الراعي من جبل محسن : خساراتكم قرابين ذبائح على مذبح الوطن

الأحد, 18 يناير 2015, 21:07

رادار نيوز – زار البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، منطقة جبل محسن لتقديم العزاء لرئيس المجلس الإسلامي العلوي الشيخ أسد عاصي، وعوائل الشهداء الذين قضوا في التفجيرين الانتحاريين الأخيرين، يرافقه راعي أبرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جودة، مطران صيدا السابق مطانيوس الخوري المونسنيوران جوزيف البواري وبطرس جبور. وكان في استقبالهم عند مدخل القاعة الاجتماعية في جبل محسن، الشيخ أسد عاصي وعدد من مشايخ الطائفة العلوية، ومحافظ البقاع بشير خضر وأهالي الشهداء.

وخلال جلسة العزاء، رحب عاصي بالراعي، وقال: “أهل الجبل، أهالي طرابلس، كل عكار، الشهداء وهم أحياء عند ربهم يرزقون، عوائل الشهداء كلهم يرحبون بزيارة صاحب الغبطة البطريرك بشارة الراعي. أهلا به، وبمن معه، من الأجلاء. وهذا ليس مستغربا عنه، لأن صاحب الغبطة تخرج من مدرسة سيدنا عيسى المسيح، وزيارته هي بلسم للجراح”.

أضاف “أنا ما أزال أذكر عندما كنت في حاضرة الفاتيكان، بدعوة من قداسة البابا بينديكتوس، وقد أخذ بيدي صاحب الغبطة الى مكان يوجد فيه تمثال لقداسة مار مارون، فذهبنا نكحل عيوننا بقداسة مار مارون قدسه الله، وهناك فتحت يدي وقرأت الفاتحة الإسلامية، فنظر إلي، وقال: إن هذه الفاتحة الإسلامية على روح قديس مسيحي، ما هي إلا نتاج الحوار الإسلامي المسيحي ومن ثمراته. ومن مآثره أيضا، لا أنسى أنه تجاوز الخط السياسي، ودعاه الحافز الإنساني والديني والأخلاقي، فذهب الى ما وراء الحدود يتفقد رعيته، لأنه لا ينظر من منظور سياسي، إنما ينظر من منظور إنساني، لأن الراعي دائما يبحث عن نعجته إذا كانت ضالة، والأم الرؤوم تبحث عن ابنها إذا كان ضائعا فهذه مأثرة من مآثره”.

وتابع “بالأمس القريب في الربوة، قمنا بدعوة دعاها صاحب الغبطة البطريرك لحام، وهناك كان مفتي الجمهورية سماحة الشيخ عبد اللطيف دريان حفظه الله، وألقى كلمة رائعة، قال فيها: إن المسيحيين هم ملح الأرض. فأدركت أن هنالك رجال تعمقوا في القرآن، وأعطوا للأمم والشعوب حقوقها، لأنه لم يوجد كتاب أكثر من القرآن أعطى ما للمسيحي وما لمريم الإنصاف، والحقوق والقدسية، وكذلك المسيحيين المؤمنين الذين تفيض أعينهم من ذكر الله أعطاهم أيضا الحقوق”.

وأمل أن “يمن الله علينا بعودة المطرانين اليازجي وإبراهيم الى ربوعهما بإذن الله تعالى”،طالبا من الدولة أن “لا تألو جهدا باسترجاع العسكريين المخطوفين، لأن رجوعهم يمثل كرامة وطنية، ويمثل أيضا كرامة إنسانية، والدولة العتيدة الكريمة لا تألو جهدا، ولا أحد من الناس يستطيع أن يساومها، أو يزايد عليها بشجاعتها وإنسانيتها”.

وقال: “تأملوا أن وزيرا للمال، هو أحرص على المال من النملة على حبة القمح. تأملوا أن وزيرا للصحة نزل الى الشارع ونظف الطعام، الماء، اللحوم، الخضار. تأملوا أن وزيرا للداخلية كان على رأس قوة، فداهم واستأصل وفعل ما فعل. دولة الرئيس، رئيس الوزراء كلامه قليل وفعله كثير. مجلس النواب له رئيس من الممكن يستحصل المحتمل. إذا نطلب من الله أن تستمر هذه الدولة”، شاكرا “قيادة الجيش، وهي العين الساهرة والوجوه الناضرة والعيون الناظرة لحماية هذا الوطن الكريم”.

وختم “أهلا وسهلا بصاحب الغبطة، ومن معك من رجال الله الأجلاء، نقدر هذه الزيارة، ونقدر هذه التعزية، وبلساني ولسان الشهداء وبلسان كافة المخلصين والأحرار يقدمون لكم عربون الواجب والشكر لغبطتكم”.

الراعي

بدوره، قال الراعي: “صاحب السماحة، أصحاب السماحة والفضيلة، الوجوه الكريمة، عوائل الشهداء الأحباء، آلينا على نفسنا مع سيادة المطران جورج بو جودة مطران أبرشيتنا في طرابلس العزيزة، والمطران طانيوس خوري مطران صيدا السابق، والنائب العام للأبرشية والآباء من بكركي، إلا أن نأتي بإسم كنيستنا المارونية وسينودس أسقفتنا، لكي نقدم التعازي، لكم صاحب السماحة وللمجلس الإسلامي العلوي في لبنان ولعائلات الشهداء، ولكي نقدر مواقفكم، ومواقف العائلات الجريحة وموقفكم شخصيا، واعتبرتم أن هذه الخسارات، التي لا تثمن، قرابين ذبائح على مذبح الوطن، هذا ما أعربتم به منذ البداية، وأخذتم المواقف الحكيمة السموحة المحبة للبنان والمجتمع اللبناني”.

أضاف “جئنا لكي نقول لكم كل هذا التقدير والعزاء الحقيقي، هو من الله سبحاته وتعالى، الذي أضاء في قلوب عائلات الشهداء، وفي قلوبكم شعلة التسامح. شعلة الوعي والإدراك. وثقوا، كل لبنان يقدر كيف أطفأتم فتيل الشر، فتيل الثأر، وارتضيتم هذه الذبيحة، ونحن كمسيحيين في حكم حياتنا المسيحية السيد المسيح، الذي مات على صليبه، غفر لصالبيه، ولكل إنسان يقترف شرا، وقال “يا أبتي إغفر لهم، لا يدرون ما يصنعون”. أنتم اتخذتم هذا الموقف من سماحة الإسلام، من تقاليدكم وحريتكم تشكرون عليه كثيرا. والله سبحانه وتعالى كفيل بأن يعوض ويعزي بما أنتم ترغبون سلام لبنان وطمأنينة لبنان، سلام طرابلس، وأمن طرابلس”، موجها التحية ل”كل القيادات الروحية الطرابلسية التي وقفت معكم وقفة واحدة”.

وتابع “نحن نريد أن نحيي هذه المدينة العزيزة الجريحة، وجبل محسن الجريح بالأعماق، ونقول بالرغم من كل شيء، يجب دائما أن نتعالى على الجراح، وننظر الى خير الوطن. هذه الأرض أرضنا جميعا، وهذا الوطن وطننا جميعا. ينبغي أن نبنيه كل يوم بالتسامح والتعاون والتعاضد، ونحن إخوة أبناء وبنات لأب واحد في السماء. هذه رسالتنا ورسالتكم. هذه دعوة الله ومشئته علينا، أن نعيش بسلام على تنوعنا على تعدديتنا على ثقافاتنا وديانتنا، وننظر إليها وكأنها تشكل كل واحدة منها قيمة مضافة في بناء نسيج هذا الوطن اللبناني، ولبنان يبنى بتضحيات المضحين، ويبنى بتضحيات الذين يقبلون ما يصيبهم من أجل الوطن في عمق دارهم وعائلتهم”.

وأردف “لا يسعنا إلا ان نوجه النداء معكم الى الدولة اللبنانية، إضافة الى ندائكم، لا بد في طرابلس، التي كانت تسمى مدينة الفقراء، لا يجوز أن تكون مدينة الفقر، ولا مدينة الحرمان. فمن الضروري جدا، وهذا صوتي مع صوتكم من أجل إنماء هذه المدينة. إخراج كل أبنائها والمنطقة من الحرمان والفقر، لكي تقفل الطريق لكل الذين يريدون أن يستغلوا إخوتنا في فقرهم وعوزهم، وآن الأوان أن تتحمل الدولة مسؤوليتها في الإنماء المتوازن. فلا سلام حيث الحرمان ولا سلام حيث لا إنماء. البابا بولس السادس الطوباوي قال: “اليوم الاسم الجديد للسلام يسمى الانماء، إنماء الشخص البشري وإنماء المجتمع”.

وحيا بمعيةالحضور “الحكومة اللبنانية على كل الخطوات، خاصة وزارة الداخلية على كل ما خططوا له من أجل الأمن والسلام للجميع، والجيش اللبناني وكل القوى الأمنية، التي تسهر على خيرنا جميعا، وينبغي أن يقتنع كل اللبنانيين أن لا حياة شريفة ولا حياة سليمة ولا أحد يضمن حياتنا إلا الجيش اللبناني والقوى الأمنية والعسكرية هذه تعمل لكل الناس، ليس فقط للمواطنين، بل لكل عابر سبيل على أرض لبنان، وشهداءهم الذين سقطوا ويسقطون دائما على مذبح هذا الوطن”.

وأوضح “نحن نريد اليوم، من هذه الزيارة، أن تكون زيارة تعزية تضامن معكم، وتطلع الى المستقبل. زيارة نتشدد فيها من جديد في وحدتنا وتضامننا، زيارة لنقول لطرابلس العزيزة ودعاؤنا أن يخرجها الرب من جرحها النازف، وتعود طرابلس والجبل وكل منطقة فيها، أرض تآخ وأرض العيش معا. هذا النموذج المصغر عن العائلة اللبنانية. هذا ما أردنا صاحب السماحة، أن نقوله مع سيادة راعي الأبرشية”، مشيرا إلى أن “هذه الرسالة يحملها صاحب السيادة معكم، وأنتم على تضامن مستمر، نحن وجعنا مع كل اللبنانيين، ومع مدينة حلب وذكرت المطرانين يوحنا إبراهيم وبولس يازجي وكل المخطوفين، نسأل الله الذي يريد أن يعيش كل إنسان حر، أن يتحرروا باسم الإنسانية، وكيف لا، ونذكر كل يوم بصلاتنا العسكريين المأسورين في جبال عرسال، وقال لي أحدهم “ليس من اللائق أن نقول العسكريين المخطوفين، هذا جرح في كرامتهم، العسكري لا يخطف، العسكر يأسرون”.

وإذ وجه التحية إلى “العسكريين الأسرى وذويهم”، تمنى للحكومة اللبنانية “النجاح في مساعيها من أجل تحريرهم لخيرهم، وخير مؤسساتنا العسكرية، وخير أهلهم المجروحين جرحا بليغا، ويموتون كل يوم بسبب هذا الألم وهذا الوجع”.

وختم “نسأل الله أن يعوض على أهالي الشهداء، الذين سقطوا في جبل محسن بالأمس، وقبل نطلب أن يعزي قلوب الجميع، وأن يشددنا بما فيه خير وتمجيد في الإنسان”.

اترك تعليقاً

إضغط هنا

Latest from Blog

أم عبدالله الشمري تتحدث عن الشهرة والعائلة والتحديات في أولى حلقات “كتير Naturel”

استضاف برنامج “كتير Naturel” في حلقته الأولى، الذي يُعرض عبر تلفزيون عراق المستقبل من إعداد وتقديم الإعلامي حسين إدريس، خبيرة التاروت أم عبدالله الشمري. وتحدثت أم عبدالله بكل صراحة عن مسيرتها، الشهرة،

رامونا يونس: العناية بالبشرة هو استثمار..

ولعدم النوم أبداً دون ازالة الماكياج! في عالم الجمال والعناية بالبشرة، برزت أسماء كثيرة، لكن قلة من استطعن الجمع بين الاحترافية والشغف الحقيقي بما يقدمنه. من بين هؤلاء، السيدة رامونا يونس، الناشطة

زخم الرئاسة الاولى وتحقيق الاستقرار المالي والنقدي – بقلم العميد الدكتور غازي محمود

يعيش لبنان منذ انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية عرساً حقيقياً، ويشهد زحمة مهنئين شملت كل من الرئيسين الفرنسي والقبرصي بالإضافة الى امين عام الأمم المتحدة، وكل من وزير خارجية الأردن ووزيرة
Go toTop