تجربة حسان دياب بين السلطة والقدر المصطنع بقلم ندى حاطوم

تجربة حسان دياب بين السلطة والقدر المصطنع بقلم ندى حاطوم: قراءة فلسفيةفي تاريخ الشعوب تحاكي تجربة رجلٍ حاول الوقوف في وجه العاصفة. لا تُقاس القيادات بما تحققه فقط من إنجازات، بل بما تواجهه من أعاصير وبما تحاول إنقاذه من بين الرُِكام، تجربة البرفسور حسان دياب في رئاسة الحكومة اللبنانية جاءت في لحظة ٍ لم تكن سياسية بقدر ما كانت وجودية: حيث كان الوطن على حافة الانهيار الاقتصادي، والقلق يسكن البيوت والناس تبحث عن معنى للاستمرار قبل ان تبحث عن الخبز.من منظور فلسفي، يمكن النظر إلى دياب كشخصيّة دخلت المشهد السياسي لا بوصفه رجل سلطة تقليديّ بل كأكاديمي وجد نفسه امام امتحان الواجب الانساني والأخلاقي اكثر من امتحان النجاح السياسي فمن وجهة نظر الفيلسوف كانط، يقاس الفعل الاخلاقى بالنية لا بالنتيجة فقط وهنا تتجلى محاولة دياب تقديم خطاب اصلاحي قائم على فكرة انتشال الدولة من الفساد وكسر الحلقة المغلقة التي طوقت لبنان لعقود. لقد حاول ان يطرح فكره” الدولة الممكنه “بدل الدولة المستحيلة” فتكلم عن استقلال القرار وعن مكافحة الفساد وعن اعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة وكانّه كان يستدعي حلم الفلاسفة القدماء بدولة العدل، لا دولة المصالح غير ان الواقع اللبناني كان اشبه بالمتاهة المظلمة التي تحدث عنها افلاطون حيث الحقيقة محجوبة خلف ظلال المصالح الطائفية والانقسامات العميقة.ثم جاءت كارثة انفجار مرفأ بيروت لتضع تجربته في قلب السؤال الفلسفي الأكبر؛ هل يُحاسب الانسان على واقع لم يتدخل في صنعه، ولم يؤسَّس له خلال فترة حكمه في الفلسفة الوجودية الانسان مسؤول عن صمته امام العبث وهنا تظهر تراجيديا تلك المرحلة اذ لم يكن الانفجار مجرد حادث بل لحظة انكسار للوعي الوطني كله ومع ذلك تبقى تجربة دياب مثالاً على محاولة الوقوف في زمن الانهيار ومحاولة الحفاظ على فكرة الدولة في وقت كان فيه كل شيء ينهار قد يختلف الناس حول النتائج لكن من الزاوية الفلسفية يمكن القول ان قيمته تكمن في كونِه حاول ان يكون صوتاً للعقل في زمن الضجيج وصوتاً للهدوء في زمن الفوضى فالتاريخ لا يكتب فقط أسماء المنتصرين بل يكتب ايضاً أسماء الذين حاولوا ان ينقذوا السفينة وهي تغرق حتى لو لم ينجحوا في إيصالها الى شاطئ الآمان.