متري رعى إطلاق برنامج الاعلام من أجل التنمية

السبت, 23 أبريل 2011, 18:00

بالشراكة مع “فرانس برس للتدريب” والسفارة الفرنسية:
الإعلام في لبنان يعاني طغيان الترفيه والسياسة الضيقة
وبعضه يغلب التنديد على النقد والاتهام على المساءلة
واتكنس: لبنان يسير ببطء نحو المساواة بين الجنسين
أطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، برعاية وزير الإعلام الدكتور طارق متري، وبالشراكة مع “مؤسسة فرانس برس للتدريب والقناة الفرنسية الدولية والسفارة الفرنسية في لبنان، مشروع “الإعلام من أجل التنمية”، وافتتح الدورة التدريبية الأولى للاعلاميين في لبنان.
ويندرج “برنامج الاعلام من أجل التنمية” ضمن اطار مشروع دعم انجاز الأهداف الانمائية للالفية، ويهدف الى تعزيز مفاهيم السلام والتنمية عبر تعزيز قدرات الصحافيين اللبنانيين على القيام بتقارير عن التحديات الانمائية وعلى الاستخدام الفاعل لوسائل الاعلام لتحفيز التغيير، بالاضافة الى اتباع مقاربة محايدة وموضوعية وبناءة في تغطية الصراعات واي قضايا أخرى في البلاد. ويساهم في تعزيز القدرات المهنية للاعلاميين وتشجيعهم على أهمية التغطية الموضوعية للمواضيع الانمائية عبر وسائل الاعلام المختلفة وذلك من خلال تأمين المساعدة التقنية والبرامج التدريبية اللازمة.
حضر حفل الإفتتاح السفراء الفرنسي دوني بييتون، والمكسيكي خورخي الفاريس، والايطالي جيوسيبي مورابيتو، والكولومبية ريدا مارييت اجوري، الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي روبرت واتكنس، رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي ل”وكالة فرانس برس” إيمانويل هووغ، المدير العام للقناة الفرنسية الدولية إتيان فيات، مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الإشتراكي رامي الريس وحشد من الإعلاميين.
بداية النشيد الوطني، ثم ألقى متري كلمة قال فيها: “يسعدني أن أرعى مبادرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والقناة الفرنسية الدولية، الهادفة الى المساهمة في إقدار إعلاميات وإعلاميين لبنانيين من أجل اهتمام أكبر وعمل مهني أفضل في مجالات التنمية. ولا يخفى على أحد منا أن بين الإعلاميات والإعلاميين اللبنانيين طاقات كبيرة وعددا غير قليل من ذوي التدريب المهني الجيد والكفاءة العالية، غير أن الطاقات هذه والإمكانات لا تجد أحيانا في بعض وسائل إعلامنا ما يتيح لها أن تولي قضايا التنمية التي هي شاغلكم في هذه الندوة، ما تستحق من اهتمام. فإعلامنا المتنوع الحر، وأن لم يكن مستقلا، يعاني طغيانين في المحتوى، في اللغة كما في المزاج إذا شئتم، أولهما طغيان السياسة لا بمعناها الأصلي بل بمعناها الضيق، بوصفها صراعا على السلطة أو تقاسما لها أو وسيلة لتوكيد علاقات القوى أو تغييرها. وثانيهما طغيان برامج الترفيه على تلك التي تنشغل بمسائل المجتمع والإقتصاد والثقافة”.
وأوضح متري “أن الطغيان الاول يرتبط بنوع من العلاقة الوثيقة بين عدد من الإعلاميين وعدد من السياسيين، تقوم على حماية بعض هؤلاء لبعض اولئك، وعلى دعمهم مقابل التأييد والمراعاة على حساب المسافة النقدية التي يشترطها دور الإعلام المهني في المراقبة والمحاسبة والمساءلة ومساعدة المواطنين على تكوين اقتناعاتهم بأنفسهم، وان يأخذوا خياراتهم أحرارا. وفي هذه الحال، نرى إعلامنا لسوء الحظ، أو بعضه على الأقل، ينزلق الى لعنة يغلب فيها التنديد على النقد، والاتهام على المساءلة، والتحريض على المحاسبة، أما الطغيان الثاني، وإن يكن مبررا، فوسائل الإعلام فيه تحتاج الى مداخيل ومشاهدين، والطلب الإجتماعي على الترفيه كبير ولا سيما في لبنان، غير أن هذا الطغيان يؤدي أحيانا الى الإنزلاق بالإعلام الى البذاءة، وأنا لا أغالي في هذا الأمر، والى الفضائحية، مما ينحدر بالذوق العام وبالأخلاق العامة الى مستويات لم يعرفها لبنان من ذي قبل، ولعل الانشطة التي تفتتحون هذه الورشة بها، تكون حافزا لأصحاب القرار في المؤسسات الإعلامية، وللاعلاميات والإعلاميين أن يعطوا مسائل التنمية على اختلافها مساحة أكبر في إعلامنا، ذلك أن التجارب والإطلاع على ممارسات ناجحة هي كثيرة لا في أوروبا فحسب بل في افريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا، حيث هناك تجارب ناجحة في الإهتمام بقضايا التنمية على نحو يشد القراء والمشاهدين والمستمعين، فلا يكون اهتمامنا بقضايا التنمية على حساب حق المواطنية لمتابعة الشؤون السياسية، ولا على حساب رغبتهم في أن يأتي الإعلام لهم بقدر من الترفيه”.
أضاف: “إن لغة الكلمات المتكررة المتعددة المعاني، لفرط ما تتعدد معانيها تكاد تفقدها كلها. ونستطيع ان نستثير طلبا اجتماعيا على إعلام مهتم بقضايا التنمية، إذا استطعنا ان نخرج من الأنماط التقليدية، ومن هذه اللغة التقليدية الرتيبة المملة، لكن الاهتمام ايضا بقضايا التنمية الإجتماعية يستدعي ابتعادا عن الفصل المصطنع بين قضايا المجتمع والقضايا السياسية، مما يجعل من إعلام اجتماعي تنموي وسيلة لإعادة الإعتبار للسياسة، لا بوصفها صراعا عاريا على السلطة أو مظاهرها فحسب، لكن في الوقت نفسه يقينا من مخاطر الخلط المصطنع والمشوش بين شؤون المجتمع ومسائل السياسة، والطلب الإجتماعي هذا ليس معطى ثابتا لا يتغير، فهو يزداد بازدياد ما يقدمه الاعلام من تحقيقات، وهي ما نفتقده كثيرا في بعض إعلامنا وكتابات رصينة وجذابة في الوقت نفسه، فالرصانة ليست عدو الجاذبية وليست مرادفة للرتابة”.
وتابع: “تبقى كلمة أخيرة عن فوائد جانبية من ورشة كالتي تبدأون اليوم، وهي فوائد أرجوها لأنها تفتح نافذة على التفكر في قضايا حيوية للاعلام اللبناني، لكنها تسمح أيضا لهذا التفكر بأن يجري بهدوء وعقلانية ورغبة في الحوار. ولو كان موضوع التدريب في هذه الورشة الإعلام السياسي، لما ضمنا قدرا من الهدوء والصفاء والرغبة في الحوار التي قد ييسرها لنا البحث في قضايا المجتمع، لذلك أحسب انها قادرة على أن تفتح نافذة على مسائل كثيرة، منها ما يتعلق بالقوانين التي نحتاج اليها في لبنان، وهي كثيرة جدا، حسبي أن أذكر منها قانون الحق في الوصول الى المعلومات، وهو قانون يتيح للاعلام الذي تنشدون، هذا الإعلام الذي يهتم بقضايا التنمية أن يمتلك الأدوات اللازمة ليكون في الوقت نفسه رصينا وجذابا، بعيدا من الإثارة والفضائحية، وكأن الجاذبية تقتصر على الإثارة الفضائحية، وهو مناسبة للتشاور مرة بعد مرة في الأخلاق المهنية التي نحتاج الى الاتفاق على مبادئها وسلوكياتها وكيفية التزامها، وأحسب أن البحث في الإعلام الخاص بقضايا التنمية الإجتماعية يفتح لنا أبواب الأسئلة حول الأخلاق المهنية”.
ولاحظ واتكنس أن “توقيت هذا البرنامج يتزامن مع عشية الذكرى السادسة والثلاثين لاندلاع الحرب الأهلية في لبنان والتي لا نزال نعاني عواقبها المأسوية يوميا، كذلك يأتي تنظيم هذا الحدث في وقت نشهد حدوث تغييرات واسعة النطاق في كل أنحاء المنطقة وبوتيرة تخطف الأنفاس”.
أضاف: “من الواضح أن بامكان الاعلام لا بل ينبغي له أن يؤدي دورا رئيسيا في المساعدة على تفادي مآسي الماضي وتوجيه لبنان نحو مستقبل أكثر اشراقا وفي واقع اقليمي جديد”.
وقال: “إن “برنامج الأمم المتحدة الانمائي يحمل في جعبته تاريخا طويلا يقارب عقدين من الزمن قام خلالهما بدعم التنمية في لبنان عبر جملة من الأبعاد، بدءا بالتنمية الاجتماعية والمحلية، فالحكم الديموقراطي والبيئة والطاقة وصولا الى منع الأزمات والنهوض منها”. واضاف “قام برنامج الأمم المتحدة الانمائي خلال هذه الفترة شأنه شأن جميع منظمات الأمم المتحدة، بتنظيم جهوده لدعم لبنان في تحقيق الاهداف الانمائية للألفية وهي كناية عن اطار توجيهي مؤلف من ثماني أولويات تعظظ إحداها الأخرى وتتناول الفقر وااصحة واالتعليم والمجالات البيئية، التزم قادة العالم تحقيقها بحلول سنة 2015”.
واشار الى أن “برنامج الأمم المتحدة الانمائي يسعى الى أن يكون بمثابة حافز في هذه العملية من خلال نشر الوعي وتعبئة الموارد ودعم الجهود التي تبذلها الحكومة من أجل تطوير وتنفيذ استراتيجيات الأهداف الانمائية للألفية المحددة على المستويين الوطني والمحلي، كذلك يقوم البرنامج برصد التقدم ومعالجة العقبات خلال فترة التنفيذ، وتأتي مبادرة الاعلام من أجل التنمية في اطار السياق الأوسع لدعم المؤسسات اللبنانية”.
ولاحظ أن “لبنان يسير على الطريق الصحيح نحو تحقيق عدد من الأهداف بحلول سنة 2015 ولا سيما تلك التي تتناول مجالات التعليم والصحة، وهو جدير الثناء لذلك”. وفي الوقت نفسه، لا نزال أمام رحلة طويلة لتحقيق الأهداف الأساسية، وهي القضاء على الفقر وتحقيق المساواة بين الجنسين والاستدامة البيئية. ففي ما يخص الفقر، تم رصد انخفاض طفيف في مستوى الفقر المدقع في السنوات الأخيرة بحيث انخفض المعدل من 10,1 في المئة الى 8 غي المئة في الفترة الممتدة بين العامين 1995 و2005. ومع ذلك، تبدو وتيرة هذا الاتجاه تسير ببطء نحو تحقيق الهدف الرامي الى خفض مستوى الفقر المدقع بمقدار النصف بحلول العام 2015. ويمكن قول الشيء عينه عن تحقيق المساواة بين الجنسين، فبالرغم من من ان الأرقام تشير الى تكافؤ الفرص بين النساء والرجال والفتيات والفتيان لجهة الحصول على التعليم، تظهر بيانات المشاركة الاقتصادية والتمثيل السياسي استبعاداً يطال النساء في لبنان وبحد كبير بالمقارنة مع مع الأرقام المسجلة غلى المستويين الاقليمي والعالمي”.

وتابع: “فيما يحمل تحقيق الأهداف الانمائية في طياته جملة من التحديات المعقدة والمتشابكة، لا يمكن تنفيذ هذه الأهداف الا من خلال التعاون بين مختلف الشركاء، بحيث يجلب كل منهم قيمة مضافة وفريدة للاستجابة لهذه العملية”.
ورأى أن “كلا من الحكومة والمنظمات غير الحكومية وممثلي الشعب المنتخبين محليا ووطنيا والجمهور بشكل عام، يلعب دورا مهما في تنفيذ الأهداف الانمائية. ومع ذلك، يعد الاعلام المحايد والموضوعي والمحترف شرطا ضروريا للتمكن من تنفيذ العملية. يقوم الاعلام، من خلال تسليط الضوء على الثغر والانجازات وايصال شؤون اللبنانيين المشتركة باختلاف انتماءاتهم الاجتماعية والسياسية والجغرافية والمذهبية، بتوفير تدفق المعلومات المهمة والمساءلة على السواء. ونتمنى من خلال اتباع هذا النهج، أن تساهم مبادرة الاعلام من أجل التنمية بدعم طموح لبنان من أجل تحقيق السلام والتنمية المستدامة”.
وقال هووغ ان المؤسسة فخورة باقامة “برنامج وسائل الاعلام في خدمة التنمية” في بيروت. واشار الى أن “مؤسسة وكالة فرانس برس نفذت حتى الآن نحو 30 مشروعا بينها سبعة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الانمائي، في لبنان وخارج لبنان، ولكن هذا البرنامج هو الأكثر طموحا بين المشاريع التي نفذتها في أربع سنوات من عمرها، ليس فقط لأنه لمدة سنتين، ولكن لأنه يتجاوز أيضا اطار التدريب المهني للصحافيين، ويهدف الى توعيتهم بالتأثير الذي يمكن ان يقوموا به في هذا المجال”. وأضاف: “لسنا ي صدد تجنيد الصحافيين كمناضلين في الامم المتحدة، لكن لتوعيتهم على الدور الرئيسي الذي من الواجب ويمكن ان تلعبه الصحافة في كل بلد ديموقراطي”.
وتابع: “نطمح ايضا الى تحضير الصحافيين ليمرروا الرسالة الى مواطنيهم والى صحافيين آخرين، والى نواب، وموظفين، ومديري شركات، ومواطنين من مختلف الفئات، وحتى الى تلاميذ المدارس”.
وقال: “بمساعدة برنامج الأمم المتحدة الانمائي، سننظم محاضرات في مختلف المناطق في لبنان حتى يصبح اللبنانيون سريعا مدركين هذه العملية. انها الوسيلة التي تؤمن استمرارية هذا المشروع”.
ورأى فيات “أن هذه التجربة تتيح جمع صحافيين متنافسين في العادة، لكي يعملوا معا”. وشدد على أهمية شمول البرنامج وسائل اعلام متنوعة مسموعة مرئية ومكتوبة. وقال: “في فرنسا كما في لبنان، ليس من السهل استنفار وسائل الاعلام لمواضيع وتحديات كالأهداف الانمائية للالفية و التي قد تبدو مملة وبعيدة من اهتمامات الجمهور”.
ولاحظ أن “حب اللبنانيين للسياسة ولكن أيضا حاجتهم المشروعة الى الترفيه، هي عناصر قد لا تشجع أصحاب القرار الاعلامي في لبنان على ابراز المواضيع التي قد تبدو جافة ومنفرا للمشاهدين والقراء والمستمعين”.
وشدد على أن “توعية المواطنين وتأمين مشاركتهم هي عوامل أساسية وحاسمة للحصول على نتائج في شأن التحديات التنموية”.

اترك تعليقاً

إضغط هنا

Latest from Blog

أم عبدالله الشمري تتحدث عن الشهرة والعائلة والتحديات في أولى حلقات “كتير Naturel”

استضاف برنامج “كتير Naturel” في حلقته الأولى، الذي يُعرض عبر تلفزيون عراق المستقبل من إعداد وتقديم الإعلامي حسين إدريس، خبيرة التاروت أم عبدالله الشمري. وتحدثت أم عبدالله بكل صراحة عن مسيرتها، الشهرة،

رامونا يونس: العناية بالبشرة هو استثمار..

ولعدم النوم أبداً دون ازالة الماكياج! في عالم الجمال والعناية بالبشرة، برزت أسماء كثيرة، لكن قلة من استطعن الجمع بين الاحترافية والشغف الحقيقي بما يقدمنه. من بين هؤلاء، السيدة رامونا يونس، الناشطة

زخم الرئاسة الاولى وتحقيق الاستقرار المالي والنقدي – بقلم العميد الدكتور غازي محمود

يعيش لبنان منذ انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية عرساً حقيقياً، ويشهد زحمة مهنئين شملت كل من الرئيسين الفرنسي والقبرصي بالإضافة الى امين عام الأمم المتحدة، وكل من وزير خارجية الأردن ووزيرة
Go toTop