رادار نيوز – سيطر تنظيم الدولة الإسلامية بشكل كامل على مدينة تدمر الأثرية في الصحراء السورية بعد منتصف ليل الأربعاء الخميس، ما يثير مخاوف جدية على الآثار القيمة الموجودة في المدينة والمدرجة على لائحة التراث العالمي.
وتفتح هذه السيطرة الطريق أمام التنظيم الجهادي نحو البادية السورية الممتدة من محافظة حمص (وسط) حيث تدمر حتى الحدود العراقية شرقا. وبالتالي، بات التنظيم يسيطر على نصف مساحة سوريا الجغرافية تقريبا.
وقال مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن «انتشر عناصر تنظيم الدولة الإسلامية في كل أنحاء المدينة بما فيها المنطقة الأثرية في جنوب غربها والقلعة في غربها».
وتحدث الناشط محمد حسن الحمصي المتحدر من تدمر لوكالة فرانس برس عن «انهيار قوات النظام التي انسحبت من معظم المواقع من دون مقاومة تذكر».
وأوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أن «قوات الدفاع الشعبي انسحبت من أحياء تدمر بعد تأمين خروج معظم الأهالي واستقدام تنظيم داعش الإرهابي أعدادا كبيرة من إرهابييه».
وانسحبت معظم قوات النظام في اتجاه مدينة حمص، بحسب المرصد الذي أشار إلى أن «قسما من السكان نزح إلى حمص، بينما لازم آخرون منازلهم». ولم يعرف بالتحديد مصير نزلاء سجن تدمر الواقع شرق المدينة، والذي وصفه الناشط محمد الحمصي على حسابه على موقع «فيس بوك» بـ «القبر الكبير»، وهو سجن ذاع صيته في الثمانينيات بسبب ممارسات القمع التي حصلت فيه على يد نظام الرئيس الراحل حافظ الأسد.
وقال المرصد إن قوات النظام قامت خلال الأيام الماضية بنقل السجناء إلى مكان آخر لم يحدد.
ولقد أسفرت معركة تدمر التي استمرت ثمانية أيام عن مقتل 462 شخصا على الأقل، هم 71 مدنيا و241 من قوات النظام وقوات الدفاع الوطني الموالية لها، و150 عنصراً من تنظيم الدولة الإسلامية.
ويثير دخول التنظيم الجهادي إلى المدينة العريقة قلقا في العالم، إذ سبق للتنظيم أن دمر وجرف مواقع وقرى أثرية في سوريا وفي العراق خصوصا بينها آثار الموصل ومدينتا نمرود والحضر التاريخيتان.
وحذرت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) إيرينا بوكوفا في شريط فيديو نشر على موقع المنظمة الإلكتروني الخميس من أن «أي تدمير لمدينة تدمر لن يكون جريمة حرب فحسب وإنما أيضاً خسارة هائلة للبشرية».
وفتحت السيطرة على تدمر الطريق للتنظيم على البادية السورية حيث لا يزال النظام يحتفظ فقط ببعض المواقع العسكرية، بينها ثلاثة مطارات عسكرية «س 1» و «س 2» ومطار تيفور العسكري.
وقال عبدالرحمن «بات التنظيم بعد سيطرته على كامل منطقة تدمر والغالبية الساحقة من البادية السورية يسيطر على أكثر من 95 ألف كلم مربع من المساحة الجغرافية لسوريا»، أي ما يوازي نصف مساحة البلد، وإن كانت هذه المساحة لا تضم الغالبية السكانية.
وأوضح الخبير الفرنسي في الشؤون السورية فابريس بالانش أن سيطرة التنظيم «تؤمّن تواصلا جغرافيا مع العراق من خلال البادية السورية».
وأشار إلى أن السيطرة على تدمر تعني أيضاً «السيطرة على حقول مهمة للغاز تغذي محطات التوليد الكهربائي السورية». ورأى أنه رغم أن تنظيم الدولة الإسلامية «لن يتمكن من استثمار هذه الحقول، لكنه يحرم المناطق الحكومية من جزء آخر من تموينها بالطاقة».
وبات تنظيم الدولة الإسلامية يسيطر على «الغالبية الساحقة من حقول النفط والغاز في سوريا»، بحسب المرصد. وبقي خارج سيطرته حقل شاعر الذي تسيطر عليه قوات النظام في ريف حمص الشرقي، وحقول رميلان التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية في ريف الحسكة.