رادار نيوز – بدأ الكتاب والمخرجون، وخصوصاً المنتجون اليوم، بالتحرّر من القيود التي كبــّـلتهم سنين طويلة، وقد كـانت مدام كارمن نقطة انطلاق للعديد ممن رغب باللعب في الممنوع. فقد كان متعارفاً لفترة طويلة بأن الدين والجنس والسياسة ثلاث حواجز من المستحيل على اي كان الإقتراب منها حفاظاً على السلم الأهلي، ولعلنا نتذكر الضغوطات التي أدّت في السابق الى تغيير اسم “شارع الكسليك” ليصبح “شارع الأيام”. هذا ما افقد الدراما اللبنانية من موضوعيتها وجعل نصوصها سطحيّة لا تلامس الواقع المعيوش، فشعر المجتمع اللبناني بأن أعماله لا تمثله بل تنقل مجرّد صورة خيالية لبيئة شبه مثالية أو اجرامية بحتة في مكان آخر، فافتقدنا مشاهد الحب، والأسماء الحقيقية مثل طوني وجورج وأحمد وحسين والمشاكل السياسية بين الأحزاب والدراما التاريخية.
سبقنـا الأشقـاء الى شق طريق جديدة، فكان لهم حسن الملقى وضخامة الإنتاج وساعات الهواء، حتى بتـنـا نكاد ننسى لغتنا الأم حين نشاهد أعمالهم.
مجموعة من الأعمال تعرض اليوم على الشاشات المحلية، بإنتاجات مختلفة، فمن “حلوة وكذابة” الى “مراهقون” و”لولا الحب” وصولاً الى “كيندا” الذي تعرضه المؤسسة اللبنانية للإرسال بمعدل أربع حلقات اسبوعية. يتطرّق هذا المسلسل الى مواضيع شائكة ويكسر العديد من الحواجز، فها هي كواليس السياسة (أو البعض منها) قد نفضت عنها صفة المحرّمات، كذلك الأمر بالنسبة الى المشاكل العائلية والطلاق وتأثيره على الأولاد وغيرها من المواضيع. وفي هذا السياق يلفتنا ما نسمعه من ايجابيات من مشاهدي هذا المسلسل، وهم كثر ومن مختلف الفئات العمرية، حيث يتناولون أحداثه ويحللونها في صالوناتهم وصبحياتهم وسهراتهم، حتى ان البعض قد ذهب حدّ القول بأنه يشبه الأعمال التركية بجودته، والبعض الآخر نقم على الـLBCI حين أجلــّـت عرض احدى الحلقات استثنائياً لمناسبة الأعياد المجيدة.
“لولا الحب” بدوره تناول مواضيع كثيرة كانت من المحرمات وشكــّـل اضافة مهمة على مائدة الدراما، فمن مافيات الكسارات الى الإنجاب دون زواج والعلاقات المثيرة للجدل وأطفال الشوارع وغيرها من المواضيع الحياتية اليومية الآنية، المثيرة للجدل والنقاش.
فاكهة المائدة تبقى اليوم الإعلامية القادمة الى عالم التمثيل، ريتا حرب، في مراهقون، وروح كارين رزق الله المرحة في “حلوة وكذابة”.
لا شك ان الدراما اللبنانية قد بدأت تستيقظ من غفوتها، التي دامت سنوات طويلة!
فها هي حركة الإنتاج تعود الى الساحة التلفزيونية، ولو بخطى خجولة وبتمويل ذاتي ضعيف، بعد ان كانت مجرّد مخاطرة وانتاج مبني على حب الفن، قد اصبحت اليوم أفضل من سابق عهدها في خطى تبشـّـر بصناعة درامية حقيقية في لبنان، وها هي الشاشات اللبنانية قد بدأت تخصّص وقتاً لعرض الدراما اللبنانية، ولو بساعات أقل من الدراما التركية والعربية، ولكننـا ننظر دوماً الى النصف الإيجابي من الأمور وبالتالي نتحسّس تقدّماً ملموساً، وبدء انتشار عربي للأعمال اللبنانية.
بالأمس اقتحمت روبي السوق العربية، وحقــّـقت نجاحاً باهراً طبع العام 2012 ببصمة لبنانية بإمتياز، إلا أنّ خسارة الوسط الفني اليوم للمنتج أديب خير قد تشكــّل ضربة موجعة للأعمال العربية.
من جهة أخرى فقد أنصفت الصحافة مسلسل “لولا الحب” حين اعتبرت نجاحه استمرارية لنجاح “روبي” ورونقه واضافة مهمة على الأعمال التلفزيونية.
هذه هي بداية الطريق نحو دراما لبنانية بآفاق عربية. فتحية الى جميع المنتجين والكتاب والممثلين والمخرجين الذين يبذلون ما بوسعهم لنقل نبض الشارع اليومي الى شاشات التلفزة ومنها مجدداً الى الشارع في احاديث الناس، علــّـنا نتـــّــعظ من مشاكلنا حين نراها مجســّـدة امامنا في مسلسل.
لأن الكتابة رسالة وليست تجارة، ولأن الدراما فن قبل ان تكون ساعات فارغة على هواء المحطات، نأمل ان تستمر مسيرة النهوض وتطوير الأعمال اللبنانية حيث لا ينقصنا اي ابداع بل تمويل يثق بأعمالنا وفنانينا.