كلّ الحدود – كريستيان بلان

رادار نيوز – غالبًا وفي الكثير من العائلات، يحصل ما لم يكن في الحسبان: ما يسمّونه “بالخطأ” ينتج عنه ولادة عنصر جديد يضيف على أعباء العائلة أعباء متجدّدة. إذ من غير الممكن أن يمرّ خطأ ما بدون عقاب يكون على مستوى الحدث أو ما يقاربه. إلّا، في حالات نادرة يتخطّى العقاب الفعل المرتكب لينتج إبداعًا يفوق العقل البشريّ. وما غير الخلق إبداع سما بالبشريّة! فتتجسّد الغلطة وتتولّد طاقة وحيويّة تنعشان الصّخر. تحوّلان الأشواك نجومًا برّاقة وكأنّها هناك في الفضاء الواسع تسطع لك وحدك؛ فقد اختارتك أنت من بين ملايين، فقط لإسعادك وإضفاء البهجة على ليلك المظلم القاتم. تسحرك تلك النّجوم، تناديك باسمك، تحضن قلبك وتتسلّل إلى أحضانك. تتلألأ تلك النّجوم اللّيلة لك سيّدتي، وأنت ترصدينها بعينين باكيتين وإرادة محبطة. لا تجرئين على طرح السّؤال ولا البوح بما يختلج الفؤاد من خوف وشعور بعدم الأمان. تلامسين بطنك الممتلئ، كباطن الأرض، تعطين حياةً، تهبين الرّوح جسدًا تلبسه؛ وإنّما هو القلق يضنيك… متعب ذاك العقل الّذي تحمله النّساء، مرهقة كلماته… تغزو الكيان لتستحلّه وتزيده برودة فيسمحن له!
ترفعين رأسك، تعتذرين عمّا لا ذنب لك فيه. فهذا اليوم، لم يكن خطأً ما حصل وإنّما، لربّما هي الظّروف المحيطة غير المناسبة. اليوم، لم يكن خيارك أن تبدعي، وإنّما الإبداع اختارك فاستجبت للمحبّة الوافرة الظّلال. لم تكن خطأً تلك الاستجابة، إنّما هي لحظة شعر وصلاة.
وهاك وجه القمر متبسّم، يهديك اللّؤلؤ عقدًا ثمينًا يلفّ عنقك منارة تشعّ في هدى العمر. لا تخذليه هذا القمر وترفضيه. لا تخبريه أنّه “الخطأ” وتجرحي كبرياءه؛ اهمسي في أذنيه كم رغبت به؛ وكم أحببته مذ كان ومضة في أحلامك. اغمريه بيديك وقبّلي جبينه وارسمي على وجنتيه الحنان ألوان. لامسي قلبه بكلمات محبة لا تنضب، تفرحه لدرجة تسمعين فيها قهقهاته في أحشائك. لا تزعجيه بتلك العبارات الجليديّة: “أنت لم تكن ما خطّطت له.” – “أنت خطأ لم أكن أتوقّعه!” لاتكسري فؤاده، احتضنيه وأخبريه، مرّات ومرّات أنّه قمرك، أنّه شمسك، أنّه الحياة الّتي تتمسّكين بها؛ أخبريه أنّه الفرح، أخبريه واخبريه ولا تملّي إخباره؛ أنّه هو المنتظر والمنشود وروح الرّوح. أطلقيه حرًّا متدفّقًا كينبوع ماء، لا ترهقه حواجز ولا تعيقه شدائد؛ ألبسيه الأمان، يعبر فيه بكلمة أمّي كلّ الحدود.