هل تخرج السعودية من اليمن عام 2021؟

السبت, 2 يناير 2021, 9:22

رادار نيوز- 

النظام العالمي يتفكك، ويحدث هذا على شكل سلسلة من الأزمات، لكل منها طبيعته الخاصة. ومن بين الأزمات التي تدخل فيها أكبر دول العالم، أزمة الحلفاء والتحالفات.

إن المشكلات الاقتصادية المتزايدة تجبر الدول الكبرى على إعادة توجيه بوصلتها نحو حل المشكلات الداخلية، وإعادة النظر في العلاقات مع الحلفاء، والمبادئ التي كانت تستند إليها التحالفات في السابق.

فقد انتهى كرم الزعماء والقادة، وبدأت الاحتكاكات والصراعات مع المرؤوسين.

تحاول الولايات المتحدة الأمريكية امتصاص آخر قطرة من رحيق الحلفاء، ويمكننا بهذا الصدد العودة إلى عقود الأسلحة مع السعودية، أو الخلاف حول الإنفاق العسكري على حلف الناتو من قبل الشركاء الصغار في الحلف، كذلك ينتقل الاتحاد الأوروبي من أزمة لأخرى، فلم توشك بريطانيا على مغادرة الاتحاد حتى شرعت كل من بولندا والمجر بحجب موازنة الاتحاد.

روسيا هي الأخرى تظهر براغماتية متزايدة، وتخفض الدعم لحلفائها، وإلى حد كبير تعود الأزمة الراهنة في بيلاروس إلى استنفاد النموذج الاقتصادي المستخدم هناك، والذي كان يعتمد على إمدادات الطاقة الروسية بأسعار أقل من الأسعار العالمية. كذلك أظهرت الحرب في قرة باغ أنه يتعيّن أن تستحق الأطراف الدعم الروسي أولا.

في الشرق الأوسط، واجه مجلس التعاون الخليجي والمملكة العربية السعودية تحديا مماثلا. فقد تمرّدت قطر علنا، في الوقت الذي تلعب فيه الإمارات دورا مستقلا على نحو متزايد، بما في ذلك في اليمن.

ومع ذلك، فليس ذلك سوى جانب واحد من المشكلة، الجانب الثاني والأساسي، وهو ما توصلت إليه الولايات المتحدة الأمريكية من قبل، مراجعة الرياض هي الأخرى لموقفها تجاه الحلفاء والمنظمات.

عادة ما يكون الدافع وراء أمر كهذا هو الصعوبات المالية، التي يمر بها أيضا المتبرع، ما يحد من إمكانية التبرع، والسلطة التي يتمتع بها لدى الحلفاء، ولدى الآخرين، وهو ما يتوازى مع ازدياد شهية الشركاء الأصغر.

يستمر تدهو الوضع المالي في الخليج، سواء بسبب انخفاض أسعار النفط، أو بسبب الجائحة المستمرة، وفي إطار الأزمة الاقتصادية العالمية المشتركة.

إقرأ المزيد

في الوقت نفسه، يعاني المتلقون الرئيسيون للمساعدات المالية السعودية، بما في ذلك البحرين ومصر والأردن، من عجز كبير في الحساب الجاري أو الموازنات أو كليهما. وللسبب نفسه، قد تواجه عمان أيضا مشكلات، وقد تحتاج إلى المساعدة.

أما المملكة العربية السعودية نفسها، فتعاني من عجز كبير في الموازنة، وتحتاج إلى المال، لهذا كان على الكويت والإمارات تقديم المساعدة للرياض من خلال شراء جزء من أسهم أرامكو السعودية كجزء من الاكتتاب العام للشركة. أي أن الشكوك تحوم حول آفاق نمو الإيرادات في الرياض.

في وقت من الأوقات، أنفق القذافي بسخاء من الدولارات النفطية على المشروعات والمساعدات، والمؤامرات الخارجية، في وقت لم تكن فيه نصف شوارع العاصمة طرابلس معبّدة بالأسفلت. أعتقد أن الرياض تدرك جيدا عواقب مثل هذه السياسات، من زعزعة للاستقرار الداخلي، حتى في الدول الغنية.

لذا أعتقد أننا سنشهد قريبا انخفاضا كبيرا في الإنفاق السعودي على المشروعات الخارجية، بالتوازي مع تراجع نفوذ السعودية على حلفائها وفي الخارج بشكل عام.

في ظل هذه الظروف، كان من المفترض أن تكون قد نضجت لدى الرياض رغبة قوية في إنهاء الحرب في اليمن، بينما أثبت الحوثيون أن التحالف الذي تقوده السعودية ليس لديه أي أمل في النصر، على الرغم من الإنفاق الهائل الذي أصبحت السعودية أقل قدرة على تحمّله، حيث قدّر مركز “ويلسون” الأمريكي، في عام 2015، إنفاق التحالف على الحرب في اليمن بمبلغ 200 مليون دولار يوميا، مع تغطية السعودية لمعظم هذه التكاليف.

لكن في قضية خروج السعودية من اليمن، تواجه الرياض صعوبات، لغياب صيغة واضحة لتحقيق الاستقرار في اليمن بشروط مقبولة إلى حد ما بالنسبة للرياض. بالإضافة إلى ذلك، تزداد التناقضات، ويتعقد التنافس مع الإمارات في حال خروج السعودية من اليمن، وستفقد السعودية قيادتها في شبه الجزيرة.

ومهما كان الأمر، فقد أصبح وضع اليمن بالنسبة للسعودية بنفس كارثية الوضع الذي أصبحت به أفغانستان بالنسبة للولايات المتحدة، حيث لا يمكن المغادرة، ويستحيل البقاء.

كما أن إضعاف موقف الرياض في اليمن يقوّض مكانة السعودية في مجلس التعاون الخليجي، وآفاق هذه المنظمة برمتها، حيث من المحتمل أن تنهي الحرب اليمنية ما بدأته قطر بتدمير المجلس، وإن لم يكن رسميا، فعلى مستوى جوهر التنظيم. حتى الآن تسير الأمور في هذا الاتجاه.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

إضغط هنا
Previous Story

مدينة دبي تعلن ارتفاع المتوسط العمري لسكانها

Next Story

نجم: إذا توسّط اي سياسي طايش لحماية المرتكبين.. لازم يتلاحق كمان!

Latest from Blog

رئيس مجلس إدارة شركة HSC حسين صالح:* نتمسّك باليد العاملة اللبنانية ونصر على استقطابها لأنها ضمانة استمرارنا ونجاحنا كخلية نحل لا تهدأ

*رئيس مجلس إدارة شركة HSC حسين صالح:* نتمسّك باليد العاملة اللبنانية ونصر على استقطابها لأنها ضمانة استمرارنا ونجاحنا كخلية نحل لا تهدأتواصل شركة HSC عملها الدؤوب لتقديم أفضل الخدمات لزبائنها، متحدّيةً كل

رامونا يونس: العناية بالبشرة هو استثمار..

ولعدم النوم أبداً دون ازالة الماكياج! في عالم الجمال والعناية بالبشرة، برزت أسماء كثيرة، لكن قلة من استطعن الجمع بين الاحترافية والشغف الحقيقي بما يقدمنه. من بين هؤلاء، السيدة رامونا يونس، الناشطة
Go toTop