وقاحة التمثيل – عماد جانبيه

الخميس, 10 ديسمبر 2020, 12:30

رادار نيوز – يرى المرء القشّة في عين غيره لكنه لا يرى الخشبة في عينه، قول يوصلنا إلى خلاصة واحدة وهي: من يكون في الحضيض ولا يستطيع أن يكون فوق لا يطيق ما هو فيه بالمقارنة ما هم عليه الآخرون. فبدلاً من أن يحاول الإرتقاء إلى فوق يحاول إنزال الناس إلى الحضيض.

ومما لا شك فيه، إن أخطر ما في المجتمعات أولئك الأشخاص الذين يعبثون بالقيم على قاعدة الغاية تبرر الوسيلة، وإداؤهم ينطلق من إيجاد أعذار وأسباب تخفيفية للأخطاء التي يرتكبونها خصوصاً إذا كانت عن سابق تصور وتصميم.

 لخّص الحكماء البعض من الناس بكلمات موجزة، فقول (إذا لم تستحِ إفعل ما تشاء)، يعبّر عن أن من لا يخجل من نفسه ومن محيطه يركب المعاصي من دون أن يرفّ له جفن، ولكن هل هذه الميزة تدوم؟

الجواب عند الحكماء أيضاً، وهم يقولون في هذا المجال: تستطيع أن تضحك على بعض الناس كل الوقت، وتستطيع أن تضحك على كل الناس بعض الوقت، لكن لا تستطيع أن تضحك على كل الناس كل الوقت. هنا الذكي يتحوّل إلى متذاك خصوصاً حين يكون الطرف الآخر على القدر ذاته من الذكاء.

تضج الحياة الإجتماعية بشواهد عما سبق الحديث عنه، وتتحوّل هذه الشواهد إلى قصص وحكايات وروايات لعل الحكمة الأساسية فيها، حبل الكذب قصير، فالذي يكذب يكون يُمثّل والتمثيل منذ المسرح اليوناني مروراً بشكسبير وصولاً بالأخوين رحباني، لاتدوم المسرحية فيه أكثر من ثلاث ساعات على أبعد تقدير، وبعد المسرحية يُضطر الممثّل أن يعود إلى طبيعته لأنه لا يستطيع متابعة المسرحية مع أهله وأصحابه وأقاربه ومجتمعه وإلا يتحوّل إلى (مهرّج).

ربما لهذه الأسباب تركّز الأديان السماوية على الأخلاق والقيم وقد تبعتها التربية البدنية التي تُركّز على العيب بمعنى أن يسأل الإنسان نفسه:

هل من عيب في ما أقوم به؟

فإذا كان الجواب نعم ارتدع عن القيام به، إما إذا أصرّ على القيام به فإن العيب بالنسبة إليه يصير كشرب الماء وعندها لا تعود المسألة خيانة عظمة فحسب بلّ تتحوّل إلى وقاحة وهي تنطبق على من لديهم (حرفة) الخيانة فيقومون بها على عينك يا تاجر من دون أن يخجلوا من غرض أو إظهار إحدى النزوات السابقة وحتماً المستمرات.

هذا النوع من الأشخاص يكسرون الأرقام القياسية في تجميع صفات الخائن وهي:

وقاحة التمثيل على أنظف الناس لتمرير نزواتهم ذات طابع القطارات السريعة.

ان أصحاب هذه المعاصي هل سألوا أنفسهم يوماً: من تعوّدوا على الطبقات السفلى أي الحضيض، كيف لهم أن يبلغوا المرتفعات ويصلوا إلى القمم.

اترك تعليقاً

إضغط هنا

Latest from Blog

أم عبدالله الشمري تتحدث عن الشهرة والعائلة والتحديات في أولى حلقات “كتير Naturel”

استضاف برنامج “كتير Naturel” في حلقته الأولى، الذي يُعرض عبر تلفزيون عراق المستقبل من إعداد وتقديم الإعلامي حسين إدريس، خبيرة التاروت أم عبدالله الشمري. وتحدثت أم عبدالله بكل صراحة عن مسيرتها، الشهرة،

رامونا يونس: العناية بالبشرة هو استثمار..

ولعدم النوم أبداً دون ازالة الماكياج! في عالم الجمال والعناية بالبشرة، برزت أسماء كثيرة، لكن قلة من استطعن الجمع بين الاحترافية والشغف الحقيقي بما يقدمنه. من بين هؤلاء، السيدة رامونا يونس، الناشطة

زخم الرئاسة الاولى وتحقيق الاستقرار المالي والنقدي – بقلم العميد الدكتور غازي محمود

يعيش لبنان منذ انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية عرساً حقيقياً، ويشهد زحمة مهنئين شملت كل من الرئيسين الفرنسي والقبرصي بالإضافة الى امين عام الأمم المتحدة، وكل من وزير خارجية الأردن ووزيرة
Go toTop