رادار نيوز – صدر القانون 174 الذي يهدف الى “الحد من التدخين وتنظيم صنع وتغليف ودعاية منتجات التبغ” عن مجلس النواب في أيلول 2011، تحت شعار “القانون مش للحد من حريتك؛ انما لحمايتك وحماية غيرك”، ومنع التدخين في الاماكن العامة المغلقة بنسبة مئة بالمئة باستثناء قطاع الضيافة.
بعد ثماني سنوات على صدور القانون، وصلت نسبة المدخنين البالغين في لبنان الى 51 بالمئة، وتعد من اعلى الارقام عالميا، اما نسبة المدخنين من الشبان والشابات فتصل الى 37 بالمئة وهي نسب مخيفة وصادمة، خصوصا وانه يوازيها اعداد كبيرة من مرضى السرطان، إذ يصدر دوريا سجل باصابات مرضى السرطان محليا، ويحكى عن 24 الف حالة تسجل سنويا تتوزع بين سرطان الرئة، القولون، البروستات، المريء، الغدد اللمفاوية والدم اضافة الى الانسداد الرئوي الذي يؤدي الى انسداد شرايين القلب والموت المفاجئ الذي تخطت نسبته كل الحدود.
التدخين يقتل
السؤال المطروح، هل فعلا “التدخين يقتل”؟ التدخين يقتل فعليا نصف من يتعاطونه، بحسب منظمة الصحة العالمية، ويقضي بسبب التبغ حوالى 7 ملايين شخص سنويا وأكثر من 000 600 شخص من غير المدخنين، ومن المتوقع ان يتجاوز عدد الضحايا ثمانية ملايين شخص بحلول العام 2030.
اما دخان التبغ غير المباشر (التدخين السلبي) فحدث ولا حرج، فهو الذي يملأ المطاعم أو المكاتب أو غيرها من الأماكن المغلقة عندما تحرق منتجات التبغ التي تحتوي على أكثر من أربعة آلاف مادة كيميائية، 250 منها معروفة أنها ضارة، و69 أخرى تسبب السرطان وأمراض القلب التاجي، كما تتسبب في نقص أوزان المواليد لدى تعرض الحوامل له، وفي إصابة الرضع بالموت المفاجئ.
وعلى الرغم من ذلك تبقى السيجارة، النرجيلة، السيكار، “البايب”، وحتى السيجارة الالكترونية (الفايب) VAPE، المتنفس الوحيد في حياة اللبناني، فالجميع يدخن وينفخ الدخان المسموم في الهواء، ولو ان نبتة التبغ الخضراء البريئة والتي يبلغ معدل ارتفاعها عن الأرض نحو ستين سنتمرا فقط، علمت مدى الخطر الذي تسببه لربما كانت انقرضت. والمعروف ان زراعة التبغ قديمة في لبنان، وقد استخدم التبغ سابقا لأهداف طبية، وتحول في العالم مع حلول العام 1600 إلى منتج مطلوب.
وزارة الصحة
اما وزارة الصحة العامة، وبمبادرة من الوزير جميل جبق الذي يولي موضوع الحد من التدخين اهمية قصوى، فقد وضعت في هذا الاطار، عناوين إستراتيجية برنامج الحد من التدخين في الاماكن العامة للعامين 2019 – 2020 وهو يتضمن عشرة بنود:
1- تعزيز التعاون مع مختلف وحدات اللجنة الوطنية للحد من التدخين، البلديات وكافة الوزارات المعنية: وزارة الداخلية، السياحة، الاقتصاد، التربية، الإعلام والمالية.
2- العمل على انشاء لوبي ضاغط لتطبيق قانون الحد من التدخين وكافة المراسيم المتعلقة به، على ان يضم الجمعيات الاهلية ومؤسسات المجتمع المدني، النقابات، رجال الدين، احزاب سياسية، الإعلاميين، غرف التجارة والصناعة وغيرها.
3- الانتقال من التحذيرات الصحية على علب التبغ الى تحذيرات مصورة تنفيذا للاتفاقيات.
4- العمل على رفع اسعار كافة المشتقات التبغية في لبنان وذلك بالتوازي مع دول الجوار.
5- توقيع اتفاقية القضاء على الاتجار غير المشروع للمنتجات التبغية.
6- توقيع بروتوكول لدراما خالية من التدخين في لبنان.
7- العمل مع المنظمات الدولية على ايجاد زراعات بديلة للتبغ في لبنان، بما يضمن حقوق المزارعين.
8- ان يكون الحد من التدخين من ضمن برامج الرعاية الصحية الاولية في لبنان، وفتح عيادات للإقلاع عن التدخين من ضمن المستشفيات الحكومية وشبكة الرعاية الصحية الأولية.
9- إنشاء مرصد للتبغ بكافة اشكاله في لبنان والقيام باحصاءات حول انتشار التدخين وآثاره.
10- العمل على زيادة الوعي حول مضار التدخين في المدارس والجامعات وغيرها بالتعاون مع كافة الجمعيات الأهلية والوزارات والأجهزة الامنية والإعلام.
سنان
مدير البرنامج الوطني لمكافحة التدخين في وزارة الصحة الدكتور فادي سنان الذي نوه ب”القانون 174″، قال: “بعد ثماني سنوات على اقرار هذا القانون، نجد انه طبق بنسبة جيدة، لا سيما وانه ينص على منع كل اشكال وانواع الدعاية والاعلان والترويج لكل منتجات التبغ في لبنان، وهكذا فاننا نلاحظ ومنذ العام 2012 ولغاية اليوم لا يوجد اي نوع من الإعلانات التي تهدف الى الترويج او الدعاية لمنتجات الدخان، وهذا أمر بغاية الاهمية، وذلك على الرغم من ان المؤسسات الاعلامية كانت تحصل على ايرادات ضخمة من اعلانات الدخان”.
وتابع: “اما النقطة الثانية فهي الاهم في القانون 174، خصوصا وانها فرضت تخصيص مساحة 40 في المئة على علب التبغ تتضمن تحذيرات صحية، وعلى سبيل المثال: “التدخين يسبب امراضا خطيرة”، “التدخين يقتل”، “التدخين يسبب امراض القلب” وغيرها”، وهذا يحصل فعليا”.
وأضاف: “وبسبب هذا القانون، اصبحنا نجد تحذيرات “ممنوع التدخين”، في اماكن كبيرة وواسعة كالمراكز التجارية الكبيرة والسينما ودور الحضانة والمدارس والجامعات، المنشآت الصحية والمباني الحكومية، ونأمل ان يطبق “قانون منع التدخين” في الوزارات كافة على غرار وزارة الصحة العامة التي اعلنت “منشأة خالية من التدخين” وكذلك في كل الادارات العامة والبلديات”.
وعن نسبة المدخنين قال سنان: “آسف ان اؤكد ان نسبة 51 بالمئة من البالغين الذكور سجلت في صفوف المدخنين اللبنانيين، ونسبة 41 بالمئة من المدخنات الإناث واللواتي يتجه معظمهن الى “النرجيلة”، فيما كانت تصل النسب السابقة الى 36 ونصف بالمئة، وفي المقابل تسجل وفاة اربعة آلاف لبناني سنويا بسبب التدخين، في مقابل سبعة ملايين وفاة في العالم”.
كلفة العلاج
وكشف سنان “أن وزارة الصحة العامة تؤمن العلاج لاكثر من نصف اللبنانيين سنويا، وتدفع في حدود خمسمائة مليار ليرة، جزء منها، كلفة علاج للمرضى المصابين بالسرطان الناتج عن التدخين وجزء آخر عن الامراض المختلفة، وبالطبع يستفيد منها جميع المرضى غير المضمونين في الضمان الصحي الاجتماعي”، مشيرا “الى ان الوزارة تدفع ايضا حوالى المئتي مليار دولار كأدوية للامراض المستعصية والمزمنة”.
المخالفات والعقوبات
واعلن سنان: “تنص المادة 16 من قانون “الحد من التدخين وتنظيم صنع وتغليف ودعاية منتجات التبغ” على أن يعاقب بغرامة تساوي خمس الحد الأدنى للأجور (100 ألف ليرة) كل من يقدم على التدخين في الأماكن العامة المغلقة وأماكن العمل والنقل العام. ولا تقتصر العقوبة على المدخن، بل تشمل مسؤولي الإدارة التي حصلت فيها المخالفة، الذين سيعاقبون بغرامة من ضعفين إلى ستة أضعاف الحد الأدنى للأجور (1- 3 ملايين ليرة)، إذا أغفلوا عن قصد أو إهمال أو تقصير، إنذار المدخن بالعقوبة التي تنتظره، ولم يبلغوا السلطات المعنية بالمخالفة، وبالتالي، يأمل البرنامج الوطني للحد من التدخين في وزارة الصحة http://www.tobaccocontrol.gov.lb أن يجري الإسراع في إصدار المراسيم التطبيقية للعديد من المواد التي نص عليها القانون، خصوصا المرسوم المتعلق بمواصفات إشارات حظر التدخين التي يفترض أن توضع بكثافة في جميع الأماكن العامة المغلقة”، مطالبا ب “تأمين الدعم لأفراد الضابطة العدلية ومراقبي وزارات الصحة والسياحة والاقتصاد في تطبيق العقوبات على المخالفين”.
إجراءات وتحذيرات
وقد حظرت قوى الامن الداخلي بدورها، في هذا المجال، وعلى موقعها الرسمي من:
– تقديم العينات المجانية من المنتجات التبغية والمواد الدعائية لها في أي مكان.
– تزويد القاصرين بأي منتج من المنتجات التبغية وتقديمها لهم بأي وسيلة كانت كالبيع أو التوزيع المجاني.
– بيع السجائر في غلاف يحتوي على أقل من عشرين سيجارة.
– عرض منتجات التبغ بطريقة تمكن المستهلك من تناولها بشكل مباشر.
– تقديم المنتجات التبغية واللوازم والمكملات في المطاعم والملاهي والأماكن المغلقة”.
اراء وتعليقات
أما في ما يتعلق بالأفراد، فقد تباينت ردود الفعل بين مؤيد ومستهجن للقانون 174، فمنهم من يقول انه “يحد من حرية التدخين”، حتى لو كان على حساب صحة الآخرين! والأرقام مأسوية للمدخنين ومرتادي المقاهي والمطاعم، الذين ترافقهم النراجيل اينما كانوا وسط سحب من الدخان ولا سيما الشباب والشابات.
اما فئة غير المدخنين، فتؤكد ان “من ابسط حقوقنا أن يطبق قانون يحترم خيارنا، خصوصا لناحية تطبيق المادة 13 من اتفاق المنظمة الإطارية ومبادئها التوجيهية لفرض حظر شامل على إعلان التبغ والترويج له ورعايته، تطبيق القوانين اللبنانية المختصة الصادرة في الاعوام 1995 – 2007- 2011 -2012، وجميعها ينص على التحذير من مخاطر التدخين ويضع شروطا على التصنيع والاستيراد وغرامة مالية مرتفعة على كل من لا يلتزم، الى ضرورة مضاعفة أسعار التبغ: إذ يتم بيع مجمع الدخان في لبنان بعشرين دولارا، في مقابل بيعه في أوروبا بسبعين دولارا و110 باوند في بريطانيا.
ويبقى الاهم، وضع حد جذري للتهريب وتكثيف الجهود وتوحيدها وطنيا ودوليا لمواجهة معوقات مكافحة التبغ من المتضررين تجاريا، من خلال تفعيل الرقابة والملاحقة الدائمة، بالتعاون بين الوزارات المختصة ومؤازرة ودعم من الاجهزة الامنية وفق خطة متابعة وملاحقة شبه يومية، فأي عمل لا يمكن ان يستمر الا بالتفاعل وتعاون مختلف قوى المجتمع بهدف تعزيز التوعية وتطبيق القوانين.