ماذا يريدون من التنازل السوري

الخميس, 12 سبتمبر 2013, 12:18

رادار نيوزتختلف اولويات وإستراتجيات الزعماء السياسيين في هذا الوقت عما كانوا عليه في القرن العشرين، ففي الماضي بالرغم من التحديات والتعدد في انواع الإحتلال كان عدد الزعماء المناهضين للإستعمار االمتضامنين على تحقيق الوحدة العربية مع فلسطين وشبه الجزيرة العربية، هم اكثر بكثير من ساسة اليوم الذين وإن إجتمعوا، إجتمعوا على خراب الوطن وبيع الأرض.

فلماذا هذا التخاذل العربي؟ وما اسباب الكسل الذي طال عقول الحكام؟

في الواقع ان الاجابة على هكذا سؤالين يحتاج لفرز مكتبة تاريخية وجلسات حوار مع مؤرخين يرفع لها القبعة، فبالعودة للحقائق والوقائع التي غالباً ما لا نراها، ربما لأننا لا نتحمّل فاجعة جديدة تمس عرقنا العربي او لأننا نؤمن انه لم يعد امامنا فرصة حقيقية لإيجاد تكافؤ إستراتيجي عربي، وحتى الجامعة العربية التي نملكها ما عادت عربية بعد توغلها في سلامها مع إسرائيل، وفرط محبتها للمجتمع الدولي وقراراته، وكف يدها عن القضية الفلسطنية والصراع العربي القائم منذ صحوتنا على الحياة. وبعد هذا الكم من الحوادث العربية البشعة، والتي لا يليق بنا ان نسميها “ربيعاً عربياً ” ففي الربيع تزهر الحدائق وتعود الحياة الى الطبيعة. اما في الربيع العربي الذي هو عاكس للكلمة وللحياة في  قتل الأطفال وحرق الطبيعة الخضراء،  وتشرد من بقي في مكانه،  وتدهور الشرق الأوسط، هذا يؤكد لنا بأن الزعماء العرب ضعفاء في قدراتهم على مواجهة التفكك الطائفي. والجيل الجديد للأسلحة الذي هو مؤشر لحرب عالمية ثالثة واقعة لا محال وإن تأجلت.

المشهد الإقليمي الذي تعودنا عليه في ان الدول العربية مازالت تخضع لقرارات الدول الكبرى وتنفذ ما يصدر عنها. والدلالة على ذلك، الصفقة (الأمريكية – الروسية) حول حضرة السلاح الكيميائي السوري بعرضه والتنازل عنه من خلال اعلان وزير الخارجية السوري وليد المعلم ذلك، لأن المصالح الغربية تقضي بعدم السماح لأي انسان ينتمي الى العالم الثالث بالتمادي بحسب قولهم لا الدفاع عن الوطن والمواطن،  بسلاح قد يفتك ذات يوماً بالسطوة والهيمنة الأميروبية.

ان الأزمة السورية وبحسب مراقبتنا لها نؤكد ضعف القوى العربية والتدهور في وضعها، والتمادي عليها من البلاد العربية، الداعمة للفوضى وضعضعة نظام وفي دعمها لجهات اعطت لنفسها اسم المعارضة، بمبدأ استحلال الحرام وتحريم الحلال، في سفك الدماء وابتلاع الأكباد و نحر الرؤوس، نعم نحن العرب قادرون على قتل بعضنا البعض على إقتلاع ارواحنا وعلى تقطيع عروبتنا وحرق اوطاننا، وايضاً هذا دليل انه لايمكن التصور في توحيد صفوفنا لرفع راية الوحدة العربية.  وبناءً على ذلك إستطاعت الإمبراطورية الأميريكية منذ تأسيسها على إختراع الذرائع ” الكاذبة ” لخوضها اي حرب ومنذ اعلانها الحرب على  كوبا وصولا إلى حربها على سوريا، هي  ذرائع سرعان ما نكتشف انها اوهن من بيت العنكبوت .

لم يعد يعني الولايات المتحدة الأمريكية امر المعارضة السورية بل كل ما يعنيها  قدرة المعارضة على الوصول للحكم، الكونغرس الأمريكي لا يهمه تسليم السلطة للمعارضة بقدر اهتمامه بالتسلح الإقتصادي وإستنزاف القدرات العسكرية لسورية،  بل ذهب الغرب إلى ما هو ابعد من ذلك.  في البداية كانت المراهنة على سقوط نظام الحكم ومن بعد هذا الكم من الدعم المادي والتسليح وفي ادخال العنصر الغريب وافواج المقاتلين إلى سوريا، استغرب الغرب بصمود قوة سوريا  حيث زاد الحمل على اكتاف الأمم المتحدة واوصلت “ماكين ” حد اللعب بالبوكر اثناء جلسة الكونغرس للنقاش حول الوضع السوري ولم يبقى امام الدول الأوروبية وحلفائها العرب سوى فتح الأبواب للبدء باحتمالات حدوث أعمال عنف وزعزعة الإستقرار في المناطق وهذا ما نشهده في المنطقة، فالقاعدة الأمريكية تقول : ” الدولة التي لا تستطيع السيطرة عليها بشكل مباشر ادعم الارهاب فيها، وانتظر “.

اليوم  العالم ينتظر ما ستنتج الإتفاقية الأمريكية – الروسية بهذا المخطط  الذي  وقع عليها العرب والتسوية الإقليمية حول الوضع السوري القائم بالطبع سنحصد ثمارها عند لقاء كيري بنظيره الروسي

فضبط ادوات العمل العربية قائم والسلاح النووي مضمون ومحصور ولتكن هذه الفترة بمثابة واحدة من اعظم الخيبات العربية التي انتهت بحقيقة ان العالم العربي قادر على قيادة اكبر واكثر المعارك تعقيداً من ناحية تفكيك ارض شقيق وقتل الأبرياء الذين بالمحصلة اصبحوا مجرد ارقام تحصدهم الأمم المتحدة وجمعية حقوق الإنسان التي بدورها لا حقوق لها.  وتبقى التوقعات الكبيرة حول المواقف الدولية للبت في موضوع إيقاف الصراع القائم في سوريا من بعد حصولهم على إقرار وتنازل سوري عن السلاح الفتاك وإقبالنا على تغيرات دراماتيكية في الشرق الأوسط.

ملاك خنافر

إضغط هنا
Previous Story

سعيد عقل بريشة الفنان التشكيلي برنار رنو وقلم الشاعرة بسكال بلان النشار

Next Story

غواية الذكريات من أدب الرحلات – جمانة طه – الصادر عن الدار العربية للعلوم ناشرون

Latest from Blog

رامونا يونس: العناية بالبشرة هو استثمار..

ولعدم النوم أبداً دون ازالة الماكياج! في عالم الجمال والعناية بالبشرة، برزت أسماء كثيرة، لكن قلة من استطعن الجمع بين الاحترافية والشغف الحقيقي بما يقدمنه. من بين هؤلاء، السيدة رامونا يونس، الناشطة

زخم الرئاسة الاولى وتحقيق الاستقرار المالي والنقدي – بقلم العميد الدكتور غازي محمود

يعيش لبنان منذ انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية عرساً حقيقياً، ويشهد زحمة مهنئين شملت كل من الرئيسين الفرنسي والقبرصي بالإضافة الى امين عام الأمم المتحدة، وكل من وزير خارجية الأردن ووزيرة
Go toTop