رادار نيوز – الخميس ١٥ تشرين الأول ٢۰١٥، ولمناسبة عيد مار أشعيا الراهب، أعدّ الأب ماجد مارون، وكيل عام الرهبانية الأنطونية لدى الفاتيكان، صلاة خاصة في دير مارشعيا في روما، ترأسها غبطة البطريرك مار بشاره بطرس الراعي، بمشاركة مطارنة وسفراء وأصدقاء، ثمّ أقام مأدبة عشاء ألقى خلاله النائب العام الأباتي أنطوان راجح كلمة أبرز ما جاء فيها:
أنّ العيدين، عيد الشفيع وعيد حضور غبطته والمشاركين، يرطّبان الحسرةَ الأنطونيّةَ الكامنة، لتزامنهما وانطباقِ مرور خمس وعشرين سنةً على تغييب أبوينا الراهبين ألبير شرفان وسليمان أبي خليل.
وأضاف: “أنتهزها مناسبة لأشكر غبطتكم باسم قدس الرئيس العام والآباء المدبّرين على ايفادكم سيادة رئيس اساقفة بيروت المطران بولس مطر لتمثيلكم في الاحتفال الخاص الذي أقيم بالأمس في لبنان”.
ثمّ قال: “لن نزيد في ذمِّ حكّام المنطقة والمستحكمين فيها، وقد باتت الشتيمةُ بلا طائل، لسانَ حال الجميع، بل نسأل شفيعنا أن يبقي مصابيحَنا مضاءةً، وخطوبتَنا للمسيح أكثرَ نضوجًا، لنكون أبدًا مستعدّين للدخول معه الى الغرفة العرسيّة، في موكب العذارى الذي تبنّاه القدّيس أشعيا في نمط حياته، قبل زواجه الأبيض وبعده. فعن حياته تفصيلٌ مسهَب في مخطوط سرياني محفوظ في الــBritish Library، وآخر طبع في Bedjan في Acta martirium et Sanctuorum، ونسخةٌ موجزة في السنكسار الماروني. هذه الصورة العرسيّة، العزيزةُ على قدّيسنا أفرام، تستدعي فينا قلبًا موحّدًا، ذهنًا ومسلكًا وهمًّا، غيرَ منقسم، قادرًا على تحفيز الوحدة في صميم الحياة المشتركة وبنيانها.
مع اعترافنا بحاجتنا الراهنة الى مثل هذه الوحدة في جماعاتنا على أنواعها، الرهبانيّة والعائليّة والوطنيّة، نحمد الله أوّلًا على انكباب أبينا صاحب الغبطة والنيافة على ما يؤكّد وحدة مجمعِ أساقفتنا، وقد أسلس فيه إشراكَ الرؤساء العامين للرهبانيّات في كلّ ما لم تحجبه القوانين العامّة صراحةً، وعلى تبديد كلِّ ميل أو جنوح لتغريب الحياة الرهبانيّة عن كنيستنا المارونيّة المتّحدة برئاسته وأبوّته، كما ينجح في بناءِ وحدة ظاهرة مع سائر البطاركة والرؤساء الكنسيّين، بغير إغفال التنسيق الواضح مع رؤساء سائر الأديان. إنكّم يا صاحبَ الغبطة، مع تتميم كلِّ الخدمات الكنسيّة، بليغون أيضًا في ترشيد التوتّرات الوطنيّة المتراكمة، الناجمة عن حال الارباك السياسي والفكري، بل الوجودي الذي يعتمل في نفوس الشبّان والشابات اللبنانييّن عامة والمسيحييّن بشكل خاص.
فلو قلّد سياسيّونا نهجَكم، أو استلهموا الروحَ المجمعي، بمعنى السير معًا والتلطّف على شؤون الناس وخدمتِهم برحمة وتجرّد ونـزاهة، لكنّا اجتنبنا تجييرَ قراراتنا الرئيسة الى الغير، وتجاوزنا حالةَ الاستعصاء السياسي المتحكّمة بمفاصل الدولة كافة، والمشكلات العديدة المجمّدة، التي يلفحنا الجهر بموضوعاتها المبتذلة بحياء كبير.
في كلّ حال، أنتهزها سانحةً لأحمد الله على القيم الحميدة المجسّدة في جماعة ديرنا مار أشعيا-روما، بفضلِ حكمة ووعي وطيبة وكيلنا العزيز الرئيس الأب ماجد مارون، الذي، بالكثير من اللباقة، ترك لي منبرَه اليوم، وبفضل استعدادات وطواعيّة الآباء والإخوة الساعين الى أن يكونوا قربانًا ناطقًا “قوربونو مليلو”. يسعدنا ما يكتسبونه من حضارات، كما نفرح لمشاركتنا الاسبوع المقبل في جلسة دفاع أخينا الأب ميشال السغبيني عن أطروحة الدكتوراه التي أعدّها بعنوان: نظرة المسلمين الى المسيحيّين. باسم الرئيس والجماعة، وبالنيابة عن قدس أبينا العام الاباتي داود رعيدي، أشكر حضوركَم يا صاحب الغبطة والنيافة، ويا أصحابَ السيادة وقدس الأب العام، والآباء الأفاضل، وكلاءَ الرهبانيّات الشقيقة، وأحيّي معكم سعادة سفيرنا المميّز، والمستشار الأوّل كما أحيّي قنصلَنا البهيّ في فرنكفورت الأستاذ مروان كلاّب وعقيلته، والخيّرين الشيخ سركيس سركيس والسيّدة روز الشويري، متوجّهًا بعاطفة صادقة الى السيّدة العزيزة اليونور زيدان حرب، والدة الطفلين، أرملة شهيد الواجب في عرسال، العقيد داني حرب.”
وختم قائلًا: “دعاؤنا اليوم أن يطيل الله بعمر أبينا البطريرك ليواصلَ منابع الخير والهداية للكثيرين، وأن يحفظكم جميعًا بالخير، ويحفظَ في عالمنا حياةً عائليّة مليئة بالدفء وشاهدةً على إمكان الإخلاص للعهود والقيم، وأن يمشي على أمواج وطننا والبلدان المجاورة، فيجعلَ من آلام مجتمعاتنا آلامَ مخاض خلاصيّة. شكرًا لتشريفكم وكلُّ عيد وأنتم بألف عافية.”
