هاتفني أبانا… فأمرنا! – علي الهادي خليفة

الإثنين, 14 يونيو 2021, 0:05

رادار نيوز – أقبح مشهد أنك كمواطن أو كجزء من جماعة تعيش حالة “اللامصير”. جماعة وأفراد مصيرهم مجهول، مشتّتوا الولاءات، كأحجار الشطرنج تُحرّك بإرادتها أو بدونها لتكون مكسبًا لمصير مجتمعات وجماعات أخرى. وما يزيد هذا المشهد قبحًا، أن يكون حاضر الجماعة معارضًا لماضٍ كان يزهر بالنجاحات، تقف أمام اللّاعبين بقوّة وثقة، يليق بها الإحترام وحريٌّ بها جدارة الحياة. قد يكون من المستغرب كفرد أن يرجع الى حقبة لم يشهدها، بل قرأ عنها أسطرًا معدودة، لا بل الى حقبة غابرة أصبحت في عهدة النسيان لا بل الكتمان ! لا يعلم تفاصيلها إلّا قلّة، ولا يعبّر عنها إلّا بعنوان فقط. لربمّا ذلك عن قصد أو عن غير قصد، لكن لا ينمّ ذلك إلّا عن حالة “ثمالة” هذه الجماعة لا تعرف أهدافها، ولا يُعبّر عنها إلّا بغير ما أرادت. في ظلّ هذا الواقع الذي يعيشه لبنان لا حلول فيه، وفي ظل مجتمع يتنطّح أبناءه دون جدوى أو حتى دون هدف حقيقيّ لا ينمّ الّا عن حالة الانفصام لدى الفرد اللبناني.

لذلك أحببت أن أدوّن ما دار في نفسي بعد قراءتي لقول الأب فؤاد شهاب (المذكور في الأخير). هي لحظة تخيّلت أننّي جالس مع الرئيس فؤاد شهاب أحاوره وأرجو منه حلًّا لواقعنا اللبناني، تشجيع ولو معنويّ رأفة بأنفسنا من الضياع وبلبنان من الهلاك في ظل احتدام الصراع العالمي والاقليمي. وهذا ما دار في ذهني: أنا: “أبانا هل ستقودنا نحو برّ الأمان من جديد ان كنت بيننا ؟”

الرئيس: “بالطبع لا، لقد عُرض عليّ ذلك وكنت أشاهد الظلام يقترب من لبنان فرفضت لأنني تعبت، وسموه آنذاك ببيان العزوف. لم أجد أحدًا يتقبّل تطوير تفكيره ليجعل من لبنان هدفًا. لكن أخبرني عن حالكم ؟ ” أنا: “يا أبانا لا اعرف من أين أبدأ، ولاءات مشتّتى تتربّص كلّ فئة بأخرى. والطوائف غاية والانجاز معدوم…”

الرئيس: “يعني حالكم أسوأ ممّا مضى ؟!” أنا: “أكثر من سيء. جماعات لا تأبه بحرمات المؤسسات، ولا بمنطق دولة، منطقنا أصبح (اللامنطق)”. الرئيس: “هذا يدلّ على أنّكم بحاجة الى إعادة تأهيل. بحاجة الى تربية وطنية وتنشئة اجتماعية جديدة وبسرعة دون تسرّع”. أنا: “يا أبانا ما رأيك بفئة تفرح لإهانة رئيس الجمهورية من قبل رئيس اجنبي، وأخرى تزهو بخطاب ضابط اجنبي يُعلم العالم أنّ لبنان خادم لأهدافهم، وجماعة تتوسّل الانتداب من رئيس آخر لكأن لا كرامة لنا. نتسابق أيٌّ منّا يثبت غباءه !!”

الرئيس: “ألهذا المستوى انحدرتم! ما خطب هذا الشعب يبدأ من الأعلى ولا يقبل الّا أن يكون الأدنى؟! يفشل في الداخل ويعمُرَ في الخارج. يعقل رقبته بيد الخارج ويجعل من نفسه مطيّة كل لاعب. من المستحيل فقط أن يكون السبب هو الطغمة الحاكمة”. أنا: “معك حقّ يا فخامة الرئيس، لكن من اعترض على الواقع نُبِذ، ومن وصّف الواقع اتّهم بالجنون، ومن أتى بحلّ كأنه كفر. واقع وجماعات ميؤوس منها”.

الرئيس: “لا اعلم ماذا اقول، لكن من المؤكد أن لبنان أصبح غير عابئٍ بما يجري حوله، وعند التسويات سيكون أول الخاسرين وآخر الواصلين”. أنا: “ما الحل إذًا يا أبانا؟” الرئيس: “الحلّ بسيط”. أنا: “كيف ذلك ؟! بسيط للغاية!!

الرئيس: “نعم سهل الطرح لكن صعب التطبيق. بداية عليكم بإلغاء “الهدنة” بين الطوائف وتهدئة النفوس المشحونة. فهذه المهادنة والشحن يجعل من السهل احلال ما يضمره الخارج لكم، خاصة مع الفراغ الذي سيحدث خلال الفترة القادمة على لبنان، ان لم تجابهوا كلكم ذلك بالكتف على الكتف”. أنا: “إذًا ما هو الحلّ يا فخامة الرئيس؟”

الرئيس: “وطّنوا أنفسكم، واجعل لبنان الغاية بعيدًا عن غايات الجماعات الطائفية، وستدهشون العالم”. أنا: “صلِّ لأجلنا يا أبانا، والسلام “. هذا ما دار في ذهني بعد أن قرأت قول الرئيس “إنّنا إذا وطّنا النفس على نجابه واجابه واجبنا بما يطلّب من جهد طويل قاسٍ مستمر، نكون قد سلكنا الريق الذي يوصلنا الى غايتنا الوطنيّة”.

إضغط هنا
Previous Story

الاشقر : للهرمل حكاية مختلفة مع الإهمال ،ولطلابها “حصة الاسد” من تلك الحكاية ١٢ حزيران ٢٠٢١

Next Story

الطقس غدا غائم جزئيا والحرارة دون معدلاتها الموسمية

Latest from Blog

رامونا يونس: العناية بالبشرة هو استثمار..

ولعدم النوم أبداً دون ازالة الماكياج! في عالم الجمال والعناية بالبشرة، برزت أسماء كثيرة، لكن قلة من استطعن الجمع بين الاحترافية والشغف الحقيقي بما يقدمنه. من بين هؤلاء، السيدة رامونا يونس، الناشطة

زخم الرئاسة الاولى وتحقيق الاستقرار المالي والنقدي – بقلم العميد الدكتور غازي محمود

يعيش لبنان منذ انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية عرساً حقيقياً، ويشهد زحمة مهنئين شملت كل من الرئيسين الفرنسي والقبرصي بالإضافة الى امين عام الأمم المتحدة، وكل من وزير خارجية الأردن ووزيرة
Go toTop