رادار نيوز – القى بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام، كلمة في كاتدرائية سيدة النياح لمناسبة اليوم العالمي للصلاة والصوم لأجل السلام في سورية، في حضور رؤساء الطوائف المسيحية في دمشق وممثلي البطريرك يوحنا العاشر للروم الأرثوذكس، وأغناطيوس أفرام الثاني للسريان الأرثوذكس، السفير البابوي ومساعده، وأمين سر المجمع للكنائس الشرقية في الفاتيكان المطران سيريل فازيل الذي يزور دمشق من قبل البابا فرنسيس مع المساعد له الأب ماكس كابابيانكا، ومن قبل رئيس المجمع للكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري.
استهل البطريرك لحام كلمته بتهنئة البابا فرنسيس بالعام الثاني لحبريته البطرسية (المصادف يوم الثالث عشر من آذار الحالي ) وشكره على “محبته الحارة لسورية، ولا سيما لرسالته لنا في عيد الميلاد، وهي دائما شعلة أمل لنا”.
ورحب ب”الشعب المؤمن وجوقات الكنائس وجميع الحضور ووسائل الإعلام”، آملا “ان توزع الخبر إلى وسائل الإعلام العالمية، لكي تظهر للجميع قوة إيمان كنيسة دمشق الواحدة بتعدد تراثاتها وطقوسها وصمود السوريين وإيمانهم ووحدتهم”، معتبرا “ان هذه القوة الروحية، وهذا الصمود الوطني الأسطوري، أعجوبة سورية في تاريخها المعاصر”.
وقال لحام: “كلنا وقفة واحدة في هذا الصوم المبارك. ومع بدء العام الخامس للحرب على سورية نقيم هذه الصلاة المشتركة لأجل أمن وأمان وسلام سورية”.
اضاف: “في هذه المناسبة، أرسلنا نداء بلغات كثيرة إلى العالم أجمع، بواسطة مؤسسة الكنيسة في الضيق L’Eglise endétresse لكي ينضموا إلينا في هذه الصلاة. ولهذا فالعالم المسيحي صلى ويصلي معنا أمس واليوم 15 و 16 آذار لأجل الأمل والسلام لسورية ولمشرقنا المعذب. وقد وردتنا تقارير عالمية حول هذه الصلوات”، مشيرا الى ان “جلجلة بلادنا واسعة جدا! إنها مأساة من أكبر مآسي التاريخ في المنطقة، لا بل في العالم منذ الحرب العالمية الثانية”.
وتابع: “بألم شديد نتحقق أن كثيرين يهاجرون، وينزحون، بطرق شرعية وغير شرعية! وكم سمعنا عن قصص معاناتهم جميعا! منهم من ينزح ويهاجر لسبب، ومنهم بلا سبب! نحن نحرض الجميع على البقاء والصبر والتجلد والتمسك بحبال الرجاء والإيمان والاستسلام لمشيئة الله… ولكننا لا نرغم أحدا على البقاء! فالقرار هو قرار شخصي ومسؤولية كل فرد وكل أسرة”، مضيفا: “اما نحن كرعاة فإننا سنبقى مع من يبقى، ونخدمه بعيوننا، وبكل قوانا! ونسعى للمساعدة بكل ما أوتينا من طاقات واتصالات وأسفار ومراسلات وبيانات. إن حضورنا اليوم معا هو تأكيد على بقائنا مع سورية ومع المؤمنين أولادنا ومع جميع مواطنينا لنتابع خدمتنا بكل طاقاتنا. ونشكر كل من يساعدنا في مهمتنا هذه الصعبة! وجميع المؤسسات المحلية والعالمية، والمدنية والدينية، الإسلامية والمسيحية، الكاثوليكية والأرثوذكسية والأنكليكانية واللوثرية وسواها”.
وقال: “نشكر بنوع خاص قداسة البابا فرنسيس لصلاته واهتمامه ونداءاته وخطاباته ومساعدته المادية من خلال الدوائر الرومانية والمؤسسات المرتبطة بالفاتيكان. وقد أرسل قداسته موفدا من قبله، وهو بيننا يصلي معنا. ونحب أن نشكر قداسته على رسالته الخاصة التي وجهها إلى مسيحيي الشرق الأوسط بمناسبة الأعياد الميلادية ورأس السنة الجديدة”.
اضاف: “يسرنا أن نذكر مقاطع واسعة منها لجمالها وأهميتها لنا كمسيحيين ولجميع المواطنين السوريين. ونأمل أن تؤكد عليها وسائل الإعلام. كلمات البابا تؤكد على الملأ أهمية حضورنا ودورنا كمسيحيين في الأزمة السورية. فنحن دعم أساسي لسورية تاريخا وحاضرا ومستقبلا”.
واشار الى ما قاله البابا: “إني مسرور حيال العلاقات الجيدة والتعاون القائم بين بطاركة الكنائس الشرقية الكاثوليكية وتلك الأرثوذكسية، وبين مؤمني مختلف الكنائس.إنها مسكونية الدم. صلاتنا اليوم معا تشعرنا وأولادنا أننا كنيسة واحدة”.
“إن حضوركم ذاته هو شيء ثمين بالنسبة للشرق الأوسط. إنكم قطيع صغير، لكنكم تتحملون مسؤولية كبيرة في الأرض حيث ولدت المسيحية وانتشرت. إنكم كالخميرة وسط سواد الناس. يشكل المسيحيون، أي أنتم، الكنز الأثمن بالنسبة للمنطقة. شكرا على مثابرتكم!”.
“أنتم مدعوون في المنطقة لأن تكونوا صانعي السلام والمصالحة والنمو، لتعززوا الحوار وتبنوا الجسور تماشيا مع روح التطويبات (را. مت 5، 3-12) وتعلنوا إنجيل السلام وتكونوا منفتحين على التعاون مع كل السلطات الوطنية والدولية.”
“إن الكنيسة كلها قريبة منكم وتؤازركم، مع الكثير من المحبة والتقدير لجماعاتكم ورسالتكم. سنواصل مساعدتكم من خلال الصلاة والوسائل الأخرى الممكنة”.
“أنتم لستم وحدكم! آمل كثيرا بنوال نعمة زيارتكم شخصيا ومؤازرتكم”.
وقال لحام: “نأمل أن تقوي المعاناة المأساوية معنويات شعبنا ومعنويات أولادنا. كما أن الكثيرين من رعايانا يحدثوننا عن إيمانهم وثباتهم وخبرتهم أن الله يحميهم ويحمي المواطنين من ويلات كثيرة. ونحن نشعر أننا في مدرسة إيمان مؤمنينا! نشكر الله على هذا كله. كما أننا نفرح بعودة بعض الأهالي. هكذا مثلا إلى معلولا والقصير ومناطق في حمص وسواها. وبدأت ورشات إعادة بناء الكنائس والبيوت في معلولا والنبك وحمص ويبرود… وهناك تعويضات من قبل الدولة. ودعم من أفراد من رعايانا. وبالطبع من المؤسسات العالمية ومن الأصدقاء. نشكر لهم جميعا محبتهم!”.
واعلن البطريرك لحام عن رسالة إلى البابا فرنسيس لمناسبة يوم الجمعة العظيمة (29/3/2013، وهي أول سنة من حبريته)، طالبا من السفير البابوي المطران ماريو زيناري ومن أمين سر المجمع للكنائس الشرقية المطران سيريل فاسيل، أن ينقلا هذه الرسالة إلى قداسته وإلى رئيس المجمع للكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري، وإلى أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، وإلى العالم المسيحي. وتلا مقاطع منها:
“صاحب القداسة!
تصلكم هذه الرسالة يوم الجمعة العظيمة 2013 المدعوة العظيمة والحزينة، وفيه تقومون بمسيرة درب الصليب الأولى في حبريتكم كبابا كنيسة روما المتصدرة بالمحبة. (واليوم ذكرى مرور سنتين على حبريتكم).
أكتب لقداستكم هذه الرسالة من دمشق، وأنا ونحن في صلاة مشتركة. إننا نعيش درب صليب قاسيا، دمويا، مؤلما وطويلا، يمتد على كل طرق ودروب سورية، يسير عليه ويحمله جميع السوريين، على مدى العام الخامس!
لقد وقع السيد المسيح ثلاث مرات تحت الصليب المقدس، وسخر سمعان القيرواني ليساعده في حمل الصليب. ونحن اليوم بحاجة إلى سمعان، أو بالحري إلى يسوع نفسه، ليحمل الصليب معنا، لكي ينتهي درب صليبنا دون تأخير، فنصل إلى نهاية سعيدة، إلى القيامة!
يا صاحب القداسة!
أنتم سمعان! أنتم يسوع ونائبه! نلتجئ إليكم أن أسرعوا إلى نجدتنا! سورية تناديكم! جميع رعايانا، لا بل كل السوريين يناشدونكم، ويعولون على قداستكم. وينتظرون من قبل قداستكم، من الفاتيكان، من المليار وربع كاثوليكي في العالم، ينتظرون مبادرة ترسم خريطة طريق لإنهاء الأزمة، وإيقاف التسلح والتسليح، وإنهاء العنف والإرهاب والخطف والابتزاز، والفوضى والقتل والضحايا الذين يتزايد عددهم يوما بعد يوم! في سورية ولاسيما في الحسكة، إخوتنا الآشوريون، والعراق ومصر! خريطة طريق في سبيل المصالحة والغفران والحوار والأمن والأمان والأخوة والتعاون والتضامن والسلام!
مساعدتكم ثمينة جدا للجميع، وللشرق الأوسط. إننا ننتظر من قداستكم مبادرة، إشارة، وكلمة، مثل كلمة السيد المسيح: “إنني أتحنن على الشعب!”.
إننا نصلي لأجلكم كما طلبتم من الجميع. وليساعدكم المخلص الناهض من القبر كي تنعشوا في جميع المسيحيين الفرح وحماسة القيامة، ومن خلال خدمتكم البطرسية. وهي تدخل عامها الثالث”.
وقال البطريرك لحام: “ندعو أبناءنا وجميع المواطنين كما عملنا في كل رسائلنا، ومع قداسة البابا فرنسيس، إلى أن لا تتركوا شعلة الأمل تنطفئ في قلوبكم! وقد أطلقنا مبادرة “شعلة الأمل والسلام لسورية” في عيد الميلاد. ونطلب من الجميع أن يشعلوا هذه الشمعة في بيوتهم وقلوبهم ونفوسهم ومشاعرهم، وتكون النور الحقيقي الذي لا ينطفئ (كما تنطفئ الكهرباء أو يفقد المازوت أو…) بل تنير درب جميع المواطنين”.
وذكر بعض آيات من نبوءة أشعيا النبي، مشيرا الى ان “فيها تعزية رائعة وشحنة معنويات، نحن بأشد الحاجة إليها، وكأن الله يخاطب كل واحد منا، وكل سوري”: “أنا الرب دعوتك لأجل البر وأخذت بيدك وحفظتك عهدا للشعب ونورا للأمم. لا تخف فإني قد افتقدتك ودعوتك باسمك. إنك لي. إذا اجتزت في المياه فإني معك أو في الأنهار فلا تغمرك. وإذا سلكت في النار فلا تلذع ولا يلفحك اللهيب. صرت كريما في عيني ومجيدا فإني أحببتك. لا تخف فإني معك. كل من يدعى باسمي فإني لمجدي خلقته وجبلته وصنعته” (أشعيا متفرق 42 و 43).
وقال لحام: “من عمق ألمنا ومعاناتنا في سورية نصرخ مع شعبنا المتألم السائر على درب الصليب الدامي! نصرخ بأعلى صوتنا في وجه دول العالم، ونقول: كفى! كفى! كفى حربا على سورية!”.
اضاف: “إننا نؤمن بقوة الصلاة والصوم في هذا الصوم الأربعيني الكبير، ونشكر العالم على يوم التضامن مع سورية، وعلى إقامة يوم صوم وصلاة لأجل الأمل والسلام في سورية.
ومع الكنيسة نصلي وننشد بأمل ورجاء وصبر وإباء، بعض المقاطع من نبوءة أشعيا النبي. وهي تنطبق على مشاعرنا تجاه عالم بأسره يحارب سورية، ودول ترسل مجاهديها إلى سورية. وقد سمعنا هذا النشيد. وهذه بعض مقاطعه، وربما رددته محطات التلفزيون مرارا في برامجها:
إن الله معنا. فاعلموا أيها الأمم وانهزموا. لأن الله معنا. إسمعوا إلى أقصى الأرض! أيها الأقوياء انهزموا! لأنكم وإن قويتم أيضا ستغلبون! وأي مشورة عقدتم يبددها الرب! وأي قول قلتموه لا يثبت فيكم! لا نخاف خوفكم و لا نضطرب! وإنما نقدس الرب إلهنا ونخافه! وإذا توكلت عليه كان لي قداسة! فسأتوكل عليه وأخلص به!”.
وختم لحام: “نترحم على أرواح شهدائنا على مدى أرض سورية. ومع الكنيسة نودع الله تعالى شعب سورية، ورئيسنا المفدى الدكتور بشار الأسد، وكلنا نحبه وكلنا صامدون معه ومثله. ونودع جيشنا الباسل، وهم كلهم أبناؤنا، واللجان الشعبية، والدفاع الوطني، وجميع المواطنين قائلين:
“فيك وضعنا كل رجائنا يا أم الله! فاحفظينا تحت ستر كنفك. ولنودع المسيح الإله ذواتنا وبعضنا بعضا وحياتنا كلها”.
صلاة شفاعة من أجل سورية
ولمناسبة بدء السنة الخامسة للحرب على سورية، 15/3/2015، توجه البطريرك لحام بصلاة شفاعة من اجل سورية، قال فيها:
“أيها الآب الرحوم، إسمع صرخات شعبك في سورية. اشف الذين يعانون من العنف. عز المحزونين على موتاهم. بارك الذين يعملون لأجل تخفيف معاناة اللاجئين والنازحين السوريين. حنن قلوب حاملي السلاح. احم دعاة السلام.
أيها الآب مانح الرجاء. ألهم القادة على اختيار السلام بدلا من العنف، وعلى المصالحة مع الأعداء. عزز تضامن وتعاطف الكنيسة جمعاء مع الشعب السوري. أعطنا الأمل لمستقبل يسوده السلام، مبني على العدالة للجميع.
نتضرع إليك أيها المسيح ملك السلام ونور العالم. آمين”.