23 سنة على رحيل حسن صعب رائد الدعوة الانمائية

الأربعاء, 24 يوليو 2013, 10:21

رادار نيوز – في الذكرى ال 23 على رحيل الدكتور حسن صعب، والتي تصادف يوم الخميس 25 تموز، صدر عن مؤسسة حسن صعب للدراسات والأبحاث، بياناً جاء فيه ما يلي :

ان حسن صعب “عرف بالروية والحكمة والاتزان والتمسك بالمنطق والبحوث الجامعة بين التنظير والبراغماتية، وهو عالم بشهادات وبدون شهادات، عقله، خصوصاً في “ندوة الدراسات الإنمائية” التي أسسها ورعاها سحابة ربع قرن، يضاهي الكومبيوتر في دقته. معظم نزعاته ومواهبه إنمائية: إنماء الإنسان اللبناني والعربي وكل إنسان وإنماء موارد هذا الإنسان بنهضة موازية في عملية دمج مبرمجة ومدروسة”.

وجاء في رسالة وجهتها ارملته الدكتورة نعمت غندور، من مقر اقامتها في الولايات المتحدة الأميركية، عن شخصية الدكتور صعب الذي “ترك بصمات بارزة في مسار العمل الإنمائي في لبنان بمختلف وجوهه النظري منها والأهلي والدعوي والتطبيقي”.

“كان لبنانياً صميماً، يحدد لبنان بأنه “الوجه الحضاري الذي يطل به العرب على العالم والكيان اللبناني التعايشي بالاختيار والحرية وهو نقيض الكيان الإسرائيلي المستوطن بالاغتصاب”.

وأكدت أن إحياء “مكتبة حسن صعب” هو إعادة بناء وإحياء لدور لبنان الطليعي على المستويات الاقتصادية والإعمارية والإنمائية والثقافية”، وبأن “المكتبة تعتبر المرفق الثقافي الهام ويتشكل عملها الأساسي على تجميع التراث الفكري اللبناني وتعزيز الحيوية الثقافية، كما تعتبر مركزاً متخصصاً بشؤون الكتاب والمكتبات في لبنان والعالم العربي”.

وأضافت: “اختصر نظرتي الى حسن صعب الإنسان بأنه كان عقلاً نيراً وإرادة صلبة، العقل عنده هو عقل الفيلسوف المنفتح على مختلف العلوم والثقافات والتجارب الإنسانية، الحالم بمستقبل أفضل لأمته وللإنسانية. وهو العقل الذي جعل منه في آن، المفكر الإسلامي والديبلوماسي واستاذ علم السياسة ورائد الإنماء وسوى ذلك. هو العقل الذي ينهل من تراثه العربي والإسلامي ويتكيف مع آخر الإنجازات العلمية والتكنولوجية. وإذا كانت أعماله في تأسيس الجمعية اللبنانية للعلوم السياسية ثم ندوة الدراسات الإنمائية معروفة، فلا بد من الإشارة الى “هيئة التعبئة الوطنية” التي أسسها عام 1967 بعد هزيمة حزيران، وحشد فيها الكثير من الطاقات الكبيرة من علماء ومثقفين ونقابيين ورؤساء وعمداء بعض الجامعات، وشكلت مبادرة لرفض الهزيمة الحضارية أمام العدوالإسرائيلي”.

وتابعت: “توفي والده قبل ولادته، فحمل اسمه، وبنى نفسه بنفسه، مرتقياً سلالم المعرفة. من بيروت حيث اختاره المفتي توفيق خالد، مع مجموعة من الفتية، بينهم المفتي الشهيد حسن خالد والنقيب محمد البعلبكي، ليؤسس بهم جيلاً من رجال الدين المثقفين. ثم انتقل الى القاهرة حيث تخلى مع عدد من رفاقه عن الثوب الديني، وصولاً الى واشنطن والى الدكتوراه في العلوم السياسية. ومن السلك الديبلوماسي الى التعليم الجامعي. ولا أنسى اعتزازه بأنه دخل الجامعة الأميركية في بيروت استاذاً بعدما تعذر عليه دخولها طالباً لأسباب مادية. ثم الى الجامعة اللبنانية استاذاً وعميداً لكلية الإعلام والتوثيق”.

وأضافت: “إنجاز لبناني تاريخي لحسن صعب، لعله الإنجاز الأكبر، كما يقول الرئيس سليم الحص، وهو إدخال لبنان في المنطقة العربية للتربية والثقافة والعلوم “الكسو” بعد غياب لبناني استمر عشرين عاماً، وكان يوم الثاني والعشرون من تموز/يوليو 1990 ينوي السفر الى تونس للمشاركة في اجتماع المجلس التنفيذي وليزف بشرى قرار مجلس الوزراء بالمصادقة على انضمام لبنان الى “الكسو” عندما فأجأته النوبة القلبية الأخيرة”.

وتابعت: “أولم يكتب في مذكرات اليوم الأخير وكانت الأزمة القلبية قد دهمته: “خلقنا لنحيا، الحياة وحدها تستحق أن نكونها. وأنا أريد أن أكون. أريد أن أحيا. أريد أن أتحرك. أريد أن أخلق. أريد أن أذهب الى تونس لأحارب من أحارب في “الكسو” المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم”. ولأسالم من أسالم. هكذا كان وجودي في هذه المنظمة بعد أن أقحمت لبنان فيها عام 1985 بعد مقاطعة خمسة عشر عاماً. لماذا فعلت ذلك؟ لأن لبنان عربي، بل رائد في منظمة الثقافة العربية”.

وقام بتحقيق مشروع قانوني موحد للانتخابات شاركت في وضعه الأحزاب اللبنانية بعد اجتماعات متواصلة استمرت بضعة اشهر “في ندوة الدراسات الإنمائية” وهو ما اعتبر في حينه إنجازاً كبيراً لا يستطيع تحقيقه سوى حسن صعب”.

ولفتت الى أنه “في ضوء فهمه لجدية الترابط بين الهوية اللبنانية والهوية العربية، أكد على أهمية تواصل الإسلام والمسيحية في نشأة لبنان الوطن الفريد، كما قال، الوطن القدوة… المصغر الإبداعي للوحدة من التنوع، في التمدن العربي، والتحضر الإنساني. وكل ذلك ضمن بنائه الفكري الكبير بعنوانه: “الإسلام وتحديات العصر”. وفي ضوئه أيضاً، حض اللبنانيين على “الإجماع على أن الهوية العربية، كما قال، هويتنا الذاتية الاختيارية، وعلى أن الثقافة العربية المنفتحة على باقي الثقافات الإنسانية انفتاحاً إبداعياً هي ثقافتنا الذاتية الأصيلة”. وعلى ضوئها حذّر من الخطر الصهيوني على لبنان والمنطقة العربية برمتها وعلى مستقبل العلاقات الإسلامية المسيحية التي ان أصيبت في لبنان بالذات ستنعكس آثار إصابتها في كل أنحاء العالم”.

وأثـنت في رسالتهاعلى ماجاء في كلمةمعالي الدكتورعدنان السيد حسين حيث قال:

ان حسن صعب رجل حوار من الطراز الاول لا يؤمن بالقطيعة. قال ذات يوم: في السياسة لا خصومة ولا قطيعة، خلال حديث له في الثمانينات، داعيا لان تحاور الحركة الوطنية في حينه حزب الكتائب مهما كانت الحواجز والصعوبات. انه انسان كبير لانه كان مع الطلبة ناصحا ومرشدا، والاساتذة خير زميل وعندما جاء عميدا لكلية الاعلام والتوثيق، كان من افضل الذين خدموا الجامعة، وبهرني فيه حركته الدائمة، انسان لا يهدأ، يكتب ويسافر ويؤلف ويحاضر ويحاور وهذه من انبل الصفات واندرها في لبنان وعالمنا العربي”.

اضاف: “لقد تتلمذنا على يده في علم السياسة وعلى فكره، وما زلت اذكر تعريف علم السياسة بمفهومه ولعله الاهم “علم السياسة هو علم مجمل المعارف الانسانية”، والقائد السياسي قبل ان يمارس السياسة هو صاحب الفضيلة، وهذا اذا كنا نرتجي من السياسة الخير العام، وكذلك مقصد الشريعة وجوهرها هو الخير العام، اضافة الى الفكر القانوني الذي يهدف الى خير الانسان وسعادته”.

وتابع: “لما سئل اذا ما كانت السياسة علم بمعنى النظرية ام فن بمعنى ابداع القائد، اجاب استاذنا الجليل ان السياسة علم وفن، فعلى القائد ان يتعلم ويبندع ايام الازمات كيف يدير ويقود ويتدبر”.

وقال: “لم يقف عند حدود التعبير المستهلك عند الناس، بل تطرق الى ارادة الانسان من التغيير ولعل اهم كتبه اخرها وهو “الاسلام والانسان”.

ودعا الى “قراءته بتمعن وتعمق لنكتشف ونتأكد ان حسن صعب تلميذ نجيب لابن رشد العقلاني في الفكر الاسلامي والحضارة الاسلامية، رائد العقلانية المدنية في الفكر الاسلامي، لانه لم يحجر على العقل ولم يأسره، فلم يتحزب لمذهب فقهي او لمدرسة اجتهادية واحدة، اطل على الفكر الغربي، وقبل ذلك هو ازهري متفقه دارس، ومتأثر بالعروبة ايام جمال عبد الناصر، فكان هواه السياسي ناصريا، كنا نتجالس معا وكان يدعوني دائما الى المطارحات، ويقول لي يعيبون علي اني ناصري، وستثبت الايام ان عبد الناصر لم يفهم بعد حتى الان”.

وتابع قائلا: “هو وطني لبناني سعى الى جمع الاحزاب ووضع مشروع قانون موحد للانتخابات عام 1973 بما يتجاوز الطائفية والاقطاع، وانه بارع في ايجاد الحلول بين الاحزاب المتعددة الاراء. ولطالما ابتدع وطنية لبنانية نفاخر بها ونتغنى، من قال انها تتنافس مع العروبة؟ اترانا اليوم مهددين بوحدتنا الوطنية في ظل غياب الامن بكل مفاهيمه ومعانيه”.

وقال: “انه مؤمن بالحرية، والاجتهاد عنده يقوم على حرية الفكر، وضمن هذا الاطار ننصح بعض مريديه وتلامذته بقراءة كتاب “اسلام الحرية لا سلام العبودية”. اما فكره الانمائي فيكفي انه كان سباقا في طرح دور الانسان غاية ووسيلة قبل برنامج الامم المتحدة الانمائي (UNDP) في تسعينات القرن الماضي، اذ ربط فكرة الانماء بالانسان غاية ووسيلة بذلك كرس فكره الانساني النبيل، وقاد بامتياز فكرة الانماء في لبنان”.

واضاف: “ولعل فكره السياسي، هو ما اوصله الى اهمية القيادة السياسية في اعادة تأهيل الانسان بعد الحرب ولكن لسوء الحظ ما حصل بعد الطائف لم يكن منسجما مع هذا الطموح الكبير للعلامة حسن صعب، يكفي انه مكافح في حياته، عصامي، يتيم الاب، مناضل عروبي، لبناني صميم، منفتح هذه الصفات يجب ان تتوافر في القائد السياسي، ان كان في لبنان ام في الثورات العربية والحراك العربي”.

وتابع: “اليس غريبا ان تصبح فكرة العروبة نهضوية منسية، وان المواطنة فكرة نتناولها في المنتديات ولا نطبقها في الشارع او في البيت او في حياتنا العامة”.

ودعا “الحاضرين الى احياء فكر حسن صعب، واعدا بالعمل على توجيه بعض الطلبة لكتابة رسائل دبلومات او اطروحات عن هذا العلم وسائر الاعلام الكبار، معتبرا الانحياز لهذا الرجل هو بمثابة انحياز الانسان والعروبة والحضارة لا لفئة دون سواها، املا ان يستفيد الجميع من علمه وثقافته والتيمن بأخلاقه وسموه وعظمته”.

وختمت قائلة: اليوم اكثر من السنوات الماضية نزداد ايماناً بأن الإنماء هو خلاص مجتمعنا واستعادة لقيمه وديناميكيته ورسالته، وبأن ما كرره حسن صعب بتفان وعناد ومثابرة اسطورية، نتسلمه امانة نعاهد أنفسنا على متابعتها بينما السياسة مصالح والاقتصاد قهر والتربية تكرار والمواطن يتوق الى بناء السلام الذي حلم به على قياس آماله التي تتخطى عجز واقعه.

ونتوق الا يبقى الإنماء نجمة الصبح البعيدة لا يرصدها الا من يتوق اليها، بل ان يصبح شمس كل صباح، تنير وطناً يتقدم وانساناً ينمو ومجتمعنا يتطور، شمساً نستضيء بحرارتها في ذكراك.

مؤسسة حسن صعب للدراسات والأبحاث

تنسيق واعداد: محمد ع. درويش

حسن صعب خلال مهرجانه الانتخابي OLYMPUS DIGITAL CAMERA

                       

إضغط هنا
Previous Story

أصالة لبرنامج “متل الحلم” لا أتحمل زعل زوجي وأصالحه سريعاً…

Next Story

السلطة في الجزيرة العربية بن سعود، حسين، بريطانيا 1914-1926… هيفاء العنقري

Latest from Blog

رئيس مجلس إدارة شركة HSC حسين صالح:* نتمسّك باليد العاملة اللبنانية ونصر على استقطابها لأنها ضمانة استمرارنا ونجاحنا كخلية نحل لا تهدأ

*رئيس مجلس إدارة شركة HSC حسين صالح:* نتمسّك باليد العاملة اللبنانية ونصر على استقطابها لأنها ضمانة استمرارنا ونجاحنا كخلية نحل لا تهدأتواصل شركة HSC عملها الدؤوب لتقديم أفضل الخدمات لزبائنها، متحدّيةً كل

رامونا يونس: العناية بالبشرة هو استثمار..

ولعدم النوم أبداً دون ازالة الماكياج! في عالم الجمال والعناية بالبشرة، برزت أسماء كثيرة، لكن قلة من استطعن الجمع بين الاحترافية والشغف الحقيقي بما يقدمنه. من بين هؤلاء، السيدة رامونا يونس، الناشطة
Go toTop