مستقبل لبنان بأيدي الشباب: نحو عقد اجتماعي جديد

الجمعة, 28 أغسطس 2015, 3:05
بقلم: استاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية الدكتور وليد عربيد

محام بالأستئناف

 رادار نيوز – حرك المجتمع المدني المياه الراكدة في لبنان بعد طول انقطاع ، وأظهر بالدليل الحي أن اللبنانيين لم يموتوا بعد بسموم الطائفية والفساد والتبعية للخارج . لقد سقط النظام السياسي منذ أول صرخة في ساحات بيروت ، ولم يعد لدى الطبقة السياسية وسيلة لقمع انتفاضة الشباب اللبناني المطالب بالتغيير ، سوى الوسائل اياها التي تستخدمها الانظمة الساقطة : جدران الفصل ، وهراوات ورصاص العسكر ، وحبل طويل من الاكاذيب والاضاليل .

ان تفاقم الازمات المعيشية وتراكمها ، وعجز الطبقة السياسية عن معالجتها، لانها المسبب الرئيسي لها ، لم يترك لشباب لبنان الا خيار الثورة على الاوضاع المزرية للبلد ، وعلى الحالة المتردية التي اوصلت حكومة ائتلاف 8 و 14 اذار المواطنين اليها. لقد فضح الوضع الراهن كذبة عمرها من عمر اتفاق الطائف ، وهو ان النظام سليم والوضع بخير ، وان كل الازمات سببها سياسي طائفي، وان تغيير حكومة من هنا ، او اجراء انتخابات من هناك ، يكفي ، وخصوصا في مرحلة 2005 وما بعدها .

كلا الوضع ليس بخير ، وشباب لبنان محقون بمطالبتهم باسقاط النظام الطائفي ، ودعوتهم مشروعة تماما ، لانه نظام محاصصة وتقاسم جبنة ، ولا يعول عليه باي شكل من الاشكال ، لايجاد حلول لازمات البطالة والفقر والتعليم والبيئة . لذا نتوقع أن تتجذر حركة الشباب في ساحات بيروت للتحول الى قوة شعبية قادرة على فرض التغيير بايجاد عقد اجتماعي جديد ، وبارساء نظام علماني ديمقراطي يقوم على نظام المواطنة ، لا الطائفة .

ان الدعوة لاسقاط طائفية النظام ، والدعوة لعقد اجتماعي جديد ، لا تعني ، كما يقول بعض المغرضين ، الدعوة الى مؤتمر تأسيسي يعيد انتاج النظام الطائفي بحصص جديدة . فالمطلوب تطبيق اتفاق الطائف ، ولا سيما البند الذي يطالب رئيس الجمهورية (الاول بعد الاتفاق ) بتشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية ، فيضم اليها النخب والمثقفين والخبراء والاكاديميين  وقادة المجتمع المدني ، لوضع اسس نظام بديل لنظام المحصاصصة الطائفي . واذا كان الرؤساء منذ الطائف وحتى اليوم تذرعوا بالاحتلال الاسرائيلي ثم بالوصاية السورية ثم بالظروف الاقليمية ، فاحجموا عن تنفيذ هذا البند الاساسي من الميثاق الوطني للعام 1990 ، فان المجتمع المدني اليوم يأخذ المبادرة ، وخصوصا في ظل الشغور الرئاسي ، وتعطيل المؤسسات كافة .

الشلل التام للدولة اليوم هو نعمة وليس نقمة ، فائتلاف 8 و 14 اذار الحاكم منذ العام 2005 اثبت فشله في ادارة هذه الدولة ، لانه يعتمد المحاصصة الطائفية والمذهبية ، ويتنازع المغانم والمكاسب ، وقد ذهب بعيدا في غييه ، عندما تجرأ على النقابات والهيئات المهنية والاهلية وهاجمها بكل قوى السلطة ، فنجح في الغائها ـ او تعطيل فعاليتها ، وآخرها هيئة التنسيق النقابية . وعندما لاحت بوادر تحرك مدني مقلق للنظام ، أطلق جماعاته المعبأة مذهبيا للاندساس في تحركات ساحات بيروت بهدف اجهاضه من “الداخل ” .

الشعب اللبناني يستحق افضل من هذه الطبقة السياسية . هو لم يقصر في واجباته الوطنية فدحر الاحتلال والوصاية ، ولم يقصر بواجباته السياسية فشارك بفعالية في كل الاستحقاقات الدستورية ، وهو لم يقصر بحبه فصمد من دون ادنى مقومات العيش ، من ماء وكهرباء وفرص عمل وتعليم ووسائل نقل وغيرها ، ولم يقصر في اثبات انتمائه فرفض كل اغراءات الطبقة السياسية بتجديد الحرب الاهلية .

الشباب يعبرون اليوم عن هذا الشعب ، وليس سياسييه . واذا كان من مستقبل للبنان فهو بيد هؤلاء الشباب ، ولا أحد غيرهم .

إضغط هنا
Previous Story

نحاس: انا مع التغيير وهذا هو نضالي منذ عودتي الى البلد

Next Story

قمة روحية اسلامية ـ مسيحية في بكركي الاثنين المقبل

Latest from Blog

رامونا يونس: العناية بالبشرة هو استثمار..

ولعدم النوم أبداً دون ازالة الماكياج! في عالم الجمال والعناية بالبشرة، برزت أسماء كثيرة، لكن قلة من استطعن الجمع بين الاحترافية والشغف الحقيقي بما يقدمنه. من بين هؤلاء، السيدة رامونا يونس، الناشطة

زخم الرئاسة الاولى وتحقيق الاستقرار المالي والنقدي – بقلم العميد الدكتور غازي محمود

يعيش لبنان منذ انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية عرساً حقيقياً، ويشهد زحمة مهنئين شملت كل من الرئيسين الفرنسي والقبرصي بالإضافة الى امين عام الأمم المتحدة، وكل من وزير خارجية الأردن ووزيرة
Go toTop