عشتم … وطار لبنان!
لا شك أنّ معظم الشعب اللبناني يحب التصفيق، والتصفيق الحار جداً؛ وخير دليل على ذلك ثقتنا العمياء بزعمائنا وأمراء الحرب في بلادنـا، إذ تزدحم السماوات بالرصاص، ويـُقتل عشرات المواطنين من جرّاء كثرة الإبتهاج بالخطاب السياسي لهذا الزعيم أو ذاك.
حقاً، من الحب ما قتل!
لا شك أننا شعب فريد ومتفرّد، فمن كان يقول أنّ جيل الشباب سيعود ليفتح المجال امام من أشاع في البلد الخراب والدمار؟ أشاهد نشرات الأخبار وأسمع الخطابات البالية، فكأني أقرأ جريدة من سبعينيات القرن الماضي. لولا جمال مذيعات النشرات وعرض مفاتنهنّ مباشرة على الهواء لكانت الأخبار بالية ولا تتصدّر المراتب الأولى في الإحصاءات.
حقاً، لاقيني ولا تطعميني!
لا شك أننـا شعب يسهل الضحك عليه، ويحب الضجة الإعلامية أكثر من الأفعال الحقيقيّــة، اذ ترى بعض المسؤولين الناشطين والفاعلين جداً، يقودون حملات اعلاميّـة أكثر ممـّـا يديرون وزاراتهم، وتراهم بفضحون صغار المخالفين ويتستـــّرون عن الكبار المدعومين، فيلوّح زعيمهم عبر مواقع التواصل الإجتماعي بفضح أحدهم ليعود فيختفي. ورغم كلّ هذه البهرجة الإعلاميــّة لم نسمع عن ملاحقة المخالفين قانونيـّـاً، ولا عن سجن من ينشر الفساد في بطوننا وعقولنا.
حقاً، ما كلّ ما يلمع ذهباً!
لا شك أننا شعب باع طموحه كما يبيع صوته بأقل من مئتي دولار. ترانا نلهث خلف الفتات والقشور، ونهتم بالأمور الصغيرة فنـُقِم الدنيا حولها ولا نقعدها، لكننا لا نرى أنّ لبناننا يمشي بخطى ثابتة نحو خراب أكيد.
حقاً، العقل زينة!
ولا شك، أنــّنـا استسلمنا لقدر لم نشارك حتى بصنعه، فحوّلنا بلدنا من جنـّـة على الأرض الى حلم دائم بجنّـة في مكان ما، في بلد ما، في قارة ما، بعيداً عن الـ 10.452 كلم2 خاصتنـا، وفتحنا ابوابنا لجيراننا الأعزاء من منطلق أنّ الجار قبل الدار.
حقاً، يعطي الله لحمته لفاقد الأنياب!
وأخيراً، يسود التراث والزغاريد والأوف والإيويها!
هلموا نشبك أيدينا على الدبكة، ونغني ونغتبط ونرقص، نشرب ونلهو ونمرح، وننفــّخ عليها كي تنجلي، عسى أن تنقشع هذه الغيمة، يوماً ما! لكن ايــّـاكم والتفكير الجدي والعملي أو التخطيط، فهذا ليس من شيمنا …
صدق الرحابنة حين قالوا “انت ما تفكر نحنا منفكر عنك!”
عشتم … وطار لبنان!