يرتدي الزواج الطابع الديني في لبنان، إذ إنه يتعذر إبرام أي عقد زواج في هذا البلد إلا وفقاً للصيغة الدينية المعتمدة من قبل إحدى الطوائف فيه. لذا نجد أن النظام القانوني للزواج في لبنان يرتبط بنظام الطائفة التي يتم إجراؤه وفقاً لأحكامها. أمام هذا الواقع أصبح من المفروض بيان الطوائف الدينية المعترف بها في لبنان وعرض نظام محاكم الأحوال الشخصية التابعة لكل منها والتي أوكل إليها أمر النظر بالنزعات التي يمكن أن تنشأ بين الزوجين تبعاً للعلاقة الزوجية القائمة في ما بينهما، على أن يتم التطرق إلى مرحلة الممهدة للزواج وهي ما تعرف باسم الخطبة، ومن ثم الإنتهاء إلى تحديد الشروط الشكلية والجوهرية لهذا العقد، والبطلان كجزاء لعدم توافر هذه الشروط.
– الطوائف الدينية ومحاكمها في لبنان.
– الخطبة.
– شروط عقد الزواج.
– بطلان الزواج.
الطوائف الدينية ومحاكمها في لبنان.
في البدء كان لبنان يخضع لسيطرة السلطنة العثمانية التي كانت تعتمد الشريع الإسلامية – المذهب الحنفي – كنظام يطبق على قضايا الأحوال الشخصية العائدة لمواطنيها، إلا أن هذه الدولة استثنت الأشخاص المنتمين للطوائف المسيحية واليهودية من تطبيق أحكام المذهب الحنفي عليهم لناحية إبرام عقد الزواج وتنظيمه وانحلاله، وتركت لقوانين هذه الطوائف تنظيم هذه المواضيع، باعتبار أنها تدخل في صلب العقيدة والدين، ولأن الإسلام يعترف بهاتين الديانتين على أنهما ديانتان سماويتان مقدستان. وقد استمر الأمر على هذا المنوال لما بعد زوال الإمبراطورية العثمانية وإخضاع لبنان للإنتداب الفرنسي أو بالأحرى لحين صدور القرار رقم 60/ل.ر بتاريخ 30آذار 1936، الذي تم تعديله بالقرارين التشريعيين رقم /146/ تاريخ 18 تشرين الثاني 1939، ورقم / 53/ تاريخ آذار 1939.
وبالفعل تضمن هذا القرار وتعديلاته اعترافاً قانونياً بالطوائف الدينية في لبنان ومنح هذه الطوائف حق وضع تنظيم خاص بها وتحديد شرائعها ومحاكمها للأحوال الشخصية. كما أضفى على كل منها الشخصية الإعتبارية المستقلة. وأخضع هذا القرار اللبنانيين والسوريين المنتمين إلى الطوائف المعترف بها للنظام الطائفي الشرعي في الأمور المتعلقة بالأحوال الشخصية، وميز بالنسبة للزواج عقود الزواج المبرمة في لبنان وتلك المعقودة في الخارج، كما لحظ أحكاماً خاصة بالأجانب. يتبع