رادار نيوز – عماد جانبيه:
حفلة من حفلات الجنون للبعض وانصارهم من اللبنانيين المتسلحين بالعصبية، والمتمردين على من ليس منهم. ارادوا ان يتظاهروا للمطالبة بإسقاط النظام وبإستقالة الحكومة، اضطراب وتوتر لأنهم موجودون في ثياب غيرهم، ويتباهوا بذلك. ولدوا خائفين وولد المواطن مطمئناً، واخطأوا في العنوان.
وكما هو معروف، هناك خشية من الفراغ الحكومي. ويجب أن تكون الاستقالة مدخلا إلى حل وليس إلى أزمة، حيث نرى ان الجميع يتحدث عن اعمار لبنان نهاراً وليلاً ويسعون اليه، ولا نرى فيه الا الاحتجاجات والمظاهرات وبحث القضايا مع هذا المندوب او ذاك، وإثبات الوطنية بشتى السبل، سواء من حيث خطاب كيل الشتائم للداخل والخارج عبر المنابر، رغم ان سوريا قلبت الطاولة في لبنان وتركت اللبنانيين وشأنهم، معتبرة ان الفرصة كانت مؤاتية ليهتموا بقضاياهم. فالاعمار الحق لا يقوم على الاستعطاف والاستعطاء واستسقاط التمنيات من هذا السفير او ذاك… او ذلك الأمير.. ألا يجب علينا ان نبني من جديد شعبنا الذي تفرق وتمزّق واهترأ تحت ضربات الجلادين والسماسرة من التجار من كل صنف. ألا يجب ان نحوّل اهتمامات شعبنا عن التفاهات والألاعيب التجارية الرخيصة، الى القيم العلمية والأدبية والأخلاقية والانسانية التي هي وحدها تصون الحياة وتخلق الشعوب وتبني الأوطان وتمدّها بالقدرة على البقاء.
علينا بناء الانسان من الداخل اولاً وآخرا، خلقياً وانسانياً ووطنياً، ولا معنى للوطنية خارج المفاهيم الانسانية، لأن الوطنية في معناها الأدنى والأقصى ليست الا ملامح جزئية لصورة كاملة من وطن. وان اعمار الانسان من الداخل هو البناء الوحيد الذي يخلق المواطن، ومن خلال المواطن يخلق الوطن ويحدد ماهيته ومعناه. فلا ملامح للوطن دون الديمقراطية، ولا وطن من دون مواطن، ولا استقلال من دون تحرير المواطن، الا يكفينا استهلاك مادي مدمر للقيم الانسانية، وخيبات امل.
مؤسف حقاً ألا نشعر نحن اللبنانيون أننا في دولة إلا في الفواجع الكبرى، ومقلق فعلاً ألا يشعر اللبناني انه ينتمي الى مجتمع إلا في الكوارث الكبرى، لا وقت للمزايدة ولا للاختلاف امام هول المصيبة والكارثة التي اصابت الجميع في اغتيال اللواء وسام الحسن، الكل في الحزن سواء، لأن الكل كان يريد من خلاله الأمن والأمان. الفاجعة اصابت الجميع وهزت الاعصاب بعنف. فالعزاء للبنان وغداً يوم آخر… والأيام القادمة لا تتشابه الا في انها تحمل معها الأمل والسلام…