رادار نيوز – في الفترة الواقعة بين/ 6 إلى 9 أيار 2014 / وبإذنٍ من قداسة سيدنا البطريرك المعظَّم مار اغناطيوس أفرام الثاني كريم الكلّي الطوبى، قام نيافة المطران مار اقليميس دانيال كورية بالمشاركة في مؤتمر الحريات الدينيّة والأديان في دول الشرق الأوسط ودول جنوب البحر المتوسط، والذي انعقد في أثينا – اليونان، وبدعوةٍ مشتركة من برلمان الاتحاد الأوروبي والحكومة اليونانية بصفتها الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي. حيث حضر هذا المؤتمر ممثلين عن كل برلمانات الدول الأوروبية ودول الشرق الأوسط بما فيها لبنان- مصر- الأردن- المغرب- تونس- الجزائر وفلسطين…
وقد كان المتكلّمون في هذا المؤتمر: رئيس الحكومة اليونانية ووزير خارجيتها، وزير التربية والأديان اليوناني، ورئيس البرلمان اليوناني، رئيسة برلمان الاتحاد الأوروبي، وغبطة البطريرك ثيودوروس الثاني بطريرك الأسكندرية وأفريقيا للروم الأرثوذكس، ونيافة المطران دانيال كورية، وممثِّلاً عن قداسة بطريرك الأقباط الأرثوذكس، وسيادة المطران يوسف سويف مطران قبرص للموارنة كممثّل عن الكرسي الرسولي الروماني.
وقد كان لنيافة المطران دانيال كورية مداخلات عديدة باللغات الإنجليزية واليونانية والعربية، ننشر لكم ملخَّص وترجمة ما جاء فيها:
· إن الشرق الأوسط عموماً يعيش في هذه الأيام تحولات سياسية كبيرة ومتسارعة جداً، وكنيستنا المشرقية بكل فروعها، تواجه تحديات كثيرة وكبيرة منها فقدان حرية الدين وتعاظم الإسلام السياسي وتفاقم الهجرة بسبب انعدام السلام. · المسيحيون يتواجدون في جميع بلدان الشرق الاوسط، وغالبيتهم مجموعات متنوعة من بقايا وورثة حضارات مشرقية عظيمة قديمة (كالآرامية والآشورية والكلدانية والفرعونية واليونانية و … ) تعايشت مع المسلمين 14 قرناً وكانت العلاقة بينهما طوال هذه المدة بين مدّ وجذر ولكن ومع مرور الزمن أيقن وأدرك الطرفان بأهمية العيش المشترك والتفاهم والحوار معاً وقبول الآخر. ·
ولعل المسيحيون، الذين يشكلون الجماعة الأصغر عدداً والأضعف، هم الضحايا الأساسيون، لأنهم لاقوا الاضطهاد من قبل الجماعات الإسلامية المتطرفة، ففُجّرت كنائسهم وأديارهم، وقُتل الكثير منهم، وأُجبر البعض الآخر على الهجرة القسرية خوفًا من القتل إلى بلدان أوروبا وأميركا، وخُطِف بعض أساقفتهم وكهنتهم والمؤمنين منهم ولا سيما خطف المطرانين العزيزين أسقفي حلب يوحنا إبراهيم وبولس يازجي والذين مضى على اختطافهم حتى اليوم سنة كاملة وخمسة عشر يوماً، وكان لخطفهم التأثير السلبي المخيف والعميق في نفوس المسيحيين وللأسف لم نلحظ حتى الآن أي مساعٍ جدّية وخاصة من الدول الأوروبية لمعرفة حقيقة مصيرهم، وبدأنا نؤمن بأن هناك مخططاً واضحاً لإفراغ الشرق من مسيحييه، الشيئ الذي يُجدّد فينا ذاكرة الخوف التاريخي من الإضطهاد والإبادة الجماعية على أساس الدين، ولا سيما تلك التي ذهب ضحيتها الأرمن والسريان والأشوريون واليونان في جنوب تركيا وما بين النهرين في بدايات القرن الماضي. ·
وهنا أعود لأنوّه بأنه لا مشاكل مهمة لنا مع الإسلام المعتدل والسالك بحسب الدين الاسلامي كدين يدعو للرحمة والسلام والذي عشنا معه 14 قرناً، ولكن مشكلتنا مع الإسلام السياسي والمتطرف والذي تحوّل بحد ذاته لإرهاب وعنف وأفقدنا السلام وأي مفهوم للديمقراطية، منتهكاً كل حقوق الإنسان والعودة بها إلى أصول دينية متطرفة، وغيّر مفاهيم الحرية الدينية لا بل ومنعها عن الذين لا يؤمنون بذهنيتهم المتطرفة. · وبرأيي المطلوب من الجميع لمواجهة ومقاومة كل ذلك:
1. العمل على تطوير برامج ومناهج تعليمية تنمي ثقافة احترام الإختلاف والحريات الدينية وقبول الآخر.
2. العمل على كتابة تاريخ المجازر الدينية في الشرق الأوسط والاعتراف بها، وبناء الأطر الفعالة التي تحفظ الشعوب والكنائس من تكرار المجازر والإضطهادات.
3. العمل على دعم وتشجيع كل الأقليات في الشرق وخاصة المسيحيين ليشعروا بالأمان وليتمسكوا ويحافظوا على تاريخهم وإرث حضاراتهم وليس فقط استقبالهم ومنحهم إقامات دائمة وحق اللجوء وخاصة في أوروبا.
4. الضغط السياسي والديبلوماسي، وحتى وضع عقوبات اقتصادية على الدول التي تساعد وتقوي وتموّل الإرهاب وخاصة في الشرق الأوسط.
5. على الدول الغربية الانتباه والحذر من الخلايا الاسلامية المتطرفة والتي تعيش في دولها وتستفيد من المميزات والتطور الموجود فيها، (إذ نلاحظ أن معظم الإرهابيين اليوم هم من دول أجنبية وخاصة أوروبية).
6. العمل على إيقاف الصراع الديني بكل أشكاله وأنواعه وخاصة السني والشيعي. – إنّ معظم بلدان الشرق الأوسط اليوم تسعى لوضع دساتير جديدة وإيجاد أنظمة ديموقراطية جديدة، وهي على مفترق طرق، فإما أن تختار الشريعة الاسلامية أساسًا لدستورها (ويا ليتها كانت اسلامية حقيقية ولكن معظمها متطرّفة)، فتتحول إلى نظام ثيوقراطي جديد سيساهم في تهجير ما تبقى من أقليات غير إسلامية وخاصة المسيحية، وإما أن تؤسّس دساتيرها على حقوق الإنسان وكرامته وحريته، فتكون بذلك قد أسهمت في بناء مستقبل زاهر يرتكز على الديموقراطية الحقة والتي من شأنها الحفاظ على جميع أبنائها سواسية والحفاظ على المسيحيين المتأصلين بهذا الشرق، فأين أنتم من كل هذا يا دول أوروبا ؟؟