رادار نيوز – عماد جانبيه
الحكومة الواعية لنفسها، المدركة لواقعها، المستشرقة لمستقبلها، هي الحكومة التي تستعد للحالات الطارئة وتلقي الصدمات وان لم تمتلك السند الشعبي بكامله، في حيازتها على ثقة المجلس او غير ذلك.. لم نراها قد وضعت نصب عينيها كيفية معالجة الحالات الطارئة، فنجاحها وتفوقها ليس حينما تسير الأمور، ولا حينما تأتي الرياح بما تشتهي السفن، ولكن حينما تتعاطى مع الكوارث البشرية بكل حرفة واقتدار، فتسعى لمعالجة القضايا قبل وقوعها والتقليل من الخسائر قبل حدوثها، فتتوحد مكونات المجتمع من أجل وضع خطط وبرامج للطوارىء والكوارث… فبهذا الانسجام والتوحد يتغلب شعبنا على آثار الكوارث والمخاطر والمخططات والتآمرات لنتحاشى ضربة قاضية…
الكوارث القدرية ليست شر الكوارث، فهذا أمر لا بد منه، فهو مقدرّ، ولكن الأبشع من ذلك، هي تلك التي يرتكبها الفرد في حق نفسه باسم الدين والدين منها براء، الارهاب والتفجير والتكفير والطائفية، فالحرائق الطائفية التي يشعلها هؤلاء الطائفيون المتشددون في فرز المجتمع، والدعوة الى الى الاصطفاف الطائفي عبر منابرهم وساحاتهم وقطع طرقات، نجد بأن هذه الدكاكين وعملائها لازالوا يرفعون شعار فرق تسد، الاستعماري المدفوع الأجر!!..
ان المتابع للساحة المحلية اليوم يرى بأن هناك محاولات يائسة من بعض القوى المتشددة لاقتباس المشهد الطائفي من بعض الدول، والترويج لها، على أنها السبيل للخروج من المأزق الطائفي، سقطت أقنعتهم وانكشفوا، في فرز المناطق، وتقسيم الأحياء، وجميعها لم تنطلي إلا على السذج من البشر الذين بلعوا طعم الطائفية حتى فقدوا الاحساس الاسلامي والوطني الذي لا يرى سوى الاصطفاف والفرز كمخرج لهذا البلاء.
إن حساسية المرحلة وخطورتها تحتم علينا جميعاً تحذير المجتمع من هذه اللوثات التي تبثها بعض الكائنات والكيانات الطائفية التي تندثر بلبوس التدين، وعلينا تجاوزها بأقل الخسائر، كما وان الواجب وضع وسائل مكافحة لهؤلاء الارهابيين والتكفيريين والطائفيين، والتصدي لتلك السموم واستئصالها من جذورها، والحاجة الى العقول النيرة والاحساس بالمسؤولية لمواجهة الممارسات التي تسعى لمزيد من التمزقات والانقسامات ولا يرون الا ما تحت اقدامهم، فإنهم في حاجة الى قسوة في التعامل، رداً على اعمالهم وتطاولهم على الآخرين..
كفى تشرذم وتعصب طائفي وفئوي، وإن كانت في نظري هذه المطالبة لن تكون أسوأ من الخوف والإحباط التي يعيشها المجتمع الآن، لدعم زمر هاربة في اتجاه لبنان تحت رايات الدين… ما نطالب به هو ترميم الوحدة الوطنية، وانهاء للدويلات الجردية، وارجاع هيبة القانون والمؤسسات والإلتزام بالأصول الديموقراطية، وانهاء هذه الأزمة بعلاج هذا الخلل وتفتيته…