رادار نيوز – نظّمت كلية الحقوق، قسم علم الجريمة في جامعة الروح القدس- الكسليك مؤتمراً محلياً ودولياً بعنوان “الجريمة المنظّمة: تهديدٌ عالمي”، في حضور وزير العدل اللواء أشرف ريفي، العميد فادي خواجة ممثلًا المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، الكولونيل إيلي كلاس ممثلاً المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، العميد ساسين مرعب ممثلاً مدير عام أمن الدولة اللواء جورج قرعة، العميد أنطوان جريج ممثلاً مدير المخابرات في الجيش اللبناني، ممثل قسم مكافحة الإرهاب في مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة القاضي علي يونس، رئيس الجامعة الأب هادي محفوظ، عميد الكلية المنظمة الأب طلال الهاشم، إضافة إلى جمع من السفراء ورؤساء المجالس القضائية العليا، والقضاة والمحامين والفعاليات العسكرية والأمنية والسياسية والنقابية والبلدية والتربوية والمدنية…، في قاعة البابا القديس يوحنا بولس الثاني في حرم الجامعة الرئيسي.
الافتتاح
فرنجي
افتتح المؤتمر بالنشيد الوطني، ثم تحدث رئيس قسم علم الجريمة الدكتور أنور فرنجي الذي لفت إلى أن “الأرقام التي يوفّرها مرصد الجريمة المنظّمة في جنيف تشير إلى أنّ الجريمة المنظّمة، في كلّ شكل من أشكالها، خصوصاً الاتجار بالنساء والأطفال منها، تعود بميليارات الدولارات إلى المنظّمات الإجرامية كل عام وأن معدل الاقتصاد الإجرامي يدنو أكثر فأكثر من معدل الإقتصاد الشرعي، متسائلا: “إذا كان دنو معدل الاقتصاد الإجرامي من معدل الاقتصاد الشرعي يضع وجود الإنسانية في حالة خطر فكيف بالحري إذا تخطى معدل الاقتصاد الشرعي؟ ألا يدفع بالإنسانية حتماً إلى الانتفاء فتحلّ محلّها الحيوانية على شكل إنسانية؟”
الأب الهاشم
وألقى عميد كليّة الحقوق الأب طلال الهاشم كلمة، شدّد فيها على “أنّ الجريمة المنظّمة في لبنان والبلدان العربية الأخرى هي قضية تثير القلق. وتبقى التحديات الكامنة في محاربة الإتجار بالبشر، والمخدرات والأسلحة تحدياتٍ ملحّة. انطلاقاً من هنا، احتضنت كليّة الحقوق في جامعة الروح القدس جزءاً من هذه التحديات من خلال جهودها المستمرة الهادفة إلى تعزيز سلطة القانون، فقد أطلقت قسم علم الجريمة الخاص بها. يرتكز هذا القسم على ثلاث دعائم أساسية، هي: التعليم، والبحث والنشاطات المقارَنة. تساعد هذه الدعائم الطلاب والباحثين على بناء تفكير نقدي في علم الجريمة يكون ضرورياً لمكافحة الجرائم ومظاهر عدم الاستقرار والأمان في أي مجتمع”.
وأضاف: “تحتاج الوقاية من الجريمة إلى سلسلة من النشاطات كتطوير التشريعات والنظام القضائي الجنائيكي يصار، بشكلٍ فعّال، إلى التحرّي عن المجرميين ومحاكمتهم وإنزال العقوبات بحقهم. وتشكّل المنظّمات والشبكات الإجرامية والأعمال التي ترتكبها تهديداً خطيراً للبنية التحتية والاقتصاد والمواطنين، الأمر الذي يتطلّب رداً منظَّماً ومنسقاً”.
الأب محفوظ
وفي كلمته قال رئيس الجامعة الأب هادي محفوظ:” “الخير العام” هو المبدأ الذي يلمع في البال في هذه اللحظات. أن تنظم كليّة الحقوق في الجامعة مؤتمرًا عن الجريمة المنظمة، لمصدر فرح يدفع بالجامعة الى الأمام.إنّه فرح على المستوى الاكاديميّ والطلابيّ، فمعالجة هذا الموضوع، يساهم في تنمية المستوى الأكاديمي في الكليّة ويساعد الطلاب على وعي أمور المجتمع وملاقاتها كما يجب”.
وأضاف: “إنّه فرح على صعيد الديناميّة الإداريّة التي تشهد لها كليّة الحقوق أجمل شهادة في جامعتنا. هذه الديناميّة الإداريّة سمحت للكليّة أن تكون سبّاقة، بين مثيلاتها، في ميادين عديدة”.
وتابع: “فهو فرح أيضًا على الصعيد الإنساني، لأنّ الكلام عن الجريمة المنظّمة يدلّ على شرّ مبين ويشير الى كيفيّة معالجته على المستوى القضائي والأمني. ولكن أهم معالجة للجريمة، وخاصّة للجريمة المنظمة، هو التيقن أولاً أن زرع الخير هو وحده المفيد، وهو وحده الكفيل بإنجاح الأنا والنحن، إنجاح كلّ إنسان وكلّ مجتمع”. وأكد “إنّ الجريمة المنظّمة تهدف الى تحقيق خير أفراد ينتمون الى تنظيمات اجراميّة، والدواء الناجع لشفاء المجتمع من هكذا وباء، هو إعلاء شأن الخير العام. هذا المبدأ يعني الخير لكلّ إنسان، إنّه خير عام أي معطى للجميع، أي في متناول الجميع. وهو بنوع من الأنواع، يعلن مبدأ تساوي الكرامة البشريّة عند جميع الناس. فالجميع متساوون في مبدأ الخير العام. إنّ المجرمين المنظّمين لا يمكن أن ينجحوا ولا يمكن أن يعيشوا الخير والفرح. فهم أيضا في غالب الاحيان، إن لم يكن في جميعها، يزرعون الإجرام بينهم وفيهم. فالسبيل الناجع للنموّ هو زرع الخير والتثقيف على الخير العام وتحقيقه، للنجاح الدائم وللانتصار. ويزيد المؤمن على هذه الفكرة الإعلان أنّ الله هو سيّد التاريخ، وهو المنتصر الدائم، فكلّ من لا ينضمّ الى مسيرة الخير والمحبة والطيبة التي يريدها الله، يفشل. هي حقيقة ايمانية تنعكس حقيقة في المجتمعات واليوميّات، فحبّذا لو فقهناها كما يجب”.
الوزير ريفي
واستهلّ وزير العدل االواء أشرف ريفي كلمته بالقول: “نلتقي اليوم في رحاب هذا الصرح التربوي العريق وبحضور نخبة من أصحاب الفكر والعلم وذوي التخصص في مجال مكافحة الجريمة المنظمة لنتبادل الخبرات ولننقل المعرفة التي إكتسبها كل منا في هذا المجال لاننا نؤمن جميعاً بان العلم هو منارة الحق والعدل وأن المعرفة بالشيء هي الطريق الى فهمه والسبيل الوحيد الى التعامل معه”.
وأضاف: “نلتقي معاً لأننا نعي تماماً حجم المخاطر التي تحدق بنا بفعل تطور الفكر الإجرامي ولأننا نفهم جيداً أن التطور غير المسبوق الذي شهده العالم في أواخر القرن الماضي والذي إستمر بوتيرة سريعة جداً حتى يومنا هذا على صعيد تقنيات التواصل والعولمة وعلى جميع الصعد لم يقتصر على ما يحقق صالح البشرية فقط، بل إنعكس أيضاً على شكل الجريمة ونطاقها وبدأت ظاهرة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية تهيمن على المشهد العالمي وتدق ناقوس الخطر لدى المجتمع الدولي الذي تحرك في العام 1998 من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة التي قررت إنشاء لجنة حكومية دولية مفتوحة باب العضوية مخصصة لغرض وضع اتفاقية دولية شاملة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، ولبحث القيام حسب الإقتضاء بوضع صكوك دولية للتصدي للإتجار بالنساء والأطفال ومكافحة صنع الأسلحة والإتجار غير المشروع بها وتهريب المهاجرين.
وتابع: “في العام 2000 إعتُمدت إتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية وعُرضت للتوقيع والتصديق والإنضمام ، وقد صادق لبنان على هذه الإتفاقية في العام 2005، وكان الغرض من هذه الاتفاقية تعزيز التعاون على منع الجريمة المنظمة عبر الوطنية ومكافحتها بمزيد من الفعالية، نظراً للمخاطر التي تهدد الامن والإستقرار العالميين بفعل تطور صور الجريمة، كما شكلت هذه الإتفاقية نقطة إنطلاق مرحلة جديدة من التعاون الدولي في مجال مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية حيث تبعتها بروتوكولات تتعلق بمكافحة الإتجار بالأشخاص وأخرى بمكافحة الإتجار غير المشروع بالأسلحة وغيرها من الصكوك الدولية التي ترمي الى مكافحة كل صور الجريمة المنظمة”.
كما أكّد الوزير ريفي”أنّ “لبنان، بدوره، واكب هذا الحراك الدولي بإتجاه مكافحة الجريمة المنظمة، وأقر قانون مكافحة تبييض الاموال في العام 2001 وقانون مكافحة الإتجار بالبشر في العام 2011 وكان قد أقر سابقاً قانون المخدرات في العام 1998 ودأبت الاجهزة الأمنية والقضائية اللبنانية على تطوير نفسها من خلال المشاركة في ورشات تدريبية داخل وخارج لبنان للتخصص في مجال مكافحة الجريمة المنظمة بمختلف أشكالها، كما إنضم لبنان الى مجموعة العمل المالي GAFIالتي عملت على إصدار مجموعة من التوصيات رسمت الخطوط العريضة للإجراءات الفاعلة والممارسات الأفضل الواجب تطبيقها في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب”.
ثم أردف قائلاً: “وفي الإطار عينه، إنضم لبنان الى مجموعة مكافحة تمويل ما يسمى بالدولة الإسلامية- داعش (CIFG) التي عقدت إجتماعها الأول في 19 و 20 من شهر أذار 2015 بهدف صياغة خطة عمل لتعزيز مستوى الفهم حيال الأنشطة المالية والإقتصادية لتنظيم “داعش” وتبادل المعلومات ذات الصلة بالإضافة الى تطوير وتنسيق الجهود المبذولة لمكافحة الأنشطة المالية للتنظيم”.
وشدّد على أنّ “صور الجريمة المنظمة لم تعد تقتصر على الإتجار بالمخدرات والأسلحة وتبييض الأموال والإتجار بالبشر، بل باتت تشمل الإتجار غير المشروع بالأثار والخطف مقابل فدية وغيرها من الجرائم الخطرة، كما تشكل جرائم الإغتيال السياسي ومخططات التفجير صورة من صور الجريمة المنظمة، وما شهده لبنان من إغتيالات في السنوات الماضية ومن تفجيرات طالت نخبةً من رجال الدولة وأصحاب القلم الحر وإعتداءات ادت الى سقوط شهداء من الجيش اللبناني والقوى الامنية ومواطنين أبرياء لهو خير دليل على أننا عايشنا أبشع صور الجريمة المنظمة وكافحناها ونجحنا في القضاء عليها بفعل تضحيات الشرفاء في هذا الوطن اللذين نذروا أنفسهم لخدمة وطنهم ورفضوا أي تبعية او هيمنة، قالوا كلمة الحق ولو على حساب حياتهم لانهم آمنوا بلبنان الرسالة لبنان الوحدة والعيش المشترك، لبنان الجيش والشعب والعدالة، نعم هذه هي المعادلة التي يريدها الشعب اللبناني معادلة الجيش والشعب والعدالة، معادلةً لكل اللبنانيين تحاكي كل فرد منهم، تخاطب شرائح مجتمعنا كافة، فلا يشعر أحد بانه مستثنى ولا يستشعر احد أنه الأقوى”.
وختم: “لقد قلنا سابقاً ونعود ونقول مجدداً، إن الخطر القادم علينا من الإرهاب بأشكاله المتعددة انظمةً ومنظمات، لا يواجه إلا بالوحدة وبالتمسك بالدولة وبالقوة الأمنية الشرعية التي تبقى الملاذ الأمن والضمانة لنا جميعاً، فانظمة الإستبداد والقمع أيلة الى السقوط والإنهيار والكيانات الطارئة على مجتمعاتنا أيلة الى الأفول، وزمن الإفلات من العقاب ولى الى غير رجعة، والعدالة أتية لا محالة مهما حاول المجرمون طمس الحقيقة ومهما إجتهدوا في القضاء على الأدلة، فالدليل فيهم، يشير إليهم والعدالة تناديهم وسيساقوا الى المحكمة لكي يكونوا عبرةً لكل مرتكب ظن ان جبروته وظلمه أقوى من إرادة الشعوب، وكأنه لا يقرء التاريخ أو لا يفهمه، لا يفهم أن عروش سقطت تحت أقدام الأحرار، فإذا غابت عدالة الأرض لبعض الوقت فإن عدالة الله لا تغيب”.
هذا ويطرح المؤتمر على مدى يومين المواضيع التالية: الجريمة المنظّمة بمختلف أشكالها وطرق محاربتها، الاتجار بالبشر، الإرهاب، تبييض الأموال… وذلك بمشاركة نخبة من رجال القانون والحقوق من قضاة ومحامين ومستشارين قانونيين بالإضافة إلى قادة عسكريين وأساتذة ومحاضرين وممثلين عن جمعيات إنسانية…