رادار نيوز – ألقى وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل كلمة لبنان في الاجتماع الثالث الذي ضم وزراء خارجية دول الإتحاد الأوروبي الى نظرائهم العرب في أثينا والذي ترأسه نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية اليوناني ايفانجيلوس فينيزيلوس الذي تترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي. وشارك في الاجتماع المنسقة الخاصة للسياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي كاترين آشتون والأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي.
واستهل باسيل كلمته بالقول: “أتوجه بالشكر الى دولة اليونان الصديقة، وأجد نفسي الآخر وأنا معكم كلبناني في محفل يجمع بين تكتلين إقليميين لطالما لعب لبنان دور صلة الوصل بينهما. أجد نفسي تماما في مغطسي، في مغطس متوسطي حضاري غني، فلبنان الرابض على شرق هذا الحوض، هو تراكم عقود من الحضارات التي مرت عليه، يونانية – إغريقية، فينيقية وصليبية، عثمانية وفارسية، عربية وأعجمية، هو معبر وموطئ فتوحات وغزوات واحتلالات وهيمنات، هو منبع أديان سماوية، هو ممر تجارات وطرقات وخطوط، وهو مقر ثقافات وانطلاقة حرف ومنشأ أفكار ومركز حقوق. حضارات تشقعت على أرضه الضيقة فانعصرت خليطا حضاريا متوسطيا فريدا وانتجت لبنان هذا الذي هو “أكبر من وطن، هو رسالة” على حد قول البابا يوحنا بولس الثاني. فلبنان المؤسس لجامعة الدول العربية، يرى في انتمائه العربي مصدر اطمئنان سياسي وغنى ثقافي وازدهار اقتصادي”.
اضاف: “أما أوروبا وهي التي تحمل اسما انطلق من صور، مدينة الجنوب المقاوم، وأوروبا، إبنة أدونيس، هي الجار الجغرافي والإمتداد التجاري والمنفذ الحيوي. وقد تحول لبنان بفعل موقعه ورسالته، وبفعل انتشار أبنائه في العالم العربي وفي أوروبا الى معبر إلزامي بين حضارتين وثقافتين، وممر اقتصادي وتجاري يساهم في توطيد علاقات العالمين الأوروبي والعربي”.
وتابع بالإنكليزية: “أصحاب المعالي، السيدات والسادة، أصبح الاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة الشريك التجاري الأول للبنان. وقد أقر مجلس الوزراء اللبناني أخيرا خطة العمل مع الإتحاد للسنوات الثلاث المقبلة ما يعبر عن إلتزام لبنان تطوير علاقاته. وبالتوازي أصبح الاتحاد الأوروبي المانح الأول للبنان ما ساهم في تطوير بنانا التحتية بشكل مطرد.
وتم أخيرا منح المساعدات الإنسانية للتعامل مع تدفق اللاجئين السوريين الى لبنان، غير أن هذا لم يساعدنا في التعامل مع التدفق الكبير وغير المسبوق والضغوط الناتجة منه، حيث لم يصل للحكومة اللبنانية سوى جزء بسيط من التعهدات التي تم الإلتزام بها حتى الآن”.
واشار الى ان “عامل الوقت مهم جدا للبنان، فالواقع الديموغرافي والاقتصادي الاجتماعي يتغير بشكل مريع، ما يهدد وجود بلدنا. إن التغيرات الحاصلة أثرت بشكل سلبي على اقتصادنا، وتصاعدت البطالة لتبلغ أكثر من 30 في المئة من مواطنينا العاملين في بعض المناطق. كما أن نظامنا التربوي بات عليه التعامل مع زيادة 60 في المئة من أعداد التلاميذ. إن الخسائر الواقعة على اقتصادنا تقدر منذ العام 2011 ب 5,7 مليارات دولار”.
وقال: “إن هذا الوضع لا يمكن ان يستمر من دون ان يؤدي الى انفجار، ولذلك نغتنم هذه المناسبة لدعوة الأشقاء والأصدقاء الى العمل بشكل فورا لدعم مؤسساتنا وبنانا التحتية وليس فقط اللاجئين. ليس استقرارنا فقط على المحك وإنما وجود لبنان في ضوء وجود زهاء 50 في المئة من سكانه من الأجانب وتحديدا من السوريين والفلسطينيين.
وأمام هذا الوضع كان الخيار الوحيد للحكومة اللبنانية لتفادي الإنفجار، أن يتقرر:
1 – وقف تدفق اللاجئين السوريين ولا سيما اولئك القادمين من الأماكن البعيدة أو الآمنة لا سيما أن 42 في المئة من اللاجئين ينتمون الى هذه الفئة.
2 – خفض عدد الموجودين في لبنان عبر تطبيق المعايير الدولية للجوء ولا سيما ان 40 في المئة يتنقلون ذهابا وإيابا الى سوريا، وبالتالي يمكن اعتبارهم مهاجرين اقتصاديين.
3- إقامة تجمعات سكن داخل سوريا او في المنطقة الحدودية بين البلدين”.
واردف: “نحن نتوجه اليكم لمساعدتنا في هذه المقاربة الجديدة، ومساعدتنا في تمويل العودة الآمنة وإعادة توزيع اللاجئين السوريين.
إضافة الى كل ما تقدم، فإن التهديد الذي يشكله انتشار المجموعات الإرهابية اصبح واقعا صعبا في لبنان، وهو يتطلب إلتزاما قويا منا جميعا ما زال غائبا لئلا يعم وينتشر في كامل أرجاء المنطقة. إن شبكات المقاتلين الجانب تعود حاليا الى بلدانها الأساسية، ومنها دول أوروبية.ان قوى الظلام والكراهية تمزق النسيج الاجتماعي للمشرق. وإن دعم جيشنا اللبناني يكتسب أهمية بالغة بل انه مسألة حيوية للدولة والشعب، ولدور لبنان كمثال حي على التعايش والعيش لنا ولكم وندعوكم الى المشاركة على أعلى مستوى ممكن في المؤتمر المخصص لدعم الجيش اللبناني في روما في تاريخ 17/6/2014”.
وفي الختام، توجه الوزير باسيل بكلمة عاطفية الى الحاضرين عن دور لبنان كمختبر للتعايش، مستشهدا بالفيلسوف نيتشه بأن “التعامل مع قوى الإرهاب لا يكون بالضرورة دائما من خلال القوة وإنما ايضا عبر حفظ مجتمعات التعايش والتسامح التي تعطي المثال المعاكس للارهاب، وهنا أهمية الحفاظ على لبنان الذي اعتبره القديس يوحنا بولس الثاني:أكثر من وطن بل رسالة”.
وختم: “لبنان هو السلاح الأمضى في وجه الإرهاب”.