رادار نيوز – أقيم في فندق لو رويال – ضبية، حفل تكريمي للتلامذة المتفوقين في المدارس الإنجيلية، في حضور وزير التربية في حكومة تصريف الاعمال الياس بو صعب، الامين العام للمدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار، نائب رئيس والمدير العام لجمعية المبرات الخيرية العلامة محمد باقر فضل الله، رئيس مجلس أمناء جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت أمين الداعوق، مديرة عام مؤسسة رفيق الحريري سلوى السنيورة بعاصيري، رئيس رابطة المدارس الإنجيلية القس جوزيف قصاب، رئيسة مدرسة الراهبات الانطونيات في الجمهور الاخت نزهة الخوري، رئيسة مدرسة الراهبات الانطونيات في رومية الاخت باسمة الخوري، حشد من الشخصيات التربوية، أعضاء رابطة المدارس الإنجيلية وأولياء الطلبة ومدراء المدارس والأقسام والطلاب المتفوقين والأصدقاء والمهتمين.
قصاب
بعد النشيد الوطني رفع القس قصاب صلاة بدء الإحتفال، وألقى كلمة رحب فيها بالحضور وقال: “يأتي احتفالنا بتكريم طلابنا في المدارس الإنجيلية في هذا العام متزامنا مع البدء باحتفالية ال500 سنة على انطلاق حركة الاصلاح الإنجيلي في 31 تشرين الأول من عام 1517 التي بدأها راهب اوغوسطيني ألماني أستاذ جامعي للفلسفة واللاهوت في جامعة وتبرغ، حركة لم تغير وجه الكنيسة فقط، لكن وجه العالم، حركة قال فيها ماكس فيبر باحث علم الاجتماع الشهير ما يلي: “ان التطويبات العظيمة التي طرأت على تفكير العالم سياسيا واقتصاديا، كان نتيجة لما قدمه الاصلاح الانجيلي من فكر”.
وقال: “كانت أخصب مقاطعات اوروبا قبل الإصلاح غارقة في الفقر والرق السياسي والسبات العقلي. لكن البلدان البروتستانتينية تحولت الى حدائق غناء بفضل نشاط ومهارة أبناء الكنيسة المصلحة، وصار من بين سكانها النخبة الممتازة من الفلاسفة والشعراء وأبطال السياسة”.
أضاف: “لقد ساهم الإصلاح الانجيلي في نهوض الشعور القومي في أوروبا الذي لم يثمر لدينا إلا في القرن التاسع عشر والقرن العشرين في حركة النهضة العربية التي لم يغب عنها أبناء الاصلاح من أمثال الشيخ بطرس البستاني والشيخ ناصيف اليازجي وفارس الخوري”.
وأشار الى أن “التربية والتعليم أهم مظاهر الاصلاح الانجيلي حضورا في لبنان حيث تأسست الجامعة الأميركية AUB والجامعة اللبنانية الأميركية LAU وجامعة هايكازيان والمدارس الانجيلية التي تغطي مناطق لبنان بتنوعها”.
ثم توجه الى الطلاب المكرمين قائلا: “إن رابطة المدارس الانجيلية في لبنان التي تحتفل اليوم بتفوقكم هي المظلة لجميع المدارس التي تنتمون اليها والتي هي في حقيقتها نتاج حركة الاصلاح التي أحدثت وما زالت تنويرا تربويا وتعليميا في لبنان، هذه المدارس التي يدفعها حبها للانسان في أن يكون له الحياة ويكون له الأفضل، هذا ما علمه وعمله يسوع من أجل العالم، مسيح عابر للطوائف والأديان لأنه روح الله وكلمته للبعض ومسيح لمجد الله الأب للبعض الآخر”.
وختم: “يحتفل اليوم بتفوقكم ولبنان أحسن حالا من العام الماضي، اليوم لديكم رئيس منتخب لبنانيا وقريبا سيكون لديكم حكومة ومجلس نواب غير ممدد له، أنتم على اختلاف طوائفكم وأديانكم تنتمون في جزء من هويتكم الى أبناء حركة الاصلاح بسبب مدرستكم التي تدرجتم فيها، نريدكم أن تكونوا مصلحين، ملحا للأرض التي تعيشون عليها، ونورا للعالم حيثما ذهبتم وحللتم”.
أسطه
بدوره، اعتبر الامين العام لرابطة المدارس الإنجيلية نبيل أسطه أنها “لمناسبة مميزة أن نحتفل اليوم بدفعة كبيرة من المتفوقين في مدارسنا الإنجيلية، ففي كل سنة يفاجئنا طلابنا بالنتائج المبهرة التي يحققونها في زمن صار التعليم فيه مشوارا شاقا ومضنيا، بل نضالا تقوم به المدارس، ومعاناة يتحملها الأهل والطلاب. فالنجاح والتفوق ميزتان يتمنى كل امرء بلوغهما وقد برهنت مدارسنا في لبنان عن جدارة بسبب عدد المتفوقين الذين تخرجهم، فالتفوق لا يقتصر على مدارسنا الإنجيلية، بل إن لكل مدرسة قصتها في النجاح والتفوق والإبداع والتميز”.
أضاف: “كثيرا ما نربط التفوق والنجاح بالحاصل الذكائي Intelligence Quotient عند التلميذ، الذي يولد معه في جيناته الوراثية. ومع أن الأمر في غاية الأهمية إلا أنني سأتوجه اليوم الى طلابنا بالتكلم عن الذكاء الإجتماعي Social Intelligence الذي يكتسب اكتسابا بفضل الممارسة والتدريب، واهم من ذلك بفضل التصميم العنيد والارادة الصلبة”.
وشدد أسطه على أن “الذكاء العقلي يرتبط بقدرة الإنسان على التحكم والتواصل مع الطبيعة والعلوم، أما الذكاء الإجتماعي فهو قدرة الإنسان على التواصل مع مجتمعه ومحيطه، وقدرته على إنشاء علاقات شخصية واقامة أواصر اجتماعية مع غيره من الناس، ومن دون ذلك يتعب الانسان ويفقد ثقته بنفسه أولا، ومن ثم يفقد ثقته بمن حوله”.
ورأى أن “الذكاء الاجتماعي ليس هو الوصولية أو النفاق أو التشاطر أو المراوغة، انما هو المقياس الأخلاقي وكيفية تفاعل الانسان مع مجتمعه وتأثيره في البيئة التي يعيش فيها، وكم من عباقرة افتقروا الى الذكاء الاجتماعي فكان الفشل نصيبهم عندما واجهوا الحياة ومطباتها والناس واختلافهم”.
وبعد توجيهه عددا من التوصيات الى الطلاب شكر الوزير بو صعب على حضوره رافعا له “تحية الشكر والتقدير للمجهود الجبار الذي بذله في تحسين وضع التربية في لبنان على صعيد الامتحانات الرسمية أو المناهج، لاسيما الاهتمام الذي أولاه لموضوع ذوي الاحتياجات الخاصة والصعوبات التعليمية”.
وقال: “لقد رفعت الصوت عاليا معنا يا معالي الوزير بشأن جملة مواضيع أهمها ما يتعلق بذوي الإحتياجات الخاصة ومن يعانون صعوبات تعليمية، وشاركتنا همومنا وتحديات نواجهها وهي كثيرة، أما ونحن اليوم على أبواب تشكيل حكومة جديدة، يحزننا في معمعة التشكيل أن العوائق تأتي بسبب المحاصصة لا الاختصاص”.
وختم أسطه: “نحملك لفخامة الرئيس العماد ميشال عون ولدولة الرئيس سعد الحريري بعض الرسائل والأمنيات، علها تتحقق ليعود لبنان والتربية فيه مثالا يحتذى في منطقتنا العربية، بالعمل بكل الوسائل على ابقاء متفوقينا في وطنهم، من تسهيل دخولهم الى الجامعات ثم خلق فرص عمل لهم عند تخرجهم بالاضافة الى تحسين أوضاعهم المالية والاجتماعية والاستمرار في رفع مستوى التعليم واعتماد accreditation وصولا الى standardizing أسوة بالدول المتقدمة، بالاستمرار في النضال بشأن الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة ووضع هذا الأمر في رأس سلم أولويات اهتماماتكم وصولا الى التشريع وحق كل ولد بالتعلم، وبأن يكون لوزير التربية العتيد كما لوزير التربية الحالي أساس تربوي، أي أن يحمل خبرة واسعة في المجال التربوي والماما في الحقل الأكاديمي”.
عازار
وألقى الأب عازار كلمة اتحاد المدارس الخاصة وجاء فيها: “عشية عيد الاستقلال نلتقي، فسلام الرب عليكم وعلى وطن تاق الى السلام في الحرية، وعشية عيد الاستقلال ترسل رابطة المدارس الانجيلية تلامذتها المتفوقين في الامتحانات الرسمية ليكون حمائم السلام وحماة الاستقلال والمقاومين، سلميا، بعلمهم وفكرهم وثقافتهم، أهل الباطل والفساد وزارعي الشقاق والنفاق في الأوطان والمجتمعات، فهنيئا للأخوة والأخوات المتخرجين والمتخرجات ولأهلهم، على هذا التكريم اليوم ومباركة لكم انطلاقتكم الى عالم جديد أنتم فيه مسؤولون عن أنفسكم وعنه. وهنيئا للمدارس الانجيلية، الملتقية، وكأنها في عنصرة لتشهد على ما أبدعت وما قدمت وما علمت لمن خرجت، أمام الله والناس”.
أضاف: “إننا فرحون اليوم وفي الوقت نفسه نحن متطلعون الى أيام طيبة تعيد لهذا الوطن الذي أنهكته حروب الآخرين وصراعاتهم على أرضه، والذي لم يحسن بعض أهله أن يتزينوا بالصلابة والمناعة لكي يقفوا بوجه من أفسد علينا عيشنا المشترك وأمننا وسلامنا”.
وتابع: “أقول لكم كلاما صادرا من القلب وفيه من الغيرة عليكم وعلى مستقبلكم ما فيه من الغيرة على رفاق لكم في كل مدارس لبنان، لقد عبرت عن هذا الموقف بحرصي دوما على حقكم بالتعلم وبالحفاظ على نظامكم المدرسي وبعدم استعمالكم ورقة تتم المتاجرة بها. كما كنت حريصا على المطالبة بدعم أهلكم لتسديد أقساطكم المدرسية، وهذا حق لهم على الدولة وعلى الحكومة وعلى وزارة التربية، فمجانية التعليم أقرتها وثائق عالمية وكنسية وحتى قوانين في جمهورية لبنان”.
وتوجه بالشكر الى الوزير بو صعب “الذي حرك الملف التربوي والذي اطلق ورشة تعديل المناهج نأمل أن يكون هذا العهد الجديد، عهد الرئيس العماد ميشال عون وحكومته الآتية، آخذا بعين الاعتبار مسؤولية الحفاظ على حق كل انسان بالتعلم وعلى حرية التعليم ومجانيته، وعلى صون المؤسسات التربوية الخاصة وعلى ريادة لبنان في التربية والتعليم”.
بو صعب
وبعد وقفة غنائية مع الطالبة داريا نعيمة ومداخلات لثلاثة طلاب متفوقين هم جو رزقالله، آية عارف المعلم وماريانيت قزحيا معلوف ألقى الوزير بو صعب كلمة جاء فيها: “درجت رابطة المدارس الانجيلية على تكريم تلامذتها المتفوقين كل عام لكن الاحتفال لهذه السنة يرتدي أهمية وتميزا لأنه يأتي في أيام الاستقلال وفي مناخ من الأمل والرجاء والفرح بانتخاب فخامة الرئيس العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية. كما وان التفاف القوى السياسية اللبنانية حول الرئيس عون يعطي البلاد قوة وأملا كبيرا باستعادة المبادرة والعمل من اجل تعويض الأيام الضائعة على الوطن والمواطنين في تحقيق قفزات نوعية تسهل الانطلاق نحو الانجازات. فالمدارس الانجيلية صاحبة التاريخ العريق بنشر العلم وتأسيس الجامعات والمدارس الكبرى في لبنان، هي مدارس نشهد لها بالتربية الوطنية الى جانب التعليم وبترسيخ الاخلاقيات والقيم الإجتماعية والروحية وتعزيز الثقافة في عملية بناء شخصية المتعلم”.
وأردف: “أحدث التوجهات العالمية التي تعتمدها الشركات الكبرى والجامعات والمؤسسات التربوية هي في تحمل هذه المؤسسات المسؤولية الاجتماعية على اعتبار أن أي انجاز مهما كان عظيما فانه لا يكتسب هذه العظمة والتقدير إلا اذا كان هدفه خدمة الانسان والمجتمع. ونحن في علاقتنا التربوية والشخصية مع المدارس الإنجيلية وجميع المدارس الموجودة معنا اليوم والرابطة واتحاد المدارس الخاصة التي كان لنا مع القيمين عليها لقاءات عديدة وطويلة”، مضيفا “سأتكلم لاحقا عما أملناه منكم بعد كل هذه اللقاءات والقطيعة والخلافات والإتفاقات والتفاهم وكل ما مررنا به، سوف ألخصه باختصار. ولكن الآن أتوقف عند كل هذه المنظومة من القيم الوطنية والانسانية وفي مقدمها العناية بالتلامذة ذوي الاحتياجات الخاصة، ذوي الصعوبات التعلمية والحاجات الخاصة”.
وتابع بو صعب: “لقد أنجزنا من خلال التعاون بين الوزارة ومؤسسة سكيلد Skild، تأهيل وتدريب طاقم تربوي لعشر مدارس رسمية من أجل تمكينها من احتضان تلامذة من اصحاب الاحتياجات الخاصة والصعوبات التعلمية، وعملنا في الفترة المنصرمة على مضاعفة هذا العدد ليرتفع الى نحو ستين مدرسة رسمية منتشرة في المناطق كافة وذلك بتمويل ودعم من الجهات المانحة والمنظمات الدولية، وقد أطلقنا هذا في آخر مؤتمر وقلنا إن ذوي الصعوبات التعلمية لهم الحق والدولة اللبنانية مقصرة، بعض المدارس الخاصة يهتم ولكن هناك أهالي بحاجة لهذه المدارس وليس لديهم القدرة على دفع الأقساط، فواجبنا أن نؤمن التعليم والاهتمام في المناطق اللبنانية كافة”.
وأردف: “لقد أطلقنا هذه المدارس الستين في كل المحافظات بالتعاون مع Skild وغيرها من المؤسسات وبتمويل من الجهات المانحة. لقد بدأنا بالطريق الصحيح، لكن أمامنا طريق طويل، سنمشيه معا لأن من لا يهتم بالاحتياجات الخاصة يكون غير مهتم بالتربية بشكل عام، وغير منصف، وغير عادل. والأهم من كل هذا أن نصل الى دمج كل ولد من هؤلاء في المجتمع. فنحن بحاجة لكل خدماتهم لأن كل واحد منهم قادر أن يؤدي خدمة مختلفة لمجتمعه. وهكذا نكون قد وصلنا الى أرقى ما يقدمه العلم والتربية والتعليم للمجتمع”.
وعن انجازات وزارة التربية في عهده لاسيما أن كثيرين يعتبرون أن ملف التربية تحرك ويتخوفون في حال تغير الوزير عن مصير هذا الملف، قال: “لقد أسسنا سوية وحدة العائلة التربوية، وهذا هو الأهم. فوزارة التربية غير قادرة على الإنجاز بمفردها، وكذكك اتحاد المدارس الخاصة، كذلك رابطة المعلمين، ولا الأهل قادرون على تحقيق أي شيء بمفردهم، ولا الطلاب. بتوحد هذه العائلة، تستطيع انجاز الكثير لاسيما في العهد الحالي، ولا بد لمن منكم سمع خطاب القسم، أنه لاحظ تضمنه فقرة للتعليم والتربية والمعرفة. فهذا الاهتمام لم يأت من عدم، وهناك اصرار وتصميم من فخامة الرئيس على الاهتمام بقطاع التربية”، مطمئنا “أننا لن نسمح ابدا بأن ترجع وزارة التربية الى الوراء أيا كان من يتبوأها، فنحن سنكون، معا، الى جانبه”.
ثم أجرى قراءة سريعة لما شهدته الوزارة خلال السنتين والثمانية أشهر، عمر الوزارة الحالية، قال: ” لقد بدأنا العمل وسط حركة من الاضرابات، والإمتناع عن تصحيح الإمتحانات ما أدى الى إصدار الإفادات وهذا ما لم أكن لأتمناه، ولم أكن لأريده أن يحدث. ولكني اضطررت مرغما عندما ربط مصير التصحيح بحقوق الاساتذة، وبين اتخاذي قرار صعب لكي أنهي أسر الطلاب في هكذا معركة محقة من قبل الأساتذة، لكن الطريق كانت خاطئة، وبين خسارة الطلاب عاما كاملا، فضلت اتخاذ القرار المناسب”.
وتابع بو صعب: “لقد حاولنا المطالبة بتحييد الطلاب وأهاليهم على أن نعمل معا على تحقيق المطالب لكننا لم ننجح، فاضطررنا الى اصدار الإفادات، ويمكنني القول إنه مذاك انتظم العمل بين الاساتذة والوزارة ومصلحة الطلاب. لكن هذا لا يمنع أن مسؤوليتنا باتت أكبر في المطالبة مجددا بحقوق الأساتذة، وما لم نتمكن من تحقيقه في الماضي، سنعمل عليه جديا في هذا العهد”، وقال: “لطالما اعتبرت أن للبنان جيشين: الجيش اللبناني وجيش الاساتذة، والاثنان أساسيان في بناء الوطن وحمايته. لذلك فان مسؤوليتنا في إقرار سلسلة الرتب والرواتب بأن تكون عادلة بحق الأساتذة”، مبديا ارتياحه “لكون الأب عازار أول المصفقين للأمر”. وقال: “لقد أنجزنا اتفاقا بين بعضنا البعض، ولكن في الوقت ذاته سننجز سلسلة بوسع المدارس تحملها، منطقية من دون أن تقع على كاهل الأهالي. ومع أننا توصلنا الى حل يعطي ما قيتمه تسعين بالمئة من مطالب الاساتذة، أصر البعض على المئة بالمئة أو لا شيء، فأخذوا لا شيء، وتركوا التسعين بالمئة للدولة، دون وجه حق”، مؤكدا أننا “سنعيد النظر في هذا الموضوع”، ومشددا على أن “الأساتذة أخطأوا برفضهم الاتفاق “.
أما عن المشاكل والعوائق في الامتحانات الرسمية، وعن غياب الامتحانات الموحدة والممكننة، فاعتبر الوزير بو صعب أن “عوائق كثيرة تعرقل تغيير وتصحيح ومعالجة الخلل، هناك من هو خائف، وهناك من يريد المضي في الفساد. ونحن نسمع أننا إن غيرنا في نمط الامتحانات وقللنا المواد التي يمتحن بها التلاميذ، فان ذلك سيحجب قبض الأجور عن الأساتذة، ولهذا فهم يهددون بالإمتناع عن المراقبة والتصحيح”، متسائلا: “هل ينبغي علينا مراعاة من يتضرر إذا أردنا أن نجري إصلاحا تربويا؟ وهل منطقي ان أي محاولة بالتغيير، تقابل بهجوم دفاعا عن مصالح آنية؟ مع العلم انه باستطاعتنا التعويض عليهم”، مشيرا الى “المعركة الكبرى التي خاضها في مجلس الوزراء من أجل رفع أجور المراقبة، وتصحيح المسابقات التي بلغت الضعفين”.
وقال: “نحن مقتنعون بأن الأساتذة مظلومون، لكن لا يجدر بمظلوميتهم أن تكون العائق أمام تغيير وتصحيح مناهج الإمتحانات وطريقة إجرائها. ليس مقبولا أن يدرس طلابنا بعض الدروس في أكثر من مادة” مشيرا الى “ضرورة تشحيل خمسة عشر الى عشرين بالمائة من المناهج الموجودة حاليا”، وقال: “ترتفع الأصوات المعترضة كصوت الأب عازار، وهذا حقه لأننا لم نشرح له وجهة نظرنا في الموضوع”، منتقدا “التكرار والحشو والحفظ والبصم الذي تتضمنه المناهج”.
وشدد على “وجوب أن نتحرر من الخوف لنواكب العصر وطلابنا الذين سبقونا وسبقوا مناهجنا التي ترجعهم عشرين سنة الى الوراء”، متوقفا عند “أمر بالغ الخطورة ومخيف وهو أننا نكاد نفقد اللغة العربية”، محذرا من أننا “إن لم نطور مناهجنا ونعمل على اللغة العربية بصورة جدية لكي نجعل طلابنا يحبونها من جديد، فقد يضطر وزير التربية الى اتخاذ قرار غير شعبي بربطه النجاح في البكالوريا اللبنانية بالنجاح في مادة اللغة العربية”، داعيا الى “تجنب الوصول الى هذه النقطة، والى تضافر الجهود من أجل الى إعادة الود في العلاقة بين الطالب واللغة العربية، دون اللجوء الى الفرض والتهويل”.
وأشار الى أن “ورشة التحديث قد بوشر بها في وزارة التربية لاسيما مع تأمين التمويل بالتعاون مع طاقم كبير في وزارة التربية، ولهذا باتت وزارة التربية قبلة أنظار الأطراف المشاركة في الحكومة وقال:”لقد أمنا لوزارة التربية من جراء تعليم اللاجئين السوريين الأموال اللازمة لتطوير المناهج في المدارس الرسمية وتمكنا من استجرار مئة مليون دولار من البنك الدولي ومئة وثلاثين مليون دولار من الجهات المانحة لكي نساعد المدرسة الرسمية ونعلم اولاد النازحين” عازيا الأمر الى “تضافر جهود العاملين في وزارة التربية، ليل نهار، من أجل إظهار جديتنا وانفتاحنا وقبولنا بتعليم كل الأطفال الذين يستحقون ذلك”.
وتطرق الوزير بو صعب الى نقاط ضعف الوزارة: “تدب الفوضى العارمة في كل طوابق الوزارة في غياب المكننة وبالتالي تعذر الربط بين مكاتب الوزارة ومقررات ومراسيم مجلس الوزراء ما يؤدي الى فقدان الملفات والوقوع في الالتباس”.
وتوقف عند “وجود مدارس – دكاكين” مشيرا الى أن “ليست كل مدرسة خاصة أهلا لأن تكون عضوا في اتحاد المدارس الخاصة”، مطالبا الإتحاد “بالعمل معا على التدقيق في هذه المدارس من أجل الحفاظ على تلك التي تتوفر فيها الشروط” كاشفا عن “وجود مدارس وهمية تسجل طلابا وهميين بهدف منحهم شهادات مزورة بالتواطؤ مع موظفين من وزارة التربية، وذلك بتحويل كلمة راسب الى ناجح بكبسة زر”، معتبرا أن “غياب المكننة سيبقي الأمور على هذا المنوال”، موجها الشكر الى “فريق العمل في الوزارة على التعاون وعلى رأسه المدير العام فادي يرق، للتفاني في خدمة الحركة الاصلاحية الجارية”، ومشددا على “ضرورة المثابرة من أجل انقاذ التربية في لبنان”.
وأضاف: “إن فخامة رئيس الجمهورية مقتنع بحركة تطوير المناهج والإمتحانات والإهتمام بالتربية، وإقرار سلسلة الرتب والرواتب، وإعطاء الأساتذة حقوقهم”، مؤكدا على “دعمه هذه الحركة، في الوزارة أو في أي موقع كان”، ومشددا على “التعاون الذي سيكون مع الرؤساء عون والحريري وبري لإقرار هذه الحقوق”، وقال: “لن نسمح للخلافات بأن تعيق التطور التربوي لأن ذلك مضر بلبنان ككل، وليس بفريق دون آخر”.
وتوجه الى القيادات التربوية قائلا: “إن مسؤوليتكم كبيرة، لذلك نجدد مطالبتنا بأن تعملوا معنا في وزارة التربية، ومع المركز التربوي للبحوث والانماء في عملية تطوير المناهج، وهو مشروع جدي، وقد شرعنا به بصورة جدية، فالمدارس اليوم تدرس منهجين، المنهج الذي تتبعه بحسب قناعاتها والذي يتيح للطلاب النجاح في الجامعات العالمية واللبنانية العريقة، ومنهج الدولة الذي يتيح لهم أن يتبوأوا المراتب الأولى في البكالوريا اللبنانية. والأمر المخيف أن المنهجين مختلفان الواحد عن الآخر”.
وأردف: “نريد الوصول الى أن يصبح المنهج الذي نؤمن به والذي يتيح لطلابنا التفوق في جامعات العالم، هو ذاته المنهج الذي يمتحن الطلاب على أساسه في البكالوريا اللبنانية”، مشددا على “الشراكة بين التعليم الخاص والتعليم الرسمي من أجل تطوير المناهج، وعملية الامتحانات من وضع الأسئلة الى التصحيح”، داعيا الى “مشاركة أساتذة القطاع الخاص في عملية التطوير”، معتبرا أن “هذا المطلب محق، وعدم تحقيقه جريمة بحق التربية في لبنان”.
وتمنى بو صعب “عدم مراعاة ظروف أي مدرسة لا تستحق أن تكون مدرسة” معربا عن “فخره بإصدار قرار يقضي باقفال عشر جامعات في لبنان منذ بضعة أشهر”، متوقفا عند “حجم قطاع التعليم الخاص الكبير الذي يغطي ثلثي الطلاب في لبنان” ومشددا على “ضرورة القيام بالتقييم الفعلي للمؤسسات التعليمية الخاصة بمشاركة القيمين على التعليم الخاص”.
وختم الوزير بو صعب كلمته بدعاء طاغور الشهير.