رادار نيوز – في بادرة تكريم خاصة باحد رواد الفن اللبناني الأصيل، الذي تنوّع عطاؤه صوتا والحانا وقصائد واناشيد وطنية، من هياكل بعلبك والارز الى الدول العربية ومنها الى مسارح العالم، قلّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الفنان ايلي شويري وسام الأرز الوطني من رتبة كومندور، في حفل اقيم قبل ظهر اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا، وذلك تقديرا لعطائه المميّز على مدى نصف قرن، حيث بنى لنفسه عمارة من اجمل التجارب الفنية الغنية والاصيلة، في زمن الكبار.
وحضر الحفل وزيرا الثقافة غطاس خوري، والدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول، والسيدتان ميراي عون هاشم وكلودين عون روكز وكبار المسؤولين في رئاسة الجمهورية، ومدعوي المحتفى به من افراد عائلته المكوّنة من بناته الثلاثة واحفاده واصدقائه.
كلمة الفنان شويري
وبعد تقليد الوسام، القى المحتفى به الفنان شويري كلمة جاء فيها: “كنت دائما عندما يسألونني اذا ما كان لدي من عمل جديد اعددته للجيش ام للعهد، اجيبهم انّ حياتي كلّها وعطائي كلّه، بقدر ما منحني الرب من مواهب، هما اكراماً لعيون هذه الارض وهذه الدولة وهذا الوطن.”
اضاف: “طيلة حياتي كتبت وغنيّت من دون ان يطلب احد مني ذلك. وهذا كان اكبر وسام واكبر تكريم لي. واليوم يشرّفني ان اتكّرس الى جانب رئيس بلادي، اطال الله بعمره، الذي انشدت له منذ 15 سنة:
“عرسك جايي يا بطل
والدنيّي مضوايّي
وحصانك بيرق جبل
ونجومك مرايي.
انت البطل
ونحنا اهلك.
شعبك كلّو عم يندهلك
رِدّ وقلّو جايي.”
وقال: “ان وسام الارز اليوم هو عيد لكل الاغاني التي غنيّتها. وانّي اشكر من عاد وقرّبني من الارز، اشكر فخامة رئيس بلادي واقول له: الف شكر، اطال الله بعمرك وعمر هذا البلد، مع الدعاء ان يشهد على ايّامك العزّ والفرح والبحبوحة.”
كلمة الرئيس عون
بعدها، القى الرئيس عون في المحتفى به، الكلمة الاتيــــة:”كلُّ تكريمٍ لفنانٍ من لبنانَ هو اعادةُ خلقٍ لهويةِ هذا الوطنِ الأصيلة، فكيف إذا كنّا اليومَ في حضرةِ نسيمٍ من نسائمِ بعلبك، ولحنٍ محفورٍ في الوجدانِ الوطني والشعبي، وقصيدةٍ مشبَعَةٍ بالعنفوان، وصوتٍ يختزنُ حنينَ الماضي في خوابٍ من تراث.
إيلي شويري، بكَ يليقُ التكريم وأنتَ الآتي من زمنِ الكِبار. انطبعَ فيكَ حبُ الوطن، فسخَّرت له كلَ مواهبِكَ، لتظلَّ الأرضُ مسيَّجةً بالعسكرِ الذي غنَّيتَ له، واسمُ لبنانَ مكتوباً على شمسٍ لا تغيب. طلَّتُك بيننا تُخبرنا الكثيرَ من عظمةِ الفنِ اللبناني، وعن مسرحياتٍ تحتلُّ الذاكرةَ، وأصواتٍ عشقناها، وحواراتٍ مغناةٍ ترفعُ الروح َإلى حيثُ يعلو الحلمُ والحياة. وفي قلبِ هذه العظمةِ، يحتفظُ اسمُ ايلي شويري بمكانتِه. لم تحجبْهُ زحمةُ عباقرةِ لبنان، ومبدعي اللحنِ والكلمةِ، ومحترفي الخلقِ الفني، بل انصهرَ بوهجِها وانصهرتْ بفرادتِه، فتمايزتْ بصماتُه منذُ أكثرَ من خمسين سنةً في خطٍ فني لهُ في رصيدِ الأغاني الوطنيةِ المتوهِّجة، ما له من اغاني الفرحِ والحبِ والاحتفاءِ بالحياة.
شكراً لك أيها الفنانُ الكبير ايلي شويري، لأنه بتكريمِكَ منحتنا فرصةَ الإضاءةِ على وجهِ لبنانَ المشع، وسطَ المصاعبِ والتحدياتِ التي تشغَلُنا وتشغلُ الشعبَ اللبناني عن الأنوارِ الكثيرةِ التي ما زالتْ تتدفقُ من أعماقِ أبنائِه، وتجعلُ منه شعباً عظيماً قادراً على اجتراحِ حياةٍ أفضل.”
حفل كوكتيل
وفي ختام حفل تقليد الوسام، اقيم كوكتيل للمناسبة وجرى التقاط الصور التذكارية، فيما كانت اغاني الفنان شويري تصدح في ارجاء القصر الجمهوري.
والفنان ايلي شويري من مواليد العام 1939 في بيروت. بدأ مسيرته الفنية في الفرقة الغنائية للاذاعة الكويتية مع انطلاقتها، قبل ان يعود الى لبنان وينتسب الى الاذاعة اللبنانية ويعمل مع روميو لحود وفرقة الانوار ومن ثم مع الاخوين رحباني في كافة مسرحياتهما مع السيدة فيروز، كما في مسرحيات للسيدة صباح ويخط لنفسه طريقا خاصا الى اليوم.
لمناسبة تقليد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الفنان ايلي شويري، وسام الارز الوطني من رتبة كومندور، في حفل خاص في القصر الجمهوري قبل ظهر اليوم، نقدّم في ما يلي، للراغبين باعداد تقرير مفصل عنه، هذه النبذة عن سيرته الذاتية:
السيرة الذاتيّة للفنان ايلي شويري
————
غرق ايلي شويري منذ بداياته في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان. ونبتت في نفوس أبنائه الذين رددوها في كلّ زمان ومكان وصارت لسان حالهم في ايام الحرب والسلم.”بكتب اسمك يا بلادي”، “صفّ العسكر”، “تعلا وتتعمّر يا دار”، ” يا أهل الأرض”… جميعها أغانٍ شكّلت علامة فارقة في مسيرة ايلي شويري الفنية فميّزته عن سواه من ابناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. فإيلي شويري الذي عُرف بأبي الأناشيد الوطنية، كان الفنّ بالنسبة إليه منذ صغره هوساً يعيشه واحساساً يتلمّسه في شكلٍ غير مباشر.
ولد ايلي شويري في بيروت عام 1939. هو الخامس بين أشقائه، بعد صبيين وبنتين. ترعرع بين محلة المزرعة، مسقط رأس والده، والأشرفية حيث عاشت العائلة في حي مكلّل بالقرميد. في عرزال الساحة، بدأ يكتشف قدراته الصوتيّة. كان يحفظ أبرز ما غناه عبد الوهاب وأم كلثوم وأسمهان. في الخامسة عشرة، أسس مع أترابه جوقة غنائية، كان يردّد فيها المواويل العراقية التي حفظها عن والده. أحد رفاق الكار وجّه إليه دعوة لقضاء فترة نقاهة في الكويت، فوافق. هناك وبينما كان يعبر أحد الشوارع، قرأ لافتة كتب عليها “دار الإذاعة الكويتية”، وكانت في مرحلتها التجريبية الجديدة مطلع الستينيات. انتسب إليها مؤدّياً في فرقتها الغنائية، بعدما خضع لاختبار أشرف عليه موسيقيّون من فرقة أم كلثوم.
صار ينام في الاستديو، بين الآلات الموسيقية، وشجّعه المطرب الراحل عوض الدوخي، إلى جانب الملحن المصري مرسي الحريري على تعلّم العزف على العود. تشاء المصادفة أن تصل إلى الكويت فرقة “الأنوار” لمروان وبديعة جرارمع توفيق الباشا وزكي ناصيف والمخرج نزار ميقاتي، إلى جانب سعاد هاشم ووديع الصافي. قدّموا يومها حفلات في صالة “الأندلس”، وحضرت “الإذاعة الكويتية” لتسجيل الأغاني. فورعودته، كان روميو لحود يستعدّ لعرض مسرحية “الشلال” في “مهرجانات بعلبك” فشارك معه. في هذا الوقت، انتسب إلى كورس “إذاعة الشرق الأدنى”و”الإذاعة اللبنانية” وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه, فشارك مع الرحابنة في أكثر من 25 عملا.
أسندا إليه دور “فضلو” في مسرحيّة “بياع الخواتم” عام 1964، وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السّبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقَّعها الرحابنة، من “دواليب الهوا” إلى “أيام فخر الدين”، و”هالة والملك”، و”الشخص”،و”ناطورة المفاتيح”، و”،و”صح النوم”… وصولاً إلى “ميس الريم”.
وهو يعتبر تلك الحقبة وكأنها حلم من قصص الاساطير خولته خوض اجمل التجارب الفنية، فغرف من نبع الفن ورافق زمن النبلاء مع عباقرته، فتأثر بعطر الرحابنة من رأسه حتى اخمص قدميه رافضا ان يعود الى اليقظة في لحظة ما…
مع “بكتب اسمك يا بلادي” تحوّل شويري إلى أب حقيقي للأغنية الوطنيّة. وقف إلى جانب الشحرورة صباح على الخشبة في مسرحيّة “ست الكلّ”، ولحّن لها أول أغنية “تعلا وتتعمّر يا دار”. كتب أغاني لوديع الصافي، مثل “زرعنا تلالك يا بلادي”، “بلدي”، “إنت و أنا يا ليل”، “من يوم من يومين”، “يا بحر يا دوّار”.
عام 1965 تزوج ايلي شويري من عايدة ابي عاد ورزق منها ثلاث بنات: نيكول وكارول وسيلينا. واثر خلاف مع الرحابنة انفصل شويري عنهم ولجأ الى وسيلة مسموعة ليخرج ما في اعماقه من مشاعر واحاسيس ساورته بعد اندلاع الحرب عام 1975 وقدم بالتعاون مع الصحافي الراحل سامي غميقة برنامج “يا الله” وهو انتقادي اجتماعي لاقى نجاحاً عبر اثير اذاعة “صوت لبنان”.
وهو حاليا لا يكلّف نفسه عناء متابعة مجريات الساحة الفنية ويقول: “اليوم انا مش انا وما يجري لا يعنيني ولا يثير اهتمامي. اعاني من الواقع الفني المتردي لا سيما وأنني جئت من حقيقة البارحة.