“هون نزل السرور”؟
رادار نيوز – مخطئ في العنوان، يا مَنْ تُفَجِّرُ في الرُّوَيْسِ. جوزف صقر وموريس عقل كانا يغنيان من ضمن أحداث تلك المسرحية، ونضحك معهما ومع زياد رحباني على مضمون الأغنية، ونضحك على حالنا متألِّمين، عشية الحرب على لبنان عام 1975، ونردِّد معهما: يا نور عينيّ، رحنا ضحية. كانا يُنحِيان باللائمة على “عبَّاس” الذي اخترع لهما ثورة، لا على بال نزلاء ذاك الفندق من الفقراء كانت، ولا على خاطرهم، ويسألانه: يا من تهدد بالرُّشَيْشِ… إلى آخر الأغنية وأحدث أنواع الفِتَّيْشِ.
… إلى أن جئت أنت، وكان سبقك كثر، تجعلنا ضحايا فعلية أو ممكنة، في أي لحظة، في إطار الحرب المفتوحة بين المحاور “الشَّغَّالة” بكل الأساليب والوسائل والطرائق، من ضمن ما يسمَّى الربيع العربي… وأي ربيع؟
باتت الحرب “رأسًا برأس”، لكن مسرحها لبنان، بكل مدنه وقراه وساحاته، وحتى زواريبه الضيقة. وضحاياها، لا أنت ولا خصمك، إنما البشر العاديون الذين يعرقون لتحصيل لقمة عيش، ويموتون ألف مرة في اليوم القصير، ليشعروا أنهم ما زالوا على قيد الحياة، وقد كُتب لهم عمر جديد.
بالله عليك يا من تفجر في الرُّوَيْسِ… وفي غيرها، لا سمح الله، في مسلسل السيارات المفخخة المعدَّة لزرعها هنا أو هناك، والمتنقلة حقيقة أو إشاعة، بين حي وحي، وقد باتت مادة استهلاكية لسياسيين لم ييأسوا بعد من إيجاد تعابير إدانة واستنكار وسَوْقِ تحليلات وتدبيج توقعات، ولوسائل إعلام تحيا على دم الضحايا، كي تبقى وتستمر… كفَّ عن الإفلاس. ما ذنبنا إذا يئست من كل خططك السابقة، وبتَّ تريد ضربَ رأسك بالحائط، وتهديم الحيطان على رؤوسنا؟ ما لنا وليأسك وحيطانك وإرهابك ووجهك القبيح ونفسيتك الحاقدة؟
بربِّك، الذي تكبِّر باسمه حتى وأنت تقطع رأسًا أو تأكل كبدًا أو قلبًا، أو تعدم طفلًا أو تسبي امرأة، ما رأيك، دام عزُّك، لو تدعو خصمك، كما زمن النبلاء، إلى المواجهة المباشرة، ودعك من إيصال الرسائل وتصفية الحسابات، في غير مكانها، وبالسيف يقارع السيف، لا بجبن ونذالة وحقارة، فتطلق العنان لمطحنة الأشلاء، كي تفعل فعلها الشنيع.
وحياة عينك، وعين أمك وأميرك وفتاواك، اقبل مني اقتراحين… ثلاثة… تكن لك بدلًا من جنة واحدة، ألف ألف جنة. ماذا لو تفخخ الغيم مثلًا، وترسله في السماء، يحجب نور الشمس، ويتهيأ ليمطر أواخر أيلول وطوال فصل الشتاء. “هيك هيك” أنت شمشوم وجبار، وتريد أن يسقط الهيكل على من فيه، فيكون ساعة يمطر غيمك المفخخ، فناء تام وشامل، عليك وعلينا، لعلَّك تفرح بما أتت يداك من معجزات بيِّنات… وتهنأ في “الجنة” مع الحوريات، وليس بينها دليلة واحدة؟
ماذا لو تفخخ البحر… لحِّق حالك، قبل انتهاء فصل الصيف. روَّاده كثر، وغلَّتك لن تقتصر على البشر، إلا من استطاع منهم أن ينجو بنفسه، وسط الأمواج المتلاطمة، بل ستشمل كل حياة في المياه المالحة، من مضيق جبل طارق إلى مسبح السان جورج، في بيروت. وكيلو السمك… ببلاش، ويا مين يشتري.
ماذا لو تفخخ نفسك وتفجرها… لأن إرادة الحياة لدى من تستهدفهم أقوى بكثير من إرهابك، مهما تفنَّنت في القتل والسحل والفتك والإجرام. يكفي، شاهدًا على ما أقول، أن ما خلته سيكون أطلالًا وأثرًا بعد عين، عاد وسيعود في أسرع مما تتصور، مثلما كان، وأجمل مما كان، لا بل زُرعت فيه أشجار، وأقيمت أعراس، واستعاد الشارع الشهيد، حياته الطبيعية، ولو مكابرًا على الجراح والدموع ومشهد الجثث المتفحمة والأشلاء المتناثرة.
فجَّرت في الرُّوَيْسِ… مثلما هدَّدَتِ الأغنيةُ بالرُّشيش، من أجل تحسينِ العيشِ… فلا ثائرًا حارًّا كنت، بل وحش مسعور. ولا أكلتنا نارك، لأنها انطفأت بعرق ودم ودموع. ولا شعبنا “مزيكاتية”، يا من تقسِّم، بآلتك الجهنمية، على مقامات حقدك الأعمى وشرهك إلى إلغاء من يخالفك رأيًا، وسعيك إلى تدمير غيرك، لئلَّا تدمر نفسك، ما دمت تشعر في قرارة نفسك أنك مسخ إنسان، ومسخ سلطة، ومسخ عقيدة ومعتقد.
يا من تفجِّر في الرُّوَيْسِ، وربما في غيرها لاحقًا لا قدَّر الله، لن تحلَّ علينا أهلًا وسهلًا، مهما احتضنتك من بيئات، ولن يكتب لإجرامك أن يحقق أهدافه، مهما فسحت انقساماتنا أمامك في المجال أن تتسلل، ولن تقوى على إخضاع أي إرادة حياة، أو على تبديل أي مصير… لأن سلاحك في يدك سلاح عاجز.
والسِّلاح في يد العاجز يجرح صاحبه.