بين حانا ومانا… قد تضيعُ الأوطانَ! – العميد الركن صلاح جانبين

الجمعة, 6 ديسمبر 2019, 16:50

رادار نيوز – يُروى أنَّ رجلاً متزوج من إمرأتين، خصّصَ لكل واحدة منهما غرفة خاصة في داره الواسعة؛ الأولى اسمها “مانا”، والثانية اسمها “حانا”. ولعِلمِكُم “مانا” كبيرة السّن، هرمةٌ، عجوزٌ، مقارنة مع زوجته الثانية “حانا” وهي فتاةٌ صغيرةٌ، جميلةٌ، لا تتجاوز العشرين سنة. فكان ذلك الرجل كلما دخل إلى غرفة حانا (الصغيرة) ومازحها، أو لاطفها وداعبها، أمسكت بلحيته، تارة تدلّك خديه، وتارة تُمسِّد عليها، وتنزع شعرة بيضاء منها بحجة المحافظة على شبابه، و”أن الشعر الأبيض غير لائق لشاب مثل زوجي”. وعندما يذهب لغرفة “مانا” (العجوز)، تُمسك الأخرى بلحيته وتنتزع شعرةً سوداء منها، مدّعية هي الأخرى “أن الشعر الأسود يُكدِّرها، ويُحزِنها أن ترى بمثلها في لحية زوجها، جليل القدر، عظيم الشأن، كبير العمرِ.

فبقي على هذا الحال مدةً من الزمن، حتى نظر يوماً إلى شكله في المرآة، مزعوراً ومرعوبا، وفي دهشة من أمره، كيف لا، وقد فقد من لحيته شعراً كثيرا، وبانت من الشعر ناقصة معفية، بعد أن كانت كثيفة الشعر كثية. فأمسك لحيته غاضباً، وقال: ما بين حانا ومانا، ضاعت لِحانا!

وبدورنا نقول، وفي هذه الأحوال وما يدور في عقول حكامنا وما يجول، في ظلِّ صراعات المنطقة بالعرض والطول، وترقب دولي لما يجري، وما يُسفر عنه ويؤول، وما بين انتفاضة، أو حراك ومن ساح إلى ساح، يرفضون لكل معقول، وحكومة قد استقالت من حكم شعب فقير مذلول، وشركات أفلست، وموظفين من أعمالهم صُرفت، وأموال هُرِّبت، وللمودعين قد حُجزت، وما بين مفاوضات من هنا، واستشارات قد تحصل، وقد لا تحصل في زمن من اللؤم المجبول، وهذا مناسبٌ محبوب، وآخرٌ قد جُرِّب مرفوض، وذاك مرفوضٌ مقبول، وفلانٌ غير مقبول، وهذا مرتكبٌ فاسدٌ، وذاك خاضعٌ حاقد.

وما بين مقعد وزاري زائد أو ناقص، وتعنّتٌ ومراهنةٌ من هنا، وتعصّب وارتباط من هناك، فنحن في حيرة من أمرنا، وقد زاد خوفنا من غياب حرصنا، ولسان حالنا يقول: كما بين حانا ومانا، ضاعت لِحانا، ما بين ما هو جارٍ ويجري قد تضيع الأوطانَ!

إضغط هنا
Previous Story

لبنان: الأزمة تلقي بضلالها على العمالة الأجنبية… حملة فيليبينية لإعادة رعايها إلى وطنهم

Next Story

دمار وخراب – الكاتبة ألين جان أبي خليل

Latest from Blog

رامونا يونس: العناية بالبشرة هو استثمار..

ولعدم النوم أبداً دون ازالة الماكياج! في عالم الجمال والعناية بالبشرة، برزت أسماء كثيرة، لكن قلة من استطعن الجمع بين الاحترافية والشغف الحقيقي بما يقدمنه. من بين هؤلاء، السيدة رامونا يونس، الناشطة

زخم الرئاسة الاولى وتحقيق الاستقرار المالي والنقدي – بقلم العميد الدكتور غازي محمود

يعيش لبنان منذ انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية عرساً حقيقياً، ويشهد زحمة مهنئين شملت كل من الرئيسين الفرنسي والقبرصي بالإضافة الى امين عام الأمم المتحدة، وكل من وزير خارجية الأردن ووزيرة
Go toTop