رسالة إلى معالي وزير الدفاع الوطني اللبناني الياس أبو صعب وقائد الجيش العماد جوزاف عون المحترمين.
من عميد ركن متقاعد في الجيش، وما زال في الاحتياط جاهزاً لتقديم الغالي والنفيس فداءً من أجل لبنان وعزته وكرامة أبنائه من أي خطر محدق.
تأثرّتُ وتأثرّت مشاعر الكثير من العسكريين، بخاصة ذوي الشهداء الأبطال المكرّمين من قيادتكم الكريمة والحكيمة، لما تسرّب من أحاديث ونوايا حول أكاليل الورود والأزهار التي تُقدّم للشهداء، قد تصل إلى أفعال تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، لا تُحمد عقباها، ولا تليق بعطاء الشهيد وكرمه، وما بذله من تضحيات جسام على مذبح الوطن، لا بل تسيء لمن زرع الإيمان وعطرَّ بدمه الميدان، وتُسيىء إلى كل فرد ورتيب وضابط في مؤسسة الجيش اللبناني التي نُجلُّ ونحترم.
صحيحٌ أن الشهيد له أم تبكيه وتحزن لفراقه، لكننا في الوطن وفي الجيش بشكل خاص، كلنا آباء وأمهات لمن استشهد وضحى في سبيل عزتنا وكرامتنا حتى نبقى ونستمر ويبقى الوطن مصاناً معافى.
صحيحٌ أن الشهداء قد رحلوا عنا بأجسادهم، لكنهم باقون بعبقهم، ومقامهم جلل. لن ننساهم أبداً، كيف، وهم أحياء عند ربهم يُرزقون، وهم مكرّمون في هذه الحياة الدنيا والآخرة. وما كرامة الشهداء إلا من الله وكرامتنا.
صحيحٌ أنه من الواجب تقديم التضحيات على اختلافها حتى أعلاها وأسماها وهي التضحية بالنفس الكريمة العزيزة؛ لكن للشهداء منازل ومقامات، وكرامات عظيمة، ومعاملة خاصة مميزة لذويهم، يحاول البعض كسرها بآراء واقتراحات وتصريحات هدامة.
تأثرّنا عندما رأينا البعض من ذوي الشهداء مستائين متكدرين، ينصبون خيمة في وسط العاصمة، يعتصمون داخلها، لا حولاً لهم ولا قوة، رفضاً واستنكاراً لما سمعوه وما تم تداوله، متسلّحين بالإيمان والصبر، متأملين من حضرتكم الوقوف إلى جانبهم وعند خاطرهم، وتقديم بعضاً من مواساتكم علّها تُزيل شيئاً من الحزن والإنكسار.