من يكتب لصالح الوطن – العميد الركن صلاح جانبين

الجمعة, 22 نوفمبر 2019, 11:20

رادار نيوز – قال الشاعر أحمد شوقي: وطني لو شغلتُ بالخلدِ عنه، نازعتني إليه في الخلدِ نفسي.
في الوطن نقيم وإلى الوطن ننتمي، فيه نحيا ومن دونه نموت؛ فلا أمناً، ولا راحةً، ولا أماناً أو آمالاً للإنسان من دون الوطن، الذي جُبلنا من ترابه، نتألم لألمه، ونبتهج لفرحه، ونفتخر لرفعته ونصرته، لا بديلاً عنه، فهو الملاذ، والحصن الحصين، وهو المسار والمصير.
لقد مررنا بأزمات عديدة عبر التاريخ، منها السياسية، ومنها العسكرية والاقتصادية والمالية، وتخطيناها بجهودنا، وواجهناها بتضامننا مع بعضنا البعض. فالمصاب والمستهدف واحد، هو الوطن بكيانه ومكوناته وفئاته ومؤسساته جميعاً من دون استثناء.
فمنا من يواجه بالسلاح، ومنا من يواجه بالمال، وآخرون يواجهون بالصمود والصبر، والروّية، والحكمة، والبعض يواجهون بالتعبير والكلمة الطيبة، والكتابة النيّرة الموجِّهة، المعلِّمة، والمفيدة لهذه الأجيال الطالعة. كلٌّ منا على طريقته ومنهجه وأسلوبه وإمكاناته الثقافية والعلمية والأدبية، يكتبون لصالح الوطن ورفعته، بعيداً عن تبعية أولئك المدّعين الفارغين الذين أضحوا خدماً للسلاطين، وباعوا الكرامات والوجدان، متصعلكين متسوّلين، بالمال والمناصب طامحين.
لا غرابةَ في هذه الظروف العصيبة، أن نصبَّ جام غضبنا على هذه الفئة القليلة من حملة القلم، بعد أن فقدتْ كلّ شيء في سبيل المال والسّلطة.
كتبت عنهم، لعلّهم يستنيرون وعلى طريق الصواب يهتدون، ولصالح الوطن وعزته فقط، يكتبون. وما راودني من أفكار، هو القليل القليل، وما بقي عندي، هو الكثير الكثير، ومما كتبته عن أولئك الذين لا يدرون ما يفعلون أنهم:
يَدّعون الكتابةَ! من قديمِ الزمان، بالفقه والعلمِ، بالفطنةِ والفَهمِ، بالْحَربِ والسِلْمِ
يُحَلِّلونَ وفقاً لأهوائهم، من دون حقائقٍ، أو وقائع
ومن دون ذرائعٍ، أو شرائع، غير أنهم، يَكْتُبون! مأجورون، بِنِعْمَةِ وَليِّ أَمرِهِم يَسْبَحون ويُسَبِّحون!
لا يفقهون، مُنافقون، مُنجِّمون، قوّالون، بما لُقِّموا يُرّدِّدون، وبالرغم من كل هذا وذاك يَكْتُبون.
ضَارِبوا المندل، مُتَصَعْلِكون، للكلمات بَائِعون، للكفّ قارئون؛ طالِعون، نازِلون، ويَكْتُبون.
هم كتبة، وللكُتَّاب يَطمَحون. قد يَتَغَيّرون، إذا ما زادت رَوَاتِبَهم، ويَتَقلَّبون، إذا ما عَلَتْ مَناصِبَهم.
في قَطِيعٍ يَنْتَظِمون، وبما رُسِمَ لَهم يَتْبَعون، يَفْعَلون ولا يَدْرون، لا يَسْمَعون ولا يَرون،
ورغم ذلك، يُصِرّون ويَكْتُبون.
عن الحَقيقةِ يَتَعامون، ويَتَجاهَلون ويَعْمَهون.
مُتَسيّسون، للسُلطانِ مدّاحون، مُبالِغون، قارِعوا طُبول، عابِروا سَبيل، هَجَّاؤون!
للمالِ والسُلْطَةِ يَسْجُدون، يَكْتُبون، ويَكْتُبون…

إضغط هنا
Previous Story

Isolation

Next Story

حروف تفتش عن نعش – فادي المحيرصي

Latest from Blog

رامونا يونس: العناية بالبشرة هو استثمار..

ولعدم النوم أبداً دون ازالة الماكياج! في عالم الجمال والعناية بالبشرة، برزت أسماء كثيرة، لكن قلة من استطعن الجمع بين الاحترافية والشغف الحقيقي بما يقدمنه. من بين هؤلاء، السيدة رامونا يونس، الناشطة

زخم الرئاسة الاولى وتحقيق الاستقرار المالي والنقدي – بقلم العميد الدكتور غازي محمود

يعيش لبنان منذ انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية عرساً حقيقياً، ويشهد زحمة مهنئين شملت كل من الرئيسين الفرنسي والقبرصي بالإضافة الى امين عام الأمم المتحدة، وكل من وزير خارجية الأردن ووزيرة
Go toTop