد والتعامل مع وسائل الاعلام والاخر بصورة عامة ،ـبشكل مدروس هي التي تقودنا الى السلوك القويم السليم والوصول الى الحقيقة المرجوة.
للاسف نجد هناك بعض التبعية الفكرية العمياء وراء المؤسسات الدينية لاعتقاد الافراد بانها الطريق الفضلى للنجاة، بالرغم من أن بعض القيمين على الديانات وضعوا – وفقا لاجتهادات خاطئة او مصالح خاصة – خطوطا” حمراء أمام كل ومضة فكرية قد تقود الى التحرر، وهذا ما يعيق تقدم الانسان ويضعفه من دون البحث والتعمق بقبول كل مستحدثات العلم والمعرفة والتحصيل الصالح منها، فرغم ثقافة الفرد وفكره الراقي احيانا” يستسلم لهذه السياط باسم الدين والدين منها براء…
الاستقلالية الفكرية ملكية تعتبر من أعاظم الادوات السماوية التي تمّيز الانسان عن باقي الكائنات، لكننا نجد دائما” بأن هناك سياسات مؤثرة تعيق حركتنا وتشل تقدمنا، وتحد من تفكيرنا العقلاني واستقلاليتنا لتسيطر على مسيرتنا العامة والخاصة، هذا اصعب بكثير من الاحتلال العسكري، لأن نزع حرية الاختيار من بين ايدينا بالقوة، تجعل الحياة من بعدها مستحيلة، فحين تمارس سياسة القمع المباشر والتخويف والتجويع لكل اشكال المعارضة وتشن هجمات مختلفة الاتجاهات على التيارات، التي تعارض افكار المسؤولين، مما توقع مجتمعاتنا في الجهل وتقودها الى الغرق بالظلمات، لذا ينبغي علينا بعدها، ان نكد ونشقى في سبيل الحصول على المعرفة، مطلقين العنان لحرية الفكر والتعبير والنظر بكل الحقائق التي تقودنا الى بر الأمان…