رادار نيوز – عماد جانبيه
من حق الاسلاميون أن يمارسوا حياتهم الفكرية والسياسية مهما كانت متعارضة مع وقائع العصر واحتياجاته ومتصادمة مع تيارات الحداثة… ولكن المشكلة انهم لا يتفقون أنفسهم على مضمون الدولة الاسلامية، وهم تيارات وجماعات شعارهم إقصائي استبدادي، يمارسون فيه سلطة الحكم والتحريم العنف والخطف، التعذيب والتصفية، الكمائن والقنص واستباحة كل الحصانات والحرمات دليل على شكل من الصراعات التي خرجت عن الضبط والسيطرة.
أزمة اتخذت شكلاً طائفياً لضرب سيادة سوريا والسعي من الغرب إلى اقامة منظومة سياسية محلية واقليمية تحفظ مصالحه الكبرى… فهو يهيمن على السياسات الدولية، لايسمع نداءات أو مناشدات أو اعتراضات… لسبب ان هناك مشكلة عند العرب شعوباً ودولاً، جمهوراً وقادة رأي وحركات، يعلقون الكثير من قضاياهم على توازنات وصراعات الخارج، وفي أعماق تفكيرهم خلل في فهم ان المساواة في ما بين الفرد والشعب هي المدخل الضروري للتقدم لا الاستقواء بهذه او تلك من السياسات دولية. فالمشكلة عند هؤلاء انهم يريدون ان يخضعوا كل من حولهم لمعايير تفكيرهم المعقد في مسيرة التغيير، التي جلبت الفقر والبطالة والتهميش، والنزوح، والاقصاء والفساد، وصولاً الى القتل.
إذا كان ثمة من يعتقد ان الهجوم الغربي على سوريا، يؤدي بالمنطقة الى تفكيكها، فلا استقرار في المنطقة يمكن أن يتعايش مع مشروع عنصري لديه رؤية مناقضة لمصالح شعوبها.
لم يستطيع الاسلام السياسي ان يقيم لنفسه سلطة انفصالية ولا حتى ان يشكل جبهة موحدة سياسية تمثل معظم اتجاهات الرأي والقوى والنخب، فليس هناك في الأفق ما ينبىء باحتمالات التفكيك أو التفتيت أو التقسيم لسوريا، خصوصاً ان التوازن الدولي والإقليمي الذي نشأ حولها يفتح الطريق الى مشاريع مستقبلية تذكر في حينها. انطلاقاً من هذه القراءة يمكن الاستنتاج ان المستقبل القريب يتسم باستمرار الصراعات والنزاعات، ولا شيء يدل على ان خارطة المنطقة وكياناتها عرضة لأي شكل من التفكك ولا إلى رسم حدود جديدة.
ان الاسلام السياسي هو جزء من عملية سلطوية تحمل ملامح استبدادية ضد قيم الحرية. ننصحهم أن يعوا وجودهم كشعب لا كجماعات وان الغرب ليس هو الأب الصالح ليقول كيف يتصرف المواطن مع شركائه وكيف عليه ان يبلور شروطه وأفكاره وبرنامجه والصيغة المثلى للحكم الذي يجسده… لقد وقعت هذه الجماعات في الفخ وجعلها تستخدم التناقض في العجز واليأس والبقاء ودفعت في يبرود وغيرها من المناطق السورية ثمن تناقضاتها ومازالت…