صحيفة السفير 20/4/2011

الأربعاء, 20 أبريل 2011, 7:40

قهوجي: ما يصيب سوريا يصيب لبنان .. لقاء بكركي: صورة لا تردم الفجوة .. الحكـومـة «هـديـة» مؤجلـة إلى ما بعـد العيـد

… وأخيرا، نجحت بكركي في جمع الخصوم الموارنة الاربعة حول طاولة مستطيلة، شكل البطريرك بشارة الراعي صمام أمانها، و«مرشدها الروحي والسياسي».
وبما ان أيا من المشاركين في اللقاء لم يكن يتوقع منه أصلا الخروج بنتائج سياسية مباشرة، فإنه يمكن القول ان الغاية الاساسية من اللقاء، وهي التقاط صورة جامعة لهذه القيادات، قد تحققت، الامر الذي من شأنه ان يترك انعكاسات نفسية مريحة على الشارع المسيحي. أما الوصول الى أبعد من ذلك، فيتطلب رحلة طويلة وشاقة بدأت أمس ولا أحد يعلم متى وكيف يمكن ان تنتهي في ظل الفجوة الكبرى التي تفصل بين الأقطاب الاربعة على مستوى الخيارات الاستراتيجية.
والى حين ان تتبلور آفاق المحاولة الجديدة التي تقودها بكركي للتقريب بين القيادات المارونية، يمكن الاستنتاج ان البطريرك الراعي هو أول الرابحين من لقاء الامس لكونه «راعيه» وأول إنجازاته بعد اعتلائه سدة البطريركية، يليه الرابح الثاني وهو رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع الذي انتزع اعترافا بموقعه ونوعا من «براءة الذمة» من خصميه اللدودين ميشال عون وسليمان فرنجية.
وتبقى الفاتيكان هي الحاضر ـ الغائب في المشهد، حيث تفيد المعلومات ان السفير البابوي في لبنان ساهم في تعبيد الطريق امام اجتماع الامس، وكان بمثابة كاسحة ألغام تتحرك أمام الراعي، خلال فترة التحضير له، في ترجمة لتوجيهات الكرسي الرسولي.
وبينما توافق الاقطاب الاربعة على عدم تسريب تفاصيل النقاش الذي حصل خلال ساعات من الحوار، تخللها غداء وزيارة للبطريرك السابق نصر الله صفير في جناحه، علم ان البحث الهادئ تناول كل القضايا الساخنة، من سلاح المقاومة الى العلاقة مع سوريا، مرورا بالتوطين والهجرة والتجنيس وبيع الاراضي. وقد شرح كل من الشخصيات الاربع خياراته الاستراتيجية ودوافعها وما استوجبته من تحالفات ومواقف، ليتبين في ختام الجلسة ان هناك حاجة الى بذل جهد كبير من أجل تضييق الهوة الموجودة، من دون تجاهل إمكان البناء على بعض القواسم المشتركة، كما قال لـ«السفير» مصدر مسيحي مطلع.
وأكد أحد المطارنة لـ«السفير» ان المناخ كان «إيجابيا جدا»، ناقلا عن البطريرك الراعي تمنيه على المجتمعين ألا يكون هناك تباعد ولو اختلفت الخيارات السياسية، بحيث يبقى التعاون قائما خصوصا في القضايا التي يمكن لجميع الفرقاء التعاون في شأنها، والمتعلقة باستعادة الدور المسيحي وترسيخ السلام والمحبة.
وأوضح المطران ان مصافحة فرنجية ـ جعجع، أتت في البداية عرضية، «لكن في ما بعد انكسر بعض الجليد وراح كل منهما يتحدث مع الآخر بشكل عادي، علما بأن هذا لا يعني أن ما بينهما انتهى، لكن هناك إرادة لدى الطرفين للمتابعة بإيجابية وسرعة».
جعجع… والروح القدس
وقد أبلغ جعجع المسؤولين المعنيين في القوات اللبنانية بوجوب ان يتم التعاطي مع التيار الوطني الحر وتيار المردة ابتداء من لحظة انتهاء اللقاء الرباعي، بالطريقة ذاتها التي تُعامل بها الأطراف الحليفة والصديقة، مع ما يتطلبه ذلك من وقف للحملات السياسية والسجالات الاعلامية.
وقالت مصادر قيادية في القوات اللبنانية لـ«السفير» ان اللقاء كان جديا ووديا وممتازا وساده جو من الاحترام المتبادل، مشيرة الى ان المسار الذي سلكه أوحى كأن «الروح القدس» تدخلت لإنجاحه. وأوضحت انه طرحت على الطاولة كل الملفات التي يتم التداول بها، وقد تمت مقاربتها بانفتاح ورغبة في الحوار والاستماع الى الآخر، من دون أي تشنج أو أحكام مسبقة، لافتة الانتباه الى ان كل طرف عرض هواجسه ووجهة نظره، من دون ان ينطلق من خلفية ان الحق كله معه وان الآخرين مخطئون.
وشددت المصادر على ان لقاء الامس لن يكون عابرا، بل ان «القوات» تنظر اليه من زاوية انه يؤسس لمرحلة جديدة، وأشارت الى ان عون وجعجع تبادلا المزاح في أكثر من مرة، وان المصافحة بين جعجع وفرنجية تمت بشكل اعتيادي، ولم يبد على أي منهما انها كانت مصافحة الاضطرار.
عون و«المردة»
وأكدت اوساط تيار المردة لـ«السفير» ان اجواء اللقاء كانت معقولة ومريحة، موضحة ان نقاشا صريحا حصل بين الاقطاب الاربعة حول كل القضايا المطروحة، انطلاقا من الموقع المعروف لكل طرف، معتبرة انه من السابق لأوانه الكلام على الخروج بخلاصات مشتركة.
وقال العماد عون بعد اجتماع تكتل التغيير والاصلاح ان الجلسة الرباعية في بكركي «كانت هادئة جدّاً وتضمّنت مواقفَ وشرحاً وتبادل أفكار لتفادي حرب النّيات بيننا، وقد تكلّمنا بصراحة على الأسباب التي أدّت بكلّ منّا إلى اتّخاذ موقعه الحالي». وأشار الى «ان هناك أوراقا كنّا قد قدّمناها في السّابق وستتمّ دراستها من جديد لنرى إلى أين قد تؤدّي، لكن الجوّ كان مطمئناً». ولفت الانتباه الى ان المصافحة حدثت في السابق، والموضوع القائم هو موضوع المصالحة في السياسة، مشددا على ان اللقاء لم يكن كسراً للجليد، بل بداية لنقاش أو حوار.
وصدر عن بكركي بيان جاء فيه ان المجتمعين عرضوا الثوابت المسيحية التي ينطلق منها عملهم السياسي في لبنان والثوابت الوطنية التي يتوحد حولها جميع اللبنانيين، فجاء تبادل الآراء والأفكار بمثابة عرض تمهيدي للأوضاع الحالية السائدة وللتطلعات التي ينشدها اللبنانيون. وكان الاجتماع أخويا ووطنيا بامتياز ساده جو من الصراحة والمسؤولية والمودّة وقد تمّت مقاربة المواضيع المطروحة انطلاقا من التمييز بين ما هو متفق عليه وما هو خاضع للتباينات السياسية المشروعة.
الحكومة… «هدية مؤجلة»
على صعيد ملف تشكيل الحكومة، بات مؤكدا ان الحكومة لن تولد قبل عيد الفصح، فيما استمرت الاتصالات لحلحلة العقد القائمة وفي طليعتها عقدة الداخلية، مضافا اليها كيفية توزيع حقيبتي الاتصالات والطاقة، في ظل رفض ميقاتي منحهما معا لعون.
وفيما تردد ان شقيق الرئيس المكلف طه ميقاتي زار دمشق، التقى الرئيس نبيه بري مساء أمس في عين التينة الرئيس ميقاتي، وقال بري لـ«السفير» ان الجو كان إيجابيا، لكن هناك بعض الامور التي ما زالت تحتاج الى بعض الوقت لإنضاجها، وخصوصا ما يتعلق منها بحقيبة الداخلية.
وتعليقا على دعوة العماد عون الرئيس بري الى عقد جلسة تشريعيّة، قال بري امام زواره انه يتمنى على العماد عون ان يجد فتوى دستورية تتيح انعقاد مجلس النواب في جلسة تشريعية، لافتا الانتباه الى ان ذلك مستحيل الآن، و«المطلوب من العماد عون والجميع العمل في اتجاه تسريع تشكيل الحكومة وعندها ليتركوا الباقي علي، وسأعقد جلسات متتالية لمجلس النواب».
وأضاف بري امام زواره: غريب ما يجري.. كلما دق الكوز بالجرة يُزج باسم نبيه بري. البعض يدعوني الى عقد جلسة نيابية، والبعض الآخر يريدني ان اتحول الى محقق وقاض في مسألة النائب جمال الجراح، وهناك من يحملني مسؤولية ملف مخالفات البناء علما بأنني اضطررت الى استعادة بعض سلوكيات الماضي وطلبت من عناصر حركة أمل النزول بسلاحهم في بعض المناطق لمنع المخالفات وتسهيل مهمة القوى الامنية.
وكان عون قد طلب من برّي أن يدعو إلى جلسة تشريعيّة «كي نمرّر المشاريع التّي سبق وأرسلناها إلى مجلس النّوّاب، بما انّ الحكومة تتقدّم ببطء وما من إنجاز معيّن حتّى الآن».
سجال حول استدعاء علي
في هذه الاثناء، بقي الاتهام السوري للنائب جمال جراح مادة للتجاذب السياسي الداخلي الذي اتخذ أمس بعدا إضافيا مع مطالبة تيار المستقبل وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال علي الشامي باستدعاء السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي واستيضاحه تصريحاته حول تدخل بعض الأطراف اللبنانية بما يجري في الأحداث السورية، الامر الذي رد عليه المكتب الاعلامي للشامي ببيان أشار فيه الى أن «موضوع استدعاء السفير السوري لهذا الغرض يستلزم عقد جلسة لمجلس الوزراء، وبالتالي فإن الوزير الشامي يدعو رئيس الحكومة للدعوة الى عقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء لمناقشة هذا الأمر واتخاذ الموقف المناسب بشأنه».
قهوجي… وسوريا
وفي سياق متصل، علمت «السفير» ان قائد الجيش العماد جان قهوجي قرر عقد اجتماعات متلاحقة مع كبار الضباط، في إطار مواكبة المستجدات الداخلية والاقليمية، وهو التقى أمس المجموعة الاولى منهم، وناقش معها عناوين وطنية والوضع في سوريا، مؤكدا ان أمن لبنان هو من أمنها والعكس صحيح، وان ما يصيب سوريا يصيب لبنان والعكس صحيح، وبالتالي فان الحفاظ على الاستقرار هو من مصلحة البلدين.
وبينما يستعد حزب التحرير لتنظيم تظاهرة في طرابلس ضد النظام السوري، تقابلها دعوة الى تظاهرة أخرى مؤيدة للنظام، اعلن وزير الداخلية زياد بارود، أمس، انه يتجه لاتخاذ قرار بمنع التظاهرتين.

اترك تعليقاً

إضغط هنا

Latest from Blog

أم عبدالله الشمري تتحدث عن الشهرة والعائلة والتحديات في أولى حلقات “كتير Naturel”

استضاف برنامج “كتير Naturel” في حلقته الأولى، الذي يُعرض عبر تلفزيون عراق المستقبل من إعداد وتقديم الإعلامي حسين إدريس، خبيرة التاروت أم عبدالله الشمري. وتحدثت أم عبدالله بكل صراحة عن مسيرتها، الشهرة،

رامونا يونس: العناية بالبشرة هو استثمار..

ولعدم النوم أبداً دون ازالة الماكياج! في عالم الجمال والعناية بالبشرة، برزت أسماء كثيرة، لكن قلة من استطعن الجمع بين الاحترافية والشغف الحقيقي بما يقدمنه. من بين هؤلاء، السيدة رامونا يونس، الناشطة

زخم الرئاسة الاولى وتحقيق الاستقرار المالي والنقدي – بقلم العميد الدكتور غازي محمود

يعيش لبنان منذ انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية عرساً حقيقياً، ويشهد زحمة مهنئين شملت كل من الرئيسين الفرنسي والقبرصي بالإضافة الى امين عام الأمم المتحدة، وكل من وزير خارجية الأردن ووزيرة
Go toTop