غَدٌ مِنْ يَاسَمِين – حبيب يونس

الثلاثاء, 22 يوليو 2014, 9:15

غَدٌ مِنْ يَاسَمِين

(إلى وحيدتي لين التي تبلغ في 22 تموز سن الرشد، وإلى أترابها… هم الغد، هم المقبلون على الحياة، وقد باتوا أسياد حريتهم، بأحلام عساها لا تنكسر، مثلما تحطمت أحلامنا، وبآمال مملوءة نعمة أن يعتبروا من أخطائنا، فلا يكررونها. لم أصدق بعد، ولن أصدق، مهما بلغت، أنها لن تكون سوى تلك الصغيرة التي تملأ الحضن والقلب والعمر ضحكات وخطوات ومكاغاة).

عُذْرًا صَغِيرَتِي، وَقَدْ كَبُرْتِ
وَبَاتَ لِلْغَدِ الْمُوَشَّى بِالنَّدَى أَمِيرَهْ،
وَجُمِّعَتْ أَحْلَامُنَا لِهَدْلَةٍ فِي الشَّعْرِ، كَالضَّفِيرَهْ
وَأَشْرَقَتْ فِي عُمْرِنَا الشَّمْسُ انْبِثَاقًا،
كُلَّمَا ابْتَسَمْتِ…
مَا عُدْتِ، يَا نَيْسَانَتِي، صَغِيرَهْ
فَالْيَاسَمِينَةُ الَّتِي عَلَتْ عَلَى مَدْخَلِ قَلْبِيَ
وَفِي أَرْجَائِهِ فَاحَتْ،
تَهُزُّ الْآنَ لِلْغَدِ الْمُوَشَّى بِالنَّدَى سَرِيرَهْ.
لَكِ الزَّمَانُ كُلُّهُ
وَالْمُسْتَحِيلُ… سِيرَهْ.
***

فَلْتَقْبَلِي عُذْرِيَ، يَا كَبِيرَهْ
أَنَّا وَلَدْنَاكِ عَلَى مُفْتَرَقَاتٍ
بَيْنَ عَيْنٍ تَحْتَفِي بِكُلِّ خُطْوَةٍ،
وَقَلْبٍ يَزْدَهِي بِكُلِّ بَسْمَةٍ
وَرُوحٍ إِذْ يُصَلِّي، إِنَّمَا
كَيْ يَنْثُرَ الْفَرَحُ فِي
مَدَاكِ زُرْقَتَيْهِ أَوْ عَبِيرَهْ.
***

عَفْوَكِ إِذْ وُلِدْتِ
بَيْنَ حُقُولِ الْأُمْنِيَاتِ
وَحُقُولِ الْخَوْفِ وَالْأَلْغَامْ،
وَمَا يَدِي سِوَى ذَخِيرَةٍ
تَرُدُّ عَنْكِ شرًّا، كُلَّمَا
نَهَشَتِ الدَّهْشَةَ مِنْ أَحْلَامِكِ الْأَيَّامْ.
كَمْ مَرَّةٍ ذَا الْقَلْبُ يَا صَغِيرَهْ
جَمَّعَ خَفْقَهُ نُذُورًا رُفِعَتْ
وَبَعْدُ لَا هَمَى دَمًا وَلَا وَفَى نُذُورَهْ.
***

عَفْوَكِ إِذْ شَهِدْتِ
فِي وَطَنٍ صَوَّرْتُهُ فِي خَاطِرِي
ظِلًّا لِعَيْنَيْكِ
لِكَيْ يَبْقَى امْتِدَادًا لِلْجُفُونِ وَالسَّنَابِلْ،
كَيْفَ يَعُودُ يَنْتَمِي
إِلَى عُصُورِ الْكَهْفِ وَالْقَبَائِلْ
يَجُرُّ ذَيْلَ خَيْبَةٍ
وَيَعْبُدُ الْحُكَّامَ وَالْأَصْنَامَ وَالسَّلَاسِلْ.
أَهْلُوهُ… أَهْلِي، يَحْصِدُونَ يَا صَغِيرَهْ
فُتَاتَ مَا خَلَّفَتِ الْعَشِيرَهْ.
خَوْفي غدًا إِذَا اسْتَحَالَ صَورَهْ
وَجَاهِلٌ يَأْتِي فَيَسْرُقُ الْإِطَارَ،
وَيْحَ صُورَهْ
تَظَلُّ وَهْيَ حُرَّةٌ… أَسِيرَهْ!!!
***

عَفْوَكِ مُذْ وَعَيْتِ
وَالشَّرْقُ، يَا أُغْنِيَتِي، مَا زَالَ كَالْغُرَابْ
يَنْعَقُ وَسْطَ أُمَّةٍ خَرَابْ
مَا شَرَّعَتْ لَهَا سَمَاءٌ بَابَهَا،
إِلَّا وَفِي وَجْهِ السَّمَاءِ صَفَقَتْ،
يَا رَبُّ، أَلْفَ بَابْ!!!
شَرْقٌ يَنَامُ وَاقِفًا
تَسْمَعُ، مِنْ مَسَافَةٍ، شَخِيرَهْ،
يَصْحُو، إِذَا صَحَا،
وَقَدْ طَمْأَنَ نَفْسَهُ إِلَىمَصِيرِهِ
مَا دَامَ فِي الْجُحْرِ
احْمِهِ يَا جَهْلُ، وَاحْمِ دَائِمًا جُحُورَهْ،
شَرْقٌ عَلَى الرَّمْلِ افْتَرَى
مَا عَادَ يَدْرِي – وَيْحَهُ – مَصِيرَهْ
مَا عَادَ يَعْرِفُ قُصُورَهُ
وَلَا قُبُورَهْ…
***

عَفْوَكِ مُذْ بَلَغْتِ
وَالْمَالُ، مِنْ قَبْلُ، عَلَى الدُّنْيَا يَسُودُ
رَبٌّ لِحُكَّامٍ، لِتُجَّارٍ،لِصُنَّاعِ الْقَرَارِ،
وَالضَّحَايَا وَالْمَآسِي وَالْحُرُوبُ
كُلُّهَا عَلَى قَوْلِي شُهُودُ…
لَا قِيَمٌ، فَالْكِذْبُ هَدَّ عَرْشَهَا
وَالصِّدْقُ بِيعَ فِي الْمَزَادِ الْعَلَنِيِّ
فَاشْتَرَاهُ مَنْ يَسُوقُ حَقَّنَا
كَمَا سِيقَ الْعَبِيدُ…
وَالرَّبُّ… رَبُّنَا حَزِينٌ
نَادِمٌ، فِي السِّرِّ، رُبَّمَا
فَهَلْ إِذَا أَرَادَ خَلْقَنَا
ثَانِيَةً… يُحْجِمُ أَمْ تَرَى يُعِيدُ؟
أَلْمَالُ يَا صَغِيرَهْ
رَبٌّ يَبُثُّ بَيْنَنَا شُرُورَهْ
فَكَيْفَ قَدْ أَحْمِيكِ
وَالْعَيْنُ وَلَوْ بَصِيرَهْ
مَا دُونَهَا… إِلَّا يَدٌ قَصِيرَهْ…
***

عُذْرًا صَغِيرَتِي، وَقَدْ كَبُرْتِ
عَفْوَكِ، بِي وَثِقْتِ…
أَمَّا وَقَدْ بَلَغْتِ،
هَذِي الْحَيَاةُ، هَا هُنَا وُلِدْتِ،
فَلْتَكُنِ الْآنَ، وَمُنْذُ الْآنَ، ثُمَّ دَائِمًا،
عَيْنَاكِ، ضَوْعُ الْحُلْمِ – مَا أَغْرَى السِّنِينْ –
رَايَتَكِ الْحُرَّةَ يَا أَمِيرَهْ
وَلْيَكُنِ الْغَدُ الْمُوَشَّى بِالنَّدَى،
مِنْ يَاسَمِينْ…
وَقَبْلَ أَنْ بِذَا الزَّمَانِ تَلْعَبِينْ
وَتُتْعِبِينْ
إِلَيْكِ قُبْلَةً… وَحِينْ
عَيْنَيْكِ يَا كَبِيرَهْ
تُغْمِضِينْ
كَيْ تُبْحِرِي فَي الْحُلْمِ دَوْمًا
وَشِرَاعُكِ الْيَقِينْ
لَوْ تَذْكُرِينْ…
أَلَمْ أَقُلْ وَأَنْتِ، يَا وَحِيدَتِي، صَغِيرَهْ
لَكِ الزَّمَانُ كُلُّهُ
وَالْمُسْتَحِيلُ… سِيرَهْ.
حبيب يونس

إضغط هنا
Previous Story

عظم الله اجركم – درويش حشوش

Next Story

حظك الثلاثاء 22 تموز 2014 مع ليلى المقداد من رادار نيوز

Latest from Blog

رامونا يونس: العناية بالبشرة هو استثمار..

ولعدم النوم أبداً دون ازالة الماكياج! في عالم الجمال والعناية بالبشرة، برزت أسماء كثيرة، لكن قلة من استطعن الجمع بين الاحترافية والشغف الحقيقي بما يقدمنه. من بين هؤلاء، السيدة رامونا يونس، الناشطة

زخم الرئاسة الاولى وتحقيق الاستقرار المالي والنقدي – بقلم العميد الدكتور غازي محمود

يعيش لبنان منذ انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية عرساً حقيقياً، ويشهد زحمة مهنئين شملت كل من الرئيسين الفرنسي والقبرصي بالإضافة الى امين عام الأمم المتحدة، وكل من وزير خارجية الأردن ووزيرة
Go toTop