خطر وجودي… أم “مزحة”؟؟؟ – حبيب يونس

الأحد, 31 أغسطس 2014, 1:28

رادار نيوز – مواطن بسيط، مثل فضل حكايتي، قد تتملكه الحيرة حين يسمع رأيين متناقضين، تطلقهما جهتان متخاصمتان، من مسألة واحدة.

هذا الداعش… الوحش الممتدة حدود أنيابه من شِدْقَيْ أوَّل آكل لحوم بشر في التاريخ، إلى آخر غول خرج لتَوِّه، من الحكاية ليفتك بالبشر والحضارة، “عن أبو جنب”،هل هو خطر وجودي أم “مزحة”؟

قرأت أمس أن المجتمع الدولي، هذه العبارة التي تخلب لبَّ كثيرين، قرر مواجهة الداعش أينما كان، وهدد بتطبيق الفصل السابع على كل من يموله ويأويه ويدعمه ويستضيفه. عال. أي إنه خطر حقيقي يهدد ليس المنطقة التي يسيطر عليها، والجوار فحسب، بل ودول العالم، بما فيها الولايات المتحدة وأوروبا. إلا إذا كانت دول هذا المجتمع الدولي تمزح، هي التي نامت طويلًا عن هذا الوحش، إلى أن أدركت أنه بات قريبًا من دخول أبوابها، من دون أن يطرق أيًّا منها، لأنه ما تعود إلا الخلع والكسر والسحل والإبادة. من قال لكم إن وحوشه خريجو مدارس البيزانسون؟

قرأت قبلًا أن الداعش، المدعوش ذكره أعلاه، قضى وما زال، على كل معلم أو صرح يمت إلى الحضارة الإنسانية بصلة. فراح يسوِّي كنائس وجوامع وأضرحة ومقامات وتماثيل بالأرض، ويصادر كل منطقة يدخلها، ويهجر منها من يخالفه “عقيدته” الإرهابية المتوحشة، أو يقتله أو يسبيه أو يسرقه أو يجبره على تغيير دينه وحتى هندامه، أو يفرض عليه جزية. فهل من خطر بعد أعظم؟ إلا إذا كانت هذه المعالم خادعة ومزورة، أو من كرتون، أو مجرد “بازل” عبث به أطفال بعدما أمضوا ساعات في تركيبه. وإلا إذا كان البشر ضحايا هذا الوحش المتمثل بهيئة إنسان، مجرد مانوكانات في واجهة محل ألبسة جاهزة… وتحت الطلب.

وكنت قرأت وشاهدت كيف يقطع هذا الداعش الرؤوس، وله في هذا الفن الراقي، أساليب وطرائق وباع طويل في الحزّ، لا بل في شَيِّ بعضها، أو في جعل بعض آخر كرة قدم يتقاذفها، في جلسات الجهاد، وأوقات الفراغ بين غزوة وغزوة، أشاوس هذا المخلوق الغريب العجيب. أليس من يمثِّل بجثة خطرًا على الإنسانية جمعاء، لأنه لا يدرك قيمة الإنسان، وقيم احترام الميت وتكريمه بدفن لائق؟إلا إذا كان ما قرأت وشاهدت، على هذا المستوى، مشهدًا من فيلم “زومبي”، وقد شُبِّه لي ولكثيرين، أنه حقيقة. ويحي ما أوسع مخيلتي…

قرأت وتأكد لي أن المساحة التي احتلها داعش أفندي، من أراضي سوريا والعراق، ليبني عليها دولة، ويقيم فيها ما سماه الخلافة الإسلامية – والإسلام منها طبعًا براء –بغض نظرٍ من قوى دولية وإقليمية، تفوق مساحة دول كثيرة قائمة على حدودها.

أليس في ذلك خطر على خارطة الشرق الأوسط، وعلى تركيبته، ومن ثم على أبعد من الشرق؟ إلا إذا كان أوباش الداعش من هواة لعبة المونوبولي، يمارسونها بين فرض “صلاة” يؤدونه ومجزرة يرتكبونها.

أما “جهاد النكاح” الذي تزخر به الأخبار، صبح مساء، عن هذا الداعش المهووس بالقتل والجنس، فلا يعني سوى أمر واحد، هو أن لا دماغ في رؤوس الدواعش، بل سائل منوي، “يفكِّر” ويتصرف… أي إن حامل هذا الرأس ليس إنسانًا عاقلًا، بل حيوان تتحكم به الغريزة. أليس هذا السلوك، في حد ذاته، الخطر بعينه على الإنسان والقيم والأخلاق والفضائل؟ إلا إذا كانت القصة وما فيها، مجرد فيلم خلاعي، صُوِّر ومُثِّل بما تيسر من معدات سينمائية بدائية، وبإشراف المخرج المبتدئ أبو بكر البغدادي.

وأما حرب عرسال الأخيرة التي أظهرت الخطر الداعشي النائم، فأخرجته من جحوره، مكشرًا عن إرهابه وجهنميته، أليست أخطر ما واجه لبنان، مذ كان؟ أَوَلا تتطلب مواجهته خطة سياسية دبلوماسية عسكرية أمنية اجتماعية، شاملة، يشارك فيها، قرارًا وتخطيطًا وتنفيذًا، الجميع من دون استثناء؟ إلا إذا كان استهداف الجيش اللبناني وخطف جنود منه، والعمل على إثارة فتن طائفية، واللعب على الوتر المذهبي، وتحرك البيئات الحاضنة والأصوات الداعشية، مجرد سوق خضر، وقد فتح البازار… وصابيع الببو يا خيار.

الداعش خطر وجودي… بات يهدد العالم بأسره، وإلا لما تحرك العالم، الذي كان بعضه يستعمله في عدة شغل “الربيع العربي”، للحد من انفلاشه، تمهيدًا للقضاء عليه، في حرب ستكون مكلفة، وليست نزهة. ومن يظنه غير ذلك، يكون كمن يغطي أفعاله، أي شريكه في الجرم والجريمة، بوعي منه أم بغير وعي.

لا مزاح في الأمر… ومن يريد أن يمزح فليلعب أمام بيته.

حبيب يونس

إضغط هنا
Previous Story

صرخة ابرياء – علي حسين هاشم

Next Story

العسكري المحرر ابراهيم شعبان لدى وصوله الى عكار: علي السيد الذي قيل انه ذبح لا زال حيا

Latest from Blog

رامونا يونس: العناية بالبشرة هو استثمار..

ولعدم النوم أبداً دون ازالة الماكياج! في عالم الجمال والعناية بالبشرة، برزت أسماء كثيرة، لكن قلة من استطعن الجمع بين الاحترافية والشغف الحقيقي بما يقدمنه. من بين هؤلاء، السيدة رامونا يونس، الناشطة

زخم الرئاسة الاولى وتحقيق الاستقرار المالي والنقدي – بقلم العميد الدكتور غازي محمود

يعيش لبنان منذ انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية عرساً حقيقياً، ويشهد زحمة مهنئين شملت كل من الرئيسين الفرنسي والقبرصي بالإضافة الى امين عام الأمم المتحدة، وكل من وزير خارجية الأردن ووزيرة
Go toTop