رادار نيوز – وجه مفتي طرابلس والشمال الدكتور الشيخ مالك الشعار رسالة بمناسبة حلول عيد الفطر السعيد، وجاء فيها: “رمضان إنقضت أيامه ولياليه وبقيت خيراته ورحماته وبركاته ،رمضان ذاك الشهر العظيم حمل إلينا من نفحات الخير وعبق الإيمان ما من شأنه أن يسكن النفوس ويعود الناس إلى رشدهم وصوابهم في مسيرة حياة جديدة بعزيمة إيمانية وإرادة قوية فالإنسان الذي إرتوت نفسه من خيرات ذاك الشهر الكريم مدعو اليوم إلى مسيرة الإصلاح النفسي والإصلاح الإجتماعي في إطار من القيم الدينية والإنسانية والوطنية ولعلّ واحدة من ابعاد ومقاصد فريضة الصيام تزكية النفوس وقوة الإرادة ووضوح الرؤية لتحقيق أنبل الأهداف وأسماها هي المصالحة مع النفس ومع الغير. وأن يطل علينا عيد الفطر المبارك بهذا الزاد الكبير تنعم الأمة والمجتمع بفرحة العيد الحقيقية حيث صلة الأرحام والتواصل بين سائر ابناء المجتمع مع المصالحة المصحوبة بالرضى والحب والآخاء. بهذا تتحقق معاني العيد بعدما فرح الصائمون بفطرهم ونالوا في صبيحة يوم عيدهم جوائز من ربهم مغفرة وعتق من النار ولعل الجانب الإجتماعي هذا وصلاح حال الناس مع بعضهم لا يقل قيمة عن مصالحةالإنسان مع نفسه بعدما تاب إلى ربه وأناب”.
وتابع: “تطل علينا أيام عيد الفطر المبارك بمشاعر الوداد والرأفة والبر والرحمة مع شريحة كبيرة من أبناء مجتمعنا أقلقهم الجوع وإجتاحهم المرض وأقض مضاجعهم هم العيش ولقمة الابناء والأولاد ولا يكتمل عيدنا نحن إلآ بشعورنا مع اولئك وبتقديم بعض إستطاعتنا لنمسح بيد الحنان والجود والكرم على حالة البؤس والجوع والمرض فلا يقتصرن عيدكم ايها الناس على جديد تلبسونه أو طيب تأكلونه أو رحم تزورونه أو قريب تكرمونه وإنّما ينبغي أن تتسع دائرة الإهتمام ليشعر الآخرون أنهم أعضاء حقيقيون في جسد المجتمع المتراحم الذي إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
ولئن كانت المساعدة والصدقة من شأنها أن تبلسم الجراح فإن الكلمة الطيبة وبشاشة الوجه وإحتضان الفقراء والمرضى والمعوزين إنما يمثل جرعة دواء وعافية تشفي وتفرح وتبلسم وتبهج. فالعيد هو الفرحة بالفوز بعد طاعة شهر كامل والشكر لله تعالى على ما أنعم وتفضل بالجود والإحسان والعطاء ولئن قال ربنا عز وجل لئن شكرتم لأزيدنكم فليكن معلوما أن الشكر إنما يكون من جنس النعم. لا تكتمل فرحة العيد إلآ بترجمة هذه المعاني إلى حياة تنبض بالخير وتتفجر بالعاطفة والإخاء ولعل هذه المعاني مجتمعة التي تكسب العيد مضمونا إنما هي مستمدة من طاعة أسلم الإنسان فيها قياده لربه فصام نهار رمضان وقام ليله إيمانا وإحتسابا وتلاوة ودعاء وتضرعا”.
وقال: “إن دموع الخاشعين المتقين التي روت النفوس ولينت الطباع في ليالي التهجد والقيام في العشر الأخير وليلة القدر ستصحب كل واحد منا في مسيرة أداء الواجب والتغير والتواصل بل الشعور والتراحم بالآخرين دون طلب أو سؤال. هذا العيد الذي يمر ببلادنا وبنا نحن أحوج ما نكون فيه إلى هدوء النفس وطمأنينة القلب وراحة البال لكن بقي علينا أن نلفت النظر إلى أولئك الصامدين في غزة والمقاومين على أرض الرباط والمدافعين عن النفس ينشدون الحرية والعدل ويعملون لرفع الظلم والقهر فمن لأولئك؟ ومن لتلك الصيحات والصرخات التي كثر فيها الأنين وأوجعت الأجساد والقلوب ودمرت البيوت والبشر؟ من لأولئك في الأرض المحتلة فلسطين ؟ومن لأولئك في سوريا والعراق؟ وهل ترقد العيون أو تنام وأصوات الإنفجارات ودمار المدن وأشلاء الضحايا على مرأى من البصر وعلى بعد بضع من الأميال ؟مكلمومون أولئك ومنكوبون ولكن إرادة الصمود وقوة المقاومة وإرادة الحياة وقبل ذلك وبعده الثقة بالله والتوكل عليه سيحول المحنة إلى منحة وسينهي الحرب إلى نصر وتمتين وسيندحر العدو الصهيوني رغم تقدم آلته العسكرية لأن إرادة الحياة أكبر ولأن الثقة بالله أعظم ولأنه مهما طال الليل فلا بد للفجر أن يبزغ ولا يفوتني أبدا أن أشير إلى تلكم النكبة الإنسانية التي يفجر فيها المواطنون في الموصل مسلمين ومسيحيين فالإسلام لا يعرف مطلقا الإعتداء على الآخر لوجود خلاف ديني حتى ولو كان في المعتقد.
فرسالتي إلى ضمير العالم أن يوقف تلك المجازر وأن يعمل جاهدا لإحلال الأمن والإستقرار والسلام فخير الناس أنفعهم للناس كما قال النبي عليه الصلاة والسلام وندائي إلى الجميع أن يعملوا لإزالة آثار العدوان على الغير وأن يضمدوا الجراح وأن يعلنوا بصوت واحد لا للإرهاب لا للقتل لا للدمار، ونعم لتكريم الإنسان وحفظ حريته وصونه فلقد أعلن النبي عليه الصلاة والسلام في خطبة الوداع وقال: يا أيها الناس إنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا” ولنعلي الصوت ثانية لا للقتال بين السنة والشيعة ولا بين أبناء البلد الواحد فعدونا الأساسي إسرائيل والمستفيد الأول من كل ما يحدث في العراق وسوريا واليمن وفلسطين وبقية الدول المجاورة هو إسرائيل لا غير”.
وختم الشعار: “ايها الناس، تعاهدوا على كلمة سواء وعلى إحقاق السلام ونشر الأمن والإستقرار وإعلموا جيدا أنه لا يستطيع أحد أن يلغي الآخر وأن الظلم لا يدوم وأن العدل آت وقادم وأن الخلق كلهم عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله.
من طرابلس عاصمة الوطن الثانية مدينة التعايش والسلام مدينة العلم والعلماء من طرابلس أحييكم وأتمنى لكم عيدا مباركا وصياما مقبولا وأمنا وسلاما يعم العالم.